أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الفتنة والثورة














المزيد.....

الفتنة والثورة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3584 - 2011 / 12 / 22 - 08:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مثّل حدثُ الفتنةِ الكبرى صداعاً سياسياً فكرياً مزمناً لأمة التوحيد.
فكيف يمكن لأمةِ التوحيد أن تفترقَ كل هذا الافتراق وتصل الأمورُ إلى الاصطفافاتِ الحربيةِ العنيفة التي مزقتْ كلَ بيت؟
كان لابد لهذا الوعي بمختلفِ فرقهِ أن يبتعدَ عن جذورِ المشكلة، وأن يربطها بأسبابٍ ذاتية أو خارقة وبتأثيرات الكائنات والرموز الشريرة وغير ذلك.
فهو ذاتهُ الذي لم يرَ الثورة المؤسِّسةَ كثورة، بل اعتبرها حدثاً خارقاً ليس له سببيات اجتماعية، فكيف الأمر مع (فتنة) تمزيقية للصفوف؟
كان الاختلاف على السلطة ودورها المحوري، وكيفية نشوئها ورسوخها وتملكها الموارد والخريطة الإدارية، هو جوهرُ الأمور، والباطنُ هو اختلافُ الفروعِ العشائريةِ في قريش على المنصب الأول، ثم دخلتْ القبائلُ خارج قريش وكذلك الأقاليم المُستولى عليها بالقوة في خضمِ الصراع على السلطة.
في الفتنة الكبرى برز الاتجاهان الارستقراطيان في قريش، الناميان والمتجذران على مدى قرون على السطح السياسي للدولةِ الوليد، اللذان تجسدا بالصراع بين بني هاشم وبني أمية، انهما شكلان سياسيان لصراع مستويات اجتماعية متباينة، بين فئاتٍ وسطى قريبة من حضيض الفقراء، وبين فئات عليا ذات مكانة في التجارة والمُلكيات الزراعية والثقافة السياسية الدنيوية.
بدأتْ حظوظُ بني هاشم السياسية تتراجع مع تنامي الإمبراطورية الإسلامية. إن النماذج الدينية المتواضعة والزاهدة والمضحية والعلاقة الديمقراطية مع الجمهور والخلفاء الذين بلا حراس، وبلا أجهزة تجسس ومراقبة غائرة، راحت تزول لصالحِ دولةٍ قوية وعنيفة ودولة تفترق عن الجمهور الفقير وتجسد مصالح النخب الحاكمة والتجارية الكبرى.
كانت هذه التحولات تجرى داخل حزب الثورة المؤسِّسة نفسه، فتوجه كثيرون نحو الأملاك الكبيرة وصارت دخولهم ضخمة، وانتقل بعضُهم إلى الأمصار يشتري البضائع والأملاك القديمة لقوى الدولِ السابقة المهزومة، ودفعتهم هذه التحولاتُ إلى البقاء في النصوصية الإسلامية القديمة من دون قراءات معمقة، معممين نصوصها، مجردينها من دلالاتها النضالية التحولية. فيما بقي قسمٌ من بني هاشم في ذات النصوصية لكن عبر مواقع البقاء ضمن الإرث الكفاحي الزاهد. وهو القسمُ الذي حاول أن يستعيدَ الثورةَ السابقة بعد غيابِ أسسها الموضوعية، وجمهورِها الفقير الغني المتحد، فلم يُفلح في ذلك ودخلَ في مغامراتٍ سياسية ضد الدولة القرشية الارستقراطية الصاعدة بين الميراث الشكلي والجذور البدوية العميقة لها، من دون أن يُكتب لهذه الصراعات النجاح فشكل رؤى دينيةً نصوصيةً أخرى مبتعدة عن الجذور الاجتماعية السياسية للقضية.
إن النموذجين السياسيين راحا يُطرحان على أساس ديني، فكانت ثقافة العصر لا تسمح بخلاف ذلك، وكان في كلِ نموذج دكتاتوريةٌ داخلية، تباينتْ أشكالُها واتحدتْ مضامينُها، فيما أن المسألةَ كانت تحتاج إلى ديمقراطية اجتماعية سياسية.
