أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل حبه - تصريحات وقحة تحتاج الى ادانة وطنية وليس الى ردود فعل طائفية















المزيد.....


تصريحات وقحة تحتاج الى ادانة وطنية وليس الى ردود فعل طائفية


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 3615 - 2012 / 1 / 22 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يخطأ من يظن أن المعايير الطائفية والمذهبية هي التي توفر الاستقرار والديمقراطية في العراق. فالعقود الماضية التي حكم بها العراق على هذه الأسس والمعايير لم تجلب سوى التشرذم والركود والخراب. فهذه المعايير والمقاسات المدمرة لم تقدم العراق خطوة إلى الأمام في ميدان توفير الحدود المعقولة من الاستقرار والتقدم وبناء الدولة العصرية، هذا لو استثنينا فترة قصيرة تلت ثورة تموز عام 1958، التي تم خلالها وضع هذه المعايير على الرف، ولكن سرعان ما تم العودة إليها بعد أن اجهضت الثورة ومكاسبها من قبل غلاة أقطاب المعايير الطائفية والمذهبية بالتعاون مع الأجنبي ليفقد العراق وشعبه فرصة ذهبية كادت ترسي البلاد على سكة الاستقرار والتقدم والديمقراطية.
ويبدو أن الغالبية من النخب السياسية التي تصدّرت الأحداث بعد الاطاحة بالطغيان التي تتبارى في إدانة الطائفية لفظياً، إلاّ أنها لم تتخلص من هذا الداء اللعين، ولم تعالج هذه الظاهرة الخطيرة، داء الطائفية، كما أنها لم تتعلم من دروس الماضي، حيث بقي هذا المعيار المقاس المفضل للسياسيين العراقيين، بل وحتى للناخب العراقي وللأسف الذي وقع ضحية هذا الداء. ومما يزيد الأمر خطورة هو تسرب هذا المقاس وهذا المعيار المريب حتى إلى أوساط من الشريحة المثقفة العراقية التي يفترض فيها أن تقوم بمهمة التنوير ورفع الوعي الحضاري لعامة الناس. فقد تطوع بعض المثقفين بتدوين المقالات بألوان طائفية عند تحليلهم للأحداث، مما زاد من تفاقم الوضع في البلاد وزاد الأمر سوءاً.
ولو استعرضنا الأحداث الدموية العاصفة التي مرت على العراق بعد الإطاحة بالطغيان وردود فعل غالبية النخب السياسية التي غزت الشارع العراقي لوجدنا بصمات هذا الخيار الطائفي والمذهبي واضحة في مواقفها وردود فعلها أزاء كل ما حدث خلال هذه الفترة. فإذا ما توصلت الأجهزة الأمنية إلى أية دلائل عن وجود تدخل إيراني في الشؤون الداخلية العراقية، فسنجد الإدانة جاهزة وقوية ومدوية من قبل مكون طائفي معين، في ظل سكوت وحتى تعتيم أو نفي من قمة هرم المسؤولية لهذا التدخل، ناهيك عن لجوء مسؤولين عراقيين من المكون الطائفي إلى لثم يد علي خامنئي أو كتفه وبشكل لا يليق بمن يمثل العراق. وهكذا أصيب المواطن العراقي بالذهول جراء هذه المشاهد التمثيلية الطائفية طوال الأحداث الدموية التي جرت وتجري إلى الآن على الساحة العراقية. ومن جهة أخرى لاحظ ويلاحظ المواطن العراقي المنكوب أنه عند أول إشارة عن وجود دلائل واتهام لتدخل سعودي أو تركي أو قطري وغيرهم في الشأن العراقي، فإنه يجد الطرف والمكون الطائفي المنافس جاهزاً لإطلاق صيحات الويل والثبور والدعوة للانتقام، في حين يبادر الطرف والمكون الطائفي الآخر والمشارك في ما يسمى بـ"حكومة الوحدة الوطنية" بحماس السفر إلى عواصم هذه البلدان لتقديم الولاء ولينفي هذه الاتهامات ويبارك نفاقاً مواقف هذه الدول أزاء العراق لقاء الهبات والأوسمة التي يتسلمها هذا السياسي أو ذاك من الرسميين في تلك الدول.
ويمكن تدوين مجلدات ضخمة عن هذا الموقف والمعيار الطائفي ليشمل أخطر واجهة من واجهات الدولة العراقية وهو القضاء. وكان أحدثها وأخطرها هو ما أحاط بالاتهام الذي وجهته الأجهزة القضائية ضد طارق الهاشمي حول علاقته بمنظمات إرهابية بناء على اعترافات من قبل أفراد حمايته. فالقائمة العراقية سارعت إلى إطلاق تصريحات وتهديدات من قبل أعضائها ونفت دون أن يطلع أقطابها على جزئيات الاتهام، ليتطور الأمر إلى تجميد نشاطهم في المواقع التي انتخبوا لها من قبل ناخبيهم. أما الطرف الآخر الطائفي فقد تجاوز على الأطر الدستورية عند عرضه لهذا الاتهام من ناحية، ومن ناحية أخرى أبقى على العديد من اضبارات الاتهام محفوظة في ادراج القضاء لاعتبارات طائفية أو سياسية وبشكل مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات. ويطال هذا النهج الطائفي حتى أزاء من اعتقل من حملة جنسيات عربية. فإن اعتقال أي إرهابي تونسي أو ليبي أو سعودي وبحق من قبل الجهات الأمنية يتم ابرازه وتقديمه للمحاكمة من طرف طائفي، والتشكيك بهذه التهم من طرف في "حكومة وحدتنا الوطنية"، في حين يتم السكوت على أجانب من أتباع مكون طائفي آخر. وكمثال على ذلك عندما ألقت القوات البريطانية القبض على مواطن لبناني ينتمي إلى حزب الله في آذار عام 2007 هو علي موسى دقدوق المتهم بقتل سبعة جنود في كربلاء.
