كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 23:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن أن يستغرب كل متتبع لمجري الأوضاع في العراق منذ سنوات ما جاء في تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، حين أكد "أن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكاره"ا. ثم أضاف "انه بإمكان إيران تشكيل حكومات إسلامية هناك."
ففي خريف العام 2005 كتبت مقالاً بثلاث حلقات تحت عنوان "البصرة الحزينة ... البصرة المستباحة!" نشر في الحوار المتمدن وصوت العراق والعديد من المواقع العربية. ورد عليًّ في حينها الأخ وداد فاخر, فكتبت مقالاً جديداً بثلاث حلقات أيضا تحت عنوان " هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟ وفي ذات المواقع الإلكترونية.
لم تكن البصرة وحدها مسرحاً لنشاط الأمن والحرس الثوري وفيلق القدس والكثير من التنظيمات "الخيرية!", بل كان العراق كله وخاصة منطقة وسط وجنوب العراق وبغداد مسرحاً كثيفاً لنشاط هذه القوى, إضافة إلى تلك القوى التي تعلن صراحة أنها تقلد أو تتبع مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي باعتباره مرجعيتها الدينية أو إنه وليها الفقيه, وبعضها غير القليل لا يعلن عن ذلك صراحة.
وبالنظر للنقاشات الجارية حول هذا الموضوع وجدت مفيداً إعادة النظر في نشر تلك المقالات لإطلاع من لم يتمكن الإطلاع عليها في حينها, إذ إنها تجسد حقيقة ما يجري في العراق, بغض النظر عن وقاحة وصلافة قاسم سليماني, إذ إنه كان الأكثر صراحة وتعبيراً عن واقع العراق الراهن, وهي واحدة من ابرز المشاكل التي يعاني منها العراق في المرحلة الراهنة. لا بد للقارئة والقارئ أن يأخذا بنظر الاعتبار بعض التغيرات التي طرأت على التنظيمات وانشقاقاتها, كما حصل مثلا في حزب الدعوة وخروج الجعفري منه وتشكيل جماعة جديدة, وترأس نوري المالكي حزب الدعوة الإسلامية, أو انشقاق في قوى التيار الصدري وميليشيات جيش المهدي وظهور عصائب الحق ...الخ.
23/1/2012 كاظم حبيب
كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
البصرة الحزينة ... البصرة المستباحة!
المقال في ثلاث حلقات
1-3
امتدت استباحة الدكتاتورية البعثية للبصرة وسكانها عدة عقود قبل أن يسقط النظام الدكتاتوري الذي أذاق الشعب البصري مرّ العذاب وعرض البصرة لحرب وتدمير واسعين ومارس تغييب مستمر لقوى المعارضة والقتل الواسع النطاق, وخاصة في أعقاب انتفاضة الشعب ضد المستبد بأمره والنظام الجائر. كما تعرضت مدن العراق الأخرى لنفس المصائب الثقيلة, وخاصة في سنوات الحرب.
وكان سكان البصرة من مختلف القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية المناهضة للدكتاتورية يأملون أن يتمتعوا بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق مختلف القوميات والأديان والمذاهب والعدالة الاجتماعية ويضعوا حداً للتدخل في شؤونهم الداخلية ليتسنى لهم إخراج القوات الأجنبية التي أسقطت النظام الدموي.
إلا أن الرياح جرت حتى الآن بوجهة أخرى, إذ سقط سكان البصرة تحت عملية استباحة جديدة إيرانية – عراقية يصعب تصور عواقبها اللاحقة على الشعب العراقي وعلى القوى الديمقراطية. إذ إن شبح الاستبداد يبدو شاخصاً ولكن تحت أسماء وواجهات وشعارات أخرى.
إن البصرة الحزينة المستباحة مجدداً تصرخ بصوت مسموع ومخنوق أنها أصبحت تُذل وتُداس كرامة مواطناتها ومواطنيها. فمن هي تلك القوى التي تمارس اليوم إذلال البشر في البصرة, وتأخذ مواقع صدام حسين وطغمته في هذا الإذلال؟ إليكم في أدناه بعض حقائق الوضع في العراق. أملي أن تنتبه إليها القوى السياسية العراقية في كل أنحاء العراق, ومنها القوى الكردستانية التي يفترض أن تهمها حرية الإنسان في الجنوب وفي الوسط أيضاَ, وهي تساهم في الحكم في العراق لا في كردستان وحدها؟
أربع قوى أساسية تمارس السيادة في البصرة حسب تسلسلها ودورها في الحياة العامة للسكان, وهي:
1. قوى الإسلام السياسي من مختلف الأطياف.
2. المخابرات والقوى الدينية الإيرانية التي تحتل الطابق الثالث في مبنى المحافظة في البصرة , ومنه تصدر أوامرها للمحافظة ومحافظات الجنوب والوسط الأخرى.
3. العشائر العراقية التي تقترب إلى الجماعات الإسلامية بسبب قربها من المرجعيات الدينية, ولكنها تحاول الدفاع عن أبناء عشائرها عندما يتعرضون للاضطهاد من جانب قوى الإسلام السياسي والمخابرات والقوى الدينية الإيرانية.
4. القوات البريطانية التي كانت وما تزال تنسق مع قوى الإسلام السياسي والعشائر, ولكن الأمر كما يبدو يكاد يفلت من بين يديها لصالح هيمنة القوى الإيرانية والمتحالفين معها من العراقيين.
يؤكد مجرى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغياب الحياة الثقافية في البصرة وفي مجمل المحافظة, ويمتد الأمر إلى العمارة والناصرية والديوانية والكوت وغيرها, عدة حقائق جوهرية, من أهمها:
أ. إن القوى الإسلامية السياسية ورجال الدين هي التي تسيطر بالكامل على الحياة السياسية وتفرض إرادتها على المجتمع عبر مليشياتها وتهديداتها وقتلها للناس وحملة الاغتيالات المنظمة التي لا يكتشف أمر فاعليها.
ب. وهي التي تهيمن على ميزانية المحافظة وتتصرف بالموارد المالية التي تخصص للمحافظة, ومنه يبرز التصرف السيئ وغير الأمين بالموارد المالية.(راجع نشرة "الجمعة" التي تصدرها جماعة من المؤمنين المستقلين العدد الأول. ونشرة منتدى الفضيلة الثقافي /البصرة الصادرة في 16/ربيع الثاني 1426, حول تبادل الاتهامات في عمليات النهب لموارد المحافظة, وعدد آخر من البيانات الصادرة عن تنظيمات أخرى).
ت. تفاقم الفساد الوظيفي, المالي والإداري, واستشراء المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة والعشائرية والمذهبية الأكثر ضيقاً وعتواً في البصرة.
ث. وهي التي ألغت الحياة الثقافية والفنية وحولت حياة أهل البصرة إلى مآتم حسينية وعزاء دائم وغابت الفرحة والبسمة عن عيون وشفاه البصراويات والبصراويين, فالحزن والنواح هو الذي يلفهم دائماً, رغم المحاولات الجادة التي يبذلها اتحاد الأدباء بالبصرة لتحسين المناخ الأدبي والذي يجابه بالكثير من الصعوبات والعراقيل.
ج. وهي التي تفرض نوع الحياة الاجتماعية التي يفترض أن يمارسها الناس دون غيرها.
ح. وإيران هي سيدة الموقف إذ عبر أجهزتها الأمنية والتابعين لها تدخل كل الحياة الإيرانية الدينية المتخلفة إلى البلاد, والمرجعية الحقيقية للمدينة ليست مرجعية السيد السيستاني بل السيد على خامنئي, مرشد الثورة الإيرانية, باعتباره مرشد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, أي أنه يجسد ولاية الفقيه لقوى المجلس في البصرة وفي جنوب العراق وكل المجلس الأعلى.
خ. أما القوى الديمقراطية فليست من حيث المبدأ ضعيفة, أي من حيث العدد والنوعية, ولكنها مغيبة تحت ضغط الإرهاب والتهديد والقمع المباشر وغير المباشر, وتعرض الكثير منهم إلى الاغتيال غير المنقطع, وصعوبة الوصول إلى الشباب والتفاعل معهم.
د. وإلى جانب هؤلاء توجد قوى الإرهاب الصدامية والإرهابية من الجماعات التكفيرية وغيرها التي تساهم في تغييب الحياة الطبيعية في البلاد وتمارس الإرهاب على المجتمع.
ذ. وجدير بالإشارة إلى انتشار واسع النطاق للمخدرات بين صفوف الشباب, إذ لا يوجد ما يحرمها دينياً. وأكثر ما يرد إلى العراق هي المخدرات المصنوعة على شكل كبسولات يسهل التهامها. وقد كسبت الشرطة كميات كبيرة جداً منها في كربلاء, إذ أن المدينة المقدسة أصبحت, بفضل الإيرانيين والمنظمات المافيوية وبعض القوى الدينية والإسلام السياسي, مركزاً كبيراً لتجارة المخدرات وتوزيعها على نطاق البلاد بالجملة والمفرد, بالاستناد إلى وجود الجماهير الواسعة التي تصل إلى المدينة في مناسبات كثيرة. ويقال أن الشرطة كبست كمية كبيرة تكفي لإشباع طلب السوق العراقي عليه لمدة سنتين! ويشار إلى أن عدداً غير قليل من الذين يعملون في الأوساط السياسية الدينية هو الذي يساهم في مثل هذه العمليات المنظمة. والبصرة هي المنطقة التي تمر منها المخدرات بفعل أحزاب إسلامية سياسية وجماعات الجريمة المنظمة بعينها. ويمكن أن نشير هنا إلى عمليات تهريب المخدرات من إيران إلى العراق ومنها إلى الكويت حيث تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات من قبل الشرطة العراقية على الحدود العراقية الكويتية.
