|
حضور الغياب.. وريقات عراقية
رويدة سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 08:55
المحور:
الادب والفن
أمي فلاحة بسيطة لفحتها شمس الحقل الذي يعانق ساحل البحر المتوسط في كسل ودعة.. صبغ طباعها باستسلام مثير وكساها رداء بربريا يغلب عليه اللون الأحمر الكنعاني وضفائر جعلتها طفلة أبدا لا تكبر. تحت شجيرة الفل في ساحة الدار، في سمرنا الطويل وحيدتين، لما تلفظني المدارس وأعود لأرتع في البوادي مع الفراشات الحرة كانت تفتش في أسراري عن شباب لم تعشه.. عن حب العذارى الخجول.. عن أحلام البنات.. تعرفت إلى كل صويحباتي وعرفت كل حكايا عشقهن. قرأت لها بعض رسائلهن وخبأت بقلبها أمالهن. لكن ظمأها لم يرتو. لم اعي كنه ما تبحث عنه وكنت أعشقها. لأجلها خلقت قصصا ورسمت أبطالا عذبة القسمات. كمبروكة الهلالية كان صوتي يرتفع حسب مدى الإثارة في الأحداث ويخفت في خدر الحبيبين لكي لا ينزعجان. يتحول سردي إلى همس حالم فتضع رأسها على صدري، تغمض عيونها وتشرد.. ولما أصمت تطالبني بالمزيد... في كل تلك السنوات الحلوة التي مرت سريعا كالأحلام كان عجزي عن الحب يعذبني كما كان يثير حيرتها. كنت أرضا عاقرا جافة رغم كمّ الأحلام التي كانت تسكنني. "صاحبة القلب الثلجي" صار اسما مقيتا يلازمني مع مرور الزمن. لم ينبض لأزهار عبقة ترمى بين يدي ولم يرقص على نغم كلمات الهوى التي يشدو بها شباب رقيق حالم. كرهته وقتلني بروده وسط فورة الشباب النابض من حولي بكل أشكال الحياة. كنت أبكي عجزي في حضنها الدافئ الحنون وكانت كلما تترقرق دمعة حزينة ترشفها قبل أن تجف، تحتضنني وتهمس: - حبيبتي لا تحزني. الحب الحقيقي لا يكون إلا بعد الزواج. الله يحبك ويحمي قلبك الصغير لأنه طيب وبريء. لكن الله لم يحمي قلبي البريء بل ابتلاه.. بحب محرم.. حب أكبر من الكون. عشقت كلماته ومن سحر الكلمة ولد الحب. وهل الحب غير غزف رقيق على أوتار كلمات مهموسة لروح توأم مترفقة حانية في غفلة من العاشقين؟ لم أهتم لبطاقة هويته لما تعرفت إليه ولم أختره حبيبا. لم أشعر به يغزوني كما لم ينتبه أني أسري في شرايينه. سألني نديم يوما: - أمنحت كاتبك رمان حقولك ونثرت على صدره زهر العشق؟ أكنت أكذب لما قلت بصوت يشبه الصراخ المكتوم أن لا.. إني طاهرة الروح والجسد أم أنها كانت رغبة في الحفاظ على فرصة زواج ينقذني من وحدتي ويملئ فراغ غياب الكاتب؟ ربما كان خوفا من نفسي ومن مواجهة إحباطي.. خوفا من الخطيئة التي تهددني بالجحيم الرباني.. خوفا أن يقرا أنفاس حبيبي مرسومة على جسدي وان يرى أصابعه تداعب شعري بشبق وتطلب المزيد.. خوفا أن يرى في عيوني مشهد تكرر كثيرا: أنفاس ملتهبة تلفحني.. شفاه شبقة تلعق قمم الجبال في خارطتي.. تمارس طقوس طواف مقدس.. تتسلل لتمتص قطرات الندى على أوراق ربيعية وتتهيأ لدخول غابات بدائية عذراء.. لكن لما هذا الخوف المجنون الذي يتملكني؟ ألست عشتارا واهبة الحياة والموت أم أني تجل لحواء آدم التابعة المهيضة الجناح؟ هل أنا مسكونة بعقدة الخطيئة البدئية في مجتمع نزع أسلحة الامازونيات وصيرهن إماء يرفلن في الحرملك الذكوري؟ لماذا أخشى أن يلمح احدهم أثارا تركها حبيبي لما مر بخيالي.. لما يخترقني حتى الرعشة.. حتى افقد بوصلتي وابحث عن مستقر فلا أجده ثم استفيق من حلمي فلا أجد غير فراش بارد وأمل مفقود وصدى لصوت متهدج يتردد في غرفتي: - أحبك أنيس. أنت كل ما أردته دوما وسقف أحلامي لكن الغياب أخذك بعيدا. ذات صباح، أفقت مذعورة.. كان المؤذن يدعوا النيام لصلاة الصبح وكنت وحيدة غريبة على ظهر سفينة سائرة على غير هدى. قفزت من سريري.. أسرعت إلى الخارج باحثة عن شيء لا أدرك كنهه.. رائحة التراب الذي عانقته مطر خجلة ملأت كياني.. ركعت.. إنها تأسرني وتدفعني إلى معانقته ولعقه والتماهي معه ومرارة الخطيئة تخنق أنفاسي. - هل يمكن أن نشفى لما يصير الداء عصيا؟ رفعت يدي إلى السماء وصحت: - يا رب
من اتخذ قرار الرحيل أنيس أم أنا أم هي مشيئة الله الذي يريد أن يعيدني إلى حظيرة الإيمان؟ كيف لي أن أحب رجلا لا ينتمي إلى العشيرة.. مفسد يحارب الأديان ويفضح هوانها.. مفكر مستنير يغرر بالشباب البريء الرافض لأوهام خلقها بشر أو طلاسم قصر العقل عن فك شفراتها لأن مجاز الله يلزمه كهنوت يشرح ما خفي منه.. ذمي يدفع الجزية وهو صاغر.. كافر ينقد حدود الشرع ويفضح شراسة الإنسان لما يتلحف بالمقدس؟ كيف لمثله أن يعشق فتاتهم وأن يخرجها من الملة المقدسة المختارة دون كل البشر؟ كيف لمثله أن يشوه عقل إحدى إناث القطيع ويزرع بذور شك قاس لا يرحم في عقل سيحمل أجنة المستقبل وينقل التراث في حليبه المقدس لتكبر الأمة التي سيفاخرون بها الأمم؟ كان يجب أن يبتعد لأقدر أن استمر لكن هذا الإبعاد ألقصري انتهك عذرية روحي إلى الأبد. بذر في روحي ألف سؤال حول الإنساني والمدجن. حول ما يتسلل للعقل في غفلة منا دون أن نعيه وما تقيدنا به الشرائع والعادات.. حول حب سبانا دون تخطيط مسبق وقانون لا مناص من الخضوع له لأنه يحمي تماسك العشيرة. - العشيرة تكبلنا يا سلمى. - نحن من يصنع قيوده عزيزتي. نحن من منح العشيرة سطوتها فإما أن تقبلي التدجين وتعيشي منقادة على نغم شيخ العشيرة أو أن تصرخي.. ترفضي.. ترسمي في الأفق الرحب نغما جديدا حرا. -أعلن عجزي سلمى... أجابتني ضاحكة: - كل الأمور تحدث هنا في عقلنا.. نحن من يحدد مدى سطوتها وإمكانات استمرارها.. نحن من يخلق عجزه أو إقدامه. أوطاننا انتهكتنا وقتلتنا.. فهل تعتقدين انه علينا أن نستسلم للقدر؟ هل استسلم الأستاذ سليم؟ القلب لا يموت. يخلق أسباب الحياة من الموت ذاته. لنضحك من رقصه المجنون.. نراقصه.. نخادعه ونبحث عن إكسير الحياة. لما نمتلك حياتنا نبلغ أعلى درجات المتعة ويعيش الوطن من جديد عبرنا كما نريده لا كما رسمه لنا الماضي التليد. - كم من الأحياء الموتى في أوطاننا سلمى؟ - بقدر الأحلام المجهضة عزيزتي..