ولهذا فإن مسألةَ الثورةِ الحلمِ لم تتحقق، وانتشرت الفتن، لكون المتحركين وقعوا في شبكاتِ الأنظمة المحافظة الطائفية، بما فيها من هيمنةٍ على العاملين والنساء، فكلُ صاحبِ فتنةٍ يعيدُ إنتاجَ حراك الفئةِ المذهبيةِ أو الدينية التي ينتمي إليها عاجزاً عن صنع نموذج التوحيد، الذي يتطلب الارتفاع عن الطوائف والأجناس ذكوراً وإناثاً، والتعبير عن أهداف الناس العاملين والتجار بغض النظر عن هوياتهم الدينية.
ولهذا حين جاء الغربيون وغزوا بعضَ المدن العربية الإسلامية المسيحية، ظهرت كلمةُ المواطنين، وغدا التوحيد ضرورات تحررية ومعيشية واستقلالية وثورية، وتوجه المحررون التوحيديون الجدد وهم يأخذون الفكرَ الغربي بأنماطهِ التوحيدية ينفصلون عن إرثهم الديني الذي لم يدرسوه ويستوعبوه ويتجاوزوه نقداً بحثياً، فيما بقي الدينيون المذهبيون في ارثهم القديم، نائين عن المستورد الغربي المفيد في بعض الجوانب.
وقد وصلنا الآن للحظةٍ تركيبية كبرى في تاريخ الأمة العربية، عبر إمكانية وجود السلطة الديمقراطية المتنقلة بين قوى المصالح والعمل حسب صندوق الانتخاب، وعبر فصل الإرث الديني الانقسامي عن قضايا الحكم والسياسة والتنظيمات، لكن هذا الوصول هو وصول نخب قليلة فيما الجماهير تعيش في الماضي وشبكات الأقدمين فتنتج الأفكار والطموحات العتيقة أنفسهما، لكون ظروفها المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لم تتبدل كثيراً.
ودور النخب الديمقراطية هو ترسيخ النموذج الجديد عبر تغيير ظروف الناس المادية والثقافية، حيث تغدو الوحدة الوطنية القومية في البناء السياسي، فيما تتباين الرؤى الفكرية والسياسية حسب مصالح وأهداف كل جماعة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برجوازية قروية تحكم مصر
- شخصياتٌ لا مبادئ
- الانفصالُ بين الأجهزةِ ورأس المال
- الثورةُ السورية وغيابُ المدينتين الكبيرتين
- الثورةُ الدائمةُ في الإسلام
- استراتيجية ما قبل الضربة لإيران
- الاغتيالُ السياسي للقصةِ القصيرة
- تفريقُ دينِ التوحيد
- مظاهراتُ روسيا
- اليمن: أصراعٌ قبلي أم تحديثي؟
- لماذا لم يتطور التنظيم؟
- السلانةُ بين الانفتاحِ والجمود
- العودة للجذور بشكل حديث
- صراعٌ طائفي إقليمي عالمي
- نماذج مستقبلية للتطور
- تعاونٌ شمولي ضد الثورة السورية
- شبابُ الثورةِ.. شبابُ الخسارةِ!
- هواجس خليجية
- تطرفُ اليسارِ واليمين
- خطابٌ دينيٌّ رأسمالي صغير


المزيد.....




- ترامب يعلن عن رسوم جمركية جديدة في -يوم التحرير-.. ما تفاصيل ...
- فرنسا: تفكيك وفاق إجرامي لتصدير نصف طن من الحشيش إلى تونس
- الخارجية الروسية: موسكو منفتحة على المبادرات الواقعية للتسوي ...
- زعيم عصابة إكوادورية خطيرة هارب يواجه اتهامات جنائية في الو ...
- استطلاع: ثلثا الفرنسيين يعتبرون أن ديمقراطية بلادهم تعمل بشك ...
- ترامب يعلن فرض رسوم جمركية كبيرة على الصين والهند والاتحاد ا ...
- العراق.. مواطن يفاجئ رئيس الوزراء بـ-عيدية- (فيديو)
- نتنياهو: سننشئ محورا جديدا في غزة
- شبح الجوع يهدد سكان غزة مجددا
- الوطن السورية: أهالي درعا يشتبكون مع القوات الإسرائيلية بالق ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الفتنة والثورة