أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الكلاخي - مفهوم المواطنة بين النظرية والممارسة















المزيد.....

مفهوم المواطنة بين النظرية والممارسة


يوسف الكلاخي

الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 01:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يزال مفهوم المواطنة يأخذ حيزا كبيرا في اهتمامات المثقفين والمفكرين والسوسيولوجين وعلماء النفس، ويرجع هذا الاهتمام إلى الدور الذي لعبه هذا المفهوم في تكوين وتأسيس ملامح بعض الحضارات العريقة، كالحضارة اليونانية والرومانية التي اعتبر فيها مفهوم المواطنة ركيزة أساسية لتأسيس مجتمع المدينة الفاضلة والديمقراطية، كما يرجع الاهتمام بهذا المفهوم إلى التطور الذي عرفته المجتمعات الغربية خلال القرنين 18 و 19 فمع إعلان استقلال الولايات المتحدة في عام 1786 والمبادئ التي أتت بها الثورة الفرنسية في عام 1789، وبروز دور الفرد داخل المجتمع، وتكريس مبدأ العلمانية. سيعرف مفهوم المواطنة تداولا كبيرا في أدبيات الفكر الغربي، حيث يعرفه قاموس علم الاجتماع بأنها: "مكانة، أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي، ومجتمع سياسي- الدولة."و يعرفه علم النفس بأنها : "شعور بالانتماء و الولاء للوطن و القيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية و حماية الذات من الأخطار المصيرية"و تعرف دائرة المعارف البريطانية الموطنة بأنها: "علاقة بين الفرد والدولة، كما يحددها قانون تلك الدولة، بما تتضمنه من حقوق – متبادلة – في تلك الدولة.

لكن ما إن يتم طرح هذا المفهوم في التدوال السياسي العربي إلا وتطرح مجموعة من الإشكالات والقضايا المعرفية والفلسفية والعوائق الاديولوجية والتي من بينها: هل يوجد مرداف لمعنى المواطنة في أدبيات الفكر العربي الإسلامي إذا اعتبرنا أن مفهوم المواطنة مفهوم غربي المنشأ، تعكس جذوره التطور التاريخي والاجتماعي الغربي. وقد اكتسب هذا المفهوم معان مختلفة نظرا لارتباطه بتطور الجماعة السياسية في الغرب والتشكيلات الاجتماعية داخلها، بدءا من مجتمع " المدينة " اليونانية، وما هي أهم العوائق الأديولوجية والسياسية والثقافية التي تحول دون تأسيس هذا المفهوم في التربة العربية الإسلامية؟

إن أولى العوائق التي يمكن البدء بها العائق الثقافي والفكري، فالحضارة العربية لم تعرف رجات وقطائع كما شهدتها أوربا خلال تاريخها وخصوصا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فقد عرفت أوربا فصل الدين عن السياسة والسماء على الأرض، وتكريس مبدأ العلمانية وتأسيس أخلاق دنيوية منفصلة عن عالم الآلهة، كما عرفت أوربا التنظيم العقلاني للعمل، وبروز الفرد الحر الذي لا يخضع لجماعة معينة إنما لسلطة العقل والمنطق السليم، وكل هذا كرس مبدأ المواطنة الذي يعترف بأحقية الفرد في العيش الكريم والحرية والمساواة والحق في المشاركة السياسية والمجتمعية، وإذا قارنا هذا الوضع في الحضارة العربية فالفارق كبير فلازال الديني يخضع للسياسي، ولم يتم الفصل مع هذا المشكل بشكل نهائي رغم وجود حركة اجتماعية وسياسية تطالب بتكريس مبدأ العلمانية وفصل الدين عن الدولة، كما أنه في المجتمع العربي لازالت سلطة الجماعة والقبيلة حاضرة بشكل كبير ولا أدل على ذلك كيف أن السلطة السياسية في المجتمعات العربية لازالت تتوسد بالقبيلة من أجل قضاء أعراضها السياسية والاقتصادية، ونحن أمام هذا الوضع كيف يمكن أن نؤسس لمجتمع الديمقراطية والمواطنة ومجتمع الحق والواجب.

إضافة إلى العائق الثقافي والفكري ، التوظيف السياسوي الذي ترفعه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات للمواطنة حيت يفرغها من محتواها، بحيث نجد مثلا أن معظم دول العالم الثالث تتظاهر وتدعي بكونها تكفل حقوق مواطنيها، علما أنها لا تحترم أبسط حقوق الإنسان، رغم أنها تنص على هذه الحقوق ضمن وثائقها الدستورية، وذلك فقط من أجل نيل رضى متخذي القرار على الصعيد الدولي، "إن ممارسة مبدأ المواطنة على أرض الواقع يستوجب توفير حد أدنى من الحقوق الأساسية للمواطن، حتى يصبح للمواطنة معنى. إذ لا معنى لوجود حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية على الورق، لا يتوفر الحد الأدنى من ضمانات ممارستها على أرض الواقع" فالمشكل لا يتمثل في غياب نصوص دستورية أو قانونية تضمن حقوق الإنسان، بل المشكل يتجلى في عدم تطبيق هذه النصوص في الواقع، بحيث تبقى هذه النصوص جامدة، بل تفقد معناها، إذ لم تطبق وتتحول إلى قاعدة يستند إليها الأفراد في حياتهم العملية.

كما أنه من بين العوائق التي تحول دون التفكير في قضايا المواطنة ، مشكل الفقر ، حيت يعد الفقر من كوابح المواطنة، لأن من لا يجد قوت يومه، يصعب عليه أن يطالب بحرية التعبير وبقية حقوقه السياسية، باعتبار أن تفكيره واهتمامه ينصرفان بالدرجة الأولى إلى توفير لقمة العيش. إن الفقر وإكراهات الحياة المعيشية يمثلان عائقا من عوائق الديمقراطية بشكل عام، ومن عوائق المواطنة بشكل خاص، ذلك أن الفقير ينشغل بتوفير الخبز له ولأهله، قبل أن يمارس حق الانتخاب أو الاقتراع أو يشارك في تظاهرة أو ينضم إلى حزب سياسي أو ينشط داخل جمعية....إلخ. وبالتالي فإن الفقر قد يدفع الأفراد إلى التنازل عن حقوقهم كمواطنين. فالإفقار والتهميش وعدم إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، يرسخ لديهم الإحساس باللاعدالة واللامساواة، الشيء الذي يؤثر بشكل أو بآخر، على مدى إحساسهم بالانتماء للوطن، ويضعف لديهم الشعور بالمواطنة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات.

وفي ظل هذا الوضع تبقى التربية على المواطنة وترسيخ مبدأ المواطنة في صفوف الأفراد والشباب وتأهيل مؤسساتنا التعليمة من أهم الوسائل البيداغوجية، فالمؤسسات التعليمية تأتي في مقدمة الوسائط التربوية – لاسيما في مراحل التنشئة الأولى – من خلال المقررات الدراسية والأنشطة المدرسية...الخ، التي يمكن من خلالها إكساب الأفراد قيم المواطنة ( قيم الحوار، التسامح، العقلانية، الحقوق، الواجبات....) . إضافة إلي دور الإعلام ومختلف الوسائط المعلوماتية في ترسيخ مبدأ المواطنة.


ولا يمكن حصر التربية على المواطنة في شكل مادة دراسية فحسب، بل هي أكثر من ذلك، فهي نهج ينبغي تطبيقه على صعيد كل المواد الدراسية، وذلك من خلال تعليم الناشئة القدرة على التعليل والمناقشة والحوار واحترام الآخر، وتمكينها من معرفة المبادئ الأساسية للقانون، ومعرفة ثقافة المجتمع ونظامه ومؤسساته، وكذا تدريبها على التفكير في حل مشاكل المجتمع والبحث عن السبل الناجعة لتنميته وتطويره عبر المشاركة في مختلف أبعادها الاجتماعية والسياسية.



#يوسف_الكلاخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب أخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية لماكس فيبر
- مفهوم التقدم في التاريخ


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف الكلاخي - مفهوم المواطنة بين النظرية والممارسة