أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - ابن رشد ومشكلة النسبية














المزيد.....

ابن رشد ومشكلة النسبية


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 19:26
المحور: الادب والفن
    


لم يكن ابن رشد يعرف ان الاحزان والتوترات والقلق والارق سيهجم بهذا العنف المفاجئ مفجرا اسئلة لم يكن مهيأ لتقبل حممها الحارقة في جوف القلب .فتح المخطوط الذي تسلمه من الرجل الطاعن في السن وهو يؤكد مشددا على الحروف "هذا السفر ورثناه أبا عن جد وآنا الآن لا أرى رجلا اقرب الى قلبي استوصيه خيرا بهذا المخطوط إلا أنت " لم يقل له أكثر من ذلك وفي صباح اليوم التالي توفي الرجل العجوز تاركا ابن رشد في موج بحر مداد متلاطم هائج لم تشفع له حنكته ومراسه وتدبره ودرايته في تعرف اليابسة انقادا للروح التي صار يتهددها المجهول . كان المخطوط شفافا واضحا بخط جميل مقروء لكن معانيه كانت مرعبة الى حد الصمت القاتل الأقرب الى صدمة الذهول المباغتة .كانت حياة ابن رشد كأي انسان أخر مليئة بالآلام والتجارب العسيرة وفيها الكثير من الاحزان المولدة للاضطراب وعذابات النفس المحايثة للاجهاد والتوحد . لكن هذا المخطوط لم يكن كالأحزان وصروف الدهر المخبأة للانسان .كانت قراءة المخطوط تجر الى قراءة اخرى وبين قراءة وأختها يهتز كيانه برعب حمى الاسئلة وهي تعتصر القلب وتشد الدماغ بحبل الوريد فيشعر ابن رشد بحالة كمن يصعد في السماء وهو يرى قدر حتفه المحتوم .في لحظة لاسعة كالبرق انتفض الرجل باحثا عن قدح المعتقة ليصوب المزاج ويتبين الحرف الأبيض من الاسود .هل كان يشرب أم كان يطفئ الحرائق الملتهبة في اعماقه .أصلح لباسه امسك بيديه رأسه الذي تضخم بشكل لايطاق وهو يقول في نفسه مستجمعا ما تبقى من قوته "لأعرف طريقي من هذا الكتاب أو أعلن وفاتي كمن سلمني المخطوط " ثم غرق في تفكير عميق باحثا عن قارب النجاة بعد أن بدا له الموت مذلة لا تليق بمن حمل الأمانة فاستدرك مخاطبا نفسه " والمخطوط " فتحه للمرة العاشرة أو المائة ...وعلى صفتحه الاولى قرأ الرواية بتأمل عميق عن نوفل ابن حوقل عن داعسة جارية ابن عكروم ...الى أخر العنعنة في الصفحة الخمسين بعد بعد المائة " سيخرج في أمتي قوم هم على الدين والدين منهم براء .يزعمون سنتي في إطلاق اللحى وشد الثوب عند الركبتين وواد النساء وتحريم ما احل الله. بهم تعمر بيوت الله تحسبهم رجلا واحدا وقلوبهم شتى يعبدون رجالا لا كالرجال يسمون أنفسهم بأهل العلم والتفقه في الدين يحبون النساء والمال حبا جما ولا يدرون العاجلة إلا في قلوبهم شيء من حتى ..." أغلق المخطوط ثم فتحه على صفحة أخرى " يحلمون بغزوات هم لها أمراء وآمرون ويتخيلون نساء السبي وهم يملؤون منازلهم بالخدم والحشم وما نذر من الجواري الحسان يفعلون بأنفسهم في الغرف المظلمة ما لايفعل بهم الشيطان من الشهوات والملذات وهم يطلبون من الناس الباءة وفي غيهم يعمهون . ينافقون ويمكرون والله خير الماكرين ..." وفي الصفحة الموالية قرأ أيضا " يكفرون الناس ويقتلون الأبرياء. قلوبهم على الفتنة والدس و الفتوى لنيل الفيء واعتلاء المنابر والناس وراءهم يسمعون ولا يقرؤون صدئت قلوب من التعود والتبرك بلعاب اللحى و ..." حاول ابن رشد دون أن يفلح في ذلك أن يتعرف صاحب المخطوط من لغته وأسلوب كلامه . صحيح انه وجد في احد هوامشه تاريخا يشيرالى أواخر القرن الثاني للهجرة . لكن العبارة الغريبة التي استوقفته طويلا "سيخرج في أمتي رجال هم على الدين والدين منهم براء يفكرون اليوم ليعيشوا البارحة ..."استعصى التعبير عليه وضرب أخماسا في أسداس ليدرك معادلة اختراق الزمن والرجوع الى الماضي البعيد للعيش في خيال ماضي كنف النصوص .تساءل في دواخله عما يعنيه فساد الزمان من خلال حديث الانحدار ومدى انعكاس سرعته في التباطؤ المعكوس . لم يكن البرهان بعيدا عن تفكير ابن رشد وهو يفكر في الزمن النحوي للعبارة محاولا فك الالتباس بين المضارع الحاضر في الفعل والماضي المخبأ في الاسم . تبين له انه بدا يخرف أو على حافة الجنون . تذكر حكاية الزمان في قصة أهل الكهف وحاول ان يصل الى رؤوس أقلام تضيء له سبل التفكير لكن في لحظة غفل زماني مر القرن الأول ثم الثاني وتوالت القرون على شاشته الصغيرة من السلف الى الخلف فنهض مفزوعا من شيء في رأسه يندفع بشراسة وهو لايقوى على وقفه ولا منعه أو ردعه. انفجرت كل الحفر المتهالكة في ماضيه والتي كان يعتقد بأنها ماتت وانتهت ولن تعود وهاهي تعتلي منصة دماغه وتسخر من ترجماته وتأليفه في برهان العقل و هي تغمز بوقاحة طالبة منه أن يحجز مقعده في مركبة النص لاختراق الزمن والعيش في الماضي كذروة عليا مطلقة .قال ابن رشد لنفسه بصوت خافت " ربما المعتقة لعبت من ورائنا آو غلطنا الرجل – قاصدا الغزالي – "وفي صباح اليوم التالي شرع الرجل في كتابة فصل المقال تحسبا لنبوءة المخطوط حول أهل التكفير "أما بعد حمدا لله بجميع محامده والصلاة على محمد عبده المطهر المصطفى ورسوله فان الغرض من هذا القول ان نفحص على النظر الشرعي هل النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشر عام محظور ام مامور ب هاما على جهة الندب واما جهة الوجوب "



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت يحتضر...الجزء الاول
- عندما يضحك الوطن...
- تونس تمهل..ولاتهمل
- الاحذية
- الحفاة والكنغر
- يوميات عاشق =1) الامل الشاق
- لعبة الاواني
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني 2
- اغتيال
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني
- الكينونة والعدم
- مثقف المعارضة العربية


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - ابن رشد ومشكلة النسبية