عبدالله صقر
الحوار المتمدن-العدد: 3592 - 2011 / 12 / 30 - 01:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجميع يقدر دور الثورة والثوار , ونحن جميعا نقدر ونحترم مطالبهم , والتى باتت ملحة , ولكنها للأسف الشديد أصبحت أنية وتعجيزية , لآنهم نسوا عنصر الزمن , والذى رأيناه على مستوى الحدث من مظاهرات وأعتصامات وأضرابات عمالية ومطالب فئوية لا يخرج عن أطار تعطيل مصالح الدولة , لآن الثورة حين قامت كان لها أهداف سامية ألا وهو قلع النظام الفاسد من جزوره حتى تعود الحياة الطبيعية الى شعبنا , ونشعر بالأمن والآمان .
إن حالة الفوضى العارمة التى أجتاحت أرجاء المعمورة لهى دليل على عدم التنظيم الثورى , ولذا كان لزاما على الثوار أن يعوا أن كل ثورة يلزمها من يقودها الى بر الآمان , لكن ما نراه على الساحة الان هو حالة من فقدان الذات , ولذا يجب علينا التريث , ولا نستعجل الآمور , لآن ما يدور أمام أعيننا لهو شئ فظيع , ومردوده سيئ على الوطن كله جراء تلك المطالب التى باتت ملحة وعاجلة , وكان ردة فعلهاعلى عجلة الآنتاج أسوأ مما نتوقعة , لآن الآقتصاد للأسف على شفة حفرة , وهناك خسائر فادحة , حيث أن مؤسسات الدولة أصبحت شبه معطلة , جراء تلك الآحتجاجات والمطالب الغير مبررة , وأصبحت عجلة الآنتاج فى الآتجاه المعاكس , أى ليست فى مسارها الصحيح !!!
ونظرا لذلك كله , فالتنمية أصبحت معطلة , والآوضاع أصبحت خطيرة , وللأسف الشديد هناك تغييب للعقلية , المهم هو التظاهر من أجل ( الآحساس بروح الثورة ) , وموش مهم مصالح البلد !!! . وكأننا كنا ننتظر أن تقوم الثورة , ونعترض ونتظاهر ونعتصم ونعمل أضرابات , ونوقف حال البلد , ونسوا أن خازينة الدولة منهوبة من إناس كانوا لا يرحمون , هذه الآفعال التى لا تمت للثورة ولا لروح الثورة بصلة , لآن الثورة هى تغيير حالة من السيئ الى الآحسن , والايام وسواعد الشباب وحركة الآنتاج والتنمية والآصرار على تخطى أحباطات الماضى , لهو خير دليل على أننا فى المسار السليم للثورة .
لا ننسى أن للثورة أعداء يحاولون أفشالها بكل الطرق , وكان لزاما علينا أن نعى هذا , حتى لا يندس وسط الثوار ضعاف النفوس بأهدافهم الدنيئة , والجدير بالذكر أن حركة التظاهر والآعتصامات أدت الى شل حركة أكثر من 850 مصنعا خلال الفترة الماضية بعد قيام الثورة , كما بلغ عدد المصانع المتعثرة ما يقرب من 370 مصنعا , بالطبع هذه المطالب الفئوية والآعتصامات والتظاهرات تؤثر سلبا على حركة الآنتاج , وتشريد الاف العمال عن عملهم .
إن الثورة ليست معناها التجمهر والآحساس بروحها كل حين , وإعلان حالة العصيان ونخرج من أعمالنا ونعلن حالة الفوضى والتجمهر , الى أن تستجيب لنا الحكومة لكل مطالبنا !!! إن الثورة لازالت بكرا فى مهدها , ولا يصح لنا أن نحمل الدولة فوق طاقتها , حتى نكون منصفون , إن روح الصورة يعطينا دفعة قوية ومعنويات عالية الى حالة من الجد والآجتهاد والعمل وبذل الجهد فى سبيل الوطن , الثورة هى الدافع الرئيسى لتلافى مستوئ وعيوب الماضى البغيض كل سلبياته .
إن حركة الآنتاج تعطلت ووصلت الخسائر فى الآقتصاد نحو 100 مليار جنيه , ولم يكن لدينا تنمية بالمرة , والآستثمارات أصبحت معطلة ومعها المليارات المهربة للخارج , والسياحة أصبحت راكدة نتيجة لحالة الخوف جراء دخول السياح لمصر نتيجة ما يجرى على الساحة , كما أن الآستثمارات الآجنبية هربت للخارج , لآن المستثمر يحتاج الى حالة من الهدوء والآستقرار حتى يكون مطمئن على أمواله , كما أن الآسعار أصبحت فى تزايد مستمر , نتيجة تعطل كثير من المصانع وتعثر الآخرى .
فلنا أن نتخيل أن الآقتصاد فى الماضى كان منهوبا من قبل لصوص السلطة , وخزينة الدولة شبه خاوية , والاقتصاد منهك بفعل التراكمات الماضية , فماذا سيبقى للوطن والمواطن ؟ ! . مادام هناك تغليب المصالح الفردية على مصالح الوطن , وصراعات دموية دون أى مبرر , وحرق منشات نحن فى حاجة ماسة لها , ومظاهرات وتعطيل مصالح البشر , وتصفية حسابات , فسوف نترحم على الوطن قريبا , مادام الوعى المجتمعى شيه مغيبا .
إن دماء الوطن لهو غالى سواء فى مصر أو فى العراق أو فى سوريا أو فى اليمن أو أى بلد عربى , فنحن نريد أوطان نظيفة غير ملوثة بالدماء , نظيفة من المفسدين والخونة , نحن نريد
لآبناء الوطن الواحد أن يعيشوا فى أمن وسلام , ولا داعى لتصفية الحسابات حتى يرتاح الوطن ويحدث الآستقرار , لا للقتل ولا للوقيعة بين طوائف الشعب الواحد , إن أخوة الوطن لهى أقوى من المعتقدات , ويجب علينا أن نصفى عقولنا وقلوبنا وننظر للأمام بمنظار الحب والآلفة , إنها دعوة للمحبة والتواد والتراحم والتلاحم بين فئات الوطن , لا للفساد , ولا للأرهاب , ولا للفقر والبطالة , ولا لتهميش دور المرأة , ولا للطائفية المهلكة , ولا لسوء الفهم وقصوره .
إن العقلاء هم الذين يعون أهمية الوطن ولا يسيلوا دماء أبناءه , العقلاء هم الذين يصلحون بين أبناء الوطن , لآن أعداءنا يريدون لنا الفرقة وأن نتسلط على بعض حتى تقاتل أنفسنا وننصفى على أبناء الوطن الواحد , هذه مخططات وضعت لنا خصيصا حتى لا نهدأ وننعم بأوطاننا ونعيش فى سلام ووئام , فيجب أن نحكم عقولنا ويكون منطق العقل هو السائد والحكمة هى ميواننا , حتى لا نعيش فى شبه أوطان ونقعد نتباكى على أطلال الآوطان , لآننا بنينا أوطاننا بشق الآنفس , ولا يحق لنا أن ندمر أوطاننا بأيدينا من أجل نزعات كاذبة , إن أرض الوطن لا تستاهل أن نريق دماء الآبرياء على ترابه , حتى نعيش فى حب وتلاحم ووئام , لآن الآوطان غالية , مثلها مثل معزة الآبناء .
#عبدالله_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