طلب مني رئيسي الأستاذ سليم العجوز العراقي أن أكتب لصفيحتنا الالكترونية تفاصيل قصة منى. بعض من ذكرياته الحزينة. جرح لم يندمل. وهل تندمل جراح سببها الوطن وهل ننسى ونسامح وان طال الزمن؟ عرفها في أحد أحياء بابل العتيقة. خجولة رقيقة كنسيم صيفي عليل.. عذبة كقطر ندى.. كتب لعيونها الحالمة أشعارا غناها طير شاد طليق رقصت على أنغامه قلوب صبايا بريئات. صار حبهما لحنا يقطر أمالا عذابا. باركته العائلة ورسمت لهما فرحا لا ينتهي. وانتظر تحقيق الحلم الجميل. لكن هل تتحقق في الأوطان السليبة الأحلام؟ دمع أستاذي سليم جف لكن أثاره لا تزال أخاديدا مرسومة على وجنتيه. طيف منى يلم به كلما أغمض عيونه طلبا لقليل من الراحة والسلام. منى التي رحلت وحيدة في ركن مظلم من بيت زوج شرعي اغتصبها حد الثمالة وداستها أقدام زوجاته الثلاث لأنها صبية غضة لم تتعلم فنون المراوغة والكذب. منى التي نزفت دما قان لبراءة دنستها الفحولة الشرقية وسجلت على ثناياها أروع البطولات الذكورية المقدسة. تشوهت الذاكرة بأحزان لا تنتهي لكن لازال يرى في أحلامه عيونها العسلية تعده بسعادة تفوق قدرة كل البشر ولا يزال ينتظر. تحطم قلبه البريء لما انتزعت فتاته يد غاصبة لتهديها لصاحب عصمة ممن يدعون الانتساب للرسول في سبيل الحصول على صك غفران وتشظت بقاياه عندما أُتُهِم قريب له في أحداث الحلة فانتزعته يد اشد قسوة من مقاعد كلية الطب وأرسلته للحدود في حرب لا يؤمن بها ولا يفهم غاياتها.. وأنّى للشعوب فهم قضايا أصحاب السلطان؟ قلتُ له ممازحة: - أليس أفضل من أن تُحرق حيا في شوارع بابل بعد وضعك في إطار مطاطي فترتفع روائح الشواء لترضي هوس إله يحب المحارق ولا ترضيه إلا الأضاحي البشرية؟ - أن نموت مرة أفضل من الموت ألف مرة. كم شبابا غضا حالما لفظ أنفاسه على ذراعي وكنت أحدثه عن الديار وخبز الأم الحنون في التنور والعروس التي تنتظر وعن الحمل الذي سيخلد الأسماء وسيبني الأمل. ابتسموا.. لا زلتُ أرى بسماتهم في الفضاء الرحب.. نظروا لي مليا.. ربما نبست شفاههم بكلمات غير مفهومة.. رفع بعضهم يده ليمسح على خدي دمعا لم أقدر على كتمه.. انفرجت أساريرهم وهم يرحلون لكن عجزوا أن يصرخوا في وجهي : - "كفى كذبا.. لقد مللنا الخطب العصماء" أتعلمين أننا كنا ننزع ثياب أصدقائنا الموتى وأحذيتهم ونتركهم عريا في البرية تغطيهم نسمات الليل الباردة لأننا كنا أحياء ونحتاجها أكثر وكان العالم بأسره يشاهد والعجزة الحالمون بالوطن الأمة يتغنون بالبطل الرمز القدوة.. أتعلمين أن أكثر ما كان يثيرني هو مشهد الذباب يحوم حول ثقب داكن في صدر أو جبين شاب ممدد هناك في الفضاء الرحب تحت النجوم الخجلة، بإهمال يستجدي بعض الراحة.. شاب كان رقما في سجلات وطن.. شاب صار غير منتم لأنه ترك الوطن بدون إذن.. لأنه انسحب قبل أن يَرتوى الوطن الخائن القذر.. كانت حربا بدون قضية ولا معنى. من فروا من ساحة المعركة، حُفرت على جبينهم "خيانة عظمى" بالحديد المصهور وقُتل كل أفراد أسرهم أمامهم.. تجرعوا أبشع أصناف العذاب مع كل صبية تغتصب وتمزق كعروس ورقية ومع كل طفل يلفظ أنفاسه غارقا في دماء بريئة غير مدرك لما يحدث خارج ساحات اللعب التي اُنتزع منها عنوة.. من عبروا الحدود إلى الجهة المقابلة كان مصيرهم أنكى. وُضع بأيديهم سلاح ألفوه في ساحات الوغى عند حدود الوطن.. سلاح مستورد من ذات المصانع التي تغازل هذا الحاكم باسم ربه وتزني مع الثاني في بيوت