ويمكن الإجابة عن السؤال الأساسي, من هي القوى التي تمارس السيطرة على البصرة؟, فيما يلي:
أولاً: المجلس الأعلى للثورة الإسلامية
يشكل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية القوى الحزبية الإسلامية الأساسية المهيمنة بقوة على المجتمع. مجموعة كبيرة من التنظيمات الفرعية التي تعمل تحت تسميات كثيرة لتمارس نشاطات عديدة كلها تصب في المجرى الذي يريده المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, كما لها أقوى الروابط السياسية والأمنية والمصلحية مع إيران. وأبرز هذه الجماعات هي:
أ. فيلق بدر, وهي المنظمة العسكرية التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية
ب. منظمة سيد الشهداء
ت. القواعد الإسلامية
ث. منظمة 15 شعبان
ج. حركة حزب الله التي يترأسها كريم المحمداوي
ح. منظمة ثار الله
خ. النخب الإسلامية
د. بقيت الله ( وهي منظمة مخابراتية تابعة لإيران ومرتبطة بالمجلس الأعلى) (بقية الله مكتوبة فارسياً, ك. حبيب)
• ترتبط هذه التنظيمات المدنية منها والعسكرية وشبه العسكرية والمخابراتية بالسيد عبد العزيز الحكيم وبفيلق بدر في آن واحد, إذ أن قيادة فيلق بدر ترتبط بالسيد عبد العزيز الحكيم مباشرة.
• وأبرز مهمات هذه التنظيمات, إلى جانب الدعاية اليومية للمجلس وللحركة الإسلامية الشيعية المرتبطة بهم, ممارسة العمل العسكري بثلاثة اتجاهات:
* العمل في المساجد والجوامع والرقابة على ما يجري في البصرة من نشاطات؛
* تهديد القوى التي ترى ضرورة توجيه التهديد لها؛
* اعتقال من يراد توجيه التهم له في سجون خاصة وممارسة التعذيب ضده حتى قتله دون أن يعلم بذلك أحد.
* ممارسة الاغتيالات لمن يتقرر التخلص منه وتنفيذ "حكم الله !" به دون محاكمات شرعية.
• ويقيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية العلاقة المركزية والأساسية مع الحكومة الإيرانية والمخابرات والحرس الثوري في إيران ويتسلم تنظيمه في البصرة تعليماته السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية من إيران مباشرة. فقوى المجلس هي الممثل الفعلي لإيران في محافظة البصرة والجنوب بشكل عام.
• ويسيطر المجلس الأعلى على مجلس البصرة سيطرة كاملة ويسيرها وفق رغبات الطابق الثالث في المحافظة, حيث توجد مكاتب المخابرات الإيرانية, إضافة إلى البيوت العلنية والسرية الكثيرة والمنتشرة في أنحاء اللواء والتي تمتلكها المخابرات الإيرانية. علماً بأن المحافظ هو من حزب الفضيلة.
• وللمجلس الأعلى في البصرة هيئات تحقيق خاصة ومحلات للتوقيف والمحاكمة وسجون أيضاً وتنفذ الأحكام مباشرة.
• وقوات بدر, التي يترأسها في البصرة أبو أحمد الراشد, محافظ البصرة السابق, تعتبر القوة العسكرية الضاربة والمسلحة جيداً والمزودة بصلاحيات غير قليلة ولها صلة مباشرة بالحرس الثوري الإيراني وبالمخابرات الإيرانية, إضافة إلى صلتها المباشرة بوزير الداخلية العراقي. وأبرز تلك المهمات ترتبط بعمليات الاغتيال والتخلص من المناهضين, وهي المسؤولة عن تنشيط الحرب الدعائية الطائفية السياسية لتشديد الاستقطاب السياسي في البلاد للانتخابات القادمة. وقد توسعت قوات بدر كثيراً وضمت لها الكثير من الضباط العراقيين والإيرانيين بجنسيات عراقية مختلطة, تتسلم رواتبها بصورة مستمرة وبدعم مباشر من إيران. وقد تم تدريب هذه القوات مجدداً على حرب الشوارع وعمليات الاختطاف ومداهمة البيوت وغيرها. ويلاحظ تفاقم الصراع بين المجلس الأعلى وحزب الفضيلة في المحافظة رغم وجود مجلس يضم كل القوى والأحزاب الإسلامية بما فيها السنية في البصرة, والذي يطلق عليه بالمجلس السياسي.
ثانياً: حزب الدعوة :
يتفرع حزب الدعوة إلى ثلاث مجاميع, وهي:
- حزب الدعوة الذي يقوده الدكتور إبراهيم الجعفري, ويترأسه في البصرة عامر الخزاعي, وهي منظمة تمارس السياسة وربما بعيدة نسبياً عن قضايا الاغتيالات والعنف.
- حزب الدعوة – العراق الذي يقوده كريم العنزي, وهو الحزب الذي يمارس الكثير من العنف والإرهاب ومتورط بالكثير من الأعمال الأخرى التي يتحدث عنها البصريون،
- حركة الدعوة التي كان يقودها الراحل عز الدين سليم.
للجماعة الثانية مليشيات خاصة ومسلحة ولكنها اقل تحركاً من جماعة المجلس الأعلى, ولها صلاتها القوية بإيران, إلا أن اعتماد إيران الأساسي على قوى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, ولكنها لا تستغني عن دعم الجماعات الأخرى. ولا تتورع تنظيمات هذه الجماعة عن ممارسا العنف والاغتيالات عند الحاجة, بل لها مجموعات متخصصة لهذا الغرض.
جرت محاولات لتعزيز العلاقة بين حزب الدعوة وإيران خلال الفترة الأخيرة, وخاصة بعد زيارة الجعفري لرئيس الوزراء الإيراني والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية. وقد نجح الجعفري في ذلك, رغم أن رصيده الشعبي قد تقلص في الفترة الأخيرة لأسباب كثيرة, بما في ذلك تراجع الخدمات الاجتماعية وشخصيته غير المتوازنة ووعوده التي لا تنفذ وقراراته التي لا يتم الإصغاء لها لأنها فردية وهي تذكرنا بشخصيات عراقية مماثلة أكل الدهر عليها وشرب. كما تثار اليوم الكثير من الريبة حول العقود التي وقعت مع إيران بشأن تزويد العراق بالمشتقات النفطية ...الخ.
ثالثاً: جماعات مقتدى الصدر وميليشيات جيش المهدي:
تفرعت عن حزب الفضيلة ما يلي:
1. مجموعة مقتدى الصدر وجيش المهدي التي هي الأضعف من حيث التأثير في الدوائر الرسمية في البصرة, ولكنها تمتلك تأييداً في أوساط معينة من المجتمع البصري. وتتميز بالعنف والشقاوة والاعتداء على الناس.
2. حزب الفضيلة وهو القوة التي التابعة للشيخ اليعقوبي.
3. مجموعة الفضلاء التي يترأسها الشيخ خزعل السعدي المتخصصة بشؤون الفقه والتشريع.
إن الجماعتين الأولى والثانية تمارسان السياسة والنشاط العنفي ضد القوى المختلفة معهما وتحاولان فرض قواهما على المجتمع, وتمارسان التهديد والترغيب والقتل عند الضرورة ولديهما هيئات تحقيق وتمارسان الاعتقال والتعذيب ولديهما سجون ومحاكم تصدر أحكامها ضد الذين يعتقلون بتهم كثيرة. وهذا الواقع يذكر المجتمع بممارسات قوى مقتدر الصدر في النجف والجلود التي سلخت والشرطة التي قتلت والناس الذين ذبحوا من الوريد إلى الوريد والأعراض التي انتهكت والأموال التي سلبت.
رابعاً: منظمة العمل الإسلامي:
وهي منظمة سياسية إسلامية ابتعدت حتى الآن عن ممارسة العنف والقوة في العمل السياسي العراقي. وهي منظمة ليست عدوانية حتى الآن وليست كبيرة أيضاً, إذ لا تمتلك الكثير من الأتباع والمريدين. ولكن لها علاقات واضحة مع إيران.
خامساً: الانتفاضة الشعبانية
تشكلت العديد من التنظيمات السياسية الإسلامية التي يطلق عليها "قوى الانتفاضة الشعبانية" (حركة الانتفاضة الشعبية في ربيع عام 1991). وتتوزع هذه القوى على التنظيمات التالية:
- حركة الانتفاضة الشعبانية ويترأسها مفيد عبد الزهرة السماك
- حركة الانتفاضة الديمقراطية التي يرأسها السيد ماجد الساري, وهو وكيل وزير الدفاع.
- الحركة الوطنية لثوار الانتفاضة ويترأسها راضي السماك.
- النخب الإسلامية ويترأسها صبيح محكمة.
