كامي بزيع
الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 15:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
شكلت برامج الهواة التي راجت منذ مطلع هذا القرن إقبالاً شبابياً منقطع النظير، ليس فقط لأن الشباب والشابات المشاركين بالبرامج شكلوا مثالاً لألوف الشباب والصبايا في معظم انحاء الوطن العربي ، بل ايضاً لأنها منحتهم حرية طالما حلموا بها.
استطاعت "برامج الواقع" ان تخلق مكاناً آخر للحلم. مكاناً آخر للواقع. ابعاده ليس فيها من المحظورات التقليدية المعروفة، فالاختلاط فسح المجال لمعرفة الواحد للآخر، أو الواحدة للأخرى، اضافة الى نمط حديث من الثياب، سلوك مختلف، لغة شبابية، وتفاصيل شغوفة اثارت حشرية الجميع، هذا ما ليس متوفراً في الحقيقة حيث يعيش الأفراد تحت وطأة تقاليد وعادات لا يمكن اختراقها بسهولة.
ان مدى الحرية التي منحته هذه البرامج للشباب والشابات ليس فقط في التماهي وانما أيضاً في المشاركة، وذلك بإختيار متباري بعينه عبر التصويت له. وهذا بحد ذاته أضاء تلك الجوانب المكبوتة عند الأجيال الشابة، بمنعها من القرار والتقرير واحساسها بأنها مشاركة فعلاً ولو بطريقة افتراضية في اختيار مشارك، طالما عنى لها الكثير.
وهكذا استطاعت هذه البرامج ان توقظ الإحساس بالوجود، بوعي التصويت، بابداء الرأي، بأهمية المشاركة، بالإنخراط حقيقة في واقع "تلفزيوني" إن صح التعبير، بتفجير المكبوت. لكن هذه النهضة أدت الى أبعد من ذلك، لقد تمثلت "برامج الواقع" في الواقع، فتحولت الى لغة حقيقية، لها مكانها وزمانها، تجسدت في حضور الشباب والشابات في الساحات والميادين والطرقات العامة مطالبين بالحرية والديموقراطية والتجديد.
لم تنبثق حركات "الربيع العربي" من الجامعات مثلاً أو من المدارس إنما انطلقت من كافة المستويات الاجتماعية حيث هدرت اصوات الشباب والشابات أنفسهم ممن شاركوا في برامج "الواقع".
تحول المشاركون في برامج الواقع، عبر التصويت، والحضور الى مشاركين حقيقيين في الميدان. ذلك ان وعي دورهم تجسد بشكل حاسم حيث لم يعد يستطيع التواري أكثر. حضورهم الآن ليس فقط عبر كبس رقم على التلفون للتصويت للمشترك الأفضل لديهم ، بل ان مشاركتهم أصبحت بتغيير جذري في بنية السلطة بأكملها التي طالما تجاهلتهم.
"برامج الواقع" تحولت الى الواقع الشعبي الحقيقي، ولكن يبقى السؤال، كيف سيتم إخراج هذه "البرامج" لتحقق حلم الشباب والشابات بسطوع نجمهم المفضل "الحرية"؟
#كامي_بزيع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