أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الأصولية ومعضلة الفقر في العالم العربي















المزيد.....

الأصولية ومعضلة الفقر في العالم العربي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 03:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



انتشرت الأصولية الدينية المسيحية في العالم في أطراف المدن، والأرياف، والمناطق الفقيرة. كذلك كان الحال مع الأصولية الدينية في العالم العربي. فهي متواجدة، من خلال تنظيمات دينية واجتماعية وسياسية في العواصم العربية، ولكنها في هذه الحالة تكون قادمة من الأرياف، والمناطق الفقيرة وما يُطلق عليها (العشوائيات). وسبب ذلك، أن انتشار الأصولية، يتم في مناطق الفقراء البسطاء الذين يسعون إلى الإيمان السريع والبسيط، لكي يطمئنوا إلى حل كثير من مشاكلهم الاجتماعية، والمالية الخاصة، ولا يلتفتون كثيراً إلى الأمور السياسية، وألاعيبها، وتغيراتها. ومن يعش في قفص الأصولية يشعر بالطمأنينة والراحة والأمل الكبير في الغد. لذا، نلاحظ أن انتشار وقوة السلفيين، وكذلك الإخوان المسلمين – مصر مثالاً، لا حصراً - في الأرياف، وبين الفلاحين والعمال البسطاء، أكثر مما هي عليه في المدن الكبرى والعواصم، حيث ينتشر التعليم بشكل أكبر، وتتدني نسبة الفقر والأميّة، عما هي عليه في المدن الكبرى والعواصم.

ولكن قبل الغوص أكثر فأكثر للإجابة على سؤال: "هل الأصولية سبب فقر العالم العربي؟" دعونا نتعرف على جوانب من الأصولية، التي نعنيها هنا، ونتحدث عنها اليوم.



ما هي الأصولية؟

يقول بعض المفكرين العرب المعاصرين، ومنهم هاشم صالح، أن الأصولية نظام عقائدي، مغلق على ذاته، بالأسوار الشائكة. فالرأي المخالف ممنوع، وينبغي استئصاله بالقوة، إذا لزم الأمر. وهذا ما فعله الكاثوليك مع البروتستانت الفرنسيين، في القرن السابع عشر. "وهذا ما فعلوه أيضاً مع المفكرين والعلماء، الذين أرادوا الخروج من سجن الأصولية الضيق، والتفكير بحرية." ("معارك التنويريين والأصوليين في أوروبا"، ص 123). وبهذا المعنى، فإن الأصولية سجنٌ، أو قفصٌ من حديد منيع. وتعتقد الأصولية، أنها وحدها هي التي تملك الحقيقة المطلقة. فقد كان الكاثوليك الأصوليون، يعتبرون أنفسهم هم الدين الوحيد الحقيقي، وما عداه فهو هرطقات، وزندقات.



رأي آخر لفيلسوف مصري

وللفيلسوف المصري المعاصر مراد وهبة رأي آخر في الأصولية، كما قال في كتابه (الأصولية والعَلْمانية)، مؤكداً حقيقة أولى ومهمة، وهي أن "التاريخ يتحرك من المستقبل، وليس من الماضي." ويلفت مراد وهبة النظر، بخصوص الحقيقة المطلقة، التي تعتبر أساساً من أسس الإيديولوجية الأصولية، والتي هي مجال نقد سلبي من قبل الليبراليين والعَلْمانيين، الذين لا يؤمنون بالحقائق المطلقة، بقدر ما يؤمنون بالحقائق النسبية. ولكن مراد وهبة يؤكد، أن الإنسان – منذ نشأته – "ينشد الحقيقة المطلقة، بحكم أن العقل الإنساني، ينزع بطبيعته نحو توحيد المعرفة الإنسانية. وهو من أجل ذلك يتجول، في كل مجال من مجالات المعرفة. ونزوع العقل نحو التوحيد، هو في الوقت ذاته، نزوع نحو المطلق. والإنسان ينشد الحقيقة المطلقة بحكم إحساسه بعدم السكينة، في هذا الكون المجهول." ( ص 13). ولعل هذا السبب – عدم الإحساس بالسكينة في هذا الكون المجهول – يُضاف إلى الأسباب السابقة التي تؤدي إلى انتشار الأصولية بين طبقات الناس البسطاء، الخائفين من المجهول دوماً، والكارهين للتأويل، حيث لا إجماع في التأويل، ولا تكفير للمؤوِل. ولهذا نقد ابن الرشد أبي حامد الغزالي وهاجمه، عندما كفَّر الغزالي الفلاسفة الإسلاميين كالفارابي وابن سينا، وغيرهما.



