أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - الشهيدان الخالدان سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان عليا في سماء الوطن















المزيد.....

الشهيدان الخالدان سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان عليا في سماء الوطن


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1059 - 2004 / 12 / 26 - 11:17
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


دم وأجداث وحزن عميم ، وبيوت مخربة ، ومدن ذاهلة مليئة بالأوحال والرماد ، وأوطان محتلة ومنسية وجائعة ، وخراب شامل ، هذا ما تخلفه الفاشية عندما تضرب أرض ما وزمن ما ، فهي طاعون حقيقي وطوفان جامح يأتي على كل شيء خيّر وجميل .

واليوم ونحن نجلو الذاكرة ، ونعيد تجميع شظاياها التي تطايرت مع الأعوام ، ونستنطق خزينها ، كي تقول شهادة الحق ، وقول الحق ، في محراب الشهداء ، لنتذكر قوافلهم الجليلة وأطيافهم وأحلامهم التي طوحت بها الفاشية وطحنتها فوق تراب الوطن فاختلطت به ، وصارت منه وله ، الوطن الذي جمعها بيديه وحماها ، فأصبحت غالية وعالية لا يطولها أحد .

سحر أمين منشد ، تلك الصبية الجميلة والرقيقة و( النادرة حسب تعبير مشترك عامي وفصيح . وهما قريبان في المعنى ، لكني أريد العامي لأنه أعمق وأكثر شيوعا وأقرب إلى ما أريد ) ، تلك الصبية الصلبة ، التي تّربت في عائلة شيوعية مثقفة ومتعلمة وكادحة ، في مدينه مثقفة وكادحة بل معدمة هي مدينة الناصرية ، عائلة تسربلت وتعمدت وتشبعت بالعمل السياسي والثقافي والحزبي ، وقد تربى الجميع على يد أمهم المناضلة الشعبية الكبيرة ( أم داود ) ومنها خرجت وتخرجت أختها الشهيدة الغالية موناليزا أمين منشد ( أنسام ) التي كان يختصر أسمها في الناصرية إلى ( منى ) شهيدة العمل المسلح في كردستان ، وشهيدة الوطن والناصرية . ومنها خرج بالسلاح ثلاثة من أخوتها على السلطة الظالمة وحاكمها الدكتاتور الظالم ، في بيت لا تتوقف فيه الاجتماعات والنشاطات الحزبية والمهنية ، حيث يصعب أن يخلو يوم واحد من اجتماعات اللجان والخلايا الحزبية ، ولجان الاختصاص ، إلى جانب الحلقات الطلابية والشبابية والنسوية ، وتستمر الاجتماعات ساعات طويلة ، بينما تنتظر في الصالة لجان وهيئات وحلقات أخرى ، بعدها تطعم يد ( أم داود ) الكريمة الجميع بسخاء وود عجيبين !! في هذه الأجواء تربت سحر ، لذلك كانت تمتلك قناعة حقيقية وثابتة ، تحولت مع التجربة القاسية إلى إرادة صلبة ، فرغم أنها كانت في بداية حياتها القصيرة ، طالبة في الدراسة المتوسطة ، فقد تركت الدراسة ورفضت وتحدت عمليات التبعيث ، وانتقلت إلى العمل السري الخطير في تنظيم بغداد في نهاية عام 79 على أثر الحملة الفاشية الإرهابية .

فبعد انفلات الحملة الفاشية الإرهابية المنظمة عام 78 ، وانهيار التحالف الخاطيء ( الذي لم يكن لنا نحن الجيل الجديد فيه لا ناقة ولا جمل ولا حتى حمار، ولم نطل على كواليسه الكثيرة !! ) وتوسع حملات الاعتقال والتعذيب ، وعمليات التبعيث سيئة الصيت الشاملة والعامة ، والتي شملت الجميع وركزت على التعليم بجميع مراحله عدا المرحلة الابتدائية ، ولما كانت عائلة الشهيدة سحر أمين من العوائل ( المكشوفة ) والمعروفة الانتماء ، وقد هرب واختفى جميع أخوتها بعد أن تعرضوا للملاحقة والإعتقال ، لذلك أزداد الضغط على الشهيدة سحر وشقيقتها انتصار في المدرسة من أجل الانتماء إلى إتحاد السلطة الطلابي ، أو مواجهة عقوبة الطرد من المدرسة والملاحقة والاعتقال ، وهكذا اختارت سحر الخيار الصعب والقاسي ، وهو ترك الدراسة وما يعنيه هذا القرار من مواجهة وتحدي للسلطة ، وضياع للمستقبل ، وقد انتقلت المضايقات إلى البيت والمحلة والشارع ، عندها قررت سحر وشقيقتها انتصار الانتقال إلى بغداد والالتحاق ببقايا التنظيم السري في بغداد ، وقد اتصلت ببغداد وأجرينا ترتيبات وإجراءات نقلتهما إلى بغداد ، وقد أشرف على العملية الشهيد البطل صاحب ناصر ( أبو جميل ) ، وقد أوصلتهما إليه ، ونقلهما إلى مكان آمن ، وبقيت أتابع أخبار هما من بعيد حتى انتقالي إلى كردستان .

الحكاية هنا تستمر معي وتترابط بمحض الصدفة العجيبة ، وكيف ستتابعد بنا الأيام والأمكنة ، ثم تعود وتلتقي في مشهد بدايته جميلة ورومانسية ونهايته مفجعة ودموية، واليكم الحكاية العجيبة التي أشرفت على جزء من فصولها ، فبعد انهيار الجبهة المشؤومة ، وانطلاق الحملة الإرهابية بشكل علني عام 78 ( لأن الإرهاب موجود منذ عام 68 ) حاولنا نحن الشباب إن نتمسك بالحلم وندافع عنه في المعتقلات والسجون وبقايا العمل التنظيمي وخطوطه التائه وخيوطه المتقطعة ، لذلك عملنا ليل نهار ومن دون توجيهات عليا ( فقد سمح للقيادة والكادر المتقدم بالهروب والمغادرة الرسمية حسب اتفاق مسبق !! ) ومن دون إمكانيات حقيقية ، وسط هزيمة وانهيار شاملين ، أن نعمل ونصمد ، وأن نتحدى فرق الموت !! لذلك قررت مع البقية الباقية من التنظيمات ، أن نعمل ( وهذه حكاية طويلة لابد من سردها في يوم من الأيام ) ونبحث عن المنقطعين تنظيميا ، هنا التقيت واستلمت الشهيد البطل صباح طارش في بغداد ، وهو في عداد مجموعتين كلفت بنقلها إلى كردستان مع بداية تكون القواعد الأنصارية في الجبال القصية . وقد وصلت المجموعتان بسلام إلى القواعد الجديدة عبر مدينة السليمانية ، مرورا بمدينة حلبجة ، وأقمنا في قاعدة ( هيرتا ) التي كان يقودها عسكريا الصديق ملا علي وعدد من الكادر السياسي ، والتي تطورت فيما بعد لتصبح قاطع السليمانية .

في قاعدة (هيرتا ) الواقعة في الأراضي الإيرانية المقابلة لجبال هورمان ومناطق طويله وبياره ومدينة حلبجة الشهيرة وقرية عنب ، والتي يفصلنا عنها نهر سيروان ، وتقع مقابل جبل بيفره ميري الشاهق ، بدا لنا كل شيء صعب وغريب وجديد ، وبدت الأشياء والمدن بعيدة وقصية ، والظروف المعيشية والجوية صعبة ولا تطاق والتعامل الاجتماعي غريب بعض الشيء ولا يتوافق مع صفات ومميزات سكان المدن أو القرى الفاضلة !! وهذا ما انعكس بصورة مباشرة وجلية على وضع الشهيد صباح طارش الذي أصبح أسمه الحركي الجديد ( ثائر ) ، وبدأ الخلاف مع المحيط القاسي الجديد يظهر ويتعمق ، والذي كان يعترض ويسخر من كل الأشياء ، بما فيها حلاقة الشارب أو تنظيف الأسنان بالفرشاة بعد الأكل أو قبل النوم ، ربما لاعتقاد البعض من هؤلاء الخلق بأن هذه العادة انتقلت لنا من البرجوازية الرخوة !!

