أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بولس - نسمةٌ أقل














المزيد.....


نسمةٌ أقل


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 3577 - 2011 / 12 / 15 - 23:48
المحور: الادب والفن
    


كلمة في رحيل الدكتور والفنان سليم مخولي – كفرياسيف (الجليل)

بخفّة صديٍّ يلقّط حبيبات الندى عن أجفان فجر رحل، وهو الذي عاش النكبة غصّة سكنته فأوسعت صدره، تنفَّسها، كناي تئنّ لتحنو فبها يحلو النشيد ويكتمل "المقام"، تمامًا كرعشة الأخضر دقٌه في خاصرة السدى الأبيض أحلامًا ومدى فوهبه حياة ووهبتنا ريشته بردًا ودفئًا ومتعة. عاشها طمّاعًا كنحلة، فحوى ورد الرياض بشخصه.
من أوائل الطلبة العرب، ترك قريته، كفرياسيف، تجبّر عظامها وتساهم في ترميم جراح أخواتها وصعد إلى الجبال ليتزوّد بالحكمة. هناك في "أورشليم" غرف من نبع الغربة، قرويّا متأهِّبًا جريح وعد الأخوة الخائب يحلّ ضيفًا أخطأه القدر على من توهموا وما زالوا أنّهم صنّاع الأقدار، قدرهم وقدر غيرهم. ما تبدّل في غربة ولا بهت معدنه. زادته التجربة علمًا وأكثر زادته قناعة بأن الشفاء في اللغة وبأنّ الحياة تدق تفاصيلها بإزميلك أنت وليس لغيرك أن ينحتها ويهندسها ويحييها.
من هناك عاد وكلّه يقين أن النعمة لن تطفو ولن تزهر إلّا إذا أتقنت تزويج السين للام وأقفلتها بميم محكمة، فعندها سيكون الوعد سليمًا والحب سليمًا والعقل سليمًا.
من هناك عاد يرشح إيمانًا بأن الوطن رقعة من جسد ولن يفلح أحد بسرقته مهما جففت وديان واغتصبت تلال. الوطن رقعة يستحضرها الحكيم بروحه وبريشة مبدع يخلق الأمل ويورث الألم وتناهيد السرو للغمام.
من هناك عاد كما ترك، ابنًا لبيادر كفرياسيف عاشقًا لسِحْرها ولسَحَرها ولعائلة ألفت معنى الرجولة والوفاء والعزة. عاد وروحه تفيض نبضًا وطاقة وحبًّا لكل شيء جميل، طبيبًا تسربَل الأبيض ليمسح دمعة عليل ويزيح عتمة مَن مِن سهد تقرّح ليله وجفاه مرقده.
أصيلًا كأجداده الأوائل سعى إلى كمال. لم يكتف بحكمة تبرئ الأجساد وهي إلى فناء، فألحقها بنفحة من طيب وعنبر لتصير دواءً شافيًا لكل روح عليلة.
أجاد فنون الأزاميل جميعها، ذلك الذي يذبح حيّا ليشفي وليرتق ويريح، وذلك الذي يذبح حجارة لتدب فيها حياة وتجري في عروقها دماء.
بيني وبينه أقل من عقدين وعرض شارع. بيننا كذلك عقود من ياسمين وورد. من بيته أشع نور خافت حتى ساعات الفجر. كنّا، جميع جيرانه، شهودًا على السر، فها هو الطبيب يداوي الحرف بالحرفة وها هي القصيدة تولد من محنة ومن فرحة ومن حب. ها هي فرشاته تمسح الدمعة من عيني "بروة" وتحيلها وعود أمل وشروق، لأن الحكماء مثله فقط يعرفون أنه لن ينتصر فاتح على "حكيم" ولن يقوى موت على فنان مبدع عاشق للريش ولهديل الحمام.
لقد عشتَ في كفرياسيف وبقيت فيها لكنّك، ككل المبدعين، أكبر من المكان وأبقى من الزمان.
برحيلك خفت ضوء القمر في حارتي. برحيلك نقصت عِذاب النسيم نسمةً في قريتي. برحيلك ندمتُ على خسارتي لوعد بيننا سيبقى سليمًا حبيبًا علي وحسرة في صدري.
برحيلك رحل الطبيب وعاش دواؤه وانتصر. ما نحت إزميلك باق وسليم. ما رسمت ريشتك وفرشاتك باق وسليم. وما قرضته من شعر وقصائد باق قلائد سليمة على صدر الزمن.

[email protected]



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزمور للنقب
- بسمة وعبسة
- -هيدرا- على الأبواب
- حديث غرناطة
- من نامَ لم يدرِ طالَ الليلُ أم قَصُر
- هنا أولا
- القابض على الماء...
- أتتكَ بحائنٍ رجلاهُ
- طوبى...
- رسالة وجواب
- كم أخشى هذا الأمل
- فجر أم عاصفة؟
- لم يأكلني الذئب في حيفا
- سراب الفؤاد
- بيضٌ وحياءٌ وثورة
- لولا الحياء لهاجني استعبار
- منبت العيدان
- إن مع اليوم غدًا
- معهن الحياة أفضل
- مرمرة -الطيب-


المزيد.....




- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد بولس - نسمةٌ أقل