أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - عن سرية دفن فولتير والقذافي















المزيد.....

عن سرية دفن فولتير والقذافي


فتحي الحبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 3584 - 2011 / 12 / 22 - 19:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عن سرية دفن فولتير والقذافي

إن الليل زائل
نيرون مات ... ولم تمت روما
محمود درويش


أجل، استلهاما من الشاعر محمود درويش، نقول إن القذافي مات ولم تمت ليبيا، فهذه سيرورة الحياة وصيرورتها. ولكن أية أمة هذه، التي يشتم ويضرب ويسحل ثم يقتل فيها أسير كان يزعم انه ليس عميد رؤسائها وملوكها فحسب بل وكذلك ملك ملوك إفريقيا أيضا وقائد أممي وصاحب النظرية الثالثة في الحكم، المضمنة في كتابه المهزلة؛ الكتاب الأخضر ، أسوة بالكتاب الأحمر للزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ قائد المسيرة الصينية الكبرى.
أية أمة هذه، تريد أن تعود إلى مسرح التاريخ من خلال الربيع العربي، وتعرض جثة أحد "زعمائها " شبه عارية، مضرجة بالدماء و متفسخة، أمام العموم، بوحدة تبريد اللحوم، بأحد الأسواق. وأية أمة هذه التي تدفن، دون إجلال أوتكريم، جثة أحد قادتها - بعد تكفيره- في أدغال الصحراء وفي مكان مجهول، تماما ككلب ضال. وهو ما لم يفعله المسيحيون الكاثوليك بالكاتب والمفكر التنويري الفذ فولتير، رغم جهره بعدائه الشديد للكنيسة الكاثوليكية وتهجمه عليها في كتابات كثيرة ورغم رفضه وهو على فراش الموت، أن يتراجع عن نقده للكنيسة الكاثوليكية، مما أدى إلى قرار منع دفنه وفقًا للشعائر الكاثوليكية،. إلا أن جثمانه، رغم ذلك، قد دفن سرًا داخل إحدى كبريات الكنائس الفرنسية. ولك أن تقارن هنا، بين موت فولتير ومقتل الكاتب القدير عبد الله ابن المقفع الذي قطعت أطرافه عضواً عضواً، وألقيت في تنور، وهو ينظر إليها، وذلك لمجرد إبداء رأي في إصلاح الحكم ضمن رسالة إلى الخليفة العباسي (أبو جعفر المنصور) سماها "رسالة الصحابة .
ما ذكرته ليس دفاعا عن ألقذافي، فهو لا يستحق التعاطف معه أو الدفاع عنه، بعد أن بدت عورته وانكشف عهره. لأنه قد أعجب برأيه فتاه وضل، وصارع الحق فأنهزم وذل. ولأنه أرتكب من المآسي والفجائع ما لا يحصيه عدد، .فهو حاكم مستبد وجائر، اشتهر بالبلاهة والعادات الغليظة غير اللبقة. يضاف إلى ذلك، طيشه وإجرامه وإنفاقه الأموال في الملذات، ورغباته الجامحة في تعذيب الناس والتنكيل بهم. وهو طاغية من طراز الإيطالي نيرون -ابن أخ كاليغولا- الذي نكل بسكان روما وعذبهم وكسر عظامهم بالمطارق الحديدية ، تماما مثلما فعل الصهيوني رابين للفلسطينيين عند الانتفاضة الأولى .وأحرق نيرون الكثير من مواطنيه بالنار، بل قتل بداعي الشك أقرب الناس إليه؛ من أمه إلى زوجته إلى ضباطه، ثم أحرق روما وطفق يردد وهي تحترق "أنا نيرون الجبار، أقتل من أشاء وأملك ما أريد، وأقطع الأعناق وأسفك الدماء . وقد مات في ظروف جد مشابهة لموت ألقذافي أي بعد ثورة عليه وغضبه الشديد من ذلك، ومقاومته للثوار بجيش، تخلى عنه فيما بعد وانضم للثوار، فبقي وحيدا ونهبت قصوره، ولم يبق له مكانا آمنا، فاختبأ عن الأعين حتى اقترب منه الثوار. فتوسل لأحد خدامه أن يقتله، فطعنه طعنة قاتلة، جنبته المذلة وشماتة الأعداء والخصوم ،وهم كثر.
والقذافي كذلك لا يقل جبروتا وبربرية وإجراما من الالماني النازي أدولف هتلر الذي تسبب في قتل الملايين ولكنه لما أقترب منه الجيش الاحمر أطلق النار على عشيقته ايفان براون، حتى لا تراه يذل أمام عينيها، في صورة القاء القبض عليه. والقذافي كذلك هو من طينة الفاشي موسوليني الذي تم اغتياله من قبل الشعب الإيطالي وعلق من قدميه مع عشيقته كلارا بيتاتشي، تماما كالخروف.
و القذافي يقترب كثيرا من السوفياتي جوزيف ستالين الذي سممه أحد وزرائه بعد أن أعدم الآلاف و قام بترحيل مليون ونصف المليون سوفييتي إلى "سيبيريا" وجمهوريات آسيا الوسطى . والعقيد هو كذلك على شاكلة الروماني تشاوسيسكو الذي أعدمه الجيش مع زوجته، وكان قبل أربعة أيام من ذلك، وصف القس المغمور الذي حرض على العصيان عليه، بأنه أخرق مأفون.
لكن القذافي يختلف كثيرا عن الطاغية الوطني والقومي، العراقي صدام حسين الذي شنقه الشيعة بوم عيد الأضحى ليحتفلوا بالعيد في اليوم التالي.لأنه ثبت للجميع أن القذافي لم يكن لا وطنيا ولا قوميا، بل تظاهر بذلك، فقط لجلب الانتباه إليه. وقد نجح في ذلك.لكنه أدخل بلاده في متاهات وغياهب أزمات لم تنته بقتله.
رغم أن الأمة العربية مهزومة ومأزومة، فإنه لا يشرفها -قطعا - أن يقوم مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي ، ولو بإيعاز من حلف الناتو، بقتل أحد أبنائها بتلك الوحشية والهمجية والفظاعة والبربرية البشعة، والتي لا يمكن أن تلحق سوى الخزي بأصحابها، مهما كانت الاعتراضات على القذافي- وهي اعتراضات موضوعية -في محلها ولا تقبل الجدل حولها- لان حادثة القتل بعد الأسر كما شاهدها العالم ،تكرس الفكرة الخاطئة عن العرب التي تعتبرهم دمويون بالأساس، يقومون بالقتل دونما رحمة ولا شفقة. فالثوار فعلوا بالقذافي، تماما، ما كان ينوي فعله بسكان مدينة بنغازي، لولا تدخل حلف شمال الأطلسي. وقد قالها بصريح العبارة في الخطاب الذي سبق توجه كتائبه إلى بنغازي.إلا أنه ورغما عن ذلك، فلا يمكن الرد على الخطأ بخطأ مثله، وإلا يصبح ألقذافي وقاتليه من نفس المعدن الوضيع، وينتفي بالتالي مبرر تعاطف المجتمع الدولي معهم في ثورتهم عليه.ما يعني فقدان الثورة لزخمها ووهجها.
ذلك أنه لم يعد متاحا- راهنا- القيام بما قام به الفرنسيون إبان الثورة الفرنسية العظيمة، وحتى فيما بعد ذلك. ضرورة أنه لم تكن هناك معاهدات كمعاهدة جينيف الخاصة بالأسرى، ولا التزام باحترام حقوق الإنسان كما جاءت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
نعم، بالغ القذافي في حبه لنفسه، وأذاق الليبيين الويلات ،حيا، فبالغ الناس في كرهه، ونكلوا به مقتولا. ولكن رغم أن طريق الجاهل مستقيم في نظره، فهو ليس كذلك عند الآخرين. ذلك تماما ما ينطبق على القذافي وقاتليه المباشرين أو الذين حركوهم من وراء ستار السياسة الدولية.وتبقى السياسة رديفة للقذارة كما بين ذلك جان بول سارتر Jean Paul Sartre في مسرحيته الشهيرة Les mains sales التي كتبها صاحبها بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، وبدأت مؤامرات الإغتيال تحاك ضد عديد العناصر، داخل الاحزاب الشيوعية ذاتها.
فتحي الحبوبي/ مهندس