وفيما عدا ذلك نجد هناك التجمع الديمقراطي الإسلامي الذي يترأسه السيد محمد عبد الجبار الشطب. ويمكن اعتبار مجموعة الانتفاضة الشعبية الوطنية التي يرأسها ماجد الساري والتجمع الديمقراطي الإسلامي من الحركات اللبرالية والديمقراطية في المجموعات الإسلامية, وهي التي تبتعد عن الممارسات الإرهابية والعدوانية ضد المجتمع والقوى الأخرى.
وتؤكد المعطيات التي لدينا وفق الفحص الميداني للقوى الإسلامية السياسية بأن القوى التي تمارس الإرهاب والاغتيالات وخنق الأصوات أو الإسكات ونشر الرعب في صفوف المخالفين والمجتمع هي الجماعات التالية حسب تسلسلها:
• فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية والقوى الأخرى المرتبطة به.
• القواعد الإسلامية التابعة للمجلس الأعلى.
• جيش المهدي التابع لجماعة مقتدى الصدر.
• وحزب الدعوة- العراق المرتبط بالسيد عبد الكريم العنزي.
تمتلك القوى الإسلامية السياسية العاملة في البصرة عدة خطوط رئيسية, وهي:
1. الخط السياسي الذي تؤديه قيادات الأحزاب السياسية الإسلامية الرسمية والمعروفة في الوسط السياسي.
2. الخط الديني السياسي والذي يتكون من أئمة الجوامع الذي يلقون خطب صلاة الجمعة والتي تتمحور حول الأهداف السياسية التي تبشر بها الأحزاب السياسية التي ترتبط بها وتوجه الناس للالتزام بها, سواء بالتأييد أو الإثارة ضد آخرين والاستعداء على قوى وأحزاب وسياسات معينة.
3. الخط العسكري الذي ينفذ مهمات الأحزاب السياسية سواء أكان ذلك في المراقبة والحماية أم في التهديد الذي يراد توجيهه لآخرين أم في عمليات عسكرية واغتيالات معينة. وهي تمتلك أسلحة حديثة وكثيرة ومخبأة بشكل جيد تحت الأرض, عدا الذي في بيوتها وبصورة رسمية أو شبه رسمية, يمكن أن تظهر على السطح وعلى أكتاف أصحابها في أقل من نصف ساعة. وأسلحة المليشيات في الوسط والجنوب لم تسلم, بل تم تسليم البعض منها فقط. وقد ظهر ذلك بوضوح في المعارك التي دارت بين جيش المهدي وفيلق بدر.
4. الخط الاقتصادي الذي يحاول الحصول على الموارد المالية بطرق شتى مشروعة وغير مشروعة للاستفادة منها لأغراض هذه القوى أو بصورة شخصية. ومنها تبرز تلك الجماعات التي تمارس التهريب والتجارة بالمخدرات مع القوى المماثلة في إيران. ولم يكن منع الكحوليات إلا لتنشيط عمليات المتاجرة بالمخدرات التي هي أكثر ربحاً للمتعاملين بها.
وفي ما عدا ذلك للقوى الدينية خطوط نشطة جداً في مجال النساء والشباب وفي مختلف المجالات الأخرى, وخاصة تلك القوى التي تصلها مساعدات مالية كبيرة وتمتلك بنية تحتية متقدمة نسبياً.
شكلت القوى الإسلامية المجلس السياسي الذي يضم جميع الأحزاب الإسلامية بما فيها حزب الفضيلة وجماعة مقتدى الصدر والحزب الإسلامي العراقي.
ولا بد أن نشير بأن الفترة الأولى بعد سقوط النظام وحتى الآن توجد لجنة تنسيق تضم جميع الأحزاب الإسلامية, ما عدا الفضيلة وجماعة مقتدى الصدر, إضافة على الحزب الشيوعي العراقي والحركة الاشتراكية العربية والحزب الوطني الديمقراطي, ولكنها محدودة الدور والحركة والتأثير.
وإلى جانب التنظيمات الإسلامية الشيعية نجد هناك تنظيماً إسلامياً سنياً هو الحزب الإسلامي العراقي ثم الوقف السني. وهما حزبان ينشطان في البصرة والزبير وأبو الخصيب حيث يكثر وجود السكان من أتباع المذهب السني, كما للجماعتين علاقات بالعشائر العربية السنية. وتحاول هذه القوى ممارسة دورها المماثل للأحزاب الشيعية في المنطقة, ولكنها تتعرض لمضايقات من قبل الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية, رغم أن سكان البصرة يتوزعون بحدود 35-40 من السنة و60-65 من الشيعة تقريباً.
جرت في الفترات المنصرمة عمليات اغتيال متبادلة وتصفيات سياسية بين قوى الإسلام السياسي المختلفة بسبب صراعها على السلطة والنفوذ والجاه والأموال وبسبب تورط بعضهم غير القليل بعمليات التهريب والمخدرات.
27/9/2005 كاظم حبيب
البصرة الحزينة ... البصرة المستباحة! كاظم حبيب
ما هو دور إيران والمخابرات الإيرانية في البصرة المستباحة؟
2-3
تؤكد وقائع الحياة السياسية والأمنية والفكرية والاجتماعية في البصرة والتي يتحدث بها جميع أهل البصرة والجنوب وتشير إلى أن المخابرات الإيرانية والقوى المحافظة الإيرانية والممثلة بالحرس الثوري ورجال الدين الشيعة يمارسون دورهم البارز والمهيمن على حياة الناس وخاصة على المجالات التالية:
مواقع الوجود الإيراني وأجهزة المخابرات في البصرة
المجال ---- -- مجال الأمن ----- مجال الثقافة------- المجال الفكري----- مجال الاقتصاد
السياسي والتجسس والحياة الاجتماعية والديني والتهريب
وتعمل أجهزة الأمن والمخابرات الإيرانية على خطين متوازيين ومنفصلين وبكثافة متعاظمة:
• خط يجري بعلم القوى الإسلامية السياسية وعبر تعاون وثيق ومستمر معها باعتبارها الموجهة لها في نشاطها.
• خط يجري بصورة سرية لا تعرف به قوى الإسلام السياسي الرسمية, بل يتم عبر حصن طروادة الموجودة داخل الأحزاب الإسلامية السياسية ومتخصصة بمختلف مجالات النشاط وتسعى إلى بث عيونها في مختلف الأحزاب العاملة في العراق, بما فيها العلمانية لغرض التجسس عليها ومن خلال عناصر عراقية.
لا تعمل أجهزة المخابرات الإيرانية في الطابق الثالث من بناية المحافظة المخصص لها عملياً فحسب, بل تسيطر على المحافظة كلها وعلى المحافظ الذي يدين لها بالولاء والحماية وتوجه نشاطيهما.
لهذه المخابرات بيوت ومراكز عمل كثيرة موزعة على مناطق الجنوب, وخاصة البصرة, باعتبارها الميناء والمدينة الأكبر من حيث النفوس والمجاورة للخليج والسعودية وإيران.
وتتلخص مهمات هذه القوى العاملة في العراق فيما يلي:
1. تعزيز التأثير الإيديولوجي والنفوذ السياسي للقيادة الدينية المحافظة في إيران على عقلية ونشاط قوى الإسلام السياسي في العراق وعلى المجتمع البصري والجنوب. تعطيل أي تعاون حقيقي بين القوى العلمانية أو المدنية والقوى الإسلامية وتخريب ذات البين, تشويه سمعة القوى العلمانية ومراقبة نشاطهم. ويتم هذا النشاط عبر خمس مجالات أساسية, وهي:
• عبر الأحزاب السياسية الدينية وكوادرها الأساسية.
• عبر الجوامع والمساجد التي يمكن الوصول إليها.
• عبر وزارة التربية والمناهج الدينية.
• عبر الجامعة وزيادة تأثير قوى الإسلام السياسي على الشبيبة الطلابية.
• عبر غرفة تجارة البصرة والسوق.
• عبر الطلائع واستقبال المزيد منهم لتعليم القرآن والوجهة الدينية الإيرانية الشيعية المتعصبة.
• عبر النساء وخاصة عبر رابطة المرأة المسلمة حيث تحتل المخابرات الإيرانية موقعاً مهماً فيها.
• التبشير بأفكار الراحل السيد الخميني ونشر صوره على نطاق واسع في أنحاء البصرة والجنوب, وخاصة في فترات الاحتفالات والمناسبات الدينية العامة, وهي أصبحت كثيرة جداً, باعتباره المرشد الأعلى الذي رحل والمثل الأعلى, ويليه الخامنئي في ولاية الفقيه!
• محاربة ما يسمى بـ "الفساد الأخلاقي والابتعاد عن الدين!" ومنه, السينما والمسرح والفن التشكيلي والغناء والرقص والأشرطة المختلفة (الكاسيتات) ومحلات شرب الخمور ومحلات بيعها, إذ يأمل البعض ممن منع بيع وتجارة المشروبات الروحية العلنية بتنشيط تجارة المخدرات في السوق السوداء للحصول على أقصى الأرباح على حساب الشبيبة العراقية, وهي مستهدفة بالنشاط الديني والمخدرات لتبقى بعيدة عن الحياة الفعلية وعن التحولات السلبية الجارية في حياة الناس والمجتمع, ...الخ.
