أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الغفار شكر - تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الرابع والأخير















المزيد.....



تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الرابع والأخير


عبد الغفار شكر

الحوار المتمدن-العدد: 1068 - 2005 / 1 / 4 - 11:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(4)
حركة مستقبلية تعددية ديمقراطية

كما هو واضح من عرضنا لواقع الحركة التقدمية المصرية وامكانياتها، فإن الحركة موجودة بالفعل، وتمتلك كثيرًا من المقومات الفكرية والبشرية والتنظيمية والنضالية، وهى تأخذ شكل حركة عامة واسعة تضم داخلها اشكالا متنوعة ومختلفة من التنظيمات والتيارات فهى تضم تيارا فكريا وعلميًا تقدميا وحركة سياسية وحركة ثقافية وحركة إعلامية وحركة اجتماعية أهلية. وهذا التنوع أمر طبيعى فى ظروف التطور غير المتوازن فى مصر، واختلاف مستويات الوعى ومكونات الثقافة وتعدد ميادين النشاط بالنسبة لمختلف اقسام الحركة الجماهيرية. بل إن هذه التنوع يمكن أن يكون مصدر ثراء للحركة ودعم قدرتها على التأثير إن احسنت الاستفادة منه واستثماره.
إلا أن مشكلتها الرئيسية هى أن انعدام التنسيق والتكامل والترابط بينها يمنع هذه المكونات من رؤية نفسها كجزء من بناء وطنى شامل ورؤية انشطتها وفكرها كجزء من نشاط وطنى شامل وفكر وطنى شامل ورؤية افعالها كجزء من فعالية وطنية شاملة عامة ترمى إلى تغيير المجتمع، وفى كل اللحظات الحاسمة يكون ذلك الجسد أقل كثيرًا من مجموع اجزائه، لأن تلك الأجزاء بدلا من أن تتفاعل وتتكامل وتترابط من خلال التنسيق عن طريق وسيط ملائم تظل أسيرة للتشرذم والفرقة، بل التصادم والتناقض فى بعض الأحيان.

إعادة البناء
من هنا فإن المسئولية الأساسية فى الفترة القادمة هى إعادة بناء الحركة التقدمية المصرية بما يكفل استقرارها فى الواقع كحركة عامة موحدة تترابط مكوناتها وتتكامل انشطتها الفكرية والعلمية والسياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية لتدعم بعضها بعضا، وتكون المحصلة النهائية مزيدًا من الفعالية فى اتجاه تغيير الأوضاع القائمة بما يتفق مع أهدافها وتطلعاتها كحركة اجتماعية للتغيير.
وكما أوضحنا من قبل فإن إعادة البناء أمر ضرورى لمواكبة وملاحقة المتغيرات العالمية وما حدث من تطور فى بنية المجتمع المعاصر بحيث تكون قادرة على التعامل مع هذه المستجدات المتسارعة بكفاءة ليس فقط بالنسبة للسنوات القليلة القادمة بل لمدى زمنى أطول يغطى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين.
القضية الأساسية التى تطرحها عملية إعادة البناء هى كيف يتم من خلال الانشطة المتنوعة للحركة التقدمية المصرية استيعاب حركة ملايين المصريين، أقول ملايين وليس عشرات الآلوف، لأن الحركة التقدمية تدافع عن مصالح الأغلبية ليس فقط طبقيًا بل أيضًا وطنيًا وديمقراطيًا وبيئيًا، وإذا لم يكن طموحنا أن نصل للملايين فإننا سنظل أقل من مستوى الاحدث وأعجز عن التواجد كطرف أساسى مؤثر فى الواقع المصرى الراهن والتأثير فى التوجه نحو المستقبل. وما يشغلنا فى عملية إعادة بناء الحركة التقدمية ينبغى أن يركز بالدرجة الأولى على كيفية التفاعل مع المواطن المصرى العادى فى حياته اليومية وصراعه اليومى من أجل لقمة عيش نظيفة وكافية لأسرته، ودخل مناسب للجهد الذى يبذله، وفرصة عمل تؤمن مستقبله، وبيئة سليمة تحمى صحته، ومشاركة حقيقية فى القرارات المحلية والقومية التى تؤثر على وضعه كمواطن فى هذا البلد. كيف نتفاعل معه فى حياته اليومية هذه ونمكنه من معرفة حقائق الأمور واتخاذ الموقف الصحيح من أوضاع المجتمع وتطوراته سواء على المستوى الشخصى أو فيما يتصل بوضعه المحلى أو بالنسبة لقضايا الوطن. وكيف نواجه معه المؤثرات الخارجية الفكرية والقيمية والسلوكية التى يتعرض لها من الإعلام الخارجى والبرامج والدراما الأجنبية التى تبثها اجهزة الإعلام المصرية فتساعد على دعم أثر هذه المؤثرات الخارجية، وكيف نمكنه من الانتظام فى عمل جماعى نقابى أو ثقافى أو سياسى أو اجتماعى يحسن شروط وجوده الاجتماعى، يقوى قدرته على المقاومة وعلى التأثير فى حركة الأحداث والضغط الفعال من أجل مراعاة مصالحه فى قرارات السلطة. إن المعايشة اليومية للمواطن المصرى العادى فى إطار من تكامل الجوانب الفكرية والثقافية والسياسية والإعلامية والاجتماعية هو الهدف الأساسى من إعادة بناء الحركة التقدمية المصرية وجوهر هذه العملية. ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه الحركة لا تستطيع أن تحافظ على وجودها وتحمى نفسها من التحلل والاندثار ما لم تنهض فورًا بهذه العملية، الأمر الذى يتطلب تبلور نواة من المفكرين والمثقفين التقدميين والمناضلين السياسيين والقيادات الجماهيرية النقابية والتعاونية والشبابية والنسائية تتبنى عملية إعادة بناء الحركة وفق أسس جديدة وتناضل من أجل إقناع دوائر متزايدة من التقدميين بأهمية هذه العملية وجذبهم إلى دائرة المشاركة العملية فيها، وفى هذا الصدد فإننى اقترح أن يدور النقاش حول الأسس والمقومات التى لا يمكن بدونها أن تخرج الحركة من أزمتها الراهنة أو تطور قدراتها وتوسع نطاق تأثيرها، وفى مقدمتها أن تكون حركة مستقبلية، تعددية، ديمقراطية، جماهيرية.

حركة مستقبلية
لا تستطيع الحركة التقدمية القيام بدورها بكفاءة ما لم تصبح بالفعل حركة مستقبلية متحررة من قيود الماضى وخبرات الماضى السلبية، وأن تكون قادرة على بلورة رؤية فكرية جديدة تقوم على دراسة متعمقة للظواهر الجديدة، وما يترتب عليها من نتائج بالنسبة للمجتمع المصرى واتجاهات تطوره مستقبلا والتنبؤ بالاحتمالات المتوقعة، والاستعداد لها بحشد وتعبئة القوى الكافية للتأثير فيها بما يتفق مع المصالح الوطنية والاجتماعية التى تعبر عنها الحركة التقدمية. وتتحقق المستقبلية إذا توفرت للحركة التقدمية ثلاثة عناصر أساسية هى :

