أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايكل نبيل سند - الشيخ أحمد مكوة … قصة قصيرة















المزيد.....

الشيخ أحمد مكوة … قصة قصيرة


مايكل نبيل سند

الحوار المتمدن-العدد: 3594 - 2012 / 1 / 1 - 13:15
المحور: الادب والفن
    


”ضرورى نتخلص منه قبل ما يأذى حد تانى“

بهذه العبارة صارح ”سيد فرخة“ زملاؤه فى عنبر 6 بسجن ابو زعبل… كانوا خمسة مجتمعين بجانب سرير زميلهم ”أكلانا“ الذى ضبطته مباحث السجن صباح اليوم وهو يقوم بإدخال جهاز تليفون ليستخدموه سوياً فى العنبر.
كانوا يفتقدون زميلهم ”أكلانا“ الذى يقضى ليلته وحيداً فى زنزانة انفرادية فى التأديب، وسيقضى فى هذه الزنزانة أسبوعاً بدون سجائر أو ملابس أو استحمام أو زيارة أو برشام أو أى وسيلة أخرى تساعده على قضاء الوقت الذى يمر بصعوبة شديدة داخل السجن.
نعم كانوا يرثون لحاله، فهم جميعاً قد ذاقوا مرارة التأديب وقسوة السجان ووحشية المخبرين وفساد الضباط. ولكنهم أيضاً كانوا يفتقدونه، يفتقدون مشاركته لهم الطعام، وجدعنته معهم فى الأزمات، وقوفه معهم فى الأزمات، ونكاته الجنسية التى تعلمها من سواقين الميكروباسات حينما كان يعمل معهم ”تباعاً“ قبل أن يدخل السجن… لقد كانوا يحبونه رغم سخريتهم المستمرة منه التى جعلتهم يلقبونه ”أكلانا“ على إسم الحشرة التى تقلق مضاجعهم فى السجن ليلاً، كانوا يحبونه بطريقتهم الخاصة.
كانوا يكرهون الشيخ احمد مكوة للحد الأقصى.. لم يكن شيخا بالمعني المتعارف عليه ، فقد اشتهر بإسم "مكوة" حينما كان يحترف الإجرام و السرقة بالإكراه و البلطجة و فرق الإتاوات على المحلات حينما كان يعيش في المرج قبل القبض عليه.. كان يقول انه يلسع الضعفاء مثل المكواه، و هذا سبب تسميته "احمد مكوة" ..بعد القبض عليه ، و الحكم عليه بعشر سنوات سجن مشدد، تلقى احمد مكوة عرضا ثمينا من مفتش مباحث السجن.
مفتش مباحث السجن هو الرأس الكبيرة في السجن، سلطاته تفوق سلطات مأمور السجن ذاته، فمفتش المباحث هو الذي يقود جيش المخبرين داخل السجن ، من حقه أن يفتش أي مسجون في أي وقت ،هو الذي يقوم بضبط التليفونات و المخدرات داخل السجن و يضع المساجين في التأديب و يبلغ النيابة عنهم ليسجل لهم قضايا "من الداخل" ليضيف على المساجين سنينا من الحرمان و العذاب فوق السنين التي يقضونها.
"محمد بيه" مفتش المباحث رجل يجيد استغلال الفرص، فهو يعرف كيف يستغل موقعه لزيادة رصيده في البنك و منصبه في الوزراة في نفس الوقت.. فهو و إن كان مفتش مباحث السجن ، فهو مورد العقاقير المخدرة الوحيد في السجن .. يقوم بشكل دوري بإعطاء كميات من برشام "الصراصير" و "الأحمر" و "أبو صليبة" لأعوانه من المساجين المرشدين الذين يعملون لصالحه ، و يبيعون لصالحه البرشام على المساجين بعشر أضعاف سعره في السوق السوداء خارق السجن ، الأمر الذي يدخل لجيبه عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا.. و في نفس الوقت هو لا يشتري هذه المخدرات ،فهو يقوم بتفتيش شبه يومي في السجن ليصادر أي كمية من المخدرات يحاول أي من المساجين إدخالها للسجن، فهو من ناحية يريد أن يكون المورد الوحيد بدون منافسين داخل السجن ، ومن ناحية أخرى يحتاج لكميات المخدرات هذه لكي يقوم بتوزيعها على رجاله ليبيعوها له، ومن ناحية ثالثة ليزيد من عدد القضايا التي يحررها شهريا مما يضمن له مكانة متميزة بين ضباط الداخلية ، و يضمن ترقيات سريعة باعتباره أحد الضباط المتميزين الذين يجيدون الإيقاع بالخارجين على القانون.
و حينما يعجز "محمد بيه" عن ضبط مساجين جدد، يلجأ لرجاله من المساجين المرشدين، يبيعون مخدرات لأحد المساجين يتفقون مع "محمد بيه" عليه، ثم بعد أن يأخذوا منه ثمن المخدرات يدخل "محمد بيه" مع زبانيته ليقبضوا على السجين متلبسا بقطعة المخدرات أو بشريط البرشام، و حينها يكون بإمكان "محمد بيه" تحرير المحضر و زيادة رصيده من القضايا ، هذا إذا لم يقبل السجين الضحية أن يكون أحد جنود "محمد بيه" ليساعده في ترويج المخدرات و إيقاع مساجين جدد.
حينما وصل "أحمد مكوة" السجن نال إعجاب "محمد بيه" ، ولم يبذل مجهود كبير في ضمه لجيش المرشدين الذين يعملون لصالحه.. و من حينها أصبح "مكوة" من المساجين المميزين،و يتمتع بامتيازات لا يتمتع بها أي مسجون آخر ، بجانب الدخل المادي الثابت من عمولته من المخدرات التي يبيعها لصالح "محمد بيه" .. و في الجانب الآخر دفع كثير من المساجين ثمنا غاليا لنشاط "احمد مكوة" ، فأحمد الصغير تم ضبطه بشريط "صراصير" اشتراه من "احمد مكو" و بعد اسبوع في التأديب ذهب أحمد للنيابة و المحكمة و عاد لزملائه بثلاث سنوات سجن اضافية على عقوبته، "أيمن شبرا" تم الوصول الى "المخزن" الذي يخبيء فيه قطع "الحشيش" التي يشتريها باستمرار ، و تم نقله لسجن "الوادي الجديد" و انقطعت أخباره بعدها. وصولا الى "أكلانا" صباح اليوم.
كان أحد المخبرين قد أخذ موبايل "أكلانا" الأسبوع الماضي، وهو الجهاز الذي كانت تستخدمه الشلة كلها.. لم يسجل المخبر هذا الموبايل في "دفتر البلاغات" ، وانما أخذ الموبايل و باعه في عنبر آخر بمبلغ كبير يساعده على تعويض صغر راتبه الذي تصرفه له الداخلية.. بعد هذه الحادثة قرر "أكلانا" شراء موبايل جديد حتى يستطيع الاطمئنان على زوجته و أطفاله ،و حتى يطمئن "سيد فرخة" و باقي الزملاء على أسرهم أيضا.
توجه "أكلانا" الى "كابتن عبده" ، كابتن عبده هو "بوسطة" بلغة السجناء ، و" البوسطة" هو فرد الشرطة الذي يقوم بإدخال الممنوعات الى السجن بمقابل مادي.. اتفق "أكلانا" مع المخبر "عبده" و أحضر من خلاله جهاز موبايل جديد دفع فيه "اكلانا" مبلغ غير قليل..ولا يدري احد كيف عرف "أحمد مكوة" بالموضوع، ولكن الذي رآه الجميع هو قدوم "أحمد مكوة" بصحبة "محمد بيه" و مجموعة من المخبرين ،و أرشدهم "مكوة" عن مكان التليفون الجديد، و هكذا اقتادوا "أكلانا" الى التأديب.
أما عن سبب تلقيب "مكوة" بالشيخ ، فهو أن كثير من المساجين حاولوا الانتقام منه بسبب الأذى الذي يتسبب فيه لهم ، فقام "مكوة" بإطلاق لحيته و استشيخ حتى يستعين بهيبة اللحية و خداعها حتى يحمي نفسه من انتقام من يتعرضون للأذى منه،و حتى يستفيد من حماية السذّج الذين ينخدعون في لحيته و يتوسمون فيه التقوى و الورع..و لكنه بالطبع لا يصلي و لا يصوم، و يقضي معظم وقته "مسطول" من البرشام ، ولا علاقة له بالمشيخه الا فى طول اللحية.
قضى "سيد فرخة" الذي يقضي تأديبه في السجن، مع زملاؤه ليلتها عدة ساعات يفكرون في وسيلة يتخلصون بها من "الشيخ احمد مكوة" و يجبرون مباحث السجن على نقله من العنبر "لأي داهية" حسب تعبيرهم.. و في النهاية تفتق ذهنهم عن حيلة مبتكرة ، واتفقوا على التنفيذ الليلة، و قسموا الأدوار بدقة بينهم ،و ذهب كل واحد الى فراشه ينتظر ساعة الصفر.
قبل الفجر بدقائق تحرك "احمد الصغير" نحو سرير "الشيخ احمد مكوة".. وجدير بالذكر ان "احمد الصغير" سمي بذلك لأنه صغير في السن (19 عاما) و هو أضغر المساجين سنا .. تبادل نظرات الثقة بينه و بين "سيد فرخة" و باقى الزملاء ،و رأى فى أعينهم التشجيع و الدعم..اقترب أكثر من سرير "احمد مكوة"و فجأة خلع بنطلونه و قفز في سرير "الشيخ احمد مكوة" و أمسك بيده و أخذ يصرخ.
ساد الهرج و المرج العنبر، و استيقظ السجناء جميعا ليشاهدوا "الشيخ مكوة" بتاع العيال ، الذي خدع "الصغير" و أتى به الى سريره ليضاعه.. وطبعا كان حاضرا "سيد فرخة" مع باقي الشلة ليشهدوا أنهم رأوا كل شيء ،و أن "الصغير" ذهب مع "مكوة" بحسن نية ،و أن "احمد مكوة" كان يريد ان يعتدي على "الصغير".
و هكذا اكتملت جميع أركان القضية..هناك ضحية و شهود و نزلاء عاديين في العنبر لا يرضيهم وجود سجين متحرش "بتاع عيال" معهم.. وكانوا بينهم انفسهم سعيدون انهم ضبطوا "الشيخ احمد" في مخالفة ، يتشفيون فيه بدل تشفيته المستمرة فيهم .. و بين كل هذا كان "مكوة" مذهولا بعد ان استيقظ من النوم على صراخ "الصغير" و هو لا يدري ماذا يحدث حوله.
بعدها بساعات اضطرت مباحث السجن لنقل "الشيخ احمد" لعنبر آخر حتى يهدأ غضب عنبر 6 ، وحتى لا تحدث احتكاكات دموية بين المساجين.
في اليوم التالي نام "سيد فرخة" شاعرا بالزهو لأنه انتقم لصديقه "أكلانا" ، و نام "الشيخ احمد مكوة" و هو يفكر في زبائن و ضحايا جدد في العنبر الجديد ، و نام "محمد بيه " و هو يفكر في مرشد جديد يجنده داخل عنبر 6 كبديل للشيخ مكوة.

مايكل نبيل سند
سجن المرج العمومي مستشفى السجن
2011/11/11

ملحوظة: هذه القصة خيالية مستوحاه من قصة واقعية .. و جميع الأسماء و الأماكن التي وردت بالقصة من اختراع الكاتب،و أي تشابه بينها و بين الواقع هو من قبيل المصادفة.



#مايكل_نبيل_سند (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطن الواحد
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 24
- بيان عاجل: وكأننى حوكمت أصلاً
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 23
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 22
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 21
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 20
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 19
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 18
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 17
- قصاقيص، اتجننت فى سجن المرج - 16
- الحق فى الموت… هل يتحول إلى واقع؟
- عباسية من أجل التغيير
- الجزء 7: تقدر تساعدنا إزاى؟
- بيان عاجل: إضراب عن الكلام ضد تكميم الأفواه
- الجزء 6: مطالبنا باختصار
- الجزء 5: اية البديل؟ نظام التجنيد ”الاختيارى“
- الجزء 4: الاعتراض الضميرى
- الجزء 3: عدم دستورية التجنيد الإجبارى
- الجزء 2: ليه احنا ضد التجنيد الإجبارى؟


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مايكل نبيل سند - الشيخ أحمد مكوة … قصة قصيرة