افتضاح الوهم الأمريكي / 2

خليل صارم

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 20:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

المتابع للسياسة الأمريكية يكتشف كم أن عقلية ذلك المقامر " لاعب البوكر " هي المسيطرة والمتحكمة في العقل السياسي الأمريكي ذلك اللاعب الذي يلجأ إلى كافة أساليب الغش والاحتيال وإخفاء الأوراق في كمه لاستخدامها عند الضرورة وفي حال انكشف غشه وخداعه يلجأ إلى استخدام السلاح وقتل منافسيه ثم التباهي أمام العالم ببطولاته كما كنا نراه في أفلام الغرب الأمريكي .
فبعد أن ظهرت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية بشكل ملاك رحمة من خلال "مشروع مارشال" في أوربا ليتبين أن هذا المشروع قد تم على حساب الأوربيين أنفسهم عبر أكبر عملية احتيالية استغلت فيها الحرب العالمية الثانية .
فمن المعروف أن الولايات المتحدة لم تدخل تلك الحرب في البداية " تماما ً كما فعلت في الحرب العالمية الأولى "رغم توسلات الأوربيين الذين اجتاحتهم جحافل النازي لكنها ومع تفاقم الخراب والضحايا من كافة الأطراف ثم اجتياح الاتحاد السوفياتي والوصول إلى أسوار موسكو ثم التوقف أمام ستالينغراد " سان بطرسبرغ " الحالية شمرت الولايات المتحدة عن ساعديها ودخلت الحرب وهي ترى بأم العين حالة الإنهاك التي أصابت الجميع بما فيهم النازي ومن ثم استغلت ضربة " بيرل هابور " التي وجهتها اليابان لأسطولها في المحيط الهادي ولا يدري أحد أسرار تلك العملية والتي دفعت باليابان للقيام بها .
فعلى الرغم من أن الاتحاد السوفياتي قد تحول إلى حليف للحلفاء بحكم الأمر الواقع وفرض الحرب عليه فإن الولايات المتحدة رفضت مساعدته وإمداده بالذخائر والأسلحة إلا بعد أن ابتزته وحصلت على شحنات هائلة من الذهب السوفياتي وهذا أمر موثق ومعروف لمن اطلعوا على ماكتب عن تلك الحرب من مصادرها الحقيقية .
وعلى الرغم من أن النصر في تلك الحرب على الجحافل النازية وهزيمتها لايمكن أن تنسب إلا إلى الشعب السوفياتي الذي قدم مايزيد عن خمسة وعشرون مليون ضحية وأنه لولا صمود خط ستالينغراد والتضحيات الهائلة والنادرة على بقية الجبهات لما اندحر المحور مع ذلك فقد قرصنت الولايات المتحدة على النصر ودخلت قواتها والقوات البريطانية في سباق مع الجيش السوفياتي الذي كان يقاتل وجها ً لوجه في كل خطوة للوصول إلى برلين بينما كانت أمريكا وبريطانيا ترسل قاذفاتها لتدمير كل شيء من مدن وقرى ألمانية منهكة على رؤوس سكانها المدنيين وبطريقة إجرامية لايمكن أن يصدقها عقل .
من الواضح أن عملية بيرل هاربور مهدت لقصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية بعد أن عجز الجيش الأمريكي عن تحقيق أي نصر حاسم على الجيش الياباني الذي كان يسيطر على جنوب شرق آسيا فكانت مجزرتي هيروشيما وناغازاكي عملية إرهاب ليس لليابان فحسب بل للعالم كله .
هذه الجريمة التي أثارت الرأي العام العالمي حتى في داخل الولايات المتحدة والواقع أن مامنعها عن تكرار هذا الأمر هو امتلاك الاتحاد السوفياتي لأسرار القنبلة الذرية وإجراء أول تجربة ناجحة في نهاية الأربعينات ومطلع الخمسينات وإلا لكررتها في معارك كوريا التي لم تحقق فيها الولايات المتحدة أهدافها في أن تقبع على جانبي الاتحاد السوفياتي والصين حيث يمكنها خلق بؤر توتر دائمة .
باختصار فإن ماتفعله الآن في منطقتنا لايتجاوز اسلوبها اللاأخلاقي العنصري في التعامل مع شعوب العالم فهي قد أوجدت قوى بديلة لجيشها تتولى المهام القذرة نيابة عنها وتتحمل وزرها مؤملة إياها بالسيطرة على المنطقة ولو أن تلك القوى تملك القليل من العقل لتنبهت إلى أن دورها مرحلي ريثما تستعيد الولايات المتحدة شيئا ً من الهيبة المفقودة ونسبة من الاستقرار الاقتصادي ثم تلقي بها بعيداً لتعود وتضع يدها على المنطقة بشكل مباشر ذلك أن هذه القوى التي تدعمها مرفوضة أخلاقيا ً وسياسيا ً واجتماعيا ً من شعوب المنطقة كونها تمثل قعر الانحطاط وستكون هي بحد ذاتها المبرر للعودة العسكرية المباشرة للاستعمار بشكله القديم وبرداء من الحداثة الخادعة بعد أن تكفر هذه الشعوب بكل شيء" لتستجدي بعدها الدبس من قفا النمس".
إن ماحدث في ليبيا هو نموذج مصغر عما هو معد للمنطقة فقد وصل أشد المتخلفين تخلفا ً على أجنحة الناتو وهاهو الشعب الليبي الآن لايمانع من دخول الناتو وجلوسه في ليبيا بدلا ً من هؤلاء المتخلفين المتشددين الذين لم يتركوا شكلا ً من أأشكال المجازر إلا وارتكبوه بحق نساء وأطفال وشيوخ الشعب الليبي وبدأوا يظهرون قوانينهم أو تعاليمهم التي يصفونها بالإسلامية والتي لايمكن حتى للحيوان أن يتعايش معها .
إن التهويل بهذا النمط تجعل الشعوب تبحث عن "أهون الشرين" وفق الإستقراء الأمريكي الصهيوني المبرمج والمعد سلفا ً .
" يتبع "

#خليل_صارم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات