|
بين المنع والأمتناع
عودة وهيب
الحوار المتمدن-العدد: 1062 - 2004 / 12 / 29 - 07:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان المتحدثين عن مسألة شرعية او عدم شرعية الأنتخابات العراقية القادمة في حال لم يشارك ابناء السنة فيها تجاوزوا مسألة لغوية مهمة، فهم لم يوضحوا لمستمعيهم هل ان ابناء السنة سيمنعون عن المشاركة في الأنتخابات ام سيمتنعون عنها، وكأن لافرق بين الفعلين (منع وامتنع)، رغم ان الفرق بينهما لايقل عن الفرق بين الديمقراطية التي يسعى اليها الشعب العراقي والديكتاتورية التي تحلم اقلية مجرمة باعادتها الى ارض الرافدين . فالفعل( منع ) ينحو بمسلكه منحى الديكتاتورية ،لأنه في النهاية ومهما اختلفت اسباب وطرق المنع، يرغم الأنسان على عدم فعل شيء في نيته ان يفعله لولا ان يجيء المنع من جهة خارجية .وعلى العكس من ذلك فأن سلوك الفعل (أمتنع) ، هو سلوك ( ديمقراطي) لأنه يصدر عن رغبة الأنسان، ويشير الى ممارستة لحريته بعدم المباشرة بفعل ما.فأذا كان بعض ابناء السنة سيمنعون من المشاركة في ألأنتخابات القادمة، فتلك جريمة كبرى، ويجب على الجميع تشخيص وادانة ومعاقبة الطرف او الجهة التي تحرمهم من ممارسة اهم حق من حقوقهم الوطنية.أما اذا هم امتنعوا عن المشاركة فهذا خيارهم وهذه قناعتهم التي لابد ان يحترمها الجميع . ولكن من هو الطرف الذي يمارس او يهدد بممارسة منع ابناء السنة من المشاركة في الأنتخابات القادمة ؟ ليست الحكومة طبعا، ولاحتى هيئة علماء المسلمين، ستمنع او تهدد بمنع ابناء السنة من المشاركة في الأنتخابات القادمة ( هيئة علماء السنة لم تمنع بل دعت للأمتناع وهذا شيء اخر) . الذي يهدد بالمنع هم الأرهابيون ( او المقاومون بالتعبير المضلل). وهؤلاء ادانتهم (فرض عين) على كل عراقي يحترم حرية العراقيين ، ومن لا يدين سلب حرية العراقيين يقف في النهاية مع السالبين لحرية الناس ويصطف معم رغم تنميق الكلمات. اما الأمتناع عن المشاركة في الأنتخابات القادمة فهو حق تصونه الديمقراطية في كل دول العالم الديمقراطية (( عدى نظام (ديمقراطي) واحد واوحد هو نظام صدام حسين الساقط، الذي هدد في اخر مسرحية انتخابية بحرمان المواطن من بطاقته التموينية ، اي الحكم عليه بالموت جوعا ، اذا امتنع عن المشاركة في هذه المسرحية))، ولذا فأن نسبة المشاركة في كل الدول الديمقراطية تصل احيانا الى نسبة 60% فقط . وعليه لا احد يعترض على حق هيئة علماء المسلمين وسواها من الهيئات والأحزاب والأفراد في عدم المشاركة في ألأنتخابات القادمة، ومن حقها ان تمتنع عن هذه المشاركة وليس لاحد ان يمنعها من ممارسة حق الأمتناع، ولكن ليس من حق الممتنع ان يشكك بشرعية هذه الانتخابات لأنه قرر ( مخالفا اغلبية المواطنين) الأمتناع عن المشاركة فيها بحجج واهية يسهل الطعن بها مثل حجة وجود قوات اجنبية وحجة عدم توفر الأمن . فوجود قوات اجنبية في اي بلد ( حتى لو اجمع وطنيا على تسميتها بقوات احتلال) لايمنع الناس من ممارسة الصوم والصلاة والحج الى بيت الله والتكاثر وانتخاب من يمثلهم في مواجهة الأحتلال ، بل وبالعكس من ذلك، يفترض بالوطنين العمل على ارغام قوات الأحتلال على السماح لهم بأداء شعائرهم الحياتية، الدينية منها والسياسية، في حال قيام هذه القوات بمنعهم من ذلك، ولم تذكر لنا اي تجربة انسانية ان ابناء بلد محتل رفضوا ممارسة اي نوع من الحرية سمح لهم المحتل بممارستها ، وعلى العكس حدثتنا تجارب انسانية كثيرة عن نضال ابناء بلدان محتلة من اجل نيل اي قدر ممكن من الحرية في ضل الأحتلال ، وفي تأريخنا المعاصر نظمت الأمم المتحدة انتخابات في عدة دول واقعة تحت نير الأحتلال كخطوة على طريق ازالة ذلك الأحتلال. اما حجة عدم توفر ألأمن فهي حجة مقبولة وواقعية وقابلة للنقاش الموضوعي لو ان قائلها يعلن لعنه وشجبه ومحاربته للأرهابين، الذين يعكرون صفو الأمن، ويعمل مع باقي ابناء الوطن على اجتثاثهم . اما من يدعم الأرهابين ماديا ومعنويا ويسميهم بلاخجل بالمقاومين ويمنحهم صفة الشرف الوطني ، وربما يساهم معهم عمليا في جرائمهم، ثم يقول لنا انه يمتنع عن المشاركة في الأنتخابات لعدم استتباب الأمن فهذا ، ورب الكعبة، استخفاف بعقول الناس، واستغلال بشع لطيبتها وتسامحها.ان الأنتخابات القادمة انتخابات شرعية بكل معنى الكلمة، ليس فقط بسبب استضلالها بضلال الشرعية الدولية، بل ، وهذا هوالأهم،لأنها تلبية لرغبة اغلبية العراقيين التوّاقين الى انبثاق حكومة وطنية تعبر عن آراهم ومواقفهم في مسائل مصيرية في مقدمتها انهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق ، ولايقلل من هذه الشرعية مقاطعة المقاطعين وامتناع الممتنعين ، فلكل مواطن خياره في الحياة وفي السياية، وليس ثمة (قوّامون) على الوطن والمواطنين، وليس لأحد الطعن بوطنية الأخرين لأنهم لم يشاركوه قناعته الفكرية او السياسية.
#عودة_وهيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكي شباط
-
الفلم الأمريكي
-
عبادة حقوق الأنسان
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|