1 - الربط بين العلم والعمل فى نشاط الحركة :
حيث لا تستطيع الحركة أن تواجه المستقبل بفاعلية ما لم تستند إلى فهم متعمق للتطورات الجديدة، وما لم يصبح العلم والبحث العلمى فى مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية موجها للنشاط السياسى والنقابى والاجتماعى وأن ينعكس فى مضمون الإعلام التقدمى وفى برامج الأحزاب وأولوياتها النضالية، وأن يكون أساس نشاط هذه الأحزاب هو الاستفادة مما يتم من دراسات علمية تتابع التطورات الجارية فى المجتمع، وخاصة ما يتعلق منها بالبناء الاجتماعى والخريطة الطبقية والتكوين الداخلى لمختلف الطبقات والعلاقات بينها، ومدى تأثير التطورات الاقتصادية والاجتماعية على مواقف القوى الاجتماعية التى يستند إليها نضال الحركة التقدمية، وخاصة ما يتصل بأثر اختراق الانفتاح للطبقة العاملة وأثار سياسة التكيف الهيكلى والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى على تكوينها ومواقفها،ومتابعة التطورات الراهنة فى الرأسمالية العالمية المعاصرة وانعكاسها على العلاقات الاقتصادية الدولية المعاصرة وأثر ذلك علينا، ومتابعة التطورات الإقليمية ودول الجوار العربى مع التركيز على مستقبل الصراع العربى الإسرائيلى ونتائج الصلح بين اسرائيل ونظم الحكم العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية والتعاون فى إطار شرق أوسطى، وما يطرحه ذلك من تحديات على الحركة التقدمية العربية، وكيفية البحث عن صياغات جديدة للعمل العربى المشترك تتناسب مع هذه التطورات، ولا يكتمل الربط بين العلم والعمل فى نشاط القوى التقدمية مالم يتوافر باستمرار معلومات جديدة عن التطورات والاحداث المستجدة، يتم تحديثها باستمرار وضخها إلى كافة أقسام الحركة لتكون أساس نشاطهم، حيث لم يعد ممكنا فى عصر ومجتمع المعلومات أن يكون هناك أى فاعلية لنشاط سياسى أو نقابى أو اجتماعى ما لم يكن مستندًا إلى معلومات جديدة ودقيقة عن مختلف المجالات التى يمارس فيها هذه النشاط، من هنا فإن أحد المظاهر الأساسية للربط بين العلم والعمل فى نشاط الحركة هو تأسيس قاعدة بيانات تكون بمثابة مركز للمعلومات يتيح للتقدميين الوضوح الكافى والضرورى لممارسة نشاط فعال.
بهذا الربط بين العلم والعمل وبمواصلته كأساس لنشاطها تصبح الحركة التقدمية حركة مستقبلية بحق تستطيع استشراف آفاق المستقبل باستمرار وتتهيأ لمواجهة كافة الاحتمالات، تعيد النظر فى أهدافها وبرامجها وأولوياتها بما يتناسب مع التطورات المستجدة، وبدون ذلك سوف يتأكد باستمرار الطابع السلفى لهذه الحركة لأنها لن تجد ما تستند إليه فى نشاطها سوى خبرات الماضى ورؤى الماضى المستمدة من ظروف وأوضاع انتهت ولم تعد قائمة.

2 - مرجعية المنهج والقيم :
استمدت الحركة التقدمية - شأنها شأن معظم القوى التقدمية فى العالم الثالث - مرجعيتها من - ايدلوجية الاشتراكية السوفيتية والنموذج الاشتراكى السوفييتى، بما فى ذلك القوى التقدمية غير الماركسية، وهو أمر طبيعى لأن الاتحاد السوفيتى كان إحدى القوتين العظميين حقق إنجازات باهرة اقتصاديا واجتماعيًا وعلميًا وعسكريًا، انعكست عمليا فى الانتقال بمجتمعات متخلفة إلى مجتمعات عصرية، وفى قدرة فعلية على مساندة شعوب العالم الثالث للتحرر من الاحتلال الأجنبى والتخلف الاقتصادى والاجتماعى، وبالتالى كان من الطبيعى أن يعتبر النموذج الملهم لقوى تقدمية تناضل من أجل استقلال بلادها وتقدمها، وبالرغم من كل الاجتهادات التى حاولت التمايز عن هذا النموذج إلا أنه بقى الأساس الذى انطلقت منه هذه الاجتهادات ماركسية وغير ماركسية. هكذا جرى التفكير متأثرًا بايديولوجية تبلورت تحت تأثير ظروف نشأة وتبلور الرأسمالية فى أوروبا، وبعضها يعود إلى ظروف انتقال الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية وهى ظروف مختلفة عن تلك التى سادت البلدان المستقلة حديثاًَ، والتى كانت فى حاجة إلى استنباط نماذج للتنمية والتقدم تتناسب مع درجة التطور التى تمر بها مجتمعاتها، وهكذا فإن مرجعية الايديولوجية والنموذج كبلت القوى التقدمية بقيود الماضى وحبستها فى حدود ضيقة لا تستطيع تجاوزها، وغالبًا ما كانت تقوم بدور الشارح والمفسر لصياغات قائمة أكثر منها مبدعة لصياغات جديدة تلبى حاجات جديدة.
والآن وبعد سقوط النموذج واتضح عجز هذه الايديولوجية عن ملاحقة التطورات الموضوعية والعلمية فى العالم المعاصر، ما هو الدرس الذى ينبغى أن نتعلمه من هذه التجربة والذى يحمى الحركة التقدمية المصرية من أن تظل حركة سلفية أو تفقد البوصلة الموجهة لنشاطها بعد سقوط المرجعية؟
فى اعتقادى أن مستقبلية الحركة التقدمية المصرية تتطلب إعادة النظر فى المرجعية لتكون مرجعية المنهج والقيم بدلا من مرجعية الايديولوجية والنموذج. عندما تكون المرجعية للمنهج العلمى للاشتراكية وليس الايديولوجية فإننا سنملك حرية البحث والتفكير وإمكانية التجدد دوما من خلال الدراسة الموضوعية المستمرة للمجتمع والعالم ومتابعة وقائع الحياة وخصائصها المستجدة التى تكشفها لنا معرفتنا بالقوانين الموضوعية لتطور المجتمع.
كما أن مرجعية القيم بدلا من مرجعية النموذج توفر لنا الاساس الكافى لبلورة نموذج اشتراكى نابع من الظروف والاحتياجات الملموسة للمجتمع فى كل مرحلة، ولن تكون قيدا على إمكانية إعادة النظر فى هذا النموذج وتعديله باستمرار طبقًا لما يطرأ من ظروف واحتياجات جديدة ملتزمين فى ذلك دائما بالقيم الاساسية التى نستهدف أن يحققها هذا النموذج.
وعندما تكون المرجعية للمنهج العلمى والقيم فإن ذلك سوف يساعد على توسيع نطاق القوى المنضوية تحت لواء الحركة التقدمية فتجتذب قوى جديدة إليها بحيث تصبح القوى الاشتراكية هى قلب هذه الحركة ولكنها تضم إلى جوارها قوى أخرى لها مصلحة فى أن يحقق التغيير الاجتماعى هذه القيم كالفئات الوسطى والبورجوازية الصغيرة والقوى الاسلامية المستنيرة.
وهكذا يتوفر فى الواقع من خلال مرجعية المنهج والقيم الأساس الموضوعى لوحدة أقسام الحركة التقدمية السياسية التى كثيرًا ما يفرقها انغلاق كل منها على ايديولوجية معينة أو نموذج محدد بينما يعمق وحدتها النضالية التقاؤها فى إطار المنهج العلمى للاشتراكية الذى يقوم أساسًا على المفهوم المادى للتاريخ والمجتمع الذى ينطلق من البحث فى نشاط الناس وأحوالهم وعلاقاتهم فى مجتمع معين فى مرحلة محددة من تطوره لاكتشاف القوانين الموضوعية التى تحكم حركته وتؤثر فى تطوره.
والمفهوم المادى للمجتمع والتاريخ لا ينطلق بالضرورة من موقف الحادى أو مادى بالمعنى الفلسفى لأن هذا الموقف مجاله الفلسفة وقضايا الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة). فى حين أن المفهوم المادى للمجتمع والتاريخ يقوم على الدراسة الموضوعية للواقع المحيط بنا (المجتمع) والذى يمكن طبقًا لهذا المفهوم إدراكه باكتشاف القوانين الموضوعية لحركته، وبالتالى فإننا نكون قادرين على تغييره استنادًا إلى هذه المعرفة العلمية، كما تتعمق الوحدة النضالية للقوى التقدمية من خلال التقائها حول منظومة القيم التى نهدف إلى تحقيقيها فى الواقع من خلال النموذج الاشتراكى الذى نسعى إلى بنائه مستقبلا مثل قيم العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية والتنمية المستقلة والديمقراطية والاستقلال الوطنى والوحدة العربية ونبذ العنصرية ومعاداة الصهيونية وإعلاء شأن السماحة والاستنارة والعقلانية والقيم الاسلامية الأصيلة كالتراحم والتكافل الاجتماعى والتعاون ونبذ الاخلاق المبتذلة والفردية والجشع المادى. وهذه قيم إنسانية مشتركة تكتسب مضمونا محددًا فى كل مرحلة تاريخية حسب الظروف الملموسة للمجتمع فى هذه المرحلة، وهكذا فإن جعل المرجعية للمنهج والقيم يفتح الباب باستمرار أمام الحركة التقدمية المصرية لتكون حركة مستقبلية متجددة مع كل تطور موضوعى فى حركة المجتمع.

