أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون النبواني - كيوبيد الأحول














المزيد.....

كيوبيد الأحول


خلدون النبواني

الحوار المتمدن-العدد: 3607 - 2012 / 1 / 14 - 23:58
المحور: الادب والفن
    


قدّمت الأسطورة الرومانية لنا (كيوبيد) على أنه إله الحب، وابن لفينوس إلهة الخصب والحب والجمال، وقد صوّروه النحاتون على هيئة طفل صغير جميل له جناحي ملاك بعينين بريئتين واسعتين صافيتين جميلتين رائعتين، يحمل قوساً وجعبةً من السهام فإذا ما رمى شخصاً بأحد سهامه، وقع ذلك المرء مضمّخاً بدم العشق لا حول له ولا قوة على ردّ قدره.
بشكلٍ أو بآخر قُيِّض لهذه الأسطورة أن تظل حيّة حتى يومنا هذا فتسللت إلى عالمنا اليومي بصورة عفوية لاواعية؛ إذ درجنا منذ الصغر على رسم قلبين يخترقهما سهم عند رغبتنا التعبير عن حالة حب دون وعي منا بأننا نرسم سهم كيوبيد الذي يخترق قلب المرء فيسقط عاشقاً جريحاً من سهام هذه الإله الشقيّ. سأتجاسر هنا لأعلن بُطلان تلك الصورة الزائفة أو تغيرها على الأقل معتمداً على معاناتي الشخصية مع كيوبيد ومعاينتي لمصائب آخرين ابتلوا بأخطائه القاتلة، زاعماً بأن كيوبيد قد كبر في العمر، وأصابته آلام الشيخوخة، ولم يعد ذلك الطفل البريء النشيط الرشيق.
لقد طال الزمن طفولة كيوبيد وذهب بحبره وبسبره فغدى ما أن يشد وتر قوسه ليرمي به قلباً حتى تصيبه آلام في الرأس وزوغان في النظر واحولال في العينين وارتجاف في يديه وركبتيه فتغيم الصورة أمام عينيه الكليلتين المحولّتين فيعجز عن الإصابة كلما حاول أن يرمي غافلاً بسهامه. لكن ذلك الشيخ الهرم يرفض الاعتراف بهزيمته أو حتى بقبول كبر عمره وخرفه وخيانة عينيه له وتراجع مهارته، بل إن إخفاقه في إصابة قلبي مثلاً قد أخرجه عن طوره وجعله أكثر تصميماً وأشد عزماً وأكثر عصبيةً وأقل صبراً، فراح يمطرني بوابل من سهامه دون أن يدرك مني مقتلاً. هكذا راحت سهامه تمرّ دوني فلا يهتز لها قلبي ولا يرف لها جفني، واستمر كيوبيد على تلك الحالة فلا سهامه نضبت ولا قلبي أصيب الأمر الذي دفعه إلى تغيير استراتيجيته بأن يحدد دريئةً أخرى عله يصميني ويصحح الخطأ بالخطأ، وعندما كان ينجح (وقليلاً ما فعل) ويخترق السهم سويداء قلبي يكون الألم فاجعاً والنزف غزيراً، لكن الشخص المقصود خطأًًًًًَُُ لإصابتي لا يرضى أن يتحول سهمه إلي فيأتي بعد أن ينال الألم مني مناله وينتزع السهم المدمى بوقاحة متهماً إياي بأنني تعمدت سرقته منه محذراً إياي من تكرار ذلك متوعداً إياي بويلات جهنم لاعناً سلسفيل أجدادي معتبراً الخطأ خطأي ظاناً بأنني اخترقت بصدري الشرس أحشاء سهمه الخاص إذ لا يخطر ببال أحد أن المخطئ هو كيوبيد الإله، والآلهة كما نعلم تتمتع بحصانة وثقة لا يرقى إليها الشك. هكذا يبقى جرحي مفتوحاً ينزف بدون توقف مسمماً لي دمي وأبقى أنا معانياً من نزيفي عاجزاً عن خياطة قلبي لاعناً وكافراً بآلهة الحب وغيرها والتي لا تعترف بكبرها وتقادم عهدها وعدم أهليتها لإدارة شؤوننا متصورة أنها الأقدر بل الوحيدة المؤهلة لإدارة شؤون الدين والدنيا .

كانت هذه قصتي مع كيوبيد دائماً. فكم من امرأة قابلت في حياتي لم تحرك فيّ ساكناً، وفي المرات القليلة التي كنت أقع في الحب كنت أسقط مغشياً علي فاقداً القدرة على تفسير ما حصل مدركاً بعد فوات الأوان بأن السهم الخطأ أصاب الفؤاد الخطأ وأنني أحببت المرأة غير المناسبة لي.
فيا سادتي إنني وبعد ما حصل لي سأكون ذلك الطفل الذي صرخ بجرأة أمام خوف الجميع : إن الملك عارٍ، سأكفر إذن بقداسة كيوبيد لأؤكد أنه قد تقادم به العمر ولم يعد صالحاً لتوكل قضايا الحب داعياً إياه إلى الاستقالة وبشكل سلمي داعياً كل الناس الذين أصابتهم رشقاته الخاطئة والمبتلين بأغلاطه والعاجزين عن التعبير خوفاً من غضب الآلهة إلى الانضمام إلي وإعلان العصيان على الآلهة القديمة والمطالبة بحقنا في اختيار من نحب دون الاعتماد على قسمة السماء التي لم تكن عادلة يوماً.



#خلدون_النبواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برهان غليون كما أعرفه رداً على سعدي يوسف
- المقدمة غير الضروريّة
- من محادثة ليلية على الفيس بوك
- من شهادة حمار نجا من المجزرة
- كي لا تتقمص الضحية دور جلادها: الثورة السوريّة ومخاطر انزلاق ...
- أنا وصديقتي - الشبيحة -
- مغامرات أليس في بلاد العساكر
- بركان جبل العرب الخامد: السويداء والعطالة الثورية
- تحية لطيب تيزيني مثقفاً ملتزماً


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون النبواني - كيوبيد الأحول