إن هذا النهج الذي يفتقر إلى أبسط المعايير الوطنية لم يؤدي في النتيجة إلاّ إلى المزيد من إيغال هذه الأطراف الإقليمية في التدخل في شؤون العراق وتخريب العملية السياسية من جهة، ومن جهة أخرى المزيد من ارتهان القوى الطائفية العراقية بكل تلاوينها للعامل الإقليمي الخارجي الطائفي والمذهبي. ولم يلق المواطن العراقي من هذا النهج سوى المزيد من القتل والدمار ونزيف الدم العراقي . إن أضرار هذا النهج بدت واضحة في آخر تصريح لأحد منظمي عمليات العنف وهو الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني. فقد أعلن هذا المتواطىء ضد العراق وبلدان أخرى في خطاب له في ندوة "الشباب والوعي الإسلامي" في طهران إن:"إيران حاضرة في العراق والجنوب اللبناني، وإن هاتين المنطقتين تخضعان بشكل أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها... ويمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية هناك بهدف مكافحة الاستكبار... "!؟؟.
في هذه التصريحات الوقحة والاستفزازية ينافس سليماني وقاحة غلاة أقطاب التسلط الاستعماري في العهود الاستعمارية الماضية، بل ويتجاوزهم. فهذه التصريحات تأكيد واضح وإصرار على التدخل الإيراني في الشأن العراقي، و ما أحدثه هذا التدخل الإيراني، إلى جانب تدخل أطراف إقليمية أخرى ، من دمار في بلدان المنطقة وما جلبته من بؤس وعدم استقرار لشعوبها. ولكن دعونا نرى ردود فعل أقطاب الطوائف في العراق على هذه التصريحات. إن البعض كان خجولاً ودبلوماسياً في إدانة هذا التدخل الفظ، أما الطرف الطائفي الآخر الذي التزم الصمت أزاء تدخلات تركية مماثلة في شؤون العراق، فقد راح يطلق تصريحات عنجهية لا تغني ولا تسمن. في حين التزم الصمت أزاء هذه التصريحات الفظة الطرف الطائفي الذي يتغازل مع سليماني وأربابه. وعلى هذا المنوال التزمت الحكومة ووزارة الخارجية العراقية الصمت على هذه التصريحات، على خلاف ما أثارته تصريحات أردوغان التركي الفظة حول الشأن العراقي الداخلي من إدانة من قبل الحكومة العراقية ووزارة الخارجية.
إن المواطن البسيط لمس ويلمس الآن لمس اليد، خاصة في المناطق الجنوبية من العراق، أنماط من التدخل الإيراني سواء تهريب السلاح والمخدرات و النشاطات التي تقوم بها التيارات المأجورة لإيران والتي لا تتردد في رفع صور الخامنئي ورموز دينية إيرانية بدون حق. ومما لا شك فيه أن لدى الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية العراقية أكداس من المعلومات حول النشاط الإيراني المعادي في العراق الذي يشمل تمويل شبكات إرهابية وأحزاب لا يمكنها أن تنشط بدون دعم مالي ومعنوي وبالسلاح من قبل سليماني وأربابه. إن التحذيرات من هذا النشاط الضار قد تم طرح تفاصيله مراراً من قبل الطرف الأمريكي الذي سلّم إلى الطرف العراقي من قبل الجنرال ديفيد بترايوس المعلومات خلال المواجهات بين القوات الحكومية وبين الميليشيات التابعة لإيران في البصرة معلومات ثمينة حول نشاط العسكريين الإيرانيين، وخاصة تلك الرسالة التي أرسلها قاسم سليماني إلى الجنرال الأمريكي عبر أحد الشخصيات العراقية في عام 2008 وأشير إليها في مقالة في جريدة الغارديان البريطانية والتي جاء فيها:" الجنرال بترايوس، عليك أن تعلم أنه أنا، قاسم سليماني، من يدير السياسة الإيرانية تجاه العراق ولبنان وغزة وأفغانستان. في الواقع، السفير في بغداد عضو في فيلق القدس. والشخص الذي سيحل محله من فيلق القدس أيضا". لقد تحول سليماني إلى أسطورة التدخل في العراق بحيث أن موفق الربيعي مستشار الأمن القومي السابق قال عنه :" إنه أقوى رجل في العراق من دون منازع. لا شيء ينجز من دونه». ويشير المدير العام لقسم الاستخبارات بوزارة الداخلية العراقية، حسين كمال إلى أنه:«من الواضح أن فيلق القدس مسؤول عن هذه التدخلات. فقد كان هناك تدفق منظم للأسلحة إلى داخل العراق خلال السنوات الثماني الماضية، لكن عندما تتدفق الأسلحة من الحدود إلى داخل دولة ذات سيادة، يصبح واضحا أين يقع اللوم. إنها أسلحة مدمرة ولا يمكنهم نفي مسؤوليتهم عنها».
إن الخيار الطائفي هو مرض اجتماعي خطير يهدد وحدة البلاد وبناء دولة القانون الحديثة. وإن إصرار الكتل السياسية الطائفية على الاستمرار في هذا الخيار، وتكرار خضوع الناخب العراقي لهذا الخيار خلال كل الانتخابات الماضية دون أن يلتفت إلى آثاره الخطيرة من شأنه أن يضع مصير البلاد على كف عفريت، ويقوده إلى مصير مجهول. فهل سيستمر الناخب العراقي بتلقي المزيد من اللدغات من جحر الطائفية أم سيستيقظ من هذا السبات الطائفي، ويزيح من يعزف على أوتار الطائفية المتخلفة، ويلجأ إلى اختيار من يتمسك بالهوية الوطنية العراقية ويجمع صفوف العراقيين في مسيرة واحدة لإعمار هذا البلد المنكوب؟
21/1/2012



