|
بيكاسو
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 20:48
المحور:
الادب والفن
(1) خَط ثلاثةُ خُطُوط مُكَعَّبٌ مَجنون * خطٌ ليسَ خطا ضَوْءٌ منكسرٌ في صُندوق يحاولُ الخروج * خطٌ يذهبُ إلى جهنم ثم يعود نساءً من "أفينيون" * أنفٌ يتكلم فمٌ يحلم كَتِفٌ يفتحُ الستارة ساقٌ تتدلل تنادي على البحارة وجُمْجُمَةٌ تنتظرُ في الريشة ** خمسُ مومساتٍ على خشبةِ المسرح ستارةٌ زرقاء كنهد يشاهدنَ عَبَثَ الحياةِ في القاعة وجوهُهُنَّ مكعباتٌ تنظرُ إلى الأمام أنوفُهُنَّ إلى الوراء ** لحظةٌ من لحظاتِ نسيانِ الريشة والأشياء نسيانِ همساتِ الموت تكعيبِ الذاتِ في المعلبات على شكلِ حباتِ أقراصِ النوم المُكَعَّبَة ** آنساتُ "أفينيون" لنرقصْ في صُندوقِ الحياة آنساتُ "أفينيون" الجمهورُ يحبُ الرقص آنساتُ "أفينيون" أنا مكعبٌ يبحثُ عنِ المتعة معَ مكعباتْ تٍ نصفُها عاريةْ *** آنساتُ "أفينيون" لنتركْ أقدامَنَا في السرير ونبعثْ بصدورِنَا إلى البحر لِنُعَلِّقْ خصورَنَا على جدارِ الوقت لنلقِ خصورَنا في الوحل لنعطِ ظهورَنَا لنا ونعتدلْ في جلساتِنَا *** آنساتُ "أفينيون" تعالي معي لِنُقَطِّعَ الرسام لِنُنْقِِذَهُ لِنَمْنَعَهُ من الانتحار بينَ سيقانِكُن سيقانُكُنَّ الإجرام لَذَّةُ العالمِ على حلمةٍ مُقَطَّعَةٍ إلى مُكَعَّبَيْنْ لنجعلَ منهُ مجرمًا إنسانيَّا على شاكلتِكُن *** مالنخوليا زهريةُ اللون جزلٌ وقلق * الوجودُ زهريٌ لونُهُ من داخلِ اللوحة اللوحةُ خطوطٌ متكسرةٌ تُفَكِّر تُحَذِّر * الطفولةُ زهريٌ لونُهَا مُهَرِّجَة الأقنعةُ أكعابٌ وَجَدَتْهَا * المُرَوِّضُونَ قساةُ القلوبِ على الورود لا على الفهود العنيدة نراهُمْ ولا يَرَوْنَنَا المُرَوِّضُونَ لا يَرَوْنَ الكائنات الوديعة ** المُهرِّجونَ يَصْبُغُونَ وجوهَهُمْ بدموعِ الكاميليا لِيُضْحِكونا فنضحكُ على وجوهِهِمِ التي لا نراها من تحتِ ألوانِ المالنخوليا عدمُ الرغبةِ في الحياة إلهامُ المهرجين ** المُقَنَّعُونَ أقنعتُهُمْ وجوهُنا ننزعُهَا في الليلِ قبلَ أن ننام ليلُنَا الزهريُّ قناعٌ يُخفي وجهَهُ الأفريقيّ حُلُمُنَا الأفريقيُّ قناعٌ يُخفي ما تحتَ شعورِنَا ** الأمومةُ ليست زرقاء الأمومةُ زهرية كحبةِ ليمون الأنوثةُ ليست حمراء الأنوثةُ زهرية كحبةِ زيتون النعومةُ ليست كستناء النعومةُ زهرية كقبلةٍ تحتَ الأُذُنْ *** الفرحُ ليسَ بُنِّيا الفرحُ زهريّ كاحمرارِ الخد السرورُ ليسَ رماديَّا السرورُ زهريّ كاخضرارِ الثغر الابتهاجُ ليسَ كُحليَّا الابتهاجُ زهريّ كلمسةٍ على السُّرَّة *** القلقُ بُنِّيّ القلقُ ليسَ زهريّا كشفقِ الشَّعر الاضطرابُ رماديّ الاضطرابُ ليسَ زهريّا كعشبِ العين الهاجسُ كُحْلِيّ الهاجسُ ليسَ زهريّا كتسلطِ الفكرة *** أزرق انتحارُ صديق نارٌ زرقاءُ ساخرة * الأزرقُ يتزوج يأتيهِ ابن لونُ ابنِهِ فُسْتُقِيّ * الموتُ لونه أزرق لهذا يكونُ الانتحار في البحر * سأخلعُ عنكِ كلَّ الألوان فتكونينَ في اللوحةِ عارية كلونٍ أزرق سأرمي بأسمالِكِ في النار كي أكونَ قادرًا على قتلِ حصانٍ للمرةِ الثانية في غرنيكا ** هل الأزرقُ لونُ العذاب أمِ العذابُ لونُ الأصفر؟ الأصمُّ لا يسمعُ صراخَ الألوان كالمُعَذِّبِ كالأمِّ الثاكلِ التي لا تسمعُ صرختَهَا الزرقاءَ خارجَ اللوحة لا تسمعُهَا ناطحةُ سحابٍ في نيويوركَ على ضِفَّةِ "الإيست رايفر" ** الأزرقُ لونٌ مجرم يُذَكِّرُ بعينينِ جرمانيتين لا ترحم كلُّ هذا الأسودِ أزرق كلُّ هذا الموتِ أزرق كلُّ هذهِ الحريةِ رمادية ** سماويةٌ سماءُ الفقراءِ والشحاذينَ والعميان مسحوبةٌ من بينِ أصابعِ اللازورد متضورةٌ جوعًا إلى النجومِ المشنوقَةِ على أعمدةِ الأرغفة مقلوبةٌ كساعةٍ على وجهها كيلا ترى الوقتَ يجري كيلا يجري الوقتُ بعيدًا عنها عندما يقررُ الفقراءُ والشحاذونَ والعميانُ قلبَ السماءِ على ظهرها والرأفةَ بالزمن كيلا يرأفَ الزمنُ بها *** لماذا لا يفكرُ البحرُ فينا نحنُ المراكبُ ويفكرُ فينا "اليونانيُّ" قبلَ النوم خوفًا علينا من الغرقِ في حُلْمِ بيكاسو؟ لا نريدُ العيشَ كالسمك نريدُ الموتَ كالرسمِ الذاتيِّ بينَ أصابِعِكَ المجنونة بيكاسو المجبولةِ بمالاغا *** كارلوس كاجاسماس أَحَبَّ راقصةً خانتِ الأزرقَ بِقُبْلَة فمات بعد أن قتلَهُ البحر بيكاسو دونَ البحرِ لا يمكنُهُ الإبحار في الموت لا يمكنُهُ رفعَ السماءِ بريشتِهِ على قممِ الكونِ كما يأمرُهُ الغيم قبلَ أن يسقطَ مطرا لا يمكنُهُ النظرَ إلينا بعينيهِ الجاحظتين لا يمكنُهُ نَحْتَ تماثيلِنَا ***
صيف 2010
* القصيدة الخامسة والأخيرة من ديوان "البرابرة" لأفنان القاسم 2008-2010
كلمة الغلاف
تستعرض القصيدة الأخيرة "بيكاسو" حياة هذا الرسام الفنية بكافة مراحلها وتحاول تقمص شخصيته ونظرته إلى العالم، شخصية مربكة ونظرة "مكعبة" تتراوح بين القلق الوجودي والعبث الطفولي على شاكلة لوحاته، وتحاول كذلك اجتراح نص يساوق طريقته التكعيبية في التعبير، بينما القصائد الأربع الأولى "البرابرة"، "الشعراء"، "القدس"، "قل لنا ماذا ترى في حالنا؟"، هذه القصائد المركبة من عدة قصائد، تفتح الباب واسعًا أمام القارئ والناقد لاكتشاف وتذوق وتأويل واقعنا إلى ما قبل الربيع العربي، هنا الصيف والخريف والشتاء فصل واحد أجواؤه قاتمة لكنه عاصف بالأساليب والمواقف، جنون المواقف وجديد الأساليب، مع جرأة في الطرح واستباق في الشعرية.
* أفنان القاسم من مواليد يافا 1944 عائلته من برقة قضاء نابلس له خمسون عملاً بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ومجموعة شعرية ودراسة أدبية أو سياسية تم نشر معظمها في عواصم العالم العربي وتُرجم منها اثنان وثلاثون كتابًا إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية، دكتور دولة ودكتور حلقة ثالثة من جامعة السوربون ودكتور فخري من جامعة برلين، أستاذ متقاعد عمل سابقًا في جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية في باريس والمدرسة المركزية الفرنسية وجامعة مراكش وجامعة الزيتونة في عمان والجامعة الأردنية، تُدرّس بعض أعماله في إفريقيا السوداء وفي الكيبيك وفي إسبانيا وفي فرنسا...
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قل لنا ماذا ترى في حالنا؟
-
القدس
-
الشعراء
-
البرابرة
-
الأخرق
-
الباشا رواية النكبة الأولى
-
تراجيديات
-
تحليل قصيدة صفد لسالم جبران نحويًا ومنطقيًا ودلاليًا
-
فلسطين الشر
-
المواطئ المحرمة
-
العاصيات
-
غرب
-
العودة
-
وظائف الكلام في قصة الزكام لنبيل عودة
-
الحجر
-
نابلس
-
شمس مراكش تحرق الأصابع
-
بركات
-
الأطفال يتكلمون لغة واحدة
-
أفنان القاسم يجيب على أسئلة الحوار المتمدن
المزيد.....
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|