3 - تجديد القيادة :
ومما يساعد على تحول الحركة التقدمية إلى حركة مستقبلية أن نفتح الباب أمام انتقال قيادة هذه الحركة للأجيال الجديدة، فما زالت القيادة أساسا للجيل الذى تكون فكريا ونضج سياسيا خلال نصف القرن الماضى وفى ظروف مختلفة تماما، ولن تسعفه خبراته السابقة فى قيادة هذه الحركة بفعالية فى الفترة القادمة ولم تعد حالته الصحية والاجتماعية تمكنه من بذل جهد يومى مكثف والتخطيط للمستقبل من خلال عملية إعادة بناء متكاملة للحركة التقدمية. ولا يعنى هذا الانتقاص من شأن الدور الذى قام به هذا الجيل أو التضحيات التى قدمها ولكن الأمر يتعلق بالمستقبل وضرورة انتقال القيادة لأجيال شابة ترتبط أكثر بالمستقبل، وتستطيع أن تقدم من أجله كل جهدها ووقتها. ولكن تجديد القيادة لا يمكن أن يتم عمليًا ويحقق هدفه ما لم يكن هناك بالفعل برنامج مدروس لإعداد القيادات الشابة فكريا وسياسيًا واكتشاف قيادات جديدة باستمرار من خلال النشاط السياسى والنقابى والاجتماعى، وهى مسئولية كبرى للقيادات الحالية لم تضعها فى جدول اعمالها بجدية ولا تحظى بأولوية اهتماماتها حتى الآن.

حركة تعددية
عانت الحركة التقدمية السياسية من إصرار كثير من أطرافها على نفى الآخر، وانعكس ذلك على مجالات النشاط التقدمى الثقافى والنقابى والاجتماعى، وما أكثر الحروب القبلية الصغيرة التى خاضتها وتخوضها هذه الاطراف فى مواجهة بعضها والتى تصل فى بعض الاحيان إلى أن خصومتها لبعضها وعداءها لبعضها يكتسب حدة تفوق بكثير مواجهتها لخصومها الطبقيين، ولن يكتب للحركة التقدمية النجاح وتحقيق مزيد من الفاعلية والتأثير ما لم يسلم الجميع بأنها حركة تعددية بالفعل. تتعدد داخلها المصالح الاجتماعية والمنطلقات الفكرية والرؤى السياسية، وبدلاً من أن يعتبر كل طرف نفسه الوحيد الذى يملك الحقيقة ويتخذ الموقف الوحيد السليم وما عداه انتهازيون أو مراجعون أو يمنيون أو يساريون متطرفون، فإنه لا مفر من الاعتراف بالآخر كأساس لعلاقات صحية بين أقسام الحركة التقدمية تكفل الاستفادة من هذه التعددية فى إغناء الحركة واثرائها برؤى متعددة يكون الفيصل فى الحكم لها أو عليها وإثبات مدى صحتها أو خطئها هو الممارسة والواقع نفسه. لقد أثبتت التجربة التاريخية أنه لا توجد لتفصيل سياسى معين أفضلية على ما عداه من الفصائل بشكل مطلق، بل تتحقق الافضلية على ضوء نتائج الممارسة، وبالتالى فإننا مطالبون بالاحتكام إلى الواقع والممارسة لبيان مدى سلامة هذا الطرح النظرى أو ذلك، وأن يكون المنطلق الاساسى للعلاقة بين أقسام الحركة التقدمية هو الاعتراف بالآخر، بكل ما يرتبه هذا الاعتراف من نتائج مثل التسليم بأننا جميعًا اطراف متساوية، وأن لدى كل منا طرفًا من الحقيقة، وأن نعمل ونتعاون معًا على هذا الاساس فنضاعف طاقاتنا وقدراتنا ونطور فاعليتنا بدلاً من أن نهدر جهدنا ووقتنا فى محاربة بعضنا البعض. إن هذا التطور فى علاقة أقسام الحركة التقدمية ببعضها سوف يجتذب إلى الحركة من جديد عناصر كثيرة ابتعدت عن العمل المنظم ضيقًا بالاتهامات المتبادلة، كما أنه سيقوى أواصر التعاون بين سائر الاحزاب والتنظيمات والجماعات التقدمية والاشتراكية تلبية لاحتياجات حقيقية فى الواقع الراهن مثل التوجه الاشتراكى الديمقراطى والتوجه الاسلامى المستنبر.

حركة ديمقراطية
من أهم المنطلقات التى يجب أن نحرص عليها فى عملية اعادة بناء الحركة التقدمية المصرية وصياغة العلاقات فيما بينها أن تكون حركة ديمقراطية سواء فيما يتصل بالطريق الذى تسلكه للوصول للسلطة أو فيما يتصل بعلاقاتها الداخلية، فالحركة التقدمية هى حركة ديمقراطية بمعنى أنها تناضل من أجل بناء نظام اشتراكى فى مصر بوسائل ديمقراطية جوهرها تداول السلطة من خلال الانتخابات العامة، ولكى يتحقق ذلك فإنها تنشط من خلال مؤسسات ديمقراطية كالاحزاب والنقابات والجمعيات الاهلية والصحافة والاعلام لاقناع المواطنين بتبنى برامجها وانتخاب مرشحيها للمجلس التشريعى والمجالس المحلية وسائر المنظمات الاجتماعية، ولا يقتصر النضال الديمقراطى التقدمى على العمل البرلمانى بل يشمل كافة وسائل الحشد والتعبئة والضغط الديمقراطية كالاضراب والتظاهر السلمى.
والحركة التقدمية حركة ديمقراطية فيما يتصل بعلاقاتها الداخلية حيث تقوم العلاقة بين الاحزاب والمنظمات النقابية والاجتماعية والجمعيات الاهلية على أساس الندية، فلم يعد هناك مجال لفكرة الحزب القائد أو لربط التنظيمات الجماهيرية بالحزب السياسى كتنظيمات مساعدة تنشط فى إطار توجيهاته وتعمل لحسابه فى مجال نشاطها. إن تعدد الاحزاب السياسية له اساسه الواقعى فى تعدد المنطلقات الفكرية والرؤى السياسية ويتحدد دور كل منها القيادى بمدى قدراته الفعلية واسهاماته النضالية وما يحققه من نجاحات فيها. كذلك فإن تعدد التنظيمات الجماهيرية النقابية والاجتماعية والثقافية يعود إلى تعدد مجالات النشاط الإنسانى ولكل منها دور أساسى فى مجالها، وبالتالى فهى تشكل مع الاحزاب السياسية شبكة واسعة من المنظمات التى تكمل بعضها بعضا وتقوم علاقاتها معا على اساس تبادل الآراء والخبرات، وكل نفوذ يحققه هذا الحزب أو ذاك فى الحركة الجماهيرية يجب أن يعود اساسًا إلى سلامة ما يطرحه من توجهات وما يقدمه لهذه الحركة من قيادات قادرة على حيازة ثقة أعضائها بوسائل ديمقراطية، وعلينا أن نبحث عن الاطار الملائم للتعاون فيما بين هذه الشبكة الواسعة من التنظيمات السياسية والنقابية والاجتماعية، وليكن مثلاً على شكل ملتقى أو منبر شعبى تقدمى يعقد دوريًا ويعرض فيه ممثلو هذه التنظيمات اراءهم، ويتبادلون خبراتهم، ويناقشون قضايا المجتمع ومشاكل الحركة واوجه التنسيق الضرورية فيما بينهم.

حركة جماهيرية
جاهدت الحركة التقدمية طويلا لكى تخرج من إطار كونها نخبوية، إلا أنها بالرغم من بعض النجاحات الجزئية فى مراحل معينة، مازالت حركة نخبوية بالاساس، الامر الذى يحد من فاعليتها وتأثيرها بالمقارنة بالحركة السلفية مثلا، والطريق الاساسى لتحول الحركة التقدمية إلى حركة جماهيرية هو العمل من خلال مؤسسات المجتمع المدنى أو القطاع الاهلى حيث يتجمع الناس من أجل تحسين احوالهم المعيشية واوضاعهم البيئية وينشطون فى إطار منظمات غير حكومية اجتماعية وخدمية وخيرية وثقافية.. الخ، وقد نشطت فى مصر أخيرًا الدعوة إلى تقوية مؤسسات المجتمع المدنى لتمكنها من تحمل مسئولية اكبر فى إدارة شئون المجتمع بحيث تكون بديلاً عن انسحاب الدولة من ميدان الخدمات والدعم فيتحمل المواطنون هذا العبء من خلال منظماتهم الاهلية. وبالرغم من ذلك فإن المجتمع المدنى ليس شأنا رأسماليًا بحتًا بل يعنى ايضًا الطبقة العاملة والطبقات الكادحة، فهو مفهوم صراعى - إذا جاز التعبير- يحتم على القوى التقدمية أن تهتم بتقويته ودعمه لكى تجد فيه هذه الطبقات مكانًا لتنظيماتها النقابية ومصالحها الاجتماعية، ولا يجوز للقوى التقدمية أن تنعزل عنه أو تتعالى على النشاط فيه، وأن تسعى إلى تكوين المؤسسات الاجتماعية والخيرية والثقافية التى تخفف أعباء الحياة عن الكادحين وتحسين شروط وجودهم الاجتماعى، وأن تحرص على اكساب الدعوة للمجتمع المدنى ابعادًا أوسع بكثير مما يراد لها حاليًا فى إطار سياسة التكيف الهيكلى، بحيث لا يقتصر الامر على مجرد تعويض انسحاب الدولة من مجال الخدمات والدعم، بل تصبح مؤسسات المجتمع المدنى ركنا اساسيا فى التحول الديمقراطى لمصر، وقاعدة لنضج الوضع التنظيمى للطبقة العاملة وسائر الطبقات الكادحة وتحولها إلى قوى فاعلة ومؤثرة قادرة على تحسين اوضاعها والاستفادة منها فى اكتشاف قيادات جديدة وتجنيدها سياسيا لعضوية الاحزاب التقدمية، وهو ما يفتح الباب أما توسيع نطاق الحركة التقدمية، لتصبح حركة جماهيرية من خلال ارتباطها بهذه المؤسسات الجماهيرية، وما لم تنشط القوى التقدمية فى حركة بناء مؤسسات المجتمع المدنى فإنها ستخسر الكثير وستظل مجرد حركة نخبوية.
(5)
المنبر الشعبى التقدمى وحزب المستقبل

هل نحن نحلم عندما ندعو إلى تجديد الحركة التقدمية فى مصر؟
وهل ما طرحناه فى هذا الصدد هو مجرد صورة طوباوية نابعة من طموحاتنا أكثر من ارتباطها بالواقع الفعلى؟ هل تتوفر امكانيات واقعية لتنفيذها؟ لقد تحدثنا عن ضرورة الربط بين العلم والعمل فى نشاطها، وضرورة التنسيق والتكامل والترابط فيما بين أقسامها، والاقرار عمليًا بمبدأ الاعتراف بالاخر بكل ما يترتب عليه من نتائج، كما تحدثنا عن المرجعية الجديدة مرجعية المنهج والقيم لا مرجعية الايديولوجية والنموذج، وعن تجديد القيادة، وعن ديمقراطية وجماهيرية الحركة، فكيف يتحقق هذا كله؟ كيف تبدأ هذه العملية؟ وما هو الإطار الملائم للجمع بين اطراف الحركة التقدمية والتنسيق بين اقسامها؟ وما هى القوة التى تستطيع أن تلعب دورًا اساسيًا فى انجازها؟
والاجابة باختصار أن ما نطرحه ممكن التنفيذ وتتوفر مقدماته فى الواقع المصرى، وكل ما نحتاجه للبدء هو توافر ثلاثة عناصر اساسية :
- نواة من المفكرين والمثقفين والمناضلين التقدميين تقتنع بفكرة وتتبناها وتسعى من أجل وضعها موضع التطبيق.
- صيغة واقعية مرنة تربط بين مختلف اقسام ومكونات الحركة التقدمية تتناسب مع وضعها الحالى وما يسودها من حساسيات وفرقة .
- حزب سياسى يجسد فى تكوينه وحياته الداخلية القيم الاساسية المطلوبة لتجديد الحركة التقدمية وخاصة القيم الديمقراطية.
وفيما يلى نعالج بعض القضايا الخاصة بهذه العناصر الثلاثة:

نواة قيادية شابة
تحتاج أى رؤية جديدة إلى من يؤمن بها ويسعى إلى تطبيقها، ويكفى للبدء توافر نواة محدودة العدد تعرف كيف تشق طريقها وسط العديد من الصعوبات والعوامل المعاكسة كاصحاب المصلحة فى استمرار الاوضاع القائمة والجمود الفكرى، والرضوخ للوضع القائم والعزلة عن الجماهير بحيث لا يوجد ضغط كافى من أجل التجديد، واختلاط الامور فى الساحة السياسية التقدمية وما ترتب عليه من تداخل التنظيمات... الخ، ومن الضرورى أن تضم هذه النواة فى صفوفها مفكرين ومثقفين وقيادات سياسية واجتماعية يشكل الشباب الجزء الأكثر منهم ، وأن يكونوا من المنتمين إلى تيارات فكرية وسياسية وتنظيمات سياسية متعددة، تجمعين وناصريين وماركسيين واشتراكيين ديمقراطيين وعناصر تقدمية مستقلة يشكلون مع بعضهم قوة ضغط داخل كافة الاحزاب والتنظيمات السياسية التقدمية من أجل التوجه بحسم نحو، التجديد وتمثل الاسس والقيم الجديدة فى اعادة بناء الحركة التقدمية المصرية، وأن يمتد ضغطهم إلى مختلف المنظمات الديمقراطية والجماهيرية لتتكامل مع التوجهات المطلوبة، ومن خلال تبادل الرأى والتنسيق والتشاور تستطيع هذه النواة أن توسع ضغوطها وأن تزيد عدد المؤيدين للتجديد والعاملين من أجله فى مختلف الاحزاب والتنظيمات، وعلى قدر ما تنجح هذه النواة فى ابتكار صيغ جديدة للتعاون والتنسيق بين مختلف اقسام الحركة التقدمية، قدر ما تتدعم دعوتها إلى التجديد.. والشرط الاساسى لتكوين هذه النواة هو أن تلعب دورًا فى بلورة رؤية متكاملة لعملية التجديد وبالتالى فإن ما اطرحه هنا فى هذه الدراسة لا يزيد عن كونه مجرد اطار للتفكير، ومحاولة لتجسيد خطوط عريضة تحتاج إلى جهد متعمق فى نقدها وتطويرها أو تعديلها واثرائها بخبرات متنوعة فكرية وثقافية وسياسية وجماهيرية، يشعر الجميع أنها تعبر عن قناعاهم الفكرية والسياسية، وأنها تعبير عن طموحاتهم لمستقبل الحركة التقدمية.

المنبر الشعبى التقدمى
أما عن صيغة الربط بين اقسام ومكونات الحركة التقدمية، فقد يرى البعض أن بناء جبهة أو بلورة نوع من التحالف التقدمى هى الصيغة المثلى والاطار الطبيعى لتحقيق هذه العملية، والحقيقة أن أوضاع الحركة التقدمية المصرية ليست ناضجة حتى الآن لقيام هذه الجبهة أو هذا التحالف، وإلا لكانت قامت بالفعل ونحن نطرحها على انفسنا باستمرار منذ خمسة عشر عامًا كمهمة ضرورية وملحة ،وقد جربنا بالفعل الدعوة إلى تأسيس تحالف اشتراكى بين حزب التجمع والحزب الناصرى والشيوعيين المصريين ولم نتقدم خطوة حقيقية واحدة على طريق بناء هذا التحالف لمدة تزيد على عشر سنوات، المطلوب الان خطوة أولية تمهيدية تتناسب مع ضعف البناء التنظيمى للقوى التقدمية المصرية، والحساسيات المتولدة من العلاقات السلبية بين بعض الاطراف والانغلاق على النفس الذى تمارسه معظم الاطراف والحسابات ضيقة الافق التى تدفع إلى الاحجام عن التنسيق والتعاون. إن الدعوة إلى الجبهة أو التحالف التقدمى الآن هى قفز على الواقع، فالجبهة تتشكل بين اطراف ثابتة متبلورة سواء كانت احزابًا وتنظيمات سياسية أو منظمات جماهيرية، ويتطلب قيامها واستمرارها توافر مقومات اساسية محددة فى مقدمتها الوعى بمدى الاتفاق فى مواقف القوى الاجتماعية التى تعبر عنها هذه الاطراف، كما يتطلب ترجمة هذا الوعى إلى برنامج سياسى يكون اساس نشاط هذه الجبهة أو التحالف، وبلورة صيغة تنظيمية قادرة على تعبئة الطبقات والقوى الاجتماعية المكونة لها فى حركة سياسية جماهيرية تكتسب الجبهة أو التحالف من خلالها نفوذًا فى المجتمع يمكنها من تحقيق اهدافها، وكما هو واضح فإن هذه المقومات الاساسية لا تتوفر كلها حاليًا الامر الذى يدفعنا إلى القول بأن الدعوة الآن للجبهة هى قفز على الواقع ، وستبقى دعوة شكلية غير قابلة للتحقق العملى كما هو شأنها منذ عشر سنوات ما لم تتوفر هذه المقومات.
من هنا فإننا فى حاجة إلى خطوة عملية تمهد لانضاج الظروف لقيام هذه الجبهة مستقبلاً، المطلوب الآن اطار يجمع مختلف الاطراف على فترات دورية لتبادل الرأى والخبرة والاتفاق على توجهات عامة تكون اساس نشاط هذه الاطراف فى الفترة التالية، ومن ثم يمكن توليد اساس كافى للثقة المتبادلة وازالة الحساسيات فى صفوف الحركة التقدمية، ونقترح لتحقيق ذلك الدعوة إلى عقد ملتقى فكرى سياسى كل سنة باسم المنبر الشعبى التقدمى لا يكون له فى البداية قوام تنظيمى ثابت ولا يضم تنظيمات محددة كعضوية دائمة، بل يكون مفتوحًا لكل من يرغب فى المشاركة من الاحزاب والتنظيمات والشخصيات العامة (علماء، مفكرون، أدباء، فنانون، نقابيون، مستقلون ... الخ) يدعى لهذا الملتقى ويحدد جدول اعماله بواسطة لجنة تحضيرية تضم ممثلين للمنظمات المشاركة، وينعقد لمدة يومين أو ثلاثة على شكل جلسات عامة ولقاءات نوعية :
- الجلسات العامة : تأخذ شكل المنبر الذى يحق لكل مشارك أن يتحدث فيه إلى الاعضاء يعرض عليهم ما لديه من رؤية أو خبرة أو اقتراحات حول قضايا المجتمع والحركة التقدمية أى أن وظيفة هذه الجلسات العامة هى أن نستمع إلى بعضنا.
- اللقاءات النوعية : تضم المتخصصين فى مختلف المجالات فيعقد لقاء للمثقفين لدراسة قضايا الثقافة ومشاكلها وأولويات العمل الثقافى ومسئولية الاحزاب السياسية تجاهلها، وبعقد لقاء أخر للعاملين فى دور النشر والطباعة والتوزيع وكيفية الاستفادة من الامكانيات المشتركة لخفض التكلفة وزيادة التوزيع والتنسيق حول قضايا ذات اولوية فى البحث والنشر.. الخ وبالإضافة إلى ذلك تعقد لقاءات نوعية للشباب والمرأة والعمل النقابى.. الخ.
ويصدر فى نهاية الملتقى أو المنبر تقرير عام يتضمن الآراء التى طرحت سواء بالنسبة للمجتمع أو الحركة التقدمية، ونقاط الاتفاق وأولويات العمل فى الفترة القادمة، وسوف يحقق هذا الشكل الأولى للتنسيق نتائج هامة منها :
- سوف يكون إطارًا ديمقراطيًا حقيقيًا لأنه سيوفر فرصة متساوية للمشاركة أمام الجميع ولن يكون لأى طرف داخله ميزه على الآخرين أو حق رفض مشاركة أى طرف طالما أنه قد اعلن رغبته فى المشاركة.
- سيكون اطاراً لتبادل الرأى والخبرات وعرض الاجتهادات المتنوعة فى مختلف المجالات، مما يغنى ويثرى الحركة عامًا بعد الآخر، ويعطى الفرصة لكل الرؤى والاجتهادات أن تعبر عن نفسها علنا وفى جو صحى، فتتضح بذلك ابعاد الاتفاق والاختلاف داخل الحركة، وتتهيأ للشعب فرصة تبنى هذا الرأى أو ذاك مما يساعد خلال فترة زمنية ملائمة على تبلور توجه عام مشترك للحركة التقدمية.
- وعلى ارضية الحوار وتوسيع حجم العمل المشترك عامًا بعد الاخر وتبلور توجه عام للحركة التقدمية سوف تنضج الحركة التقدمية وتغطى مواقع ومجالات جديدة وتضم اطرافًا جديدة فتصبح حركة اجتماعية شاملة تضم أوسع دائرة ممكنة من القوى والفئات الاجتماعية ومعظم اتجاهات الرأى والنضال السياسى والنقابى والاجتماعى.
- وفى هذا المناخ الديمقراطى والعمل النضالى المشترك سوف تبرز وتتبلور القيادات الجديدة وتنضج زعامات شابة للحركة التقدمية سواء كانت زعامة أكثر التنظيمات حيوية وفاعلية أو زعامة اكثر القيادات تضحية وعطاء وتأثيرًا. سوف تبرز القيادات الجديدة وتنضج الزعامة الحقيقية من خلال هذه العلاقات الديمقراطية والنضال الجماهيرى الفعلى على عكس ما يحدث الآن حيث تتوارى عناصر واعدة لأن المناخ العام لا يساعد على تفتح امكانياتها فنخسر بذلك قيادات لم تتم لها فرصة النضج.

حزب المستقبل
تتعدد فى مصر الاحزاب التقدمية وتتنوع صيغها التنظيمية فهناك حزب التجمع متعدد الفصائل والمنابع الفكرية، وهناك الحزب الناصرى الذى يرتبط بتجربة تاريخية محددة ووثائقها ومبادئها الاساسية، وهناك الحزب الشيوعى الذى يسترشد بنظرية معينة هى الماركسية اللينينية، وبالرغم من ذلك فإننا نلاحظ أن هذه الانواع الثلاثة من الاحزاب وغيرها من التنظيمات السياسية التقدمية تلتقى كلها حول اسس تنظيمية واحدة كقواعد المركزية الديمقراطية والتنظيم الهرمى، وبالتالى فإنها تواجه نفس المشاكل وتعانى من أوجه قصور مشتركة تحد من انتشارها وفاعليتها، وتنتقص من ديمقراطيتها الداخلية ولأننا لسنا فى مجال المفاضلة بين هذا الحزب أو ذاك من حيث قدرته على تلبية احتياجات المستقبل فالاجدى هنا أن نحدد السمات الاساسية الواجب توافرها فى الحزب لكى يكون قادرًا على القيام بدور اساسى فى تجديد الحركة التقدمية وتهيئتها للتحول إلى حركة مستقبلية تعددية ديمقراطية بالفعل.
لا يستطيع أحد أن يزعم أن لديه نظرية متكاملة لكيفية تطوير الاحزاب التقدمية وإنما هناك افكار عامة يمكن الانطلاق منها لتطوير رؤية متكاملة من خلال نقاش جماعى يشارك فيه المهتمون بهذه القضية، وسنكتفى هنا بمعالجة مسألتين هامتين تتصلان بأداء الحزب وبناء الحزب.

من السلطة الاجتماعية إلى السلطة السياسية
فيما يتصل بأداء الحزب، كما نعلم فإن الهدف الاساسى للاحزاب السياسية هو الوصول إلى سلطة الدولة أو الضغط عليها لضمان مصالح القوى الاجتماعية التى يمثلها الحزب، وكل نشاط فكرى وثقافى وسياسى ونقابى واجتماعى يمارسه الحزب فى المجتمع يصب فى النهاية لخدمة هذا الهدف، وفى ظل المتغيرات الراهنة فى المجتمع المعاصر لم يعد بإمكان الحزب أن يصل للسلطة ما لم ينجح فى بناء نفسه كقوة اجتماعية تمارس القيادة بالفعل على قطاعات متزايدة من الجماهير، وعلينا أن نعى جيدًا هذه الحقيقة باعتبارها أحد الشروط الرئيسية لكسب السلطة السياسية، وحزب المستقبل القادر على كسب معركة السلطة السياسية مطالب بأن يعمل أولاً على تجميع مصادر القوة وبناء النفوذ على نطاق واسع يشمل المجتمع بأسره، بحيث تأتى عملية امتلاك السلطة السياسية مجرد تقرير لأمر واقع وخطوة منطقية تعكس بناء اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا مستقرًا. وكل نشاط يبذل من أجل امتلاك وتوسيع نفوذ الحزب فى المجتمع وبناء قواعد لهذا النفوذ فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والاعلامية والثقافية يندرج فى إطار ما يسمى ببناء القوة من أسفل الذى يشكل نظرة خاصة لمفهوم التغيير تستند إلى فكرة الطبقة المهيمنة وقوة الجماهير المنظمة فى مواقع معيشتها ومنظماتها الاجتماعية والنقابية والثقافية ، وبالتالى فإنها تشكل أساسا قويا للتغير بالطريق الديمقراطى.
وتلبى عملية بناء القوة من أسفل كثيراً من الضرورات التى تفرضها المتغيرات الراهنة فى العالم المعاصر والمجتمع المعاصر وخاصة ما يتصل منها بمواجهة المؤثرات الثقافية والاعلامية الخارجية ومقاومة تزييف الوعى بتزويد الجماهير وعامة الناس بوعى ديمقراطى ووطنى، وما يتطلبه التغيير من تنظيم وتعبئة القوى الاجتماعية المستفيدة منها للمشاركة بنفسها فى تحقيقه، الأمر الذى يتطلب معايشة يومية للجماهير، ونشاطًا فى كل المواقع والمجالات، ويمكن تلخيص اسلوب بناء القوة من أسفل فى عدة أسس وقواعد منها :
1 - تحويل الرؤى والمفاهيم الفكرية والسياسية التى تطرحها الحركة التقدمية من مجال الخطاب والفكر إلى مجال الفعل والحركة من خلال مجموعة من الاجراءات المحددة يتعين اتخاذها فى كل مجال وفى كل موقع بما يتناسب مع ظروفه الخاصة.
2 - الحرص على أن يتحقق من خلال النشاط مستويان من التفاعل، تفاعل القوى التقدمية مع المجتمع، وتفاعل الفرد مع الرؤية التقدمية وتمثله لها فى سلوكه اليومى، وأن يثمر هذا التفاعل فى تجسد الرؤية التقدمية فى أشخاص وفى تنظيم حى وفى حركة واقعية تجتذب إليها باستمرار اعدادا جديدة من المواطنين.
3 - ضرورة ممارسة مستويات متعددة من النشاط فى كل وقت تلائم القدرات المتنامية والمتفاوتة للعناصر النشطة، وتراعى إمكانياتها الفعلية وتوظيفها جميعًا مهما كانت محدودة، وهو ما يضمن اتساع نفوذ الحركة وتأثيرها وسط فئات اجتماعية جديدة، قد يلائم بعضها المستوى المتقدم للحركة الذى يلجأ للعمل السياسى المباشر، بينما يلائم البعض الآخر العمل الاجتماعى، الذى وإن كان عملاً سياسيًا، إلا أن عدم مباشرته لا يترتب عليه مخاطر أمنية.
4 - الحرص على تعدد مراكز ومجالات النشاط لتحقيق اقصى انتشار بين الشرائح والفئات الاجتماعية بحيث نستطيع خلق مجال للحركة والتأثير يشمل كافة مراكز التجمعات الجماهيرية التى يمكن أن تشكل قواعد للعمل السياسى والتنظيمى مثل : الاتحادات الطلابية، ونوادى هيئات التدريس، والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات الاهلية ومراكز الشباب.
وفى هذا الصدد فإن التواجد فى كل موقع يجب أن يتم من خلال آلية محددة، فيبدأ النشاط بعدد محدود جدًا من القيادات وعلى قدر ارتفاع قدراتهم الحركية سوف ينمو ويتسع النشاط وتصبح هذه المجموعة من النشاط نواة يتزايد ويتسع تأثيرها باستمرار.
5 - وهكذا يصبح بالإمكان تطوير هذا التواجد من مراكز متناثرة للنشاط تقودها نويات من العناصر النشطة والقيادات المحلية إلى شبكة محكمة من علاقات القوة والنفوذ من خلال تكامل وترابط نشاط هذه المركز (المواقع)، والذى سيحقق بالفعل للحركة عبر تأثيرها وسيطرتها على قطاع واسع من الجمهور إحداث التغيير من أسفل بحيث تكون عملية الوصول إلى السلطة مجرد إقرار بواقع اجتماعى وثقافى وسياسى قائم لا يمكن تغييره حتى بالقوة، لسنا فى حاجة للتذكير بأن هذا الواقع يتمثل فى جمعيات أهلية ومنظمات اجتماعية ونقابات عمالية ومهنية واتحادات طلابية ومؤسسات خدمة تعليمية وثقافية وصحية وأدوات اعلامية محلية واقليمية ومركزية... الخ. ومن خلال التواجد المؤثر فى هذه المؤسسات سوف تطرح الحركة التقدمية مضمون أفكار المشاركة الشعبية، وبدلاً من ظواهر الفردية والفساد والتفسخ الاجتماعى ستؤكد فى الواقع وفى الممارسة أفكار التعاون والتضامن الاجتماعى، والتكافل الاجتماعى والتراحم.
وهكذا فإنه من خلال عملية بناء القوة من أسفل يمكن أن تقيم القوى التقدمية بالفعل ما يمكن تسميته بالسلطة الاجتماعية التى تهيئ المجتمع لتمكين القوى التقدمية من السلطة السياسية ديمقراطيًا. وغنى عن القول أننا نطرح منهجًا يتطلب وقتًا طويلاً ونفسًا طويلاً حتى يؤتى ثماره، ويتطلب تربية سياسية لأجيال وأجيال من المناضلين التقدميين برؤية مختلفة عن تلك التى سعوا من خلالها فى الماضى إلى السلطة السياسية.

