أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - مثلك مثل كل الناس















المزيد.....

مثلك مثل كل الناس


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3595 - 2012 / 1 / 2 - 19:09
المحور: كتابات ساخرة
    


‎تقول الرائعة والمفكرة الكبيرة الدكتورة وفاء سلطان في آخر مقالٍ لها على الحوار المتمدن في الشهر السادس من العام الماضي2011 :هذه حالة المساواة التي تعيشها تلك الطبقة بين أفرادها، فالكل محبط، ولا أحد أفضل من أحد، الأمر الذي يعطيهم إحساسا بالعدل وبالمساواة ويقلل من احتمال تمردهم.

كلمة أو جملة(مثلك مثل كل الناس) هي ما قصدته المفكرة الرائعة وهي تعني (أقعد في مكانك مثل أي ولد مؤدب) وهي حالة مساواة الناس في بعضها البعض لكي لا يرى أحدٌ ما يوجب القيام بالاحتجاج أو بالتمرد أو بالتذمر وهي أكثر جملة رائجة ومتداولة في الوطن العربي الإسلامي بعد كلمة(والله)و (لو) و(شكرا) وهي جملة خبيثة جدا لها عصابة من المروجين لها ومن المتعاطين بها ومن المتاجرين بها كما تتاجر العصابات والمافيات بتزوير العملات الورقية أو بترويج المخدرات حيث تعمل هذه المقولة أولا وأخيرا على إسكات صوت الحق وأتحدى كل القراء الذين يقرؤون لي إن لم يسمعوها في اليوم أكثر من عشرين مرة ,وهي كلمة مطاطية الشكل تعمل أيضاً على تعطيل نهضة الثوار وتجعل مليار مسلم مثلهم مثل أي كائن جماد يقف دون أن يتحرك.

وخطيب المسجد دائما ما يقول من على مكبرات الصوت(مثلك مثل كل الناس) طبعا وهو يستخدم هذه العبارة هو وأكثر من مليار عربي مسلم حين يسمعون شكوات المواطنين العُزل الذين لا يملكون أدوات لتغيير الواقع والوقوف في وجه الفساد الديني والبيروقراطي ولا توجد لديهم كلمة أخرى تقود الأمة كلها إلى الإحباط في كل شيء إلا هذه الجملة الملعونة وأنا شخصيا أقف مثل الحمار أو مثل الدابة حين يقولها لي أي صاحب مركز يتكلم من موقع القوة, حتى في المدرسة التي ذهبت إليها يوم الأمس طالبا من المدير تفسير سبب غياب ولدي(علي) عن الحصة السابعة لأكثر من ثلاثة أيام, فقال لي المدير: معلم مادة العلوم غائب وابنك مثله مثل كل الطلاب, فوضعت رأسي في الأرض وحنيت ظهري ومشيت مثل الحمار لا ألتفت لا يمينا ولا يسارا دون أن أتفوه بكلمة واحدة وأنا أردد على طول الطريق كلمة(مثله مثل كل الطلاب) وأيضا بكلمة (مثله مثايل) و(مثلك مثل كل الواقفين على الدور) وهذه أكثر كلمة مستعملة عندنا :(مثلك مثلك)), حتى غدت هذه الكلمة مثلا عند كل الناس العامة والخاصة,ولا أعرف بالضبط متى سنتخلص من هذه الكلمة هل سنتخلص منها حين يسقط التاج الملكي الأردني أم حين يسقط جهاز المخابرات أو جهاز وزارة التربية والتعليم؟ بجد أنا أقول:متى سنتخلص من هذه الكلمة التي تجعل مليون ناشط عربي محبطين على الآخر,وقبل أكثر من أربعة سنوات حين اعتقلني جهاز الأمن الوقائي الأردني بسبب نشاطي وكثرة تضمري قال لي أحد الضباط أثناء التحقيق معي(أنت وضعك تعبان مثلك مثل كل الناس من المفترض أن تتحمل كونك أردني أصيل) وحين أطلقوا سبيلي سألتني أمي بالدار شو قالولك فقلت لها ما قاله لي الأمن الوقائي وما قالته لي المخابرات بعد تحويل ملفي عليهم... قالولي(مثلك مثل كل الناس) فقالت أمي(والله أنا بقيت بدي أقلك نفس الشيء(مثلك مثل كل الناس) عندها رميت أمي بعبارة شكسبيرية على لسان يوليوس قيصر قائلا لها(حتى أنت يا ابروتوس!!).

واليوم خرجتُ من المنزل في جوٍ شديد المطر وحين وصلت إلى هدفي قلت لصاحب المخبز:أنا مستعجل وعندي شغل وبدي 3 كيلو من الخبز مستعجلات جدا, فنظر في وجهي وقال:بدك تنتظر على الدور(يا أبو علي) مثلك مثل كل الناس الواقفين, فقلت له:أنا ضد الفساد وأحترم النظام ,وبقيت واقفا لساعة بالتمام وبالكمال مثلي مثل أي حمار لا يهش ولا ينش منتظرا أقفُ كما يقف الحمير على الدور بكل بلاده وغباء دون أن أشعر بأن وقوفي وسكوتي جريمة قد يعاقبني ألله عليها لأن صاحب المخبز غير ملتزم بعملية الوقوف على الدور ويعطي لكثيرٍ من زبائنه دون أن يقفوا على الدور, وحين وصلت إلى الدار بمعية الخبز خرجت إلى السوبر ماركت للحصول على أنبوبة غاز فقال لي البائع:( في أزمه على الغاز بدك اتحط الجره الفارغه عندي وتنتظر على الدور مثلك مثل كل الناس), وفعلا فعلت مثلي مثل كل الناس علما أنه يوجد بعض الجرار الممتلئة وحين سألته عنها قال هذه مدفوع حقها مسبقاً لبعض الزبائن , طبعا وما زلت أنتظر بأن يأت دوري حتى أحصل على أنبوبة غاز, وفي ساعات الظهيرة ذهبتُ إلى المركز الصحي لإحضار أدوية أمي الشهرية فوجدت المركز ممتلئا بالمراجعين وحين قدمت بطاقة التأمين الصحي قال لي موظف السجل الطبي:(مثلك مثل كل الناس بدك تنتظر على الدور), وبعد دقائق تقدم مراجعون جدد وأخذوا الأدوية دون أن يقفوا على الدور في قاعة الانتظار الجماهيرية فصرخت باستغراب وقلت: من يوم ما ألله خلقني وأنا أسمع هذه الكلمة أو هذه الجملة(مثلك مثل كل الناس),(أنت والأيام عليّه) كما تقول أم كلثوم, أي هي الحكومة ما فيش عندها كلمة غير هذه الكلمة!!هذا النوع من المخدر يؤخر الثورة 100 عام ويبقى المفسدون وهم يزدادون نماء ونموا في حين أنا أزداد تراجعا للوراء ومن ينظر لي يعتقد بأنني حمار أو كائن جماد أو مخلوق لا عقل له فعلا بحق وحقيقي وكأني أقف زي أي واحد أهبل ومسطول أو زي أي شخص(عقله إمهوي وفيه وشه كبيره) شو مثلك مثل كل الناس؟هذه الكلمة الآن أصبحت مكشوفة (وروحوا خيطوا ابغير هالمسله)كما يقول المثل السوري.

حتى بالنقاشات العامة في المناسبات العائلية دائما ما تقول الناس لأي معترض(أقعد وسكت مثلك مثل كل الناس) حتى أنا حينما ألتقي بأصحابي في الميادين العامة ويسمعون شكواي لا أحد يمد لي في وطني يد العون والمساعدة,وكلهم متفقون على كلمة(مثلك مثل كل الناس) وأنا بصراحة الآن قرفان حالي من هذه الكلمة وأتمنى لو أسمع مثلا كلمة أخرى غير كلمة أو جملة (مثلك مثل كل الناس) حتى آخر مرة سألني أحد الشيوخ عن صلاني فقلت له لا أصلي فقال لي (ليش ما اتصير مثلك مثل كل الناس؟) فقلت له: ومن قال أنني مش مثل كل الناس, أينما أذهب أتصرف كالحمار وأنبح كالكلب وأمشي كالسلحفاة وأثني ظهري إلى الأرض ومن البيت إلى الشغل ومن الشغل إلى البيت مثلي مثل الحمير لا بهش ولا بنش ومش أملاقي أوكل خبز لولى الكفار الذين يدعموني من أمريكيا ...دون أن يقولوا لي (أكل هوى واسكت مثلك مثل كل الناس) أي أنا بدي ألعن تعريس أخت هذه الجملة وأريد أن أسقطها من أجندات الأنظمة العربية الهدامة كما تتساقط أوراق الأشجار في فصل الخريف.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرب عام 2012
- أصعب شيء عندي
- أين ذهب حزب الوفد؟
- الموت في فصل الشتاء
- أبو يوسف السوري
- فكرة القومية
- 2011 سنة العجائب
- صناعة اللحوم
- نقد الإسلام السياسي
- أسئلة محيرة
- أردني مرفوع الراس
- وحدي في البيت
- هل كان سلوك محمد مطابقا لدعوته؟
- الاسلام لا يتحمل المسئولية
- إسلام أبي هريرة
- الانسان الطمّاع
- من أجلي أنا
- التوبة والاعتزال
- سياسة محمد
- مواطن بلا دين إسلامي


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - مثلك مثل كل الناس