أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مجاهد عبدالمتعالي - العقل وتبرير الجبناء














المزيد.....

العقل وتبرير الجبناء


مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)


الحوار المتمدن-العدد: 3576 - 2011 / 12 / 14 - 16:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كيف نعمل على تحطيم وتهشيم الظنون التي يغذيها الخوف وتبنيها الهواجس لتصبح سجنا عاليا من جدران المسكنة والضعف والخور، نخفي كل ذلك تحت مبررات خوفنا الجاهل، وهمسنا المكبوت لأبنائنا: "انتبهوا.. هذا خطير... هذا مخيف.. الخ"، ليدرك العارفون من خلالها مدى هشاشتنا وجبننا؟!.
لنبدأ أولا بمحاولة الكشف عن معنى الشجاعة والجبن، فالشجاعة في نظري لا فرق بينها وبين الجبن سوى شعرة بسيطة كالشعرة التي بين الجنون والعبقرية، والشعرة هي الحدس.
الشجاعة شعور مرتبك يبني اندفاعه على حدس الفوز، والجبن شعور مرتبك يبني تخاذله على حدس الخسارة، ولهذا يقال في الحروب: أعطني مئة عسكري من جيش منتصر، ولا تعطني ألفا من جيش مهزوم، فالهزيمة في النفس أم البلايا، ولهذا قالت العرب: كلم السنان ولا كلم اللسان، فالسنان يضر الجسد، واللسان يكلم الروح، وما جدوى جسد بروح مكلومة، أما الروح إن كانت وثابة فلا يعنيها الجسد بشيء، فلقد كان أحمد ياسين مشلول الجسد أثقل على العدو الصهيوني من ألف راكضٍ مشلول الروح.
في القرية إذا قتل أحدهم ثعبانا، تسامعت به كل البيوت... أوصافه... حركاته... الخ، كفعل يدل على مؤشرات الشجاعة، بينما يأتيك ذلك الشاب الناعم في بنطاله "الجينز" والذي يعمل في سنته النهائية تخصص الأحياء، ورسالة تخرجه عن الثعابين، ليمسك بكل هدوء هذا الثعبان، ثم يطلقه ليمسك بآخر بعد أن يخرجه من جحره ويضعه في الكيس حيا، ليذهب به إلى مختبره... ساخرا في نفسه من أهل القرية المحيطين به عندما يتعجبون من شجاعته، غير مدركين أن الأمر عنده لا يتجاوز "العلم والمعرفة"، أكرر "العلم والمعرفة"، أكرر للمرة الثالثة "العلم والمعرفة"، فبهما أدرك النوع السام من غيره، وأصبح يحاذر من لدغة الثعبان السام كما يحاذر في مختبره من كسر دورق أو سقوط قطرة حمض على يده فقط.
بالعلم والمعرفة نزيل جدراناً خرسانية من أوهامنا التي نعيشها، كأخبار السعلاة التي تحكى عن أحدهم، أنه كان يسير في واد مظلم موحش والسعلاة تتأوه فيه من شجرة إلى أخرى، وقد التقيت الشيخ في طفولتي وسألته عن شجاعته تلك، ضحك وقرص أذني هامساً فيها: الجبناء يا ولدي من يصنع أسطورتك، ولهذا كانوا يخافون السير في هذا الوادي ليلا، فقالوا: فيه سعلاة تتأوه من شجرة إلى أخرى... وعندما ذهبت أستجلي الخبر، سمعت العشرات من الحمام البري عندما أقترب من شجرة إلى أخرى تبدأ بالهديل.... والخوف يا ولدي أحال الهديل إلى تأوه سعلاة. فسألت الرجل العجوز: ولماذا لم تخبرهم؟ فقال غاضبا: وهل تريد مني أن أجرح كبرياءهم؟ ولو فعلت وعريتهم أمام خوفهم لكرهوني وتمنوا الشر لي كي لا أصبح شاهدا على تاريخ الخوف المخزي بداخلهم.. وها أنذا بعد هذه السن أفضي لك بسر "السعلاة المتأوهة" فلا تخبرهم بما قلته لك... وإذا امتدحوني بحضورك فلا تجرح كبرياءهم بإعطائهم الحقيقة، بل سايرهم وجاملهم، لكن إياك ثم إياك أن تسمح للخوف أن يزرع بذوره في تربة قلبك، فالذكاء المقترن بالطبع الأصيل سيجعلك تهزم كل خوف تواجهه بحياتك، وتذكر دائما.. دائما أن الخوف قرين الجهل، وبالمعرفة تهزم الخوف، وبالجهل ستخاف حتى ظلك لتصنع من هذا الخوف علما وأدبا اسمه أدب "السعالى والوعالى" فتورثه لأبنائك من بعدك، ويا لخيبة هذا الإرث والتراث.
شكرا لهذا الشيخ ورحمة الله عليه في قبره، فعندما أصبحت مراهقا حاولت أن أثبت له شجاعتي في شيء ما، رغم أن قلبي كان يخفق بشدة خوفا مما سأقدم عليه، فحكى لي حكاية الشاب الذي أمسك بالثعبان حيا بيده، فقال له والده: لقد أدركت الشجاعة يا ولدي من حيث ضيعت العقل، كان يكفيك من هذه الزاحفة العصا. فكانت آخر وصاياه أن لا أضيع العقل في سبيل الشجاعة، ولكنه أضاف شرطا حيرني حتى الآن عندما قال: وتذكر أيضا يا ولدي أن العقل أيضا مبرر الجبناء.
وها نحن في هذا المقال، نحاول معا أن نبحث عن هذا الصراط العقلي، بين الشجاعة المتلفة والجبن المخزي، لعلنا نعيش أحرارا من أوهامنا المخجلة في كل نواحي حياتنا الاجتماعية والسياسية والفكرية وعموم ما يحقق تمثلنا كمشاركين في هذه الحضارة الإنسانية، فلا نخش إلا الله، وما لا حيلة لنا فيه من أمثال الذئب على غنمنا.



#مجاهد_عبدالمتعالي (هاشتاغ)       Mujahid_Abdulmotaaly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة بين إدارة الشعور وإرادة الشعوب
- عابرون في تزييف عابر
- الجزيرة العربية ليست إيران
- التساؤلات اللزجة ضد ثورة الياسمين
- الغثيان بين السدنة والكهنة


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مجاهد عبدالمتعالي - العقل وتبرير الجبناء