وعاء تنظيمى ديمقراطى
تؤثر الحياة الداخلية للحزب إيجابًا وسلبًا على أدائه فى المجتمع، ولما كنا قد ارتضينا الديمقراطية كأساس للتغيير، ونسعى لبناء الحركة التقدمية كحركة ديمقراطية فإن الحياة الداخلية للحزب يجب أن تنسجم مع هذا الهدف النضالى وتكون فى خدمته، مما يفرض على الاحزاب التقدمية أن تطور أوضاعها الداخلية بحيث تصبح أحزابًا ديمقراطية بالفعل، وهو شرط لاغنى عنه لنيل موافقة المجتمع المعاصر على تسليم السلطة - من خلال الانتخابات - لحزب من الاحزاب، فالحزب الذى لا يقوم بناؤه على الديمقراطية ليس مؤتمنا على نظام سياسى ديمقراطى، ويشمل التطوير المطلوب قواعد العلاقات الداخلية للحزب وبنائه التنظيمى.
تقوم الحياة الداخلية للأحزاب التقدمية فى مصر على قواعد المركزية الديمقراطية والبناء الهرمى للتنظيم، وقد اثبتت التجربة فى مصر وكثير من بلدان العالم أن تفاعل هذين المبدأين فى الممارسة قد أدى إلى الانحراف نحو المركزية، وانفراد اقلية محدودة فى المركز بالسلطة الحزبية، وفرض وصايتها على فروع الحزب، وتكريس روح الحلقية وسيادة البيروقراطية، وقمع الأقلية ومنع مأسسة الرأى الأخر، وانشاء بنية سيكولوجية لدى العضو تخشى الاختلاف والاستقلال والتميز، وهى ظواهر كفيلة باحباط تطور أى حزب، ونتيجة لذلك أصيبت الحياة الداخلية لهذه الأحزاب بالعقم والعجز عن استقبال العضوية الجديدة والاحتفاظ بها وتطويرها، وبالرغم من أن العمل بهذين المبدأين كان له ما يبرره فى الماضى فى ظروف العمل السرى والسعى لتغيير نظم الحكم بالقوة، إلا أن توجه الحركة التقدمية المصرية إلى النضال الديمقراطى انسجامًا مع روح العصر وظروف المجتمع المصرى يتطلب مواجهة هذه الأمراض والنقائص من خلال إرساء أسس جديدة للعلاقات الداخلية وإقامة بناء تنظيمى منفتح على الحركة الجماهيرية.



أولاً : قواعد مقترحة للعلاقات الديمقراطية الداخلية :
1- انتخاب الهيئات القيادية والمسئوليات القيادية فى إطار جماعية القيادة.
2 - تمثيل المستويات الأدنى فى المستويات الاعلى من خلال مندوبين تختارهم هيئاتهم ولها حق سحبهم فى أى وقت إذا لم يعبروا عن توجهاتها.
3 - خضوع الاقلية لقرارات الاغلبية، وهو مبدأ ديمقراطى يضمن وحدة المنظمة.
4 - الأخذ "بقاعدة الوحدة النضالية من خلال التنوع" بالاعتراف بالاقلية وتمثيلها فى الهيئات القيادية، وحقها فى التنسيق والتشاور، وتقديم تقارير للهيئات القيادية فى مواجهة تقارير الاغلبية، واستخدام الصحافة الحزبية وليس فقط النشرات الداخلية لعرض آرائها ومواقفها المخالفة لتوجهات الاغلبية. والسماح لها بالتطور وصولا إلى إمكانية وجود منابر متعددة داخل الحزب من خلال صحف وأدوات أخرى.
5 - انعقاد المؤتمرات الدورية لكل المستويات لمحاسبة الهيئات المنتخبة.
6 - التوزيع الأفقى للسلطة فى كل مستوى بحيث لا تتركز فى يد هيئة معينة أو مسئول حزبى معين .
7 - مراعاة مبدأ التخصص الذى يحقق مزيدًا من التوزيع الأفقى للسلطة الحزبية فى كل مستوى (تنظيم، إعلام، تثقيف، عمل جماهيرى، مالية... الخ)
8 - ممارسة الصحافة الحزبية لدورها كمؤسسة تعبر عن توجهات الحزب ومواقفه كما تحددها الهيئات القيادية متحررة من التأثير اليومى للمسئولين الحزبيين وتقديراتهم الشخصية.
9 - الالتزام بالعلانية والشفافية فى كل ما يتعلق بنشاط الحزب بحيث يتوفر للعضو كل البيانات والمعلومات عن الوضع الحزبى بما يمكنه من اتخاذ الموقف السليم ويدخل فى ذلك حجم العضوية والمالية والخلافات الداخلية.
وغنى عن البيان أن الأخذ بهذه القواعد تطويراً للديمقراطية الحزبية سوف يشيع الرضى وسط الحزب وهيئاته القيادية مما يرفع فعاليته وهكذا فإن وحدة الحزب وفعاليته يمكن ضمانها باعتماد الديمقراطية كمبدأ تنظيمى يحكم الحياة الداخلية.


