بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 20:47
المحور:
الادب والفن
لفدريكو فليني: مرة أخرى عن ذكريات فلينيAmarcord
هي خليط من جملتين(أنا أحب وأنا أتذكر) وعندما لا يعطينا فليني أي إشارة عن اسم المدينة التي تدور (Amarcordكلمة (
البلدة التي نشأ فيها فليني كما هو معروف.(Riminiفيه الأحداث،فهي عند ذلك لا بد أن تكون (
الحديث يدور هنا عن احداث يومية عادية تحدث في المدينة ولكن الشخصيات تبدو قريبة جدا من (الخبل) فبداية الفيلم مع مهرجان ونظرة الرجال إلى النساء وذكريات الصبا والدراسة ومن ضمنها مقالب الصبية وعن حياة العمال على الشاطىء،وكل ذلك يحدث بطريقة إيطالية كوميدية مألوفة عند فليني.
الفيلم هو على نمط السيرة الذاتية المغرم بها فليني،ولكنها سيرة ذاتية تختلف عن 8.5 اختلافا تاما فهي تعتمد على الاسترجاع ونظرة فليني الخاصة إلى الماضي وكيفية تفسيره للوقائع والأحداث وتغيب الدراما وحتى الميلودراما عن هذا الفيلم وتغيب أيضا عنه الشخصية المركزية ويمكن اعتبار كل الشخصيات عبارة عن فليني نفسه لشدة علاقتها به وتشتتها داخل مخيلته وربما
أحد الشخصيات التي من الممكن أن تكون أحد الشخصيت الأكثر حضورا وظهورا (Magie Noel- Grandiscaكانت (
داخل الفيلم ولكن وفي نفس الوقت لا يمكن اعتبارها شخصية مركزية أبدا فهي تعمل في أحد البوتيكيهات وتتجول بشهوانية في شوارع هذه المدينة وتبدو كالمنومة مغناطيسيا وتحلم بعلاقة مستمرة مع أي رجل،وحتى الصبي الذي أشار فيه فليني إلى نفسه وعائلته لا يبدو دائما كشخصية مركزية للفيلم...
الفيلم هو عن معطيات في هذه المدينة وأحد هذه المعطيات هو فليني نفسه وهناك أيضا المهرجانات والحياة العائلية والشهوة الجنسية والفاشية ةالشخصيات التي تحيط بكل ذلك...هناك الرجل المتأنق يجر دراجة يعلق على الأحداث ويتحدث عن تاريخ (Grandiscaإيطاليا من خلال ما يراه أمامه رابطا بين الماضي والحاضر،وهو يروي أحيانا القصص مثل قصة تسمية(
بهذا الاسم علما بأن اسمها الحقيقي (نينولا) وقصص أيضا أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة.
فليني يبدو سعيدا ولا يحمل للماضي أي ضغينة (بكل ما تعنيه كلمة ضغينة من معنى) وحتى المشاكل العائلية تبدو كوميدية زهو يبرز أيضا علاقته مع رجال الدين الذين لا يفهمونه خاصة في موضوع العادة السرية.
وحتى في الحديث عن المحنة (صعود الفاشية في الحرب العالمية الثانية) فهو يضع اعتبارا كبيرا لذكرياته وحتى عندما يعتقل الفاشيون والده،فهو يبرز العنصر البشع للفاشية من خلال رواية قصة في الذاكرة...
هناك قصة لاتنسى في الفيلم عن العم تيو الذي يبدو مجنونا ومحتجزا في مستشفى...حيث يصعد العم تيو أعلى شجرة ويصرخ
(إني أريد امرأة).
يتصف بالتماسك خلافا لأافلام فليني الأخيرة على شاكلة(جولييت والأرواح) و(مدينة النساء)Amarcordفيلم
والمواقف في الفيلم إن كانت تخضع لنفس الفترة (فترة الصبا) ولكن لا يشترط بذلك التتابع أو الدورية،والقصة كما قلنا عنها سلسة وبسيطة وسعهلى على الفهم وكل ما هو غير مفهوم في الفيلم يتعلق بفليني وماذا يعني له هذا الشيء في الماضي.
إن فليني يرفض فكرة الجهل التي تحدث عنها ذات مرة الأديب التشيكي ميلان كونديرا ...لا يريد أن يعيش في الجهل ويريد أن يقدس الماضي ليعرف السبب الذي صنع منه فليني...
حصل الفيلم على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 1974 ويبدو هذا الفيلم هو أفضل فيلم صنعه فليني متأخرا أي بعد انجازه التحف التي لا يمكن أن تنسى 8.5 والحياة حلوة.
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