• المشاركة في عمليات التحقيق والتعذيب أو حتى التغييب وإرسال المعتقلين إلى السجون الإيرانية للإجهاز عليهم ومحو أي أثر لهم, إن عجزوا عن فرض التوبة عليهم وغسل أدمغتهم.
• تشكيل أكبر عدد ممكن من التنظيمات الدينية الحسينية باتجاه توسيع صلاتها بالجماهير وارتباطاتها بها وتوجيهها وزيادة تأثير وجهتها الدينية الشيعية على الناس من أمثال منظمات الشهيد, وسيد الشهداء, والحسين الشهيد, وفاطمة الزهراء, وسكينة, والبتول, وشباب الحسين, والإغاثة والأيتام الإسلامية التي يترأسها واثب العامود من حزب الدعوة والمقيم في بريطانيا, ورابطة المرأة المسلمة, وضحايا الحرب, ومساعدة عوائل الشهداء ....وغيرها من المنظمات الوهمية التي تمارس العنف والتغييب والاختطاف أيضاً, وتنظيم المواكب الحسينية الذاهبة إلى كربلاء أو إلى الكاظمية أو المشاركة في مواليد ووفيات الأئمة في المذهب الجعفري.
2. الدعوة إلى إقامة فيدرالية شيعية في الجنوب والتي بُحثت مع أكثر من سياسي عراقي زار إيران خلال السنتين المنصرمتين واقتنع بها وحمل رايتها, ومنهم بشكل خاص الدكتور عبد العزيز الحكيم والدكتور أحمد ال?لبي والدكتور إبراهيم الجعفري وغيرهم من السياسيين من أتباع المذهب الشيعي ومن المرتبطين بالأحزاب الإسلامية السياسية أو المتحالفين معها ممن يدعي العلمانية. وهي دعوة سيئة تريد تعميق الانشطار المذهبي السياسي وتكريسه في العراق لصالح ضرب الوحدة الوطنية العراقية, وخاصة في صفوف العرب من المذاهب المختلفة. وهي عملية إضعاف للعراق وترك الجنوب الشيعي تحت رحمة إيران ومخابراتها وأتباعها. ويبدو أن عضو القيادة القطرية السابق لحزب البعث العربي الاشتراكي, قيادة قطر العراق, وصاحب كتاب تاريخ العنف في العراق, والذي يسمى اليوم باقر ياسين "الموسوي", يترأس الحركة التي تدعو إلى إقامة فيدرالية جنوبية شيعية في العراق بعد أن كان يدعو إلى وحدة الأمة العربية ووحدة الوطن العربي من الخليج إلى المحيط, فأصبح الآن يدعو إلى فيدرالية شيعية في جنوب العراق وليس إلى فيدرالية عربية مثلاً في كل وادي الرافدين إلى جانب فيدرالية كردستان العراق.
3. لا يتم التعامل من جانب القوى الإيرانية من الناحية الفكرية فحسب, بل هي تساهم بدعم أغلب القوى الإسلامية السياسية الشيعية بالأموال والسلاح والعتاد والخبراء بمختلف الاختصاصات وكلهم من رجال الأمن الإيراني, وخاصة في الحملات الانتخابية, كما تمارس المخابرات الإيرانية وقوى أخرى مرتبطة بها نشاطات تخريبية في الجانب الاقتصادي والاجتماعي. وأبرز ما يلاحظ في هذا الصدد هو:
• تهريب النفط العراقي وتهريب السلع باتجاهات مختلفة وبالتعاون مع عراقيين ومع قوى الجريمة المنظمة من دول المنطقة.
• المتاجرة بالمخدرات وتكديس أطنان منها في العراق, إذ ستصبح البصرة مركزاً لاستيراده من أفغانستان وإيران وباكستان وإعادة تصديره إلى مختلف الدول في المنطقة ومنها إلى غيرها من دول العالم, ولكن يباع بشكل خاص وعلى شكل كبسولات في العراق أيضاً. واكتشفت في الآونة الأخيرة كميات كبيرة في كربلاء تكفي لتغطية السوق العراقي لمدة سنتين وبأيدي إيرانية عراقية, وكذلك ضبطت كميات منها ومن مخدرات أخرى على الحدود العراقية الكويتية وهي قادمة من إيران, إذ أصبح العراق مركزاً للتوزيع في دول المنطقة, وخاصة مدينة البصرة.
• المتاجرة بالمشروبات الروحية بعد منع التجارة الرسمية به. وأصبح الإنسان العراقي الذي يريد تناول المشروبات الروحية أن يشتريها من السوق السوداء وبأسعار عالية جداً, إضافة إلى أنه في الغالب الأعم تكون مغشوشةً.
• المتاجرة بتهريب الأسلحة والأعتدة إلى العراق ومنها إلى الدول التي تحتاجها وإلى القوى الإسلامية السياسية بالذات. وستعاني دول المنطقة الكثير من المصاعب بسبب كثرة السلاح الموجود في العراق, إضافة إلى ما يرده من إيران لأغراض الاستخدام المحلي وإعادة التصدير في السوق السوداء.
• وقد ظهرت في الآونة الأخيرة حالات ملموسة للمتاجرة بالنساء. وهي حالة مماثلة لما يجري في إيران من قبل بعض القوى المحسوبة على النظام.
4. إن الإشكالية الكبيرة التي تستفيد منها إيران لشراء ذمم الناس وتسخيرهم لأغراض مختلفة, تماما كما تفعل القوى الإرهابية وأتباع النظام المقبور, تبرز في وجود بطالة واسعة جداً في البصرة وعموم الجنوب أولاً, والفقر الكبير الذي يعيش في ظله غالبية سكان البصرة ثانياً, والحالة الدينية المتخلفة والرجعية التي نشرها النظام وجمهرة من رجال الدين ممن عاد إلى العراق من إيران وغياب التنوير الديني في صفوف المجتمع ثالثاً, وتأييد قوى الإسلام السياسي الشيعية للنشاط السياسي والديني الإيراني في العراق عموماً وفي الجنوب على وجه الخصوص لاعتبار أن ذلك النشاط يصب في مصلحتها حالياً ويخدم تعبئة الناس حولها رابعاً.
لا شك في أن هناك قوى إسلامية متنورة في العراق, سواء في داخل أحزاب الإسلام السياسي أم خارجها, ترفض هذا النشاط وتلك الممارسات المشينة وتراه مخلاً بدور الشعب وقواه الوطنية, وبفكر وصحة الشباب من النساء والرجال وبوحدة البلاد واستقلالها وسيادتها الوطنية وتساهم بفضحه بطرق مختلفة أو حتى مقاومته حيثما أمكن ذلك.
إن أهداف إيران في العراق عموماً والجنوب على وجه الخصوص, واضحة جداً وتتلخص في الوقت الحاضر:
أولاً: تعزيز التشابك بين الأحزاب الإسلامية السياسية العراقية وقوى المحافظين المتشددين في إيران ونقل التجربة الإيرانية إلى العراقيات والعراقيين.
ثانياً: إضافة طابع الإسلام الشيعي على الدستور العراقي, والذي يمكن أن يقرأ بوضوح في المسودة المطروحة للاستفتاء, وخاصة في مجال المرجعيات وثوابت أحكام الإسلام والفقهاء في المحكمة الدستورية ...الخ.
ثالثاً السعي لإقناع العراقيات والعراقيين من المسلمين بضرورة الأخذ بولاية الفقيه خاصة وأن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أخذ به أصلاً ومارسه عندما كان في إيران مع السيد الخميني الراحل ومع السيد الخامنئي. وهي إحدى نقاط الخلاف بين حزب الدعوة والمجلس الأعلى.
رابعاً: ضمان سيطرة الشيعة على العراق العربي بشكل خاص, وكحد أدنى على جنوب وبعض وسط العراق من خلال تشديد نشاط قواها وتعزيز قوى المجلس الأعلى بشكل خاص.
خامساً: محاولة تغيير الحدود لصالح إيران, حيث تشير المعطيات إلى أن مخافر الحدود الإيرانية دخلت في العمق العراقي في مناطق جنوب العراق, ويمكن للمسؤولين في وزارة الدفاع التيقن من ذلك ببساطة, إذ أن هذه المخافر أصبحت موقعاً لتهريب كل شيء, إذ أن الفساد الوظيفي المالي والإداري قد تضاعف في إيران منذ أن سيطر الآخندية على الدولة والحكم. ويفترض أن نعلم إن الربط بين الدين والدولة سيكون لصالح الدولة ورجال الدين وليس في صالح الدين وعلماء الدين بأي حال, وعندها ينفصل الدين عن الدولة عملياً ويبقى اسمياً ويعم الفساد في كل مكان.
سادساً: اعتبار جنوب العراق عمقاً استراتيجياً لإيران وموقعاً للتدخل غير المباشر في شؤون منطقة الخليج والسعودية, خاصة وأن القوى المحافظة, رغم فشلها في تصدير الثورة الإيرانية, لم تتخل عن هذا الهدف حتى الآن. وعلينا أن لا ننسى أن إيران تريد أن تُعامل على أساس أنها أقوى دولة في المنطقة, ومن هنا يأتي جهدها للحصول على السلاح النووي, إضافة إلى امتلاكها وقدرتها على إنتاج الأسلحة الكيماوية والبايولوجية متى تشاء.