ثانيا: بناء تنظيمى ديمقراطى منفتح على الحركة الجماهيرية.
لا يكتمل التطور الديمقراطى للحزب بدون استبدال البناء الهرمى المغلق ببنية تنظيمية جديدة تنفتح على الحركة الجماهيرية وتنطلق من مفهوم الحزب باعتباره اتحاد أو تجمع اختيارى لعدد من المناضلين يعبرون عن مصالح اجتماعية محددة ويهدفون من نضالهم المشترك الى الوصول لسلطة الدولة لتحقيق هذه المصالح بما يتفق مع المصالح العامة للمجتمع.
ويفرض هذا المفهوم نفسه على البناء التنظيمى.
1- فالأصل فى الحزب كاتحاد أو تجمع اختيارى للمناضلين أنه يتكون من شبكة من الفروع الاقليمية والمنظمات النوعية والمؤسسات الحزبية المركزية تتساوى كلها فى المكانة داخل الحزب ولها حقوق متساوية، تلتقى فى المؤتمر العام من خلال ممثلين منتخبين.
2- نضال الحزب السياسى والجماهيرى والبرلمانى يتم أساسا فى هذه المكونات الثلاثة: الفروع الاقليمية فى المناطق الجغرافية والمحافظات، والمنظمات النوعية (روابط المثقفين وتجمعات النقابيين،وتنظيمات الشباب والنساء والمهنيين)، والمؤسسات المركزية الحزبية التى سنتحدث عنها فيما بعد، وبالتالى فإن المستوى المركزى الذى يتشكل منه المؤتمر هو إطار للتنسيق والاتفاق على توجهات عامة وليس كيانا قائما بذاته يفرض إرادته عليها بما يتجاوز التوجهات العامة المتفق عليها.
3- يتشكل المستوى المركزى من مؤسسات حزبية لكل منها عضويتها المتخصصة فى مجالها ولها نظام عملها الداخلى ولائحتها الداخلية وتتحدد هذه المؤسسات بالمهام الأساسية التى تفرضها طبيعة الحزب على المستوى القومى وهى :
- انتاج الفكر وتزويد الحزب بالمعلومات وتمارس من خلال مركز البحوث والمعلومات.
- اعداد القيادات تمارس من خلال معهد إعداد القيادات
- الاعلام المركزى وتمارس من خلال مؤسسة اعلامية (دار للصحافة والطباعة والتوزيع)
- العمل التنظيمى ويمارس من خلال المكتب المركزى للاتصال والتنسيق الحزبى
- العمل الجبهوى ويمارس من خلال المكتب المركزى للعمل الجبهوى
- العلاقات الخارجية وتمارس من خلال مكتب العلاقات الخارجية
-المالية وتمارس من خلال الصندوق المالى.
ويساعد تشكيل المستوى المركزى من مؤسسات على مزيد من التوزيع الأفقى للسلطة الحزبية ومزيد من فعالية الأداء.
4 - تتحدد طبيعة العلاقة بين الفروع الاقليمية والمنظمات النوعية والمؤسسات الحزبية المركزية من خلال لائحة النظام الأساسى التى تتضمن أسسا وقواعد عامة للبناء الحزبى تترك التفاصيل لكل فرع ومنظمة اقليمية ومؤسسة مركزية لتصميم بنائها الداخلى بما يتناسب مع طبيعة النشاط أو ظروف الموقع أو المجال (أى أنه لا يشترط أن يتمشى مع التقسيم الإدارى للدولة بل مع مناطق التجمع الجماهيرى وبناء عليه فإنه يمكن إنشاء فروع للحزب جماهيرية (حلوان) المحلة الكبرى.. الخ) تمثل فى المؤتمر العام مباشرة كما يمكن أن يتكون البناء الحزبى فى بعض الفروع من مستويين فقط هما المستوى القاعدى وقيادة الفرع.
5 - للفروع الاقليمية والمنظمات النوعية حقوق متساوية داخل الحزب ولكنها تتمايز فيما بينها فى التمثيل فى المؤتمر العام والهيئات المنبثقة منه بناء على مكانتها وفاعليتها فى المجتمع على ضوء المعايير التالية :
- حجم العضوية الحزبية العاملة ومدى انتشارها فى مؤسسات المجتمع المدنى.
- حجم التواجد فى قيادة الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدنى والمجالس المحلية ومجلس الشعب.
- مدى الاسهام فى تمويل النشاط المركزى وتغطية التكلفة المالية للنشاط الاقليمى ذاتيا.

ملاحظات ختامية :
- لعل القارئ قد لاحظ أننى لم أشر إلى البعد العربى للحركة التقدمية المصرية، رغم قناعتى أن مصر جزء من الوطن العربى وأن مستقبلها مرتبط بالمستقبل العربى الأمر الذى يحتم أن يكون للحركة التقدمية المصرية دورها النضالي عربيًا، وأن تنسق مع سائر اقسام الحركة التقدمية العربية. ولكننى أعتقد أن مسئوليتنا الأولى فى مصر هى إعادة تجديد الحركة التقدمية المصرية، وتقديم نموذج مستقبلى ديمقراطى يصلح كأساس للحوار التقدمى العربى، ولعل الظروف تنضج مستقبلاً لانتظام اللقاءات الدورية بين القوى التقدمية العربية لتبادل الرأى والخبرة ومناقشة القضايا المشتركة.
- لم يرد فى خاطرى أن هذه الدراسة تقدم حلال كاملاً لاخراج الحركة التقدمية المصرية من أزمتها، بل كان أقصى ما اتطلع إليه هو تقديم رؤية قابلة للتطوير والتعديل من خلال النقاش الجماعى، وأن استثير بما أطرحه الآخرين لتقديم رؤيتهم، ومن خلال التفاعل الصحى نستطيع أن نتقدم خطوة حقيقية على طريق التجديد.
- لا يسمح الحيز المتاح بمعالجة كثير من القضايا الهامة وخاصة فيما يتصل بأسس تجديد الحركة التقدمية وتطوير الأحزاب التقدمية، ولعل هذا النقص يتم تداركه من خلال النقاش الجماعى، أو من خلال دراسات أخرى.



#عبد_الغفار_شكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الثالث
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الثانى
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الأول
- أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الثانى
- أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الأول
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الرابع والأخير
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية- الجزء الثالث
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية - الجزء الثانى
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الأول
- نحو ثقافة عربية ديمقراطية
- نشأة وتطور المجتمع المدنى : مكوناته وإطاره التنظيمى
- الانتقال الديمقراطى فى المغرب ومشاكله
- الأحزاب العربية وثقافة حقوق الإنسان
- تحالف الجنوب فى مواجهة أممية رأس المال
- عروبة مصر والصراع العربى الصهيونى
- الأمن العربي والتقدم العلمي
- الطبقة الوسطى والمستقبل العربى
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثالث
- تطور الفكر الاشتراكى فى مصر1970-2000 الجزء الثانى
- العولمة والديمقراطية فى الوطن العربى


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الغفار شكر - تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الرابع والأخير