#فتحي_الحبوبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداوة الفكرية لمحترفي الإفتاء وفق الأهواء
- ممارسات سياسية بين فلسفة القوة والنظرية الداروينية للخلق
- لا لحوارالأديان في ظل إنحباز بابا الفتيكان
- الشيوعية والإسلام والفشل في ممارسة الحكم


المزيد.....




- ترامب يعلن عن رسوم جمركية جديدة في -يوم التحرير-.. ما تفاصيل ...
- فرنسا: تفكيك وفاق إجرامي لتصدير نصف طن من الحشيش إلى تونس
- الخارجية الروسية: موسكو منفتحة على المبادرات الواقعية للتسوي ...
- زعيم عصابة إكوادورية خطيرة هارب يواجه اتهامات جنائية في الو ...
- استطلاع: ثلثا الفرنسيين يعتبرون أن ديمقراطية بلادهم تعمل بشك ...
- ترامب يعلن فرض رسوم جمركية كبيرة على الصين والهند والاتحاد ا ...
- العراق.. مواطن يفاجئ رئيس الوزراء بـ-عيدية- (فيديو)
- نتنياهو: سننشئ محورا جديدا في غزة
- شبح الجوع يهدد سكان غزة مجددا
- الوطن السورية: أهالي درعا يشتبكون مع القوات الإسرائيلية بالق ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي الحبوبي - عن سرية دفن فولتير والقذافي