الحقيقة بين المطلق والنسبي

في عام 450 ق. م كتب بروتاغوراس (زعيم الفكر السوفسطائي اليوناني) كتاب (الحقيقة)، وقال منذ أكثر من عشرين قرناً أن "الإنسان مقياس الأشياء جميعاً." وهذا يعني أن الحقيقة نسبية بنسبية الإنسان. وكان سقراط يعتقد، أن حكمته تقوم في علمه بجهله، بينما غيره جاهل يدَّعي العلم.

ودون استعراض للمعاني المدرسية والعامة للأصولية، والتي أصبحت معروفة ومفهومة، لدى عامة القراء، ورددها كثير من الكتّاب والباحثين، في كتاباتهم عن الأصولية، فإن المهم أن سمات الأصولية في بداية القرن العشرين – كما عرضها مراد وهبة - تبلورت على النحو التالي، بعد مخاض طويل، استمر حوالي عشرين قرناً:

1- هناك حلول قادرة على إحراز نصر في المشاكل المختلفة. والفشل مرده إلى "مؤامرات الأشرار"، وليس إلى قصور في الرؤيا الأصولية .

2- لا وطنية للمؤسسات السياسية الرأسمالية.

3- لا تنازل عن المباديء الأساسية. وكل تنازل هو "خيانة للحق".

4- لا تأويل لأي نص ديني.

علاقة الأصولية بالفقر

يؤكد هاشم صالح في كتابه المذكور ( معارك التنويريين والأصوليين في أوروبا) انه لا يمكننا "إهمال العلاقة الكائنة بين الأصولية والنظام الاقتصادي الفقير والهش، الذي ساد العصور الوسطى في أوروبا." ( ص125) وكذلك كان الحال في العالم العربي والإسلامي، وهو ما لم يقله هاشم صالح. وقال هاشم صالح متابعاً، دون مقارنة ذلك بما يجري في العالم العربي، وعلاقة الأصولية بالفقر، ومناسبة الظروف الاقتصادية العربية، لانتشار الأصولية كما نرى الآن: "إن العقيدة الأصولية، كانت تتناسب مع الظروف الاقتصادية السائدة آنذاك، وهي التي ساهمت في تشكيل العقليات الجماعية. فالجوع أجبر الناس (الفقراء) على التمسك بمذهب الصرامة في التقشف، والذي يتناسب مع تقشف حياتهم ذاتها."

والملاحظة المهمة هنا، أن الراهب الفرنسي المعروف (موسليه Meslier (، الذي كان زعيماً للأصولية المسيحية في فرنسا، مات، وترك ثورة هائلة لم يعلن عنها، إلا بعد موته!

ونرى أمثال هذا الراهب كثيرين، في العالم العربي والإسلامي، ممن يستغلون الدين الحق، في تحقيق أغراضهم الخاصة. ونكتشف بعد زمن طويل، خلاف ما كانوا ينادون به من قيم، ومبادئ سامية.

فهل الأصولية المنتشرة الآن في العالم العربي هي الحل، أم أنها سبب المشكلة؟

سوف ترينا الأيام القادمة، قدرة الأصولية الدينية على التخفيف من نسبة الفقر – وليس القضاء عليه – ولو أن هذا التخفيف وحده، يستدعي وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، منهكاً للجميع، من اليمين واليسار معاً.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستطيع الليبراليون تجديد الإسلام؟!
- الليبراليون والتيار الديني.. معاً على الطريق!
- إن المثقفين لفي ضلال مبين!
- ولكن.. ماذا بعد؟!
- كيف نقرأ الملهاة السياسية الأردنية؟
- هؤلاء أعداء الثورة السورية
- من هم المميعون للثورة السورية وما مصلحتهم؟
- -الولاية العامة- كما يفهمها الثوار الأحرار
- لماذا النظام السوري من أقوى الأنظمة الدكتاتورية؟
- ضرورة محاسبة السواطير لا النواطير فقط!
- علي بابا والأربعون حرامياً
- المثقفون والثورة
- امسك حرامي!
- عقلانية الخليجيين ورعونة الأردنيين
- النظام السوري في النزع الأخير!
- نعم: لا تنتخبوا العَلْمانيين في مصر!
- -سيّدنا-: لا فُضَّ فوك!
- تحديات الثورات العربية وعقباتها العظمى!
- -الأسد- ملك في غابة من الرمال اللاهبة!
- هل أصبحت حماس ورقة التوت الأردنية؟


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - الأصولية ومعضلة الفقر في العالم العربي