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وموقف النخب السياسية
- العراق بحاجة الى نهج علمي وكفاءات وخبرات استثنائية للخروج من ...
- ماذا وراء الهجوم على السفارة البريطانية في طهران
- مشكلة النساء والمثقفون في متغيرات العقود الاخيرة 4-4
- -مشكلة المرأة- والمثقفون في متغيرات العقود الأخيرة (3 – 4)
- -مشكلة المرأة- والمثقفون في متغيرات العقود الأخيرة 2-4
- مشكلة المرأة والمثقفون في متغيرات العقود الأخيرة
- بيان تضامني من ابناء الشعب العربي الأهوازي مع الشعب السوري
- الاقتصاد الريعي ومعضلة الديمقراطية
- الربيع العربي وتنامي دور المرأة السياسي والاجتماعي والعلمي
- سوسيولوجية الربيع العربي
- معزوفة العشائرية من جديد
- مأزق سياسي وإنساني للإدارة الأمريكية حيال إقامة الدولة الفلس ...
- مجلس السياسات العليا انتهاك آخر في الدستور العراقي
- الاضطرابات في الدول العربية وسقوط القذلفي
- خطوة أولى على طريق التخلي عن الطائفية السياسية وأدلجة السياس ...
- مظهر من الانحطاط والهمجية والعداء للثقافة والافلاس السياسي
- الانهيار الأخلاقي لنظرية ولاية الفقيه السياسية*
- نظرة الحكم تجاه الطبقة المتوسطة في المدينة
- من جمهورية الخوف الفاشلة إلى جمهورية الفوضى الفاشلة


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل حبه - تصريحات وقحة تحتاج الى ادانة وطنية وليس الى ردود فعل طائفية