كل شئ يشبهٌ الليل

فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 1068 - 2005 / 1 / 4 - 11:53
المحور: الادب والفن
    

في تلك الليلة ،لم أجد سوى نفسي ، كنت وحيدة، وكان الليل يبسط جسده على كل ما حولي ، ضوء ما ..يأتي ولم أعرف مصدره .
تلفت حولي لا شئ سوى الليل ،لاحركة ،لا صوت ، تمنيت لو قطة تموء أو حيوان يمر، أ و أي حشرة من حشرات الليل ،تمر قربي وتصدر صوتاً، أي صوت.. لتقطع عليً ما أنا به من صمت .
عدت ألتفت حولي، ليل بليل ولا شئ … ، مددت يدي إلى صدري وذهبت في غياب طويل معه ، مع نفسي ، سنوات مرت أمامي كحلم يشبه السكين ، كيف حدث هذا لا أحد يصدق وأنا نفسي لا اصدق ، كيف مد يديه إلى صدري وتشبث به ، لا يريد الإفلات، كان قويا ورهيبا لم اشعر معه بأي متعة ، بل كنت أتمناها لو تحدث ، لأني أعرف أنه لن يتركني أبدا ، وسيبقى معي حتى نهايتي .
أعطيه ملامح أشخاص أحببتهم في طفولتي ، ملامح أحببتها كي أنسجم معه ولكنه مختلف تماما لم اعرف معه سر المتعة واللذة التي ينتفض بها صدري.

