|
كيف يسقط النظام السوري ؟
لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 3573 - 2011 / 12 / 11 - 13:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1 - عندما كنت تجالسهم وعلى امتداد سنين طوال، كنت تسمع منهم فيضاً من التذمر والتبرم عن حال البلد وقلة فرص العمل واستشراء الفساد وعدم وجود المحاسبة والرغبة الجامحة للهجرة والهروب، كما والتمييز الفاضح في معاملة الدولة والخلل في توزيع الثروة بين أفراد الشعب ..
ليبدوا دائمي الشكوى !!
هؤلاء ذاتهم انقلبوا إلى موالين للنظام وملتفين حول شخصية بشار الأسد رغم جميع المآخذ التي كانوا يرددونها حول نظامه وعتاة مجرمية . السؤال كيف لهؤلاء اللذين كانوا مسكونين بهواجس الخلل في الإدارة تسللت إليهم قناعة معاكسة . في علم النفس السيكولوجي، هناك طبيعة بشرية تدمن على إفراز حالة عدم الرضى عن الواقع، تردد مخاوفها، فلا تتقن سوى الشكوى وترداد المخاوف، ترددها بسطحية دون أن تكون قد تستشعرها حقيقة، لأنها سلبية في طبيعتها، لا تتقفن عملية الحراك المجتمعي أو خلق واقع جديد، لتبقى أسيرة انهزاميتها، وهي طبقة انتقلت من التبرم إلى التصفيق .
والسؤال الهام هل يمكن لهذه الطبقة المذبذبة أن تدعم حقيقة وجود نظام فاشي كالنظام الأسدي ؟
يبدو وبشكل جازم أن هذه الطبقة تعاني من العجز الكلي على الأرض، فتفكيرها وردات أفعالها مبني على هواجس ومخاوف، تأسر حركتها وفاعليتها، وهي تلقفت حالة الرعب الذي زرعه النظام في رغبة لتصديقه، وقد أدمنت على الدوام الأزمة التي أوجدها النظام !! وإذا كان للنظام الأسدي منذ وجوده من براعة، فهو حرفيته في خلق الأزمات وإدارتها دون أي رغبة أو إمكانية في حلها، هكذا عاش وعمر واستشرى . حاله كحال كل الأنظمة الشمولية الفاسدة .
وما فاجأ النظام الأسدي وأصابه بصدمة، أن الحراك الثوري الإيجابي قد تجاوز هذه الطبقة ليتلقفها المحرومون والمهمشون والمظلومون والراغبين الحقييين بالتغيير . حين خرجوا إلى العلن فجأة، وباتوا يشكلون أغلبية فاعلة على الأرض، قانعة بأن الزمن قد أزف لمعركة التغيير واجتثاث هذا النظام السلبي، تحركوا بعناد وتصميم بعد أن أصبحت الظروف العالمية والإقليمية أكثر تشجيعاً وتجاوباً .
أما جل الطبقة المؤيدة فقد دفنت رأسها في الرمال كما عادتها، مستكينة خائفة من مستقبل تشعره مبهماً يهدد مصالحها وحتى وجودها . أقول هذا دون أن أحدد هذه الطبقة بفئة مذهبية أو دينية أو حتى اقتصادية .
وإذا كانت الثورة تهدف لتغيير واقع إلى آخر مناقض، فهي استوعبت بين أطرافها كل من يؤمن يضرورته الحتمية و بقدرته على فعله، هذا النزاع المصيري بين الفريقين شكل صداماً مجتمعياً منذ البداية، تتوج بأزمة ثقة بينهما، أزمة يمكن لها أن تتطور إلى حرب تؤدي إلى انحسار واحدة وذوبانها بالأخرى . ولأن الطبقة الثورية عازمة على إكمال مشوارها حتى تحقيق مطلبها في الحرية، وهي طبقة سخية في تضحياتها تتمتع بقناعات صلبة، بعكس تلك التي تعيش تحت بطانة هواجسها، بات من الواضح أنه سيكتب لها النصر، وكلما أديرت هذه المعركة بجدارة كلما كان النتيجة الحاسمة تتطلب زمناً أقصر . وما يؤكد حسم المعركة القريب، أن الطبقة الأخيرة بدأت بالتآكل التدريجي منذ أشهر، وانقلب الكثير منها من داعم للنظام إلى مجرد خائف لا يقوى على التعبير خشية من ألف سبب .
ورغم جميع التطمينات التي خرجت من الثوار بأن الثورة لا تهدف إلى إقصاء أي طرف وإنما المحاسبة العادلة والمساواة والكرامة والحرية وإنهاء دولