سلام مراد
الحوار المتمدن-العدد: 3590 - 2011 / 12 / 28 - 10:10
المحور:
الادب والفن
إبراهيم حسّاوي
من مواليد مدينة منبج 1980
درس في مدارس مدينة منبج، وتخرج من معهد إعداد
المعلمين عام 2000 م، ويمارس التعليم في مدارس المدينة
التي أعطته الكثير بفضل إيقاعها المتنوع والغني بكل ما هو
مدهش.
كتب نصوصاً مسرحية عدة، نشر منها:
مسرحية السيدة العانس في مجلة الموقف الأدبي عام 2010م
ومسرحية قصيرة ( الأصابع )في ملحق الثورة الثقافي.
ومسرحية ( الرخام ) وهي تحت الطبع.
حصل مؤخراً على الجائزة الثالثة في مسابقة الشارقة
للتأليف المسرحي للكبار عن مسرحية ( الرخام ).
ويمتاز نصه المسرحي بالروح الشاعرية والأسلوب الغنائي الشفاف والفكري المكثف. والشخصيات لديه مثيرة في ذاتها
وفيما بينها من علاقات.
– البيئة التي نشأ فيها الكاتب؟
• أعتقد أن للبيئة دوراً كبيراً في إغناء الفرد، بالمفاهيم التي تنمو معه منذ بدايات نموه، ويمكن للبيئة أن تحتل جانباً
واسعاً من ذهنية الفرد إذا ما كانت هذه البيئة غنية بالتفاصيل والمتغيرات المؤثرة، ولكن وفي الوقت نفسه لا أعدُّ أن البيئة
شرط أساسي في تكوين الفرد إذا ما كان هذا الفرد يمتلك خيالاً قادراً على تجاوز ذاته وبيئته التي هو فيها.
عشت في بيئة بسيطة، إلا أنَّها كانت كفيلة بتحريض المرء على التفكير فيما هو خارج هذه البيئة، التي كنت دوماً أعدّها
بمثابة القماش العاتم الذي يثير في داخلي التطلع إلى ما وراء هؤلاء الناس الذين حولي، وكأني بذلك أريد معرفة ذاتي
الأخرى وبالتالي تجاوزها؛ فمثلاً حين كنَّا صغاراً نتشاجر في الحي، فكنت أفكر: هل هناك أناس يتشاجرون مثلنا في بقاع
أخرى من العالم؟!
وهل الشتيمة هي ذاتها؟! وهل طبيعة ألعابهم تشبه ألعابنا !؟.
وهل طبيعة الحب والكره هي ذاتها في كل بيئات العالم !؟.
– العوامل والأشخاص التي شجعتك على الكتابة؟
• أستطيع القول إن عدم وجود العوامل المشجعة على الكتابة هي التي شجعتني على الكتابة، أما بالنسبة إلى
الأشخاص، فلا أذكر أن أحداً ما قام بدفعي نحو الكتابة بشكل واضح سوى المعلمة التي درستنا مادة اللغة العربية في
الصف الثاني الإعدادي؛ حيث إنها كانت تطلب مني أن أكتب موضوعاً إنشائياً في كل درس.
ولكن مؤخراً لمست بعض الإطراء والاحترام من قبل البعض، وهذا كان مشجعاً، وأذكر منهم الشاعرة فاديا غيبور
والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، وذلك من خلال الحوارات التي تشرفت بها معهم، والنقاد أنور محمد وألجي حسين
وصباح الأنباري، والفنانة الصديقة سمر سامي، وبعض الأصدقاء الذين من حولي.
– منبج مدينة الساجر هل من علاقة تربط بينك وبينه؟
• طبعاً هناك رابط روحي يدفعني نحو الأمام، ولا سيما أن الساجر، صاحب مشروع مسرحي كان له أثر بالغ الأهمية
على الساحة المسرحية. وحين نذكر مدينة منبج لا بد لنا من المرور على اسم الساجر هذا الرجل الذي باغته الموت خلسة
وهو في غمرة تطلعاته نحو أفق مسرحي جدير بالاهتمام، وحين نذكر الساجر لا بد لنا من المرور بالكاتب المسرحي
سعد الله ونوس ونصوصه. وبهذا أستطيع القول إن الجغرافيا تضمر أمام علاقات الأفراد ببعضهم بعضاً، ويصبح الفرد
مساحة بتفكيره وتفكير الآخرين الذين يحاولون خلق القيمة وصناعة لغة لتداول هذه القيمة.
– العامل الجاذب نحو المسرح في ظل انحساره؟
• ليست المسألة متعلقة بالانحسار والانتشار بقدر ما هي متعلقة بإيمان الفرد بما يفعل، والتاريخ يزخر بالذين آمنوا بما
هم مقبلون عليه على الرغم من انحسار الآلية التي تترجم لهم إيمانهم الذي أنفقوا عليه سنوات عمرهم. وإشكالية المسرح
إشكالية قديمة لم تستقر منذ بداياته الأولى، وأمر انحساره وانتشاره هي مسألة شكل وليست مضموناً، ويكاد الأدب برمته
يشابه إشكالية المسرح في الآونة الأخيرة. وأنا على دراية تامة أن المسرح لن يكون ديوان العرب، ولكني أطمح بأن يكون
قصيدة العرب على الأقل.
– ما هو سبب تأخر طباعة أعمالك المسرحية؟
• إما عدم توفر المال، أو آلية النشر المعتمدة لدى المؤسسات القائمة على النشر، وما يرافقها من صعوبة وسوء
التسويق والرعاية التي يستحقها النص.
– غياب الكاتب عن الإعلام والصحافة؟
• إما بسبب عدم استحقاق النص الكتابة عنه، أو بسبب عدم جدية النقاد في البحث عن نص جدير بأن يُكتب عنه؛ علمًا
أن العلاقة يجب أن تكون من أجل النص لا من أجل العلاقات الشخصية. ويعتقد بعض النقاد أن مهمتهم تبدأ حين ينال
الكاتب جائزة نوبل أو جوائز أخرى، وهذا أمر منافٍ لتطلعات الكاتب وحاجته إلى قليل من تسليط الضوء على ما يكتب
قبل ذلك. لذلك نحن بحاجة دوماً إلى كاتب وناقد مهمين ليقدما حراكاً ثقافياً بين يدي القارئ الذي كاد أن يهجر الكتابة
والصحافة والمسرح والسينما، ولم يتبق له سوى القليل من الموسيقى التي تؤنس وحدته في هجرته هذه.
_ حبذا لوحدثتنا عن المسابقة وعن النص الذي فزت به ؟
• هي مسابقة الشارقة للتأليف المسرحي برعاية الأمانة العامة للشارقة، وهي مسابقة بات لها شهرة واسعة بين الكتاب
المسرحيين، والجدير بالذكر أن كاتبنا السوري طلال نصر الدين قد حصل على الجائزة الثانية في الدورة الدورة الماضية
عن نصه المسرحي ( الرجل الذي احول إلى تشيخوف ) وبهذه المناسبة أتمنى له الشفاء العاجل، ولقد فاز نصي في دورة
هذا العام بالجائزة الثالثة وذلك للبعد الإنساني وللغة الغروتستيك خدمة للحدث، هذا ما قالته اللجنة عن النص . أما الحديث
عن نص ( الرخام ) فأعتقد أنه من الصعب أن أتحدث عن النص حديثاً دقيقاً , و ذلك لإيماني بأن الناقد هو أقدرعلى
تناول نتاج الكاتب , وهذا يعود لعدة أس باب أهمها امتلاك الناقد لأدوات المعايير النقدية التي يستطيع من خلالها على
تجاوز الكاتب و المكتوب , وأعتبر أن الناقد هو الذي يكسر قيد النص ويفجره أمام نفسه والمتلقي والكاتب ذاته , وليس
غريباً إن قلت إن الناقد والمتلقي هما أكثر إبداعاً من المبدع ذاته , إذ أن المبدع يمتلك فضاءات ذاتية يتحرك فيها كيفما
يشاء , بينما الناقد والمتلقي يتحركان بفضاء غريب ليس من صنعهما ورغم ذلك يتحديان الكاتب وفضاءه بكسرهما لهذا
الفضاء وتجاوزه , وهذا مؤشر على قدرة الناقد والمتلقي على امتلاك لغات تتجاوز اللغة الوحيدة للكاتب. و إذا كان لابد
من الحديث عن نص ( الرخام ) فلا أملك سوى أن أقول إن الرخام هو حالة ترصد وجود الإنسان وما يعانيه من ضياع
يصل لدرجة عدم إدراكه لمفهوم الضياع ذاته , وإذا اعتبرنا أن الإنسن لم يعد يدرك معنى الضياع فهذا يعني أنه فقد
الإحساس بالوجود وبالتالي يكون قد بدأ بنسج حياة عبثية مع بقاء إحساسه بشعور القلق والخوف وفقدان كل لغة أخرى
عدا لغة الشلل الوحيدة , وفي نهاية النص نلاحظ أن الشخصيات تلجأ إلى الجلوس على طاولة وتبدأ بقص أظافر أصابع
أيديها بشعور يوحي إلى شيء يشبه الاحتضار للتخلص من كل ما مر بها . وما أريد قوله من خلال ( الرخام ) هو
البحث عن آلية جديدة لصناعة وخلق الإنسان بطريقة جديدة أمام قسوة الطبيعة وما تحمله من معطيات قام الإنسان
بصنعها حيث أنها باءت بالفشل .وأعتقد أن للإنسان قدرة على نسف كل المفاهيم التي أوصلته إلى ما عليه الآن , و أنه
يستطيع بناء إنسان صغير بداخله يتلصص بحذر إلى أن يدرك كل المخاط ر ويتعلم منها , ويظل ينمو شيئاً فشيئاً إلى أن
يتشقق جلد الإنسان الذي يغلفه كما يحدث للأفعى أثناء تغيير جلدها , وبهذا يولد الإنسان الجديد بمفاهيم لا تحتوي على تلك
المفاهيم التي أودت إلى فتك إحساسه و إدراكه , أردت من خلال ( الرخام ) إيجاد إنسان فاقد للحس والشعور , إنسان
يشبه الآلة .
– ما هو الكاتب المسرحي برأيك ؟
• هو ذاك الجاسوس الذي يجلس مع ذاته ليل نهار ويبقى يتلصص في عمق الإنسان إلى أن يلقي القبض على شخصيات
من خلقه , ومن ثم يقوم بترويض هذه الشخصيات على الحركة واللغة إلى إن تدبّ الحياة فيها , ومن ثم تقوم هذه
الشخصيات بالتمرد على الكاتب في ترويضه من أجل أن يكتبها كما تملي عليه هي بحركة و لغة غير الحركة واللغة التي
كان قد روضها عليها .
حاوره سلام مراد
عن جريدة الأسبوع الأدبي في سوريا
العدد 1273 ـ بتاريخ 3/12/2011
#سلام_مراد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