أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحزب والموسيقى














المزيد.....

الحزب والموسيقى


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


في كل صباح، يوم كنت حزبيَّا شابًّا في لبنان، كنت أستمع إلى موزارت، كان السكر في قهوتي السوداء الروحية. عند الظهيرة، كنت أستمع إلى باخ، كان الملح في حَلوتي الشقراء الروحية. في المساء، كنت أستمع إلى عبد الحليم وأم كلثوم وعبد الوهاب، كانوا الغرام والانتقام في كؤوس نبيذي الصهباء الروحية. في كل وقت، كنت أستمع إلى فيروز، كانت الجبل الأبيض الذي كنت أعانق فيه الحياة والحرية... ثم مرت الأيام، وغدوت عضوًا قياديًّا في الحزب ذا أهمية. كنت أمارس شكلاً من الخطاب المصاحب للكمان، فتعلقت بنظرة الفنان التي لي عيون القاعدة. أطربتها الموسيقى والكلمات، ولم تفرق بين الكلمات والطلقات، في اللحظة الحاسمة. غدت المجزرة دون حاجة إلى أمر من أحد، فالقتل كان لحنًا، والأنغام كانت تقول:

لتقتل ولتستمع إلى الموسيقى!
أو
لتستمع إلى الموسيقى ولتكن قتيلا!
أو
لنستمع إلى الموسيقى ولنكن قتلى!

في الحالة الأولى قتلت لبنان!
في الحالة الثانية قتلك لبنان!
في الحالة الثالثة قتلتنا فيروز!

وأنا أتمشى على ضفاف نهر السين، يوم كنت حزبيًّا ليبراليّ النزعة في فرنسا، كنت أنظر إلى أمواجه الخضراء الصفراء، وأرى سمكًا أسود أزرق. خلال ذلك، تقدم مركب، على متنه فتاة عاجية عارية، وهي تعزف على كمانها لحنًا مأساويًّا، فأخرجت مسدسي من القِراب، وقتلتها.
عندما خرجت من السجن بوصفي حزبيًّا اشتراكيًّا- ديمقراطيًّا في ألمانيا، وغدوت وزيرًا شعبيًّا، أمرت بعيد وطني في يوم تعزف فيه طوال الليل الموسيقى السوداء الإفريقية، وترقص عليها الفتيات والفتيان بوحشية بدائية.
في تلك الليلة، لم تعد ابنتي إلى البيت، فأمرت، في اليوم التالي، برميها في السجن، لكن رئيس الشرطة جاء ليقول لي إنها انتحرت.
بعدما استمعنا، أنا ورئيس الشرطة، إلى باخ، تحت ضوء القمر الأغر الغبيّ في الحديقة، اعترف لي بأن ابنتي انتحرت لأنه اغتصبها، فنهضت، وقتلته. ثم... أصدرت مرسومًا بتخفيض ثمن الأسطوانات لأجل شبيبة الحزب.

باريس أكتوبر 1987

* من "حلمحقيقي" المجموعة القصصية الرابعة لأفنان القاسم بمناسبة نشره للأعمال الكاملة.



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيدة التي لم تقرأ الجريدة
- لقاء الأصحاء في مستشفى هنري موندور من حول سرير أفنان القاسم
- وقائع نشرة مكثفة عن التلفزيون الفرنسي
- الفتاة الممنوعة
- وحيد وجوديت
- ناتاشا والفنان
- العاطل عن اليأس
- انتحار الشاعر
- أطول ليلة في الحي اللاتيني
- القصيدة-القصة الأولى في الأدب العربي: الإبحار على متن قارب ه ...
- محمد حلمي الريشة وعلبة أسبرين
- 39 شارع لانكري
- الابن والبحر
- الله والنقود
- الطفل الآتي من هناك
- حلمحقيقي
- حبيبتي في صنعاء
- حرير دمشق
- إرادة الورد
- الهامشيون


المزيد.....




- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحزب والموسيقى