سابعاً: وتريد إيران أن تضمن عدم تحرش أو تأييد العراق لدول الخليج التي ما انفكت تطالب بحق بالجزر العربية الثلاثة التي احتلتها إيران في زمن الشاه والتي ما تزال ترفض حتى التفاوض بشأنها. إن امتلاك إيران للقنبلة الذرية في غير مصلحة العرب وشعوب المنطقة والعالم, وعلينا النضال ضد حصولها على إمكانية إنتاج الأسلحة النووية, إضافة إلى تشديد النضال لنزع السلاح النووي الذي تمتلكه إسرائيل وجعل المنطقة كلها خالية من الأسلحة ذات التدمير الشامل.
ثامناً: ولا شك في أن أهم الأحزاب والكتل الإسلامية السياسية العراقية ذات الانتماء الشيعي تعتبر إيران بعداً وعمقاً استراتيجياً لها ولنشاطها وتأخذ منها العون والنصيحة والدعم المتنوع.
ولا يعني هذا عدم وجود تناقضات بين قوى الإسلام السياسي العراقي والإيرانية, ولكن غالباً ما سيكون لصالح إيران في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق وعلى حساب المصالح العراقية.
29/9/2005 كاظم حبيب
*****************************************************************
هل من معاناة فعلية تمر بها القوى الديمقراطية في البصرة؟
3-3
أشرت في الحلقتين السابقتين إلى الأوضاع المعقدة جداً التي تعيشها البصرة ومنطقة جنوب العراق عموماً والناجمة عن التشابك الحاصل بين قوى الإسلام السياسي العراقية بمختلف فصائلها وأطيافها من جهة, وبين القوى السياسية والمخابرات الإيرانية والحرس الثوري وقوى المحافظين في إيران وامتداداتها في البصرة والجنوب والفاعلة بنشاط واستمرارية كبيرين. ولا تخلو بغداد وبقية مدن الوسط من هذا الواقع المعقد أيضاً. وأكثر الذين يواجهون المصاعب هم الأفراد والجماعات والقوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني الديمقراطية وكذلك النقابات والمنظمات المهنية. فالحياة السياسية والثقافية والاجتماعية مليئة بالمشكلات التي تحد من حرية الحركة والعمل السياسي الحر.
لا شك في أن القوى الديمقراطية في البصرة وعموم الجنوب قد تلقت ضربات قاسية وموجعة جداً في فترة حكم البعث الدموية نتيجة مواقفها ونضالها ضد الدكتاتورية الصدامية, واضطرت جمهرة كبيرة من العناصر الديمقراطية وقوى الأحزاب السياسية المدنية والعلمانية الديمقراطية إما الصعود إلى إقليم كردستان العراق والنضال من هناك ضد الدكتاتورية وإما الهجرة المؤقتة إلى خارج العراق, أو البقاء في البلاد ومواصلة النضال بأساليب مختلفة وبسرية فعلية قائمة على أساس العلاقات الخيطية بين المناضلات والمناضلين. والكثير ممن بقي في الوطن تعرض إلى الاعتقال والسجن والتعذيب والموت على أيدي جلاوزة الحكم الاستبدادي, كما أن عدداً غير قليل منهم أجبر على التخلي عن حزبه أو حركته السياسية أو أفكاره تحت ضغط عمليات التسقيط السياسي البعثية الهمجية. وهم ضحايا النظام الدموي جلاد الشعب المخلوع. ومن عاش وساهم في العملية النضالية خلال العقود الثلاثة الأخيرة يدرك عدد بنات وأبناء البصرة والجنوب الذين عادوا من الخارج أو من كردستان ليمارسوا النضال السري في الوسط والجنوب, وخاصة من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي, أو من بعض القوى والأحزاب السياسية الأخرى, والعدد غير القليل الذي سقط في أيدي العدو البعثي ولقي حتفه أو دخل السجن وتعرض لأشرس أنواع التعذيب أو البعض القليل الذي اصطف إلى جانب البعث بالرغم منه. كما ضرب الانتفاضة الشعبية في ربيع عام 1991 قد أدت إلى موت الكثير من المناضلين الشجعان وإلى اضطرار عدد كبير من المناضلين على مغادرة الوطن إلى السعودية, ومن بينهم مختلف القوى السياسية, سواء أكانت من أحزاب علمانية, كالحزب الشيوعي العراقي, أم من أحزاب إسلامية كحزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وغيرها.
وبعد سقوط النظام اجتاحت الجماعات الإيرانية بشكل خاص, وعاد الكثير من العراقيات والعراقيين الذين عاشوا في المهجر الإيراني أو في غيره, وكثرة منهم عملوا, بصورة طوعية أو بأساليب ومغريات كثيرة, في الأحزاب السياسية الإسلامية وفي الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية وقوات بدر, إلى العراق وسيطروا على المحافظة وأجهزتها وحصلوا على الدعم من بعض العشائر العراقية في المحافظة وتحالفوا معها وهي التي ترتبط بولاء كبير للمرجعيات الدينية في النجف وكربلاء, إضافة إلى الدعم الذي حظوا به من قبل قوات الاحتلال البريطانية. واستطاعوا عبر كل ذلك ممارسة الهيمنة الفعلية على البصرة وجَّر الكثير من الناس إلى جانبهم بصيغ وأساليب شتى (الجزرة والعصا).
البصريون يدركون أن هناك وعياً مزيفاً يسيطر على عقول الناس سرعان ما ينقشع ويتعرى أمام أعين الناس حين يتمادى هؤلاء بسياساتهم الراهنة وأساليب عملهم وتشابكهم غير العقلاني مع القوى الإيرانية, إذ أن غالبية سكان البصرة تتميز بحب الحرية والتمسك بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتكره الدكتاتورية بمختلف أشكالها وترفض التدخل في شؤون الفرد والعائلة, كما يحصل الآن من قبل قوى الإسلام السياسي ورجال الدين, كما ترفض العمل مع الأجنبي بالصيغ الجارية حالياً مع إيران. إن الواقع الراهن هو الذي يدفع بالناس إلى الخشية من تلك القوى التي تمتلك السلاح وتهدد الناس في أرزاقهم وتحاول السيطرة عليهم من خلال التحكم بعيشهم, خاصة وأن المجتمع يعاني من حالتي الفقر العام والبطالة الواسعة بين القادرين على العمل من النساء والرجال.
تعاني القوى الديمقراطية, ولأسباب كثيرة, منها ما هو مفهوم ومبرر ومنها ما يحتاج إلى تحليل وتدقيق وتغيير, من ضعف الحضور في الساحة السياسية والثقافية البصرية وضعف العمل بين الشباب والنساء, رغم وجود كثرة من المثقفين الديمقراطيين والفنانين المبدعين في مختلف الاختصاصات الفنية والأدبية, ورغم الجهد الذي يبذله اتحاد الأدباء في البصرة في تقديم برامج أو محاضرات أسبوعية لمواجهة الثقافة الوحيدة الجانب. وغالباً ما تتعرض بعض نتاجاتهم وأوضاعهم إلى مصاعب الإعاقة والتعرض. وهم باستمرار يتشبثون بكل إمكانية متوفرة لضمان حقهم في التعبير عن وجودهم ونشاطاتهم وإبداعاتهم. وغالباً ما يقدمون الشكاوى بأمل أن تسمع من أحد وتتخذ الإجراءات الكفيلة بوضع حدٍ للتجاوزات الجارية. ويطالب الفنانون العراقيون من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية إعادة بهو الإدارة المحلية لاستخدامه لأغراضهم الفنية بدلاً من مصادرته من قبل المجلس الأعلى.
إن الثقافة الإنسانية تتعرض في البصرة, كما في العراق, إلى الكثير من التغييب والتشويه, وإلى انتشار ثقافة صفراء جامدة ومتخلفة ومرضية في أغلبها, تدفع بالشعب إلى مهاوي التخلف والفاقة الفكرية والجدب الفكري الإنساني. وإلقاء نظرة على الكتب في أغلب المكتبات وعلى الطرقات ليتيقن مما أقوله في هذا الصدد.
ورغم وجود بعض الأحزاب الوطنية والديمقراطية مثل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي والحركة الاشتراكية العربية والتجمع القاسمي والتجمع الشعبي القاسمي والتجمع الديمقراطي الإسلامي وجماعة الانتفاضة الديمقراطية وبعض العناصر والشخصيات المستقلة وبعض وجهاء العشائر المتنورة في المحافظة, فأن هذه القوى, ورغم الجهود المضنية التي تبذلها, ما تزال بعيدة كل البعد عن الحاجة الماسة لنشاط القوى الديمقراطية العراقية في البصرة وعموم الجنوب, وخاصة بين الشباب.
إن السياسات الطائفية السياسية والتمييز الديني والطائفي إزاء أتباع الأديان والمذاهب غير الشيعية هي المهيمنة وهي القاتلة لكل سلوك وسياسة ديمقراطية في البلاد, وهي التي تعيق بدورها كسب أناس جدد للعمل السياسي الديمقراطي.
وبين فترة وأخرى تتعرض العناصر الشيوعية والديمقراطية إلى مخاطر الاغتيال, كما حصل للعديد منهم, ومنهم المناضل فاخر, مراسل أحدى الصحف الأمريكية, وأخيراً عباس ولي الذي أعيد إلى وظيفته في استعلامات نفط الجنوب ليقتل على أيدي "مجهولين!". أو تتعرض الجماعات الديمقراطية التي تعمل في المنظمات المهنية إلى مخاطر الملاحقة والاعتداء والاتهام بشتى التهم البائسة التي لا أساس لها إلا في العقول المريضة لهؤلاء الأشخاص والجماعات, بسبب إقامة احتفالات مشتركة أو سفرات طلابية بين البنات والأولاد, كما حصل أسوأ اعتداء لا أخلاقي ووحشي من جانب مليشيات جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر على طلاب كلية الهندسة والتي أثارت الاستياء في جميع أنحاء العراق وفي الخارج, أو كما كانت وما تزال تجري اعتداءات على الجماعات السكانية من أديان ومذاهب أخرى وقد قتل الكثير من هؤلاء الناس وخاصة من المسيحيين والصائبة المندائيين. لقد أجبر مقتدى الصدر إلى تغيير وكلائه في البصرة أربع مرات خلال فترة قصيرة بدءاً بالبهادلي ومروراً بالشيخ سعد البصري ومحمد الساعدي, ثم أضطر إلى غلق مكتبه في البصرة بسبب سوء الأداء وتصرفات هؤلاء الناس السيئة والبعيدة عن القانون المكونين لجيش المهدي وجماعته, وأخيراً عاد وفتح مكتبه من جديد وبنفس القوى السيئة السابقة.
إن الفكر الغيبي الذي تنشره القوى الدينية في البصرة يدفع بالشباب من النساء والرجال بعيداً عن إدراك حاجاته الأساسية الفكرية والسياسية الفعلية, إذ أن نشاط الجماعات الإسلامية موجه ضد الفكر الديمقراطي وضد العلمانية ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
إن المعاناة الحقيقية والرئيسية في البصرة والجنوب بشكل عام تبرز بوضوح في حياة المرأة العراقية هناك. فرغم الإرهاب الذي مارسه النظام الصدامي عليها وحرمها من الكثير من الحقوق المشروعة لم يجرأ على سلبها ما شرعه حكم قاسم من قانون الأحوال الشخصية رغم التقريم الذي تعرض له القانون. أما اليوم فأن المرأة العراقية تخضع لسلطة جائرة هي سلطة جمهرة من رجال الدين الذين يرون ضرورة حرمان المرأة من كامل حقوقها المشروعة والمثبتة في لائحة حقوق الإنسان, إنها سلطة الدين الذكوري, وليس الإسلام الحق, وسلطة الرجل والدولة الذكورية, رغم إقرار نسبة الـ 25 % للنساء في مسودة الدستور. إن المرأة تعاني من ملاحقة وتحرش حالما رفضت ارتداء العباءة. وأكثر القوى إساءة للمرأة هي رابطة المرأة المسلمة التي تدعي الدفاع عن المرأة ولكنها تكافح ضد حقوق المرأة التي حققتها بنضالها الدولي, وتريد حصرها بالشريعة التي تغتصب حقوق المرأة حقاً وتحيلها على امرأة تعيش للبيت والمطبخ وخدمة الرجل ومشروع جنس وولادات لا غير. إن المرأة بحاجة إلى وعي اجتماعي وسياسي واقتصادي وإلى ثقافة تحدي هذا المجتمع الذكوري الذي يريد منعها من ممارسة حقوقها إلا بالقدر الذي لا يمكن أني ينفع أحداً من الناس. إن علينا أن نسند المرأة, وسنناضل من أجل تعديل الدستور حتى بعد إقراره ليعترف بحقوق المرأة كاملة غير منقوصة ولا يخضعها للشريعة بأي حال.
إن أمام القوى الديمقراطية فترة عصيبة إن استمر التشابك الحاصل الراهن بين المخابرات الإيرانية والجماعات الإيرانية المحافظة من جهة, وقوى الإسلام السياسي العراقية من جهة أخرى, وزيادة تأثيراتها المباشرة على الحياة السياسية في البصرة والجنوب.
نأمل أن تنتبه القوى الديمقراطية في العراق كله إلى ما يرسم لها في الفترة القادمة أن لم تسع إلى جمع الكلمة والتحالف في ما بينها لمواجهة الوضع الاجتماعي الارتدادي الجاري حالياً. إننا أمام معضلة لا يمكن حلها دون تحالف حقيقي بين القوى الوطنية والديمقراطية على صعيد العراق كله, من كردستان ومروراً بالوسط والجنوب. إنه الصرخة التي يفترض أن تخترق كل أذن عراقية وكل عقل متفتح لمعرفة ما يجري في جميع أنحاء العراق والعمل من أجل تجاوز مخاطره.
إن ما يزيد من تعقيدات اللوحة في العراق هو الإرهاب الدموي الذي يمارسه أيتام النظام السابق وأجهزته القمعية وقوى الإسلام السياسي المتطرفة والتكفيرية من أتباع بن لادن والزرقاوي وأنصار الإسلام وغيرهم, وكذلك من القوى العربية الشوفينية التي تدعي وجود مقاومة حقيقية لقوى الاحتلال في العراق في حين يهرس القتل المزيد من العراقيات والعراقيين قبل غيرهم, إضافة إلى قوى الجريمة المنظمة وعصابات السرقة والنهب والاختطاف لأغراض الحصول على الأموال القذرة. كما أن الصراعات بين قوى الإسلام السياسي يقود إلى عواقب مماثلة, كما حصل في الآونة الأخيرة بين قوات فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وقوى جيش المهدي التابعة للسيد مقتدى الصدر.
ولهذا تصبح الدعوة إلى وحدة القوى الوطنية الديمقراطية, المدنية والعلمانية واللبرالية, ضرورية جداً وحاجة حياتية للمجتمع العراقي بأسره.
29/9/2005 كاظم حبيب
حلقات النقاش
هل ما كتبه عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟ الحلقة الأولى: موقفي من الشيعة
1-3
كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 1353 - 2005 / 10 / 20 - 14:46
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
أثار مقال "البصرة الحزينة.... البصرة المستباحة" لدى القراء الكرام الرغبة في التقصي عن الوقائع والحقائق التي وردت فيه ومن ثم التفكير في سبل التغيير الممكنة لهذا الواقع المؤلم. وكانت كثرة من الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية التي وصلتني أقنعتني بصواب نشر المقال وتحقيق هدفه, أي جلب انتباه القراء من غير البصرة والجنوب, إذ أنهم يعيشون تلك الوقائع, وكذلك الأحزاب والقوى السياسية, لما يجري في البصرة وضرورة الحوار حول المشكلة وأهمية متابعة الموضوع من أجل المشاركة في فضح الاستبداد الفكري والسياسي المتفاقمين في المنطقة والتدخل الإيراني الفظ والمتواصل في العراق, إضافة إلى منع التدخل السعودي المحتمل أو غيره أيضاً.
كما أثار المقال موجة من السخط والغضب الذي أفقد البعض البصيرة والرؤية الواقعية, فراح يوجه الشتائم ويثير الغبار على تلك الوقائع, فأساء إلى اسمه وسمعته وقلمه, وعجز عن الإساءة إلى كاتب المقال. يفترض أن تحترم كل وجهات النظر, فهي الأساس لمبدأ احترام الرأي والرأي الآخر في إطار حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية. وإذا كان بالإمكان الاختلاف بالرأي حول تفسير وأسباب وقوع حوادث ووقائع معينة, فأن من غير المقبول إنكار وجود تلك الوقائع, إذ أن الناس تراها يومياً وتعيش معها. ولهذا فالمقالة لم تتحدث عن هوى أو رغبة في رسم صورة قاتمة عن البصرة والجنوب, بل تطرقت إلى الوقائع على الأرض, وعلى من يريد الوصول إلى الحقائق فليتفضل ويزور البصرة والمنطقة الجنوبية من العراق.
والبعض الآخر وجه ملاحظات نقدية تبلورت في ثلاثة اتهامات مجحفة ولكنها جديرة بالمناقشة.
1. اعتبار البعض أن مواقفي مناوئة للشيعة.
2. وأني أحابي الكرد وتساهل مع أخطاء الأحزاب الكردية.
3. وأن أحمل عداءً لإيران.
سأحاول فيما يلي تناول هذه القضايا الثلاث بالنقاش بصورة مكثفة وعلى ثلاث حلقات وأرجو أن تكون مقنعة للقراء الكرام.
أولاً: التشكيك بموقفي من الناس من أتباع المذهب الشيعي.
يتوزع شيعة العراق على ثلاث قوميات: العرب, الكرد الفيلية والتركمان, إذ بين التركمان سنة أيضاً. وهم جميعاً يشكلون جزءاً حيوياً ومعطاءً من سكان العراق ممن شارك في بناء صرح هذا البلد وحضارته وتراثه وتاريخه, تماماً كما ساهمت بقية مكونات هذا الشعب.
وتعرض أتباع المذهب الشيعي في العراق إلى التمييز والاضطهاد والتعسف الشيء الكثير من جانب النظم السياسية المتعاقبة على امتداد أجيال كثيرة. ويكفي أن نشير إلى ما تعرض له أتباع هذا المذهب من موت وتهجير قسري ومرارات قاسية جداً في ظل حكم البعث الدموي الذي يندى لجرائمه جبين البشرية, إضافة إلى المقابر الجماعية والمنافي والسجون العراقية التي تقدم الأدلة القاطعة على تلك المعاناة الشديدة والطويلة.
ولكن يفترض القول أيضاً بأن أتباع المذهب الشيعي ليسوا من لون فكري وسياسي واحد, وليسوا من حزب أو جماعة واحدة, وليسوا كلهم يميلون إلى إقامة دولة دينية في العراق, بل يقف الكثير منهم إلى جانب إقامة دولة مدنية ديمقراطية اتحادية علمانية. ومن هنا يفترض الانتباه إلى أني لا أوجه النقد إلى الشيعة باعتبارهم شيعة يلتصقون بمذهب إسلامي محدد, بل تتوجه ملاحظاتي النقدية إلى جماعات معينة منهم, تلك الجماعات التي تمارس سياسات وتتخذ مواقف وتطرح أفكاراً معينة أختلف وإياها وأسعى إلى كشف أوراقها التي أرى أنها تلحق الضرر بالشعب العراقي كله. وهذا من حقي الكامل والمشرةوع بغض النظر عن مدى اتفاق الآخرين أو اختلافهم معي بهذا الخصوص. مقالاتي إذن لا تهاجم الشيعة عموماً وبشكل مطلق, ولا تهاجم المذهب الشيعي تحديداً بأي حال, ولا تتعرض للناس الشيعة بشكل عام, بل توجه النقد إلى قضايا بعينها وجماعات بعينها وممارسات محددة وواضحة.
نعرف جميعاً بأن العرب الشيعة قد تعرضوا, كما هو حال الشعب الكردي, ومنهم الكرد الفيلية, إلى الاضطهاد والسجن والتعذيب أو حتى الموت بشكل واسع. ولكن هذا لا يعني بأي حال بأن على الشيعة الانتقام لأنفسهم أو لقتلاهم. فالقضية ليست ثأرية, بل يفترض الوصول إلى الحقيقة, وليس من حق الضحية أن يتحول إلى جلاد, أو أن الذي تعرض للاضطهاد, عليه الآن أن يضطهد الآخرون لأنهم مارسوا التجاوز على حقوقه كإنسان, بل هو من واجب القضاء. التمييز الطائفي السياسي إزاء الشيعة والتمييز العنصري والشوفيني إزاء الكرد يفترض أن لا يتحول إلى تمييز من الشيعة إزاء السنة ومن الكرد إزاء العرب, بل يفترض أن نمارس حقوق المواطنة جميعاً دون استثناء.
لم أكتب عن البصرة الفيحاء لكي أسيئ إلى أهلها, أو لكي ألحق ضرراً بسمعتها, كما أن ما كتبته ليس من صنع الخيال أو اجتهاد ذاتي, بل هو من صنع الواقع المعاش في البصرة والجنوب يومياً. ليس في ما كتبته ما يمكن أن يكون اجتهاداً أو تفسيراً لحالة معينة التي يمكن أن نختلف بشأنها, بل كتبت عن حقائق قائمة تستند إلى وقائع فعلية موجودة على أرض الواقع, وهي تؤلمني وعندما كتبتها عانيت كثيراً لأني أعرف البصرة على غير الحالة التي هي فيها الآن. أسمح لنفسي بأن أتحدى من يدعي غير ذلك. ولهذا الغرض أطلب تشكيل لجنة تحقيق من مختلف الأحزاب السياسية العراقية داخل وخارج الجمعية الوطنية, إضافة إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني, أو لجنة دولية لتقوم سوية بزيارة البصرة وكل الجنوب, ثم لتبدأ بكتابة تقرير عما ستراه سائداً في البصرة من تجاوز شرس على حقوق الإنسان وحقوق المواطنة إزاء المسيحيين وإزاء الصابئة المندائيين وإزاء الجماعات الأخرى وإزاء باعة الخمور ومحلات بيع التسجيلات الغنائية وإزاء محلات الحلاقة للنساء زإزاء الكثير من الأمور الأخرى التي لم أتطرق إليها أيضاً. أتحدى أولئك الذين يحاولون تكذيبي وهم يعيشون على بعد ويتحالفون مع نفس القوى التي تضطهد المجتمع العراقي وتفرض فركها الاستبدادي وممارستها الدينية المتخلفة على الناس, كل الناس! إن من عاش في البصرة في هذه الأيام سيبكي عليها وعلى أهلها الذين ابتلوا بما لا يستحقونه, إن الناس يعيشون في جحيم لا يطاق!
لا أدري إن كان يعرف الأخوة الأفاضل الذين انتقدوا مقالتي أن موسيقيي البصرة مثلاً لا يجرأوون على عقد اجتماعاتهم بصورة علنية, بل هم مجبرون على عقدها بصورة سرية, وأملي أن لا تكون هذه الملاحظة سبباً في إلحاق الأذى بهم. قبل أيام قليلة نقل مدير مدرسة إعدادية الجمهورية بالناصرية إلى مدرس في مدرسة أخرى في المدينة لأنه من أتباع المذهب الصابئي المندائي, إنه المدرس المجرب والمحبوب طلابياً, إنه السيد عادل إبراهيم. وقد احتج اتحاد الطلبة على هذه الممارسة. فهل هذه الممارسة اعتيادية. في حينها عين الفريق الركن الراحل والشهيد عبد الكريم قاسم عبد الجبار عبد الله رئيساً لجامعة بغداد, فوجه له بعض النقد لأنه قد عين صابئياً مندائياً على رأس الجامعة, فأجاب منتقديه بوضوح الإنسان العاقل والمسؤول: أنا لم أعينه إماماً لجامع أو مسجد, بل عينته رئيساً لجامعة علمية في بغداد.
أنا لم أنتقد الوضع في البصرة لأن الناس هناك في أغلبهم من أتباع المذهب الشيعي, بل انتقدت الممارسات التي تقوم بها جماعات حزبية إسلامية سياسية شيعية. والفرق بين الاثنين كبير وواضح ولا يقبل اللبس أو الإبهام. لكل الذين يعتقدون بمناهضتي للمذهب الشيعي أقول لهم بأنهم مخطئون. فأنا رجل غير متدين, ولكني أحترم كل الأديان والمذاهب وأحترم أتباعها وأحترم طقوس وتقاليد وتراث جميع الأديان والشعائر الموقرة التي يمارسها الناس العقلاء ليمجدوا دينهم أم مذهبهم والأولياء الصالحين منهم.
وفي نفس الوقت أمارس النقد ضد كل ما أراه مضراً بالإنسان وحقوقه وحرياته العامة والخاصة أو بالحرية العامة وبتكوين الإنسان, ولكني لا أتدخل بشأن الإنسان ودينه أو مذهبه أو فكره, فهي قضية خاصة بالإنسان ذاته. ولكني أرفض التمييز بكل أنواه, سواء أكان عنصرياً, أمً قومياً أم دينياً أم مذهبياً أم فكرياً أم سياسياً أم إزاء المرأة وحقوقها المشروعة, أرفض التمييز الطائفي السياسي جملة وتفصيلاً وأدينه وأدين ممارسيه, لأنه غير مشروع ويلحق الأذى بالوطن والشعب في آن واحد.
أنا لا أنتقد الشيعة لأنهم شيعة, بل لأن ممارسات بعض الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية ترتكب أخطاء فادحة في العراق وتتسبب في مزيد من التوتر الطائفي السياسي, وتشاركها في ذلك قوى الإسلام السياسي السنية أيضاً.
لهذا أرجو من منتقدي مقالاتي أن يعودا إليها أولاً وإلى الوقائع على الأرض ثانياً.
19/10/2005
هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟ الحلقة الثانية والثالثة
2-3
كاظم حبيب
الحوار المتمدن - العدد: 1355 - 2005 / 10 / 22 - 10:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟
الحلقة الثانية: محاباة الكرد والتساهل مع أخطاء الأحزاب الكردية.
عندما يعجز المحاور إلى تنفيذ الحقائق, يلجأ إلى توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة إما بسبب عجزه أو بسبب عدم امتلاكه للوقائع أو بسبب عدم إطلاعه على كتابات الباحث ليعرف الحقائق قبل توجيه الاتهامات. ولكن البعض يعرف ويحرف, إذ يحلو له أن يعيد اسطوانة مشخوطة لا يكف عن تكرارها مفادها أني متحيز للكرد. ويبدو أن هذا البعض مصاب بالعمي في عين واحدة يرى الأمور بعين واحدة فقط, كما يقول المثل الأوروبي.
أكدت عشرات المرات بأن الكرد شعب وله قضية وأسانده انطلاقاً من هذا الموقف حيث تعرض للاضطهاد والقهر, كما في حالة العرب من أتباع المذهب الشيعي. ومن هذا المنطلق ساندت القضية الكردية وناضلت في صفوف ال?يشمر?ة الأنصار سنوات عدة وفي المناطق الجبلية من كردستان العراق. كما شجبت باستمرار ما تعرض له العرب الشيعة أو الكرد الفيلية من عذابات خلال العقود المنصرمة. وأنا أميز بوضوح بين مسألتين هما: بين احترام الشعب الكردي وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة وبين سياسات القوى والأحزاب السياسية الكردية التي يمكن أن أتفق وإياها أو أختلف وإياها ولكني أحترمها أيضاً وأحترم كل الأحزاب السياسية العراقية بغض النظر عن مدى اتفاقي أو اختلافي معها. ومن تسنى له أن يقرأ مقالاتي الخمسة التي كتبتها بعد عودتي من العراق حيث مكثت في كردستان فترة مناسبة ساعدتني على رؤية الوقائع على الأرض, فكانت ملاحظات نقدية شديدة ولكنها واقعية وملموسة نشرت في الصحافة الكردية قبل العربية وترجمت إلى الكردية أيضاً. وقد أشرت فيها بوضوح إلى النواقص الجديدة في التجربة والواقع الكردستاني, إذ أن الساكت عن الحق شيطان أخرس. لقد انتقدت الصراع بين الحزبين والتداخل بين السلطة في المنطقتين والحزبين لصالح الحزبين على حساب السلطة السياسية وانتقدت الفساد الوظيفي, الإداري والمالي, وعن المحسوبية والمنسوبية على مستوى التوظيف للحزبيين وأبناء العشائر المعروفة, وأشرت إلى الاستخدام غير العقلاني للموارد المالية والفقر والبطالة وسوء توزيع واستخدام الثروة الوطنية والتفريط بالمال العام وأشرت إلى خطأ وخطورة استمرار الانفصال بين الإدارتين في أربيل والسليمانية ....الخ. إن هذا الموقف النقدي الواضح لا يخل بتأييدي لحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه أو حقه في الفيدرالية ...الخ, بل يؤكدها أولاً, ولا يخل بالإشادة بالمنجزات النسبية الجيدة التي تحققت للشعب الكردي في كردستان العراق ثانياً. لو عاد البعض الذي انتقدني واتهمني بمحاباتي للكرد على حساب العرب, لأدرك خطأ هذا الاتهام, إلى كتاباتي قبل سقوط النظام الدكتاتوري لوجد تأييدي حينذاك للقضية الكردية وأنها ليست مسألة جديدة, وفي حينها انتقدت الأحزاب الكردية أيضاً على صراعاتها الدموية خلال الفترة 1995 بشكل خاص ودافعت عن الإنسان وحقوقه. ويمكن أن يقرأ الراغب ذلك في كتابي ساعة الحقيقة (1995) والمأساة والمهزلة في عراق اليوم (2000).
انتقدت الأحزاب الكردية عندما لم تحقق التعاون بين القوى الديمقراطية على مستوى العراق وأدعوها الآن للمشاركة في التحالفات الديمقراطية التي يمكن أن تقوم بالعراق حالياً للتصدي لتلك القوى التي تريد فرض الدولة الدينية على المجتمع العراقي أو تريد إقامة فيدرالية طائفية سياسية شيعية في مقابل فيدرالية طائفية سياسية سنية.
في الوقت الذي أدنت الممارسات العنصرية والشوفينية العربية, أدنت أيضاً ضيق الأفق القومي الذي نشأ في صفوف بعض القوى الكردية, وعندما حصلت خروقات ضد العرب في كركوك, انتقدتها بشدة, ووجهت رسالة إلى السيد مسعود البارزاني, رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني, وقبل أن يصبح رئيساً لإقليم كردستان العراق, رجوته فيها أن يلعب دوره في وقف ذلك. ولكني كنت قبل ذاك وبسنوات قد شجبت الممارسات العنصرية والتعريب والتهجير القسري والقتل الذي تعرض له أبناء كركوك الكرد والتركمان. هكذا يفترض أن تكون مواقفنا نحن العرب, إن شئنا أن نكون أحراراً وديمقراطيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق القوميات.
20/10/2005
هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟
الحلقة الثالثة: هل في مواقفي عداء لإيران أم لسياساتها في العراق؟
3-3
من المؤسف حقاً أن يخلط البعض في مقالاته بين الموقف من دولة وشعب وبين السياسات التي تمارسها تلك الدولة أو الحكومة المعنية في هذا البدل أو ذاك, فالفارق كبير جداً ولا يجوز الخلط بينهما. فإيران دولة جارة للعراق لا يمكن الهروب من الجار بأي حال, ولكن يمكن ترتيب العلاقات بينهما وفق أسس اعتمدتها الشعوب والدول في علاقاتها الدولية. وهي أسس تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة الوطنية. أي على الجيران في العراق وإيران أن يمارسوا سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين عليهم احترام إرادة المجتمع. وهو الذي يفترض أن يحصل بين العراق وإيران, وهو المفقود حالياً, بل أن ما يحصل هو التدخل الفظ وغير المشروع والمخالف لقوانين ومبادئ العلاقات بين الدول من جانب إيران في شؤون العراق الداخلية الذي يمكن أن يدفع دولاً أخرى عربية مجاورة بالتدخل في شؤون العراق أيضاً. وهو الذي نرفضه أيضاً.
أنا, كفرد, أرفض الدولة الدينية في إيران وأرفض السياسات التي تمارسها, ولكن هذا لا يدعوني إلى العمل ضد هذه الدولة الجارة أو التدخل في شؤونها, ولكن من حقي الكامل أن أشجب تدخلها في شؤون العراق وأناضل في سبيل إيقافه بالسبل القانونية والديمقراطية الممكنة.
إن ما يحصل الآن هو الآتي: تمارس إيران سياسة تدخل مباشر شرس وفظ ومستمر في شؤون العراق, سواء أقر وجوده السيد رئيس الوزراء العراقي المؤقت, الدكتور إبراهيم الجعفري, أم رفضه, إذ أن هذا لا يغير من الوقائع القائمة على الأرض والتي يعيشها البصريون والجنوبيون بشكل يومي.
نحن نعرف منذ مجيء الراحل السيد روح الله الخميني إلى السلطة في إيران, أن هذه الدولة مؤمنة بثلاث مسائل ستقود نظامها إلى حتفه إن سارت على تلك السياسة التي رسمها الله المرشد الأعلى الأول والتي يسير عليها الآن المرشد الأعلى الثاني السيد علي الخامنئي, وهي:
1. تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول المجاورة بصورة مباشرة أم غير مباشرة, حتى بعد غياب الراحل السيد الخميني. والعراق يحتل بالنسبة لإيران الموقع الأول الذي تريد الهيمنة السياسية عليه وفرض (ولاية الفقه) عليه.
2. فرض واقع جديد في جنوب العراق يستند إلى فيدرالية شيعية تخضع بالكامل لإرادة إيران تحت حجة دعم القوى الشيعية في العراق في مواجهة دعم العرب للسنة العرب في صراعهم مع الشيعة!
3. السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
إن الحاكم الفعلي في البصرة ليست قوى الإسلام السياسي العراقية وليس محافظ البصرة, الذي ينام ليلاً في إيران ويحكم نهاراً في البصرة, هي القوى الإيرانية حقاً, وليس هذا مجرد ادعاء مني بل هو الحقيقة القائمة على أرض الواقع. وعلينا تقع مسؤولية التخلص من هذا الواقع المزري, إذ أنها ستكون سبباً لتدخل دول أخرى في الصراع, عدا معارضتها للقوانين الدولية.
تقع على عاتق كل العراقيين الخلاص من الصراع التاريخي بين الصفويين والعثمانيين في العراق, إذ يحاول العرب السنة في الدول العربية الأخرى أن يلعبوا دور الدولة العثمانية في الصراع ضد إيران على أرض العراق. لقد كان العراقيون هم الضحية في كل تلك الصراعات القديمة, وسيكونون الضحية الأولى أيضاً إن تفاقم الوضع في العراق بسبب التدخل الإيراني العربي.
إننا بحاجة على مشاركة الجامعة العربية في العراق لا لخلق التعادل مع التدخل الإيراني, بل لوضع حدٍ لأي تدخل في شؤون العراق الداخلية من أي كان, ولأن العراق عضو في الجامعة العربية ولم تشارك في منع الدول العربية في التدخل في شؤون العراق, وستكون الطامة كبيرة لا على العراق وحده بل على سوريا أيضاً, التي إن سقط النظام فيها فسيكون في أيدي قوى الإسلام السياسي المتطرفة.
إن العراقيين كلهم يريدون صداقة الشعب الإيراني, ويريدون التعامل على أساس التكافؤ وعدم التدخل, ويريدون تعزيز علاقات التعاون والجيرة والزيارات المتبادلة, خاصة وأن في العراق وفي إيران توجد مزارات الأولياء الصالحين الذين يسعى الزوار إلى التبرك فيها, وينبغي أن تكون مفتوحة لهم, ولكن دون السماح بعبور الأسلحة والمخدرات والإرهابيين من إيران على العراق ومنها إلى مناطق أخرى أيضاً.
أملي أن يفكر السيد وزير الداخلية الذي فقد أعصابه واحتشامه بسبب تصريحات وزير الخارجية السعودي. فمن يسمح بتدخل دولة معينة في شؤون العراق ينبغي له أن يعرف بأن دولاً أخرى ستتدخل في شؤون العراق أيضاً, شئنا ذلك أم أبينا, وعلينا أن نرفض جميع أشكال التدخل ومن جميع الدول ونضع حداً للإرهاب لكي ينتهي أيضاً معه وجود قوات أجنبية محتلة في العراق.
21/10/2005
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