اليوم لم اعد أرى غيره ،كل ما املكه ..صار ملكه ، لا عواطف ولا أحاسيس ولا أمنية بمداعبات خفيفة تتمناها النساء في لياليهن الطويلة ،صار كل شئ حولي يشبه الليل ، وحده معي ..يراقبني.. ، يتربص بي وكلما مددت يدي إلى صدري لأنزعه ينظر إليّ نظرات توعد ، لن تفلتي مني. ها أنا اليوم امرأة بلا أحلام، لا أنوثة ..ولا رغبات.. ، وهذه الشهوة التي تتأجج في صدري لن تجد لها مخرجا ، أصبحت رهينته ، هو يشبه الليل ، والليل حولي ولا فرار منه لان الطريق كلها ليل ، وما نفع الليل إذا لم تنيره أضواء الشهوة .
حاولت كثيرا أن أتحدث لزوجي عن هذه الأصابع التي امتدت إلى صدري ،سيعتبرها خيانة سأدفع حياتي ثمنا لها .
كل شئ حولي يشبه الليل ، قلبي مساحة واسعة لألم لا يتوقف عن الخفقان وكأن البحيرات لا ترتوي الا به ومنه ، كيف تركت هذا الغريب يمد يده إلى صدري ، النساء يشعرن بمتعة فيما إذا تمت مداعبتهن ،ولكن أنا لم اعرف معه هذا الشعور أبدا ، مع أن كل ما حدث كان في الليل.
قررت أن اتصل بأمي وأحكي لها ما حدث، ولكنني على يقين بأن أمي ستبقى طيلة حياتها تبكي لأجلي ، ولن تسامح نفسها على ما حدث لي، وستحلل وتفكر وتتناقش مع ذاتها ولن تنام الليل ولا النهار ،وهي تفكر بي وتسأل حدث هذا مع أبنتي بالذات ،ولما لم يحدث مع غيرها من البنات .؟؟
سأتحدث إلى أولادي عن ما حدث معي في تلك الليلة ،التي تشبه الليل ، هل سيفهمون بأن جديدا دخل حياتي ومد يديه إلى أكثر الأماكن في جسدي جمالا وحيوية وهل سيفهمون بأن هذا الصدر الذي منحهم الحياة ، امتدت إليه يد غريبة ؟
هل سيفهمون هذه الخيانة العظيمة ويقدرون موقفي؟ .
كل شئ يشبه الليل ، قررت أن لا أكشف السر لأحد ولا أخبر أحدا بما حدث معي تلك الليلة والأصابع التي امتدت إلى صدري وشغلتني عن كل شئ ، سأكون مسؤولة عن ما حدث وسأدفع ثمن ما حدث وحدي .
عليّ أن أدفع الثمن باهظا بلا مقابل ، لمسات أصابعه باردة ولم يكن يجيد المداعبة كان حادا وقويا كسكين ، وفي الليل عندما ينام الجميع أخرج لملاقاته أنزع ملابسي وحمالة صدري ، كم كنت أكرهها ،كنت دائما أشعر بأنها تعتقل صدري وتحاصره وتكبح شهواته هو المستنفر دائما الباحث عن لذة يشتهيها ولكنه سقط في فخ لا متعه فيه .
أنظر حولي ، الجميع نيام ، وكل شئ يشبه الليل كما قلبي واخرج بصمت لملاقاته وكما كل مرة أنزع ملابسي واقف أما م المرآة انظر إليه وبما يفعل بي وما قد فعل ، أحادثه وأحكي معه وأستعطفه وأبكي أمامه بأن يرحمني ويخرج من حياتي ولا يتركني أمام أطفالي ذليلة منكسرة القلب ولا نظرات زوجي التي لم تعد تشعرني ببراءتي ، يريد صدرا طريا لم تلامسه أصابع غريبة من قبل .
كل يوم يشد من قبضته ، وكل يوم اخرج في السر لملاقاته وعند كل حركه اسمعها أخفيه بسرعة رهيبة وأتظاهر بأنني اقضي حاجة ما .
فكرت كثيرا أن أبوح السر ، أن أحكي ..أ،ن صمتي خيانة لمن أحب ، ولكنها لن تسبب الا الكوارث ،لا أريد أن أكون موضعا للسؤال ، كل النساء سيتحدثن عني ، وعن اليد التي امتدت إلى صدري ، وعن هذا الغريب الذي اصبح كالجن في حياتي ، وأمي ستبكي كثيرا ، أبنتي ستكبر وتعرف الحكاية ،وستعيش أسيرة خوف من أن تمتد يد غريبة إليها وهكذا ستقضي حياتها أسيرة الخوف والشك
كل شئ يشبه الليل . لا نجوم في السماء ولا قمر ،وحده… وحده يعبثُ بصدري ،وأنا أبكي واستحلفه بكل الأرض أن يرحمني ويبتعد عني ،وأن لا يفضحني بين النساء اللواتي أعرفهن ، ولكن هذه المرة لم تنفع توسلاتي به ولا خروجي الليلي المتكرر لملاقاته ، قال لي بصوت مدوي في أرجاء البيت والظلمة تملا الليل بكل ما هو اسود ،الآن سأفضحك ولن أنتظر.. ، شعرت بأن صدري أنفتح كنهر بري خرجت منه تماسيح عملاقة تنهشي والحلمة التي طالما كانت تشعرني بالمتعة تشققت وخرج منها تقيحه ، وبصوت رهيب أيقظت كل من في البيت ، لقد فضحني الغريب بأصابعه التي امتدت إلى صدري ولم أر نفسي إلا في غرفة العناية المركزة وعلى صوت الطبيب يقول :لقد تأخرتم كثيرا
لقد أكل صدرها حتى نهايته ، علينا أن نستأصله من جذوره، لا بد من بتر الصدر بكامله .
وغرقت في بحر من الصمت والألم ، وتذكرت سنوات الصبا والجمال وكل اللذين عبروا بخاطري ، كان كل شئ يشبه الليل ، لن أشعر بأنوثتي بعد اليوم وحمالات الصدر ذات اللون الأسود لن تجد من يملأها ، لقد ترك الغريب فراغا هائلا لها .
والشهوة التي كانت تقفز كغزال يحب المطاردة ، تعب اليوم وهاهو ينام على حلم أحترق ولم يبق منه الا دخان شهوة حارق لا طعم له ولا لون ، شهوة كانت تسبق الجياد في عدوها إلى غروب أخير….. لا تعلم من ينتظرها هناك .

#فرات_إسبر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات