|
الأسد والتحالف الطائفي: ثنائي وثلاثي ورباعي
عمر سعد الشيباني
الحوار المتمدن-العدد: 3602 - 2012 / 1 / 9 - 08:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجميع يعرفون أطماع إيران في دول الجوار. فهي منذ أيام الدولة الفارسية كان لها نفوذ على العراق المتمثل بالمناذرة ووصل نفوذها حتى اليمن. وبعد أن انهارت امبرطوريتها على يد العرب المسلمين، ظل العنصر الفارسي مميز في الدولة الاسلامية، فقد نبغ الكثير منهم في الترجمات والتأليف ومجالات ثقافية كثيرة. حتى نقل الحديث واصوله أتت على أيدي فارسية، لما لهم من خبرة قديمة في ادارة شؤون الدولة والمدنية. وعندما ظهرت الحركات التي تدعى شعوبية كان للفرس يد هامة فيها. لكن خلافا لما هو معتقد أن الشعوبية كان في توجهها ميول شعية. وهذا غير صحيح لأن الغالبية العظمى في إيران كانت تدين بالمذهب السني حتى أتى إسماعيل الصفوي وشيع غالبية الفارسيين. ويقال حتى يضمن الولاء لهذا المذهب ، كان يأمر أتباعه بشتم الصحابة في الآسواق، ومن يعترض من العامة، كان يقتل دون محاكمة. كان الصراع في العهد الوثني مع الفرس، ثم استمر في دولة الاسلام، وتواصل بعد الدولة الصفوية في لباس ديني ملي. حتى أتت الحرب العالمية الثانية، ليختار الروس والانكليز محمد بهلوي ملكاً على إيران عوضاً عن أبيه الذي كان له ميول مع هتلر. وربما أتى الميول من الاعتقاد أن الفرس من العرق الآرى وبسبب ذلك أطلق رضا بهلوي على بلاد فارس اسم (إيران). وأيضاً، خلافا لما كان يعتقده أنور السادات بأن الشاه بهلوي هو من سلالة ملوك منذ آلاف السنين، فالحقيقة أن رضا بهلوي كان مجرد ضابط صغير في الدولة القاجارية ثم قام بإنقلاب على الشاه واستلم رئيس وزراء ثم تملك. وفي عهد الشاه بهلوي، دعمت امريكا النظام الايراني بالسلاح والسياسة حتى كان أقوى جيش في الشرق الآوسط. لكنه بعد إلغاء الاحزاب وحكم البلاد بالقبضة الحديدية مثل (حافظ الاسد في سوريا)، انتفضت إيران عن بكرة أبيها بكل احزابها. اليسارية والقومية والدينية. استغل رجال الدين نقمة الناس وحرفوا الثورة حتى سيطروا عليها كلياً بعودة الخميني من بريطانيا. ارتبطت في تلك الفترة النقمة ضد الشاه وحلفائه ، خاصة امريكا. وهذا الميول كان من الاحزاب اليسارية التي أسست له، ونحت على منواله ملالي إيران، لكن مع فتح اقنية دائمة مع امريكا واسرائيل. الاقنية مع اسرائيل معروفة في فضيحة شراء قطع تبديل للسلاح من اسرائيل في الحرب مع العراق. وعندما قامت الثورة في ايران، بدأ التحرش من كلا الطرفين على الحدود. بالطبع، كان المحرك امريكا، خاصة بعد الرهائن في طهران. وكان لابد على صدام من إتخاذ دور فاعل ضد النتائج التي تمخضت عنها الثورة الايرانية. وعرف هو ذلك، فهاجم ايران بدعم امريكي اوروبي خليجي، وتغلب على الجيش الايراني في البداية. واستمرت المعارك ثماني سنوات (على خذ وهات- أي هزائم وانتصارات). حتى اكتشف الطرفين أن ليس هناك غالب ولامغلوب، ولا مفر من الصلحة وتبويس الشوارب. ونعود الان إلى دور (القائد الضرورة) الاسد في هذه الحرب. كما قلنا في مقالة سابقة، إذا اردت أن تضمن الولاء داخلياً، عليك أن تحكم عن طريق قاعدة شعبية، وإذا لم تتوفر هذه القاعدة، فعليك اللجوء إلى القبيلة أو الطائفة. وفي حال الاسد، لجأ إلى الطائفة لتحميه داخلياً. فضمن الداخل السوري. أما على صعيد الخارج، فهناك قوى إقليمية ودوليه لايستطيع مقارعتها لابالطائفة ولابغير الطائفة. فكان عليه إنشاء تحالفات وفتح مكتب عمل بالوكالة للقوى الدولية والاقليمية. ووجد الرجل والقائد المهلم والضرورة ضالته في إيران. قال لنفسه بأن الجماعة قد حكموا عن طريق الملالي وهو أقرب لهذا الكيان من كل خزعبلات البعث الذي يقول انصر اخاك العربي ظالماً أو مظلوماً. وليتحرر من هذه الترهات ، تحالف مع دولة دينية فارسية غير عربية ضد دولة عربية ترفع في مدخل بغداد شعار (أمة عربية واحدة). لأن الدين والملة والطائفة أهم عند العربي من كل الخزعبلات الايديولوجية. وما قرب الطرفين، هو إطلاق فتوى من أحدى رجال الدين الشيعية، بأن الطائفة العلوية أو النصيرية هي جزء من المذهب الاثنى عشري الشيعي. ومع الاسف، نحن العرب، عندما نرتعب ونخاف ويصيبنا الهلع، تبدأ هالة القداسة تدور حول الشخص المرعب أو المخيف. هنا كان الشخص المرعب حافظ الاسد (القائد الخالد والمؤمن والذي اعطاه البوطي عندما فطس مفاتيح الجنة وهو يهز رأسه بخشوع كعادته بالمواقف الخاشعة) . وهذا ماحصل ، فقد تحالف صاحب الأمة العربية الواحدة مع الدولة الفارسية العجمية. وتحالف صاحب شعار فصل الدين عن الدولة مع دولة دينية تضع على رأسها تطبيق الاسلام الشيعي. وتحالف صاحب شعار الوحدة العربية مع دولة تحاول تمزيق جيرانها بسبب اختلاف المذهب ليس إلا. ناهيك عن ذلك، بأن هذا كله كان ضد رفيق من رفاق البعث . وتكسرت معظم تحالفات النظام السوري من الخارج أو خضعت لمد وجزر، إلا مع إيران فلم تتغير طوال السنين رغم تهديدها لمجموعة من الدول العربية التي أوصى ملحق كتيب حزب البعص فيها. وفعل ذات الشيء مع حزب طائفي في لبنان موالي لولاية الفقيه. ويفعل الان مع حكومة غالبيتها من حزب الدعوة التابعة لإيران (حكومة المالكي). أنظر إلى هذا التحالف السريع مع المالكي، من عداوة وتهديد ووعيد إلى دعم ومساندة. فقط لأن إيران نبهت المالكي أن هذا هو أخوك بالملة فكيف تتركونه مع أتباعه يغرق باليم كما غرق فرعون. وحتى التحالف مع حزب الله لم يتغير طوال السنين. ثابت على الخط. فقد اختلف مع جنبلاط والحريري والكتائب ، لكنه لم يختلف أبدا مع ولاية الفقية في إيران. إلم يكن هذا كافيا حتى نرى أن الرجل قد باع البعث وافكار البعث ومؤسسي البعث بقشرة بصلة من إيران. أظن أن الجميع يعرف هذه الحقيقة المرة من عرب الخارج، ومن الشعب السوري في الداخل، لكن كما قلنا، الخوف والرعب في الماضي هو الذي غسل أدمغة الناس ليقول ( ومالو .. إيران تعادي امريكأ) . اعطاء اعذار للإفلات من مواجهة الحقيقة. والان، وبعد مضي عشرة أشهر على الثورة السورية العظيمة، تحطمت جداران الخوف والرعب لدى الشباب الذي رفض المهزلة والمذلة. وقالوا للأسد وأزلامه ، فلترحل أنت وبعثك الذي هضمه أبوك منذ أن تولى على سوريا بالقوة.
#عمر_سعد_الشيباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختزال البعث في شخص الاسد
-
تقنيات الثوار البسيطة في سوريا
-
مابين أطفال غزة وأطفال سوريا
-
صفوت حجازي وتأليه الآسد
-
نظام الاسد وقمامة التاريخ
-
اعداء الثورة السورية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|