الدعارة والمجون.. سلاح دُفَعَ في سبيله قوت وكرامة الشعوب بدعوى حماية دين الله.. سلاح رُفع ليغتال أحلاما بريئة داستها أنخاب مسكوبة في مجالس الأمم المتحدة باسم الله لقتال أعداء الله.. سلاح أقامت، في معابده، صلاة عشق وتبتل، أقوام تعشق رائحة الدم في سبيل إرضاء اله عابث لم يحدد اختياراته ليكفي المؤمنين شر القتال أو عجز البشر عن فهم كنه رسالاته فتأولوا كلماته بما يرضي هوسهم المرضي بالذبائح البشرية. في الجبهة المعادية التي فروا إلى تنورها لأنهم رأوها اشد رحمة أُجبروا على رفع أسلحتهم في وجه أخوة الأمس أبناء الوطن. رأيت أخا يقطع أنف وأذني أخيه الأسير ولم نقدر أن نفعل شيئا. كان قتلا لإرواء هوس عنف ووحشية بلا حدود وكان الحكام يشربون الأنخاب. كؤوس دم نازف لا يعرف طعمها سواهم يصاحبها رقص على وقع أنغام موسيقى مجنونة: عظام تسحق و أرواح تُزهق وأحلام تُغتال... انتهت الحرب وعاد الكل إلا الأسرى. أخفتهم إيران ورقة ثمينة في لعبة ورق على أكبر مسارح المهازل العالمية. من عادوا، لحفظ أملاك وشرف، تزوجوا زوجات أخوتهم المسجلين موتى ومفقودين. بعد سنوات عاد الأخ مشوها مرعبا.. هيكلا عظميا لبقايا ميت حي... ميت حتى النخاع رغم بقايا نبض. من افقده حقه في الحياة؟ من قتل ربيعا أخضر بقلب كان نديا حالما؟ أكان قتل أخيه ليشفي جراح السنين وهل هو مجرم في عرف الشرائع البشرية والربانية على حد سواء؟ فقد كل شيء: الماضي والمستقبل وحبا كان يملئ الكون آمالا. فمن المسؤول؟ - وحبيبتك أستاذي؟ - قتلونا وقتلوا كل قدرة على الحب فينا. مع كل شظية انتزعوها من أجسادنا نزفت القلوب.. نزفت حتى جفت. صارت معدنية وصرنا روبوتات مبرمجة.. كائنات بيولوجية. - ماذا يُعدون لتونس أستاذي وكيف ستكون شظايانا؟
طرق خفيف على الباب انتزعني من خيالاتي والأطياف التي تسكنني صارخة متألمة. قفزت مذعورة. أسرعت هربا منها ومن سطوتها على عقلي المتعب. فتحت الباب. دخلت. قبلتني. احتضنتها بقوة. كم اشتاق لك أختي. كبرت في غيابي وصرتي عروسا فاتنة. ألقت على سريري لفافة كبيرة. وجلسنا معا عند طرف السرير كما كنا نفعل لما كنا أطفالا. ضحكنا لذكريات جمعتنا ولأحلام صبيانية لم تتحقق. سألتني: - لما قصيتي شعرك الطويل؟ - ألا يقول الشاعر لأن حبيبي يريده قصيرا؟ كاتبي يعشق الشعر القصير والجسد النحيف والعيون الناعسة. - أي كاتب أختاه وأي حب؟ الطاهرة لا تحب إلا زوجها. تقرُّ في بيتها وتلتزم شرع الله. - إن الله من ابتلاني بحبه.. عفاك الله من الزلل.. فهل من مفر؟ تركتها مشدوهة لا تجد ما تقوله واقتربت من مرآتي. وقفت أمامها. ابتسمت للصورة المنعكسة أمامي. تذكرت بحثي ألجنوني عن المكتوب على جبيني. في حركة ميكانكية مررت إصبعي عليه فلم أجد إلا اسما منقوشا بقلبي: أنيس... مبروكة الهلالية كانت تردد دوما أن الحب يكون بعد الزواج. الجازية بقيت وفية للحب والوطن. تركت زوجها "شكر الهاشمي" صاحب مكة الذي كانت تحبه ولا ترضى برجل غيره لأجل الجماعة لكنها لم تنسه وحافظت على عهود الحب. - أفأخون عهود حب، محرم في كل شرائعكم يا هلالية، غزاني على حين غفلة قبل أن أرى شكل حبيبي أو أعرف هويته أو أعانق عيونه؟ انتفض قلبي لما مر بي خياله. نظرت إلىّ أختي التي ظلت سجينة مكانها لا تعرف ما الذي يجب أن تفعله أو تقوله. كان الامتعاض جليا على الوجه الصغير الذي يحدق بي في بلاهة وعجز عن الفهم. أغرقها الارتباك في حيرة لا متناهية ولم تدرك إن كنت جادة أم ساخرة. مدت يدا مضطربة وتناولت اللفافة. فتحتها وقدمت لي كومة من ثياب سوداء وقالت: - البلد يولد من جديد وأمامنا عمل كثير. لننقذ أمتنا من التبعية ونجتث الاستعمار. لنتكاتف كلنا لتحقيق كلمة الله حتى لا يرتفع في الأرض إلا اسمه واسم أشرف خلقه. التونسي اليوم رهين «بين الصورة المشرقة للإسلام التي تغمر كيانه وبين الواقع الآسن الغارق في الوحل، ميوعة وانحلال وولاء لا لله ورسوله وللمؤمنين وإنما للأهواء والمصالح والعصبيات والقوى الدوليّة الشيطانيّة» فإما أن تكوني معنا أو ضدنا. ضحكتُ ومازحتها قائلة: - إنه يوجد خيار اللا موقف. أفلا يمكنني أن أكون محايدة؟ - أريد أن أعرف موقفك لكي احدد موقفي منك. لن أخالط كفرة. كم أحببتك أيتها البنت الوديعة المسالمة التي كبرت دون أن أدرك وكم صرت عدائية وعنيفة. الأدلجة عرفت أيسر السبل إلى عقلك الشاب. كم شوهوك وكم أفقدوك براءتك. إنكم تدوسون تونس بكل خصوصيتها وكل تميزها وكل ما اكتسبت. تونس الأربع ألاف سنة من الحضارات المتتالية. تونس التي لا زالت تحمل طابعها البربري الذي تزاوج مع العروبة والغرب في تناغم ووفاق.. إنكم تشوهون وجها جميلا وتحجبونه تحت السواد وتهربون من دكتاتورية الحكام إلى دكتاتورية النص.. أتستوعبين الخطر؟ لكن أنى لها أن تستوعب رغم شهاداتها وهل اقدر أن أبوح لها بما يعتريني؟ دفعتها دفعا للخروج دون إرواء ظمئها. أغلقت الباب وعدت لكومة صوري وأوراقي والكتاب الذي يتصدر طاولتي بكل خيلاء وتحد. عانقت بشوق العاشق وشبقه بقايا أنيس. بعضهم وان رحل يبقى أشد حضورا في الغياب. مهما حاولوا كتم الأصوات الحرة فصدى الصوت الذي ارتفع يوما مترنما بلحن الحياة يبقى شاديا وان فقد اللسان. لن أخذلك أنيس الحب. - أتذكر عهد الدم؟ بالدم اجتمعت قلوبنا في ميثاق حب مقدس وان فرقنا الدم الذي سال بسخاء على شوارع بعض هذا الوطن الكسير. لك سأرسم لوحاتي ليعلموا كم أن الإنسان رائع وكم أن الشرائع التي خلقها ومنحها القدسية أسرته وكبلت روحه وشوهت إنسانية الإنسان فيه. تونس تغير وجهها. فهل نجاري الحتمية التاريخية لتطور الوعي البشري أم ننكفئ على ماضينا نتغنى بالرمز والبطل والمجاز كلمة ومعنى؟ أهو انحلال كما تردد أختي أم أنها صيرورة حياة.. الظرف الموضوعي الذي يتغير منتجا رؤى وقيما جديدة؟
#رويدة_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخلافة الراشدة
-
حظور الغياب: أنيس مرة أخرى
-
السياسة المحمدية. جزء ثاني
-
السياسة المحمدية : الزنا الحلال بين الدين والسياسة
-
الزنا الحلال بين الدين والسياسة (الجزء الثالث)
-
الزنا الحلال بين الدين والسياسة (الجزء الثاني)
-
الزنا الحلال بين الدين والسياسة (الجزء الاول)
-
النص التشريعي الاسلامي بعيدا عن وهم القداسة: الحديث النبوى 2
-
النص التشريعي الاسلامي بعيدا عن وهم القداسة: الحديث النبوى
-
النص التشريعي الاسلامي بعيدا عن وهم القداسة: القرآن
-
الاقليات بين المؤامرة وثقافة الاقصاء في الساحة العربية
-
صناعة نبي : نبي رحمة أم مجرم حرب .
-
خلعتُكَ يا وطني
-
عالق على الحدود يا وطني
-
بعيدا عن أوهام القداسة: الإسلام. المبحث 5 الجزء 3
-
ما المصير ؟
-
سري من بلاد قمعستان
-
دكتاتورية الحكام وارادة الشعوب
-
تونس تُسقط حائط برلين العرب ... شعب يصنع الامل .
-
بعيدا عن أوهام القداسة: الإسلام. المبحث 5 الجزء 2
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|