باختصار شديد فقد أصطدم الرفيق ثائر بهذا الوضع وأختلف معه ، ومع كل التفاصيل الجديدة القائمة هناك في معزلنا ألغرائبي الذي كنا نطل من خلاله على العالم ، وأتخذ قراره الخطير بالعودة إلى تنظيمات الداخل ، وهنا دخل في مشاكل جديدة وخلاف جديد ، فهل يعود بشكل شخصي ، أم يعود مع الحزب ؟؟ وقد سمع كلاما كثيرا وقاسيا ، لكنه لم يتنازل أو يتراجع في مطلبه بالعودة ، لشعوره بعدم فائدة وعدم جوى البقاء ، وهكذا عاد في النهاية بعد صراع طويل ، وقد أرسلت معه رسائل طويلة خاصة إلى الناصرية ، ويبدو أنه ومن سياق الأحداث التالية عثر على التنظيم الحزبي ، والتقى بالشهيدة سحر من خلال الشهيد الجميل صاحب ناصر ( أبو جميل ) ثم تزوج من سحر التي كان يعرفها ، وتربطيهما علاقة عائلية قوية جدا ، فصباح كان واحد من أعضاء الخلايا واللجان والحلقات الطلابية التي تجتمع في بيت سحر ، وهو صديق جميع أخوة سحر ، وهما يسكنان في محلة واحدة وهي محلة الإسكان في الناصرية ، ومن هنا تجمعت خيوط الحكاية الرومانسية الحزينة ، ويبدو أنهما عادا إلى الناصرية بشكل سري ، وكونا بيتا للزوجية وللعمل الحزبي ، واقتحما مكامن الخطر ، ومارسا العمل والنشاط في الخطوط الأمامية كما يوصف هذا العمل البطولي الجريء . ويبدو كذلك أن كلاب السلطة وجواسيسها وصلوا إلى ذلك البيت ، من خلال عنصر تافه يعرفهم ووشى بهم تلك الوشاية القاتلة ، وجاءت القوات الحكومية وطوقت البيت وطالبت سحر وصباح بالاستسلام ، لكنهما كانا قد اتخذا القرار الصعب بالمقاومة حتى النهاية ، وعدم الاستسلام الذي ستكون نهايته بشعة ومأساوية كذلك ، ودخلا في مواجهة عسكرية بطولية مع أوغاد وكلاب السلطة ، انتهت باستشهاد صباح واعتقال سحر التي كانت حاملا ، ونقلها إلى معتقلات الفاشية السوداء ، وتعرضا الى صنوف العذاب والإنتقام الوحشية ، ثم محاكمتها في محاكمهم الخاصة وإصدار حكم الإعدام الظالم بحقها ، وانتظار موعد ولادتها ، وبعد الولادة نفذ حكم الإعدام بالصبية الجميلة والصلبة سحر أمين منشد في سجن أبو غريب الرهيب ، لتقوم دورة الحياة بميلاد الطفل الذي ربما أسموه على أسم أبيه صباح ، وتكتب الحياة صيرورتها ومشيئتها الخاصة التي تعاند وتتجاوز أعدائها دائما !!

مثلما كانت سحر صبية جميلة وبرئية وصلبة وقوية ، كان صباح طارش شابا وسيما ، فارع القامة وقوي البنية مليء بالحيوية ، ومؤدبا أدبا جما وعاليا ، لذلك ن قتلتهما الفاشية القذرة ، لأنها ببساطة تكره الجمال والحياة ، لكن على الفاشية أن تدفع الثمن في القصاص الوطني العادل لكل من قاد ونفذ وشارك في هذه الجرائم البشعة ، والتي لاتنسى مهما طال الزمن !!



سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان عليا في سماء الوطن



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة : من أجل كتابة وتوثيق تاريخنا الوطني اليساري ، من اجل ك ...
- السجون والمعتقلات الرهيبة وبارقة أمل مغربية وسط الليل البهيم
- تطورات الوضع السياسي والأمني بين الإرهاب والإنتخابات وحمى ال ...
- نحو تدقيق المصطلحات والمفاهيم والمقولات السياسية . النظام ال ...
- الإعداد والتحضير للعمل الفكري والسياسي في الماركسية . مهزلة ...
- الأهوار : طائر الفينيق الذي عاد إلينا من زهرة الرماد والوجع ...
- الشهيد مناضل عبد العال موسى / مؤيد
- كلمات في عشق النساء . نص من أدب الرسائل
- الرعب ، الصمت ، العار . قضيتان من باريس وبغداد
- اليسار الجديد والقضايا الفكرية والسياسية والإعلامية ، بمناسب ...
- بشتآشان الجرح المفتوح والملف المغلق !!
- عن المبادرة الوطنية والإنتخابات وقضايا أخرى
- رسالة الى الفدائية البطلة لويزه أحريز
- عرس واويه في شرم الشيخ ، وأشياء أخرى
- عن أغراض مؤتمر شرم الشيخ ، وأهمية المبادرات الوطنية الموازية ...
- كيف تعرفت على شعر سعدي يوسف ؟؟
- مبادرة وطنية ديقراطية عراقية
- هموم شخصية وقضايا عامة ، عن الفلوجة والإرهاب وغياب أبو عمار
- كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!
- كلمة : أمريكا وقرية مارقة جديدة !!


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - أحمد الناصري - الشهيدان الخالدان سحر أمين منشد وصباح طارش ( ثائر ) . نجمان عليا في سماء الوطن