|
ساويرس يزدَري …
حسام محمود فهمى
الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 23:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أحال النائب العام رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس إلى المحاكمة، بتهمة ازدراء الأديان والإساءة للدين الإسلامي عبر رسوم كاريكاتيرية، على أن تحدد محكمة استئناف القاهرة موعداً لإجراء أولى جلسات نظر الدعوى. وكانت النيابة العامة قد انتهت من التحقيقات التي يتضمنها البلاغ رقم 8655 الذي يشمل الترويج للسخرية من الدين الإسلامي وازدراء الأديان، وهو تصرفٌ يعتبرُه القانونُ المصري مُهدداً السلام الاجتماعي، ومثيراً الفتن في المجتمع. وقد انتهت التحقيقات التي أجرتها النيابة، مع مقدم البلاغ عضو مجلس النقابة العامة للمحامين وأربعة عشر محاميًا آخرين شاركوا في تقديمه ضد ساويرس، مُتهمينه بتعمد الإساءة للإسلام والاستهزاء بالملابس والرموز الإسلامية. وذكر مقدم البلاغ في أقوالِه أن لساويرس مَواقفٌ مُعلنةٌ منها رفضُه للمادة الثانية من الدستور التي ترى أن الإسلامَ دينٌ للدولةِ ومصدرٌ أساسيٌ للتشريع، وكذلك رفضُه للحجاب وجلاليب الرجال القصيرة، وهو ما يدلُ على أنه يتعمدُ ازدراءَ الملابسِ والرموزِ الإسلاميةِ. ونَسبَت التحقيقاتُ لساويرس أنه تعمدَ إظهارَ رسم كاريكاتير لصورتين لشخصية ميكى ماوس، على رسمٍ منهما نقاباً لإمرأة وعلى الآخر لحيةً وجلابيةً لرجل. يُذكَر أن ساويرس كان قد قدم اعتذارَه، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، كما أكَدَ أن الرسمان موجودان على الإنترنت من قبل وليسا من فعلِه، وذلك بعد أن تعَرضَ على خلفية نشره للرسمين لهجومٍ وانتقادٍٍٍ شديدين ومقاطعة لشركة موبينيل لخدمات المحمول.
وينصُ قانون العقوبات المصري في
المادة 98 فقرة (ا) على أنه يؤثمُ الازدراءُ بالعقيدة الدينية ويُعاقب مرتكبها بالحبس من ستة شهور إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة جنيه إلى ألف جنيه مصرى.
أما المادتان 160و161 من القانون ذاته فتنصان على أنه يُعاقبُ بالحبس وبغرامة لاتقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى العقوبتين، وتُحددان الجنح المتعلقة بالأديان في كل من شَوش على إقامة شعار ملة أو احتفال دينى خاص بها أو عطلها بالعنف أو التهديد، وأيضاٍ كل من خَرَب أو كَسرَ آو أتلَفَ أو دنَسَ مبانى مُعدة لإقامة شعائر دين أو رموزاً أو أشياءً أخرى لها حرمةٌ عند أبناءِ ملةٍ أو فريقٍ من الناس، وكذلك كل من انتهَكَ حرمةَ القبورِ أو الجبانات أو دَنَسَها. ويخضعُ لذاتِ العقوبةِ من طبع أو نشر كتاباً مقدساً فى نظرِ أهل دين من الأديان التي تُؤدى شعائرُها علناً إذا حَرَفَ عمداً نصَ هذا الكتاب تحريفًا يُغيرُ من معناه، وكذلك من قَلَدَ احتفالاً دينياً فى مكانٍ عمومى أو مجتمعٍ عمومى بقصدِ السخرية به أو ليتفرجُ عليه الحضورُ.
النصوصُ واضحةٌ في تحديدِ الأفعالِ المؤثمةِ والعقوباتِ المُقررةِ لها، وهو ما يؤكدُ على أن القوانينَ موجودةً، أين الخَلَلُ إذن؟ الإجابةُ بسيطةٌ، في تنفيذِ القانونِ وتطبيقِه على الجميعِ. اِحتلَ خبرُ إحالةِ ساويرس للمحاكمةِ مساحاتٍ واسعةٍ من الصحفِ ووكالاتِ الأنباءِ العالميةِ، وهي إشارةٌ إلى أن الشأنَ المصري ليس محلياً فقط، وأن مصرَ تحت أعين العالمِ في توجُهاتها الُمقبلةِِِ من حيث احترامِ حرية الأديانِ والتعبيرِ والمساواة أمام القانون وغيرِها من حقوقِ الإنسان واجبة الاحترام.
لا دفاعَ عن مخطئ أياً كان، لا ساويرس ولا غيره، وهم كُثرُ، وهنا موطئ هذا المقالُ. ما أعطى إحالةَ ساويرس إلى المحكمةِ بتهمةِِ ازدراءِِ الأديانِ هذا الصخبَ أنه حالةٌ لم تتكررْ في أحداثٍ شَهَدَت إحراقَ كنائسٍ وتعدٍٍ على رموزِ المسيحيين الدينيةِ وأشخاصِهم ومحالِهم، وهو ما أعطى انطباعاً بأن ازدراءَ الأديانِ فعلٌ يلقى تسامحاً أو تجاهُلاً، أنه إذن مباحٌ، للجميع على قدرِ المساواةِ. لكن ما نشهدَه الآن هو استخدامٌ انتقائىٌ للقانونِ، يَرى عندما يرادُ له وأيضاً كذلك يَغفَلُ. الإنترنت ووسائلُ الإعلامِ الحديثةُ لا تكذبُ ولها ملايين الأعين، ما نشرَت من أفعالٍ مؤثمةٍ حسب نصوص قانونِ العقوبات المصري السالفِ ذكرُها أكَدَت أن ازدراءَ الأديانِ في مصر فعلٌ شائعٌ واردٌ عيني عينك، ومع ذلك لم تُحلْ للقضاءِ إلا حالاتٍ نادرةٌ كان مرتكبوها من الأقباطِ.
أُحيلَ ساويرس للمحكمةِِ لأنه ازدرى الدين، لكن لماذا تُقاطعُ شركاتُه التي يعملُ فيها عشرات الآلاف من المسلمين؟ هل عُدنا لعصورِ منحِ صكوكِ القبولِ والمنحِ والمنع؟ إلى ما تذهبُ مصر؟ الدين أسمى من يُستغلَ القانونُ باسمِه للترهيبِ والإذلالِ وكسرِ العيون، وأنزهُ من أن ينامَ القانونُ عن ملاحقةِ من ازدرى دياناتٍ أخرى تحت أي فتوى أو إباحة، إذا كانت مصر في الخاطرِ، وليس أهدافاً وأغراضاً أخرى.
مصر تُفاوضُ صندوقَ النقدِ الدولي من أجلِ ثلاثة مليار دولار تقترضُها، ألهذه الدرجةِ أهينَت بفعلِ كلِ من غَفِلوا عن أمانةِ الحفاظِ عليها وتفرغوا لما يخصُهم تحت مسمياتِهم وأولوياتِهم؟
مدونتي: ع البحري www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary
#حسام_محمود_فهمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولةُ الخلافةِ …
-
وبعد انتخاباتِ الجامعاتِ …
-
الخوفُ من الحكمِ باسم الدين .. ليس وهماً ولا مبالغةً
-
الاختيارُ الآمنُ …
-
من عنده كلمة يوفرها ...
-
القذافي .. مفيش غير كده
-
أقباطٌ مواطنون وليسوا أقليةٌ مهاجرةٌ …
-
ثورةٌ أم غسيلُ ماضي؟!
-
أساتذة الفيسبوك …
-
هل تصبحُ مصرُ دولةَ العبيدِ والسبايا؟
-
يا وزير التعليم العالي … كيف حصلت علي إحصائياتك ومن أين؟!
-
الجامعات داخلة الجُب … ومعها وما معها
-
هي جَت علي العريش؟!
-
من عبرات سقوط الدولة العثمانية ... وأي دولة دينية
-
هل اِنتُخِبَ طه حسين وأحمد لطفي السيد؟!
-
صنائعُ الفضائياتِ …
-
كثير كده؟!
-
اِحترموا أنفسكم بَقَى …
-
مِهنُ ما بعد الخامسِ والعشرين من يناير …
-
اللاسلوكيات …
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|