|
هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير
مجدى خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3604 - 2012 / 1 / 11 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاسبوع الماضى اتصل بى د. داويت بشير، نائب رئيس مفوضية الولايات المتحدة للحريات الدينية، وقال لى أن صحفية فى وول ستريت جورنال تكتب تقريرا عن هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير وأنها سألته عن رقم قالت أن محامى قبطى من القاهرة اعلنه، وهو أن أكثر من مائة الف قبطى هاجروا إلى أمريكا وأوروبا وكندا واستراليا منذ مارس 2011 نصفهم تقريبا إلى الولايات المتحدة، ووصلت الجرأة بهذا المحامى بتحديد أعداد الأقباط الذين هاجروا وفقا للولايات الأمريكية. وكانت أجابتى أن هذا الرقم عار تماما من الصحة،وأن من هاجروا إلى الولايات المتحدة لا يزيدون عن عدة آلاف، وهذا التقدير سوف أوضح فى نهاية المقال كيف حصلت عليه، فقال لى أنه سيتصل بالصحفية لكى تتصل بك، ولم اتلقى أى اتصال منها حتى كتابة هذه السطور، ربما لإنشغالها فى أجازات رأس السنة أو ربما صرفت نظر عن الموضوع، أو جهزت تقريرها بالأرقام المفبركة التى أعلنها المحامى أياه والمعروف بفرقعاته الإعلامية لجذب الأنتباه إلى مكتبه. عودة إلى هجرة الأقباط عام 2011، هناك نوعان من الهجرة،الأول هو الهجرة القانونية المرتبة، والثانى هو الحصول على فيزا دخول والسعى بعد ذلك لتحويلها إلى فيزا هجرة أما بالزواج أو بالعمل وفى معظم الحالات باللجوء السياسى( أسمه اللجوء السياسى حتى ولو كان لأسباب دينية). بالنسبة للهجرة القانونية المرتبة هى ليست مرتبطة بقيام ثورة أو عدم قيامها لأنها إجراءات طويلة تستغرق وقتا بناء على نوع الهجرة : زواج-عمل(بيزينس أو عقد عمل)-أقارب درجة أولى-أقارب درجة ثانية-هجرة عشوائية-أو بتقديم طلب هجرة أو بتقديم طلب هجرة لكندا واستراليا يستغرق وقتا. بالنسبة للهجرة القانونية فهى حسب معرفتى بالموقف تراجعت عام 2011 لكل المصريين نظرا للإضطرابات السياسية فى مصر وغلق معظم السفارات الغربية لأوقات متفرقة، وتم تأجيل العديد من المقابلات الخاصة بالهجرة وجدولتها فى مواعيد لاحقة لعام 2012. أما بالنسبة للهجرة بعد الحصول على فيزا دخول وتحويلها إلى لجوء، فلا توجد جهة فى مصر، سواء الخارجية أوالداخلية أو الجهاز العام للتعبئة العامة والإحصاء، يستطيع ذكر أعدادها. والجهة الوحيدة مثلا التى تستطيع معرفتها فى أمريكا وبصعوبة هى وزارة الأمن الداخلى الأمريكية التابع لها إدارة الهجرة، وفى جلسة الأستماع الخاصة بالأقباط يوم 7 ديسمبر 2011 طالب عضو الكونجرس فرانك وولف من مساعد وزيرة الخارجية لحقوق الإنسان إمداده بعدد الأقباط الذين تقدموا باللجوء عام 2011، فأجابت أنها سوف تخاطب وزارة الأمن الداخلى لمعرفة الرقم وإبلاغه به. والسؤال كيف تكون هناك صعوبة حتى فى وزارة الأمن الداخلى الأمريكية لمعرفة الرقم الحقيقى لحالات لجوء الأقباط؟.الإجابة لأنه عليها أن تخاطب 50 ولاية أمريكية لمعرفة الرقم، وعلى كل ولاية فرز طلبات اللجوء القادمة من مصر ومعرفة من الذى طلب اللجوء لأسباب دينية دون غيرها، وكذا فرز القبطى من المسلم من هؤلاء،لأن هناك مسلمين أيضا يقدمون لجوء لأسباب دينية، وقد ساعدت شخصيا الدكتور أحمد صبحى منصور وعائلته لطلب اللجوء نتيجة للإضطهاد الدينى لأنه قرآنى، وساعدت أحد أبناءه فى الحضور لأمريكا ثم قدمت أربعة خطابات توصية من متنتدى الشرق الأوسط للحريات لمكتب الهجرة بأنهم مضطهدون فى مصر لأسباب دينية. وجب التنويه كذلك أن قبول اللجوء إلى أوروبا أو كندا أو استراليا صعب ، والدولة الوحيدة فى الغرب التى تقبل حالات لجوء الأقباط الدينى بسهولة هى الولايات المتحدة،إذن فأن معظم حالات النوع الثانى من الهجرة هى إلى الولايات المتحدة، فكم عدد الذين تقدموا تقريبا باللجوء إلى الولايات المتحدة خلال عام 2011؟. مصادرنا لهذه التقديرات التقريبية هى الكنائس القبطية والمحامين المعروفين بالعمل فى ملف اللجوء للأقباط، وفقا للكنائس فأن عدد حالات اللجوء يتراوح ما بين حالة وأحدة وعشر حالات فى كل كنيسة، وفى كل كنيسة هؤلاء معروفون لأنهم قادمون جدد وأيضا يلجئون للكنيسة لمساعدتهم فى هذا الموضوع،والكنيسة بدورها تعطيهم أرقام تليفوناتنا لنساعدهم فى تقديم مستندات ومقالات ومحاضر جلسات الكونجرس التى تثبت إضطهاد الأقباط فى مصر، ووفقا لهذه المصادر جميعا لا يتعدى عدد الذين تقدموا باللجوء عام2011 عدة آلاف، صحيح أن النسبة أعلى من السنوات السابقة ولكنها ليست بالتهويل الذى قال المحامى اياه. وبالمنطق والعقل فأن الأقباط منذ عام 1952 تعرضوا لشدائد كبرى منها تأميم ممتلكات كبار العائلات القبطية فى الخمسينات والستينات، ومنها موجة التطرف الدينى فى السبعينات والثمانينات، ومنها موجة الإرهاب فى التسعينات، ومع كل هذا يقدر عدد الأقباط الذين تركوا مصر إلى جميع دول المهجر خلا 60 سنة بمليون ونصف مليون قبطى بمعدل 25000 فرد فى السنة فى وقت كانت دول المهجر تشجع كثيرا الهجرة،والآن تغير الوضع وحدث تشبع فى العديد من دول المهجر، ناهيك على أن معظم الذين هاجروا كانوا يبحثون عن النجاح المهنى والمادى،أى أن معظم الحالات تمت لأسباب أقتصادية، وللعلم فأن هجرة المسلمين فى السنوات الأخيرة إلى الغرب أعلى من هجرة المسيحيين نتيجة لأن التمييز الواقع على الأقباط أبرز العديد من الكفاءات المسلمة المؤهلة والمطلوبة للهجرة فى دول الغرب.كما أن لأقباط يزيدون عن 12 مليون نسمة ولو ترك مصر مليون شخص خلال الخمسين سنة القادمة، فان هذا العدد سيكون أقل كثيرا من النمو الطبيعى لتعداد الأقباط خلال تلك الفترة، من هنا نستطيع أن نقول أن الكتلة الرئيسية من الأقباط باقية فى مصر ولا توجد بلد فى العالم مستعد لأستقبال 12 مليون قبطى، لا أمريكا ولا غيرها،وان أى كلام عن هجرة الأقباط هو كلام مريب موجه للتأثير النفسى عليهم لترك وطنهم. اضف إلى ذلك فأن قرار الهجرة ليس قرارا سهلا،وأنا أعرف بعض أقاربى وأصدقائى لديهم جوزات سفر غربية أو تصريح اقامة ولكنهم لم يغادروا مصر بعد 25 يناير، ولا أنصح أى قبطى بالهجرة أو بالسفر إلا إذا كانت ظروفه فى مصر صعبة جدا، أو بسبب حصوله على فرصة حقيقية للعمل فى الخارج. المشكلة التى تواجه المصريين جميعا فى مصر حاليا ليست هى فوز الإسلاميين حتى ولو كان هذا الأمر مزعجا، فالأقباط لديهم من الصلابة والإيمان ما يجعلهم قادرين على التغلب على أصعب الظروف، ولكن المشكلة الحادة هى المشكلة الأقتصادية وغياب القانون، فمصر تتدحرج نحو كارثة أقتصادية نتيجة لسوء إدارة المرحلة الإنتقالية ونتيجة لغياب الرؤية ونتيجة لعدم الأستقرار الطبيعى المصاحب للثورات فى سنواتها الأولى. بقى أن نقول أن لسان حال الأقباط ينطق بما قاله محمود درويش: باقون هنا...دائمون هنا...خالدون هنا، ولنا هدف وأحد.. وأحد... وأحد.. أن نكون. فالأقباط هم بقايا تلك الأمة المصرية العريقة في الحضارة التي أجمع الكل على أنها اقدم الأمم في المدنية وأسبقها في التمدن". كما يقول يعقوب نخلة روفيله. أما إدوارد واكين فيقول "أقباط اليوم يشتركون مع الأقليات جميعا في نضالهم العالمي للبقاء في الحياة، يرجعون في أصلهم إلى الفراعنة القدماء، وبذلك فهو يتمتعون بقوة احتمال وصلابة الأهرام وإرادتهم وعزيمتهم في أن يحتفظوا بشخصيتهم القبطية تتكرر بشكل لا نهائي خلال تاريخهم القديم وفي موقفهم المعاصر.. انهم هناك في مصر، وهناك سيبقون على أنهم "المصريون الحقيقيون"و "المسيحيون الأصليون" أقباط وادي النيل، تلك الأقلية المهمومة الصابرة المعزولة". كاتب المقال مفكر مصر وناشط حقوق إنسان بارز ومدير منتدى الشرق الاوسط للحريات-واشنطن
#مجدى_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عام الغضب الشعبي
-
شخصيات الثورة المصرية لعام 2011: رؤية شخصية
-
ماذا يعنى سقوط الدولة؟
-
كيف اختطف الإسلاميون الثورات العربية - كتاب جديد لجون برادلى
...
-
هافيل والشحات وأشياء أخرى
-
الخطأ الأمريكى الأستراتيجى الثانى فى التقارب الجديد مع الإسل
...
-
هل يصطدم الأخوان بالعسكر؟
-
ثورة ولا مش ثورة؟
-
الصفقة السياسية المفضوحة
-
ماذا يعنى أختيار الجنزورى؟
-
العسكر والإنتخابات وأشياء أخرى
-
أهمية الإنتخابات القادمة: فى حالة عدم تأجيلها
-
خطاب عنصرى للشيخ القرضاوى
-
ماذا يقول تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان؟
-
ماذا يريد المجلس العسكرى من المصريين؟
-
هل يتعظون من القذافى؟
-
دروس من أنتخابات نقابة أطباء الأسكندرية
-
جريمة ماسبيرو... والعدالة الدولية
-
شهادات على مذبحة ماسبيرو(1)
-
يقظة الأقباط.. والحفاظ على الدولة المدنية
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|