|
الرأس رأس نتنياهو والأيادي أيادي المستوطنين
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3593 - 2011 / 12 / 31 - 16:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمضي يوم إلا ويقوم بينيامين نتنياهو بالكشف عن الطبيعة العدوانية الجشعة لحكومته ولغالبية المجتمع الاسرائيلي، والسبب أن غالبية هذا المجتمع يغلب عليه الطبع والتطبع معاً، فهو لا ينسى الخلفية الدموية الشرسة التي تربى وقام عليها، لا ينسى أنه مثل القنفذ الصحرواي الذي يرفض أن يعانقه أحد، نتنياهو يستوحي سياسته من مجتمع متغطرس لا يشبع من غرز أنيابه في لحم الفلسطينيين، يسود في هذا المجتمع من هو أشدُ عنفاً والأكثر تطرفاً، هذا يدفع رئيس وزرائه نتنياهو للمزايده كل يوم على الجنرالات الذين لا ينظرون للعالم سوى من فوهات مدافعهم، كما أنه يزايد على الحاخامات الذين لا ينظرون إلا من خلال ثقوب أساطيرهم، لقد رفض هذا المزايد المتطرف إعتبار قطعان المستوطنين ارهابيين ومحاكمتهم امام القضاء العسكري ، رغم أنهم يعتدون باسم الدين على الحرمات ، يحرقون دور العبادة باسم العبادة ويدمرون مركبات الفلسطينيين باسم التوارة ،ويقطعون أشجار الزيتون تيمناً بيهودا همكابي وأبطال المتساداه، أما الطفل الفلسطيني فهو ارهابي إذا تطلع في وجه مستوطن جاء لقتله.
لقد زايد نتنياهو على المزايدين وأغلق أبواب السلام وقال لا للانسحاب من أي شبر من كل أرض عربية محتلة أو من القدس، الشعار الذي يوقظه من سكراته دائماً هو: لا للدولة الفلسطينية ولا لاتفاقية أوسلو، منذ تسلمه السلطة وهو يشحن بالمجتمع الاسرائيلي تطرفاً، يسكب البنزين فوق الأعصاب الملتهبة ويحاول أن يجعل من التوتر جزءاً من مركبات هواء الشرق الأوسط.
عندما أيقن نتنياهو بأن الفلسطينيين في طريقهم إلى الإتفاق خاصة بعد الإعلان عن انضمام حركتي الجهاد الاسلامي وحماس إلى منظمة التحرير، لسعته ذبابة كاكوب العنصرية والتطرف، فسارع للتهديد بأن حكومته سوف لا تفتح باباً من أبواب التفاوض مع حكومة فلسطينية تكون حركة حماس طرفاً فيها، سارع لضخ رذاذ هذه الإندفاعات والتصريحات المنحرفة والبعيدة عن روح العصر ، إنها مستوحاه من مواقف وثقافة ومبادىء الاستعمار الحديث الذي حمله الرجل الأبيض عندما وضع المبررات لغزو الهند وغزو القارة السوداء وجنوب شرق أسيا وغيرها، كما أنها تلتقي مع مدرسة الزعيم الصربي مولوفيتش الذي رفض منح الحرية لشعب البوسنة والهرسك وكوسوفو والجبل الأسود.
من الذي منع سيادة رئيس الوزراء نتنياهو من فتح أبواب التفاوض مع حكومة سلام فياض الفلسطينية التي انتظرته منذ أن اعتلى سدة الحكم؟؟ هذه الحكومة فتحاوية ولا يوجد فيها اي وزير يُحسب على حركة حماس.
ان تصريحات قادة حركة حماس بأن هذه الحركة سوف تغيّر نهجها في الكفاح لمقاومة الاحتلال من استخدام الأسلحة النارية إلى اعتماد الكفاح الجماهيري الشعبي البعيد عن العنف، هذه التصريحات لم تثنِ نتنياهو ومن حوله عن مواقفهم الرافضة للسلام العادل.
نتنياهو وحكومته ما هم إلا جزء من اجماع قيادي وشعبي سياسي واقتصادي وعسكري وقضائي، هذا الاجماع يقف وراء ممارسات غلاة المستوطنين وغلاة رجال الدين والأحزاب اليمينية المتطرفة، فالمستوطنون الذين يمارسون اعتداءاتهم اليومية ضد الفلسطينيين ما هم إلا قطعاً من لحم ودماء عناصر هذا الإجماع، هناك أعداد كبيرة من ضباط الجيش وجنوده يقفون وراءهم، هذا إلى جانب دعم القضاء العسكري وقطاعات من المهندسين والمقاولين المرتبطين بجيش الإحتلال، يبارك كل هؤلاء وزير الداخلية يشاي وحزبه المعروفين بعنصريتهم وتطرفهم.
حكومة نتنياهو التي تدعي وتتباكى على الديمقراطية تمارس حكماً فردياً لا مثيل له في العالم، حكماً يجمع ما بين الإحتلال والاستبداد ضد شعب آخر، من مظاهر هذه الدكتاتورية الإحتلالية اقامة مناطق يهودية عازلة داخل الضفة الغربية عن طريق المصادرة والإستيطان، من بين هذه المظاهر أيضاً مسؤولية القيادة السياسية والعسكرية عن دعم وارسال عصابات من اليهود الملثمين المدججين بالسلاح للاغارة في الليل والنهار على المدن والقرى الفلسطينية، لقد قامت هذه العصابات وباعتراف الفلسطينيين ب 569 غارة خلال شهر تشرين الثاني من سنة 2011 حسب ما ورد في صحيفة هآرتس في الأسبوع الماضي، هذا عدا عن الاعتقالات الشبه يومية التي تتم في وضح النهار، فقد اعتقل خلال الشهر المذكور 257 فلسطيني.
تجسدت ديكتاتورية الإحتلال بإقامة 758 حاجزاً عسكرياً طائراً خلال الشهر ذاته، كما منع الفلسطينيون من بناء أية منشأة على مساحة 60% من أراضي الضفة الغربية، كل يوم يفقس من بطن الاحتلال قوانين جديدة، جميعها تلتقي أمام هدف واحد وهو: إيجاد شتى السبل لنهب أراضي الفلسطينيين وطردهم من أملاكهم وهدم بيوتهم، لقد تم هدم 500 منزل للسكن و 600 مخزن وحظيرة أغنام خلال هذه السنة كما ذكرت الصحيفة المذكورة، كما تم هدم عشرات الأبار بعضها ارتوازية حفرها الفلسطينيون بكدهم وعرقهم ومن أموالهم، هدف الاسرائيليين من ممارسة الدكتاتورية الاحتلالية لزرع اليأس في نفوس الفلسطينيين، فهم يلمسون كيف نجحت الأسرة الفلسطينية من المحافظة على تماسكها، فالأسرة الفلسطينية تعمل جاهده للحفاظ على الثوابت والقيم الوطنية بروح إيجابية إنسانية، كما حافظت هذه الأسر على مبناها الإجتماعي المتماسك.
المؤسف أن العالم كله تغيّر، بدوله ومواطنيه، هناك دوله استثنائية لم تتغيرهي اسرائيل وشعبها الذي يصر على الاستمرار في دعم حومة احتلالية عنصرية دكتاتورية لاستعباد شعب آخر، هذا يؤكد بأن غالبية هذا الشعب لا يزال متمسك ويحتفظ بثقافة خاصة ومميزة وهي: إما أن يكون متسلطاً ومسيطراً وتوسعياً قدر استطاعته أو يكون محكوماً للآخرين كما يدل على ذلك تاريخه منذ ألاف السنين.
لقد عودت إسرائيل العالم منذ قيامها بأنها محترفة بإثارة الغبار واختلاق الأزمات كي تتستر على جرائمها، أخر هذا الغبار الذي أثارته لامتصاص الإنتقاد الذي تعرضت له من العديد من الدول الأوروبية في الاسبوع الماضيً بسبب ممارساتها اللاإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، مناقشة ما يسمى بالمذابح التي ارتكبها العثمانيون ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، رغم أنه مضي على هذه المذابح فيما لو وقعت حوالي تسعة عقود من الزمن، إلا تخجل حكومة نتنياهو من القيام بهذه الخطوة؟؟ إذا ارتكب العثمانيون مذابح ضد الأرمن مرة واحدة، فإن اسرائيل ارتكبت المذابح ضد الفلسطينيين عشرات المرات، كما ارتكبت هذه المذابح ضد مخيمات اللاجئين في لبنان وضد طلاب مدرسة بحر البقر ومصانع أبو زعبل في مصر، هل يجوز للسفاح البكاء على جرائم السفاحين مثله؟؟؟...
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاوى في بورصة قطر
-
عش عرباً ترى عجباً
-
ما وراء انتصار الاسلام السياسي في مصر
-
من أعماق ذاكرة الحكم العسكري
-
إذا ما ابتعكر ما ابتصفى
-
حمار الجامعة العربية
-
حكايات بلوم ( من الذاكرة الفلسطينية )
-
لا يهزم أمريكا سوى أمريكا
-
حتى أنتِ يا بوسنة؟؟؟
-
من حق اوباما دعم اسرائيل ... !!
-
علي سالم ينعى الهاربون من السفارة
-
اسوار حول الجيتو في القاهرة
-
بين الشحات والعربي علم
-
تناطح الناطحات في ديار حفاة الخليج
-
معسكرات من الخيام ام صحوة حقيقية
-
ثورة وثورة وبينهما عبد الناصر
-
اين اموال الوقف الاسلامي
-
الطاعون هو امريكا
-
على طريق ايلي كوهين
-
سوء الظن فطنة وحسن الظن ورطة
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|