|
رسالة إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 14:23
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
رسالة إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني (حول مقترح أممية شيوعية)
الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني أود بداية أن أعبر عن شكري لتزويدي بمقترح حزبكم حول تشكيل أممية شيوعية جديدة تضم أحزاباً لا تتبنى تحريفية خروشتشوف ومعرفة موقفي كشيوعي بولشفي من هذا المقترح.
مقترحكم هذا كان يجوز اقتراحه لدى تهميش وطرد نصف عدد أعضاء البريزيديوم للحزب الشيوعي السوفياتي إثر الانقلاب العسكري على الحزب والدولة الذي قام به الثنائي المتآمر جوكوف - خروشتشوف في حزيران 57 بعد أن نزع البريزيديوم الثقة من خروشتشوف وتوجب عليه أن يتنحى عن كافة مناصبه في الحزب والدولة.
الثورة المضادة للإشتراكية بدأت مع رحيل ستالين وبالتحديد في ايلول 53 عندما ألغى البريزيديوم مقررات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب في نوفمبر52 خلافاً للقانون وللنظام، وأزيح مالنكوف من أمانة الحزب ليحل محله المتعاون مع العسكر خروشتشوف، وبذلك انتقل صنع القرارالوطني من قيادة الحزب إلى قيادة الجيش التي ما زالت ممسكة بزمام القيادة في روسيا حتى اليوم حيث بالأمس فقط تم الاستغناء عن وزير المالية في حكومة فلاديمير بوتين بسبب معارضته للزيادة في الإنفاق العسكري.
بمقدار ما ساهم المشروع اللينيني بتقدم العالم، بمقدار ما ساهمت الثورة المضادة بتخريب العالم. عالم اليوم لا ينتمي بحال من الأحوال إلى عالم النصف الأول من القرن العشرين. عالم النصف الأول كان يباري في الانتاج وعالم النصف الثاني يبارى في الاستهلاك وحتى الإغراق في الاستدانة. في النصف الأول كانت أعداد البروليتاريا تتزايد يومياً وفي النصف الثاني تتناقص يومياً الأمر الذي ينعكس على بنية الحزب الشيوعي ليس عدداً فقط بل ونوعاً أيضاً. ومن هنا بتنا نرى كافة الأحزاب الشيوعية (إسماً فقط) لا يربطها بالشيوعية وبالماركسية أي رابط، بل وعامتها يعلن دون حياءٍ أو خجل معارضته لدكتاتورية البروليتاريا التي هي دمغة الاشتراكية وقطار عبورها إلى الشيوعية.
لينين لم ينادِ إلى تشكيل الأممية الثالثة في أكتوبر 1917 بل في مارس آذار 1919 بعد أن تأكد أن البروليتاريا السوفياتية باتت تمتلك دولة عظمى تشكل قاعدة راسخة لثورة اشتراكية عالمية وبعد أن تأكد أن البروليتاريا الروسية بعد أن قضت على الرجعية القيصرية السوداء وحلفائها من البورجوازية في الحرب الأهلية قد غدت متقدمة، كما أكد لينين، على نظيرتها في إنجلترا وفي ألمانيا.
أين نحن اليوم من صدر القرن العشرين حين كانت الثورة الاشتراكية العالمية تدق أبواب العواصم الكبري في العالم، في ألمانيا والمجر وفي ايطاليا ودول البلطيق!؟ أين هي قوة الشيوعيين اليوم من قوة الاتحاد السوفياتي الجبارة التي سحقت النازية في وكرها الرايخستاغ الهتلري وطهرت أوروبا من طاعون الفاشية وحفظت لشعوب العالم حريتها وحياتها الديموقراطية. لا يجوز بحال من الأحوال أن يغض الماركسيون النظر عما أحدثته البورجوازية الوضيعة السوفياتية من دفع العالم إلى خارج مسار تطوره التاريخي. ليس الماركسيين من يقوم بمثل هذا التجاهل لمصائر البشرية.
هل يعني أن ضعف الشيوعيين الناجم أصلاً عن الانحراف السوفياتي ليسوا بحاجة إلى أممية تقيم التعاون بينهم ؟ ليس ثمة أدنى شك في أن تراجع مساهمة البروليتاريا في الحياة الاستهلاكية للمجتمعات المتقدمة وضعف الأحزاب الشيوعية بالتالي هو أدعى لقيام أممية ترسي التعاون بين الشيوعيين من أجل تطوير العمل الشيوعي الذي لن يتطور بالطبع بغير الاستناد إلى التحليل الماركسي العميق لعلاقات الانتاج السائدة في العالم والتناقضات الكبرى التي تفرزها والعمل على هدي هذه التناقضات.
الثورة الاشتراكية العالمية التي أعلنها لينين في مارس آذار 1919 استهدفت بداية تفكيك النظام الرأسمالي العالمي. تطور الثورة بقيادة ستالين صار إلى إنهاء الإمبريالية وتفكيك الرأسمالية العالمية، إلا أن الثورة المضادة للبورجوازية الوضيعة السوفياتية سمحت لآن تتفكك الرأسمالية ليس لصالح الاشتراكية والبروليتاريا بل لصالح الاقتصاد الاستهلاكي والطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة. الشيوعيون يختلفون كليّاً إزّاء هذا التحول وهم بعامتهم ما زالوا يصرون على أن علاقات الانتاج القائمة في العالم هي علاقات رأسمالية وأن التناقض الرئيس ما زال يكمن بين علاقات الانتاج وقوى الإنتاج ظناً منهم أن الشيوعية لن تأتي إلا من خلال فك هذا التناقض. فيما بعد الرأسمالية لن يكون هناك إلا الشيوعية لكن هذا يتحقق فقط عبر المسار الطبيعي للتطور. لماذا لا يعترف الشيوعيون بأن الانحراف السوفياتي لم يكن موجوداً على المسار الطبيعي للتطور وأنه أزاح العالم إلى خارج المسار؟ لماذا لا يعترف الشيوعيون بأن عالم اليوم يتواجد خارج التاريخ ؟
لن يقيم الشيوعيون في العالم أممية فاعلة قبل أن يتعرفوا على عدوهم الطبقي الذي ليس هو الطبقة الرأسمالية على الإطلاق؛ فليس الرأسماليون هم من قام بالثورة المضادة في الاتحاد السوفياتي بقياد خروشتشوف وهو من كان قد توعّد الرأسماليين الأمريكان بأنه سيدفنهم قريباً إبّان زيارته لواشنطن. العدو الاستراتيجي هو من يحدد التاكتيك للشيوعيين. لماذا الأممية إذاً قبل أن يتعرف الشيوعيون على عدوهم الطبقي والتاكتيك المقتضى؟
الأممية المطلوبة اليوم يجب أن تقصر اهتمامها على تحديد العدو الطبقي قبل تبني أي برنامج سياسي فالسياسة هي أدب الصراع الطبقي. لن يتقدم العمل الشيوعي قيد أنملة قبل تحديد العدو الطبقي للبروليتاريا بعد أن تم سحبها إلى خارج التاريخ. لنقم الأممية لا لتعمل في الصراع الطبقي بل لتحدد الطبقة العدوة للبروليتاريا من أجل أن تخوض الصراع الطبقي ضدها. ندائي لكل الشيوعيين الحقيقيين أن اطرحوا العمل السياسي، كل العمل السياسي، جانباً وابحثوا عن العدو الحقيقي قبلئذٍ طالما أنه هو نفسه من يحدد أدوات الصراع.
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء
-
عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟
-
مواجهة مع أحد المرتدين
-
نهاية إقتصاد السوق
-
رفيقنا الشيوعي الأميز علي الأسدي
-
ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
-
العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ
-
في نقد الإشتراكية السوفياتية
-
من الديموقراطية إلى الشيوعية
-
خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
-
دور النقد في انهيار الرأسمالية
-
المثقفون وسقوط التاريخ
-
اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
-
نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها
-
الإفساد بالأدلجة
-
نقد فظ لشيوعي ناعم
-
ماذا عن وحدة اليسار
-
الإشتراكية والديموقراطية
-
لن تكون رأسمالية في روسيا
-
إنتهت الرأسمالية إلى الإنحلال وليس إلى الثورة !!
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|