أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - بهيجة حسين..وذاكرة الأمكنة














المزيد.....

بهيجة حسين..وذاكرة الأمكنة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 01:08
المحور: الادب والفن
    


لقاء لم يكن على البال مع احد اعمال المبدعة بهيجة حسين دفعنى بشدة الى الغوص فى أعماق هذا العمل وهى رواية "البيت" الصادرة عن دار الثقافة الجديدة بالقاهرة 1999 وتعتبر من حيث الحجم رواية قصيرة (إذا جاز التعبير) فهى تحتوى على حوالى 100 صفحة من القطع الصغير، ولكن بعد ان اتممت قراءتها شعرت انها كان من الممكن أن تتحول لعمل ملحمى ضخم يحكى تفاصيل العلاقات الإنسانية فى القرية المصرية على غرار روايات ماركيز، وتحكى القصة مأساة بطلها طبيب أرمنى "الدكتور روبين" الذى هرب من المذبحة التى جرت لشعبه بواسطة الجيش العثمانى الى عمق الريف المصرى ليهب سنوات عمره فى علاج الفلاحين الفقراء حيث امتزج بكل كينونته فى التفاصيل الدقيقة لحياة الفلاحين التعسة فى مرحلة ما بين الحربين العالميتين حيث الفقر المدقع والأوبئة والجهل والأفكار الغيبية والقهر الواقع عليهم.
تأخذك الكاتبة سريعا الى عالمها الخاص حيث تبرز موهبتها الحقيقية كحكاءة قادرة على رصد التفاصيل اليومية البسيطة مستخدمة لغة جديدة فى العمل القصصى تبحر بك الى غور الحياة الريفية فتشعر انك امام شخوص حقيقية حية هى تجميع لذكريات الطفولة وما استطاعت الكاتبة الإحتفاظ بها فى اللاوعى حتى قررت البوح بما ترسب فى ذاكرتها من أحداث الطفولة مع مخزون عميق لحواديت الجّدات التى لونت بها عملها وأكسبته عمقا ومصداقية لا نجدها الا لدى القليلين الذين غاصوا فى أعماق الريف وأذكر منهم محمد روميش فى رائعته "الليل الرحم" وعبد الحكيم قاسم فى "أيام الإنسان السبعة"، ولكن يبقى لكاتبتنا حرصها على الدقائق الصغيرة للعلاقات الإنسانية التى ميزت هذا العمل.
فى الرواية أكثر من خيط للصراع قد يكون أبرزها ذلك الصراع بين الأترك العثمانيين فى امبراطورية الرجل المريض ورعاياها من الأرمن وأيضا بين بقايا الأتراك فى مصر والفلاحين من جهة أخرى، ورغم جذورها التركية القريبة من العرق التركى " ورد هانم وحلمى" ولكن انحيازها كان واضحا ضد العنصر العثمانى ولم تخف كرهها وعداءها لهم، كما ان هناك خيوط صراع عديدة من بينها ذلك الصراع بين المجتمع الذكورى القروى والمرأة المستلبة المستكينة، حقا كان هناك رجال عديدين يحملون فى قلوبهم طيبة طاغية ولكن هذا لا يمنع الطابع الأبوى والبطريركى عنهم، انهم النسخة المصرية الريفية من العلاقة بين الرجل والمرأة.
لقد اذهلتنى بهيجة باستخدامها لغة شديدة الرقة والعذوبة، وبقدرتها الغير عادية على الإمساك بالتفاصيل وكأنها تحدق فى عيون ابطالها، وبوصفها الدقيق للأشياء والأماكن عن عشق حقيقى، وكأنها تأخذك من يدك وتدخل بك الى هذه الأمكنة، من عيادة الدكتور روبين الى بيت الحاج عبدالرؤوف وبيت فهمى وبقية البيوت وحتى وصفها بالغ الدقة لوباء الكوليرا او الموت الأصفر وكأنها عانت منه وما زالت تتذكر كل التفاصيل الصغيرة.
تبقى بعض الملاحظات العامة على الرواية الخصها فيما يلى:
- عاب العمل التنقل السريع بين الشخصيات مصاحبا للتنقل بين ضمائر المتكلم مما يؤدى الى تشتيت القارئ وافلات شخصيات الرواية منه.
- التكثيف الشديد فى رسم شخوصها بدون اعطاء مساحة مناسبة من البناء الدرامى للشخصيات وتعويد القارئ عليها مما يحولهاا كأشباح خاطفة وشخصيات مبتسرة ويؤدى الى ارباك شديد للمتلقى.
- تحميل الرواية رؤى سياسية مباشرة والافاضة فى وصف تسجيلى للمذابح ضد الأرمن يمكن ان يتحمله عمل اكثر ضخامة او شكل اخر للابداع.
- اسقاط الحاضر على الماضى، فوصف الدكتور روبين بأنه كافر ( رغم صدور ذلك من تركى) وقوله" ابعد يا كافر من هنا..الهانم مش حتنكشف على كافر"، فإن ذلك يظل مستغربا فى ريف مصر فى تلك الفترة الزمنية.
على ان ذلك لا يقلل اطلاقا من قدرة الكاتبة ولا ابداعها لعمل ممتع ومشوق يلبى جميع اساسيات العمل الروائى مع نظرة فلسفية عميقة لقضية الموت والحياة، وكيف ان الموت حدث ضرورى لتجديد الحياة، وهى تكتب ببساطة وتلقائية كأنما تتحدث مع نفسها، وأظن من واقع تلك الرواية انها ما زالت تمتلك مخزونا عميقا من الذكريات التى يمكن ان تبوح بها وتفتح لنا دواليبها لتمتعنا ولكن عليها ان تغزل الثوب على مهال حتى تكتمل روعة الدانتيلا الجميلة التى تزين اطرافه.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلجنة المجتمع المصرى
- nknown
- القضية الوطنية والمسألة الفلسطينية فى الثورات العربية
- لائحة طلابية جامعية.. فى زمن الثورة
- يسار مغامر. أم مراهقة ثورية
- الإخوان المسلمون...إختلافات ورؤى 2- إخوان السودان و الدكتور ...
- الإخوان المسلمون .. إختلافات ورؤى 1-حركة النهضة التونسية
- كلام فى الثورة
- الشيوعية والأخلاق
- رثاء الرفيق الراحل ( رفيق عبد الستار الشناوى ).
- عن الثورة والحزب
- الإخوان والعنف...مؤامرة 1965
- هذه الثورة ..طبيعتها وآفاقها
- الحسن والحسين... ذكر نصف الحقيقة
- واحد من الشهداء
- الإخوان والعنف .... حادث المنشية 1954 نموذجا
- حزب الإخوان...مخرج أم مأزق؟
- حقيقة الجهاد الأفغانى....تصحيح المفاهيم
- حادثة السقيفة...والصراع على السلطة
- المصالحة بين فتح وحماس.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة


المزيد.....




- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - بهيجة حسين..وذاكرة الأمكنة