أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - خوف أفضى الى الموت














المزيد.....

خوف أفضى الى الموت


عبدالله صقر

الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 18:13
المحور: الادب والفن
    


ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
فترة الشباب هى من ازهى فترات العمر الآنسانى , ففيها الحب والعطاء المتدفق , وفيها الركض واللهو والعبث والمجون , وفيها يعتمد الوطن على الشباب للدفاع عنه , وفيها كل مباهج الحياة , هى فترة النضوج العمرى للأنسان , وهى تعتبر من أخطر المراحل العمرية , حيث تتبلور فيها شخصية الفرد , وفيها يكتسب الفرد خبرات ومهارات ومعارف , كما تتبلور علاقاته الآنسانية مع الآخرين , وفيها النمو العقلى والجسدى .

إن فترة الشباب دائما مقرونة بفترة المراهقة , أى فترة التقلب النفسى والتمرد على الذات , ففى هذه الفترة يكون الشاب فى أحرج فترات حياته وأخطرها على السواء , لآنها فترة البلوغ , كما تعتبر الفترة الوسطية لعمر الآنسان , حيث تقع بين مرحلتين , مرحلة الطفولة ومرحلة سن الرشد , إذن هى المرحلة الآنتقالية للوصول الى مرحلة الآستقلال الذاتى , والآستقلال الذاتى لحرية الآنسان .

حين كنا شبابا , كانت لنا أحلام وأمال وتطلعات مستقبلية , ما أحلى وأجمل وأروع فترة الشباب , فحين كنت فى فترة الشباب , وعلى وجه التحديد فى المرحلة الثانوية , كانت أسرتى تعيش فى القاهرة , وكنا نسافر كل صيف الى بلدتنا فى محافظة الشرقية , وهذه المحافظة أشتهرت بالكرم الطائى , وصفة الكرم هذه لم تأتى من فراغ , حيث أن معظم الناس يطلقون على الشراقوة ( عزموا القطار ) , وهذه المقولة لها مبرراتها وأسبابها , حيث أن أول قطار يدخل عندنا فى المحافظة , صمم اهالى المحافظة على أن يعزموا طاقم القطار كله , ولذا ظلت هذه الصفة لاصقة بأهل الشرقية , لكن أعترف بأن أهلنا جميعا فى الشرقية كرماء فعلا , وبالذات للضيف الذى ينزل عندنا فنحن فى هذه المحافظة لازالت تصرفات القبائل والعشائر تسير فى دمائنا لليوم .

كنا نذهب ونحن صغار كل صيف , يتجمع الشباب كل ليلة تحت ضوء القمر , نلعب ونركض ونلهو , وفى النهار نذهب الى الترع والبحار لصيد الآسماك ,بالصنارة ونرجع أخر النهار محروقين من حرارة الشمس , كما كنا نستيقظ فى الصباح مع أول ضوء , كى نجمع التوت من ا شجار التوت , والتمرمن أشجار النخيل , والجميز من شجر الجميز , حقا كانت متعة لازال الآنسان ينذكرها للأن , كنا نسبح فى الترع والبحار , كنا لا نحمل هما ولا غما ولا مسؤولية , الدنيا أمامنا نراها بمنظار جميل , كنا نسهر للصباح على ضوء القمر , كنا نراهن أنفسنا على فعل أشياء خارقة وغير مألوفة , فمثلا كنا نراهن بعضنا على تحطيم عشرون عودا من القصب بيد واحدة , حتى تنكسر الآعواد كلها .

وفى ليلة لم يظهر فيها القمر , قامت فكرة جهنمية من أحد الآصدقاء على الذهاب للمقابر , وكنا حوالى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل , بشرط أن الذى يذهب , يأخذ معه مسمار طوله عشرة سنتيمتر , ومطرقة , وتم تحديد المكان الذى سوف يثبت فيه المسمار , كدليل على أن الشخص ذهب الى المقابر فعلا , وقد تبرع شخص من المجموعة على الذهاب أولا الى المقابر , وأخذ معه المطرقة والمسمار , وأنتظرنا صديقنا أكثر من ساعتين , ذهب صاحبنا الى المكان المعهود , ولكنه لم يعود , ذهبنا جميعا الى المقابر ونحن فى حالة من القلق فوجدناه فى وسط المقابر ملقى على وجهه , ممسكا المطرقة ولكن المسمار كان مثبتا فى جلبابه , وقد فسرنا الموقف على أن صديقنا كان بعد أن دق المسمار فى الظلام فقد دقه وثبته على وجه السرعة وهو يجلس نصف جلسة على جلبابه , حيث كان خائفا مرتعدا من هول ظلمة المقابر , وما يسمعه عن العفاريت والشياطين , فدق المسمار على جلبابه دون أن يدرى أو يرى , وحين حاول النهوض , فلم يستطع فظن أن هناك شيئ ما يجذبه الى الآرض , فسقط ميتا من شدة الخوف , ولذا هناك خوف من الممكن أن يؤدى بصاحبه الى الموت .

وحملنا صديقنا الى أهله الذين سمعوا القصة كاملة , وأقتنعوا بما قلناه لهم , وفى المساء تم دفن صديقنا فى نفس المقابر التى كنا نتسابق على الذهاب لها ليلة البارحة وفى مقبرة قريبة من المكان الذى توفى فيه , ومكثت منذ الحادثة هذه لم أذهب الى بلدتنا أكثر من عشر سنين , لآننى كرهت الذهاب هناك لآنى فقدت صديقا عزيزا على , لكن الموت لم يمهله فرصة الحياة , وتفرق الجمع كله , فمنا من ذهب الى الجيش كضابط , ومنا من تخرج من الجامعات , وذهب الى القاهرة للعمل , ومنا من ذهب الى الحقل فى الزراعة .



#عبدالله_صقر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا العربى
- أرحل يا بشار
- تاهت منا خطاوينا
- حتى لا نبكى على أطلال الوطن
- حياتى أبتدت
- زرت عرا ق النشامى
- أنا وعفريت المحروقة
- أتحداك
- الخوف على مصر من المجهول
- جرحى القديم
- مين غيرك
- أوجاع الوطن
- ستبقى ياوطنى
- أجراس الخطر
- أطفال العالم تناجى السلام
- أغضب على كيفك أغضب
- إفقار الشعوب هى لغة الحكام الظلمة
- أنا التاريخ الدفين
- قبل ما أحبك حلمت بيك
- كلمة عتاب بقولها لك


المزيد.....




- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...
- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله صقر - خوف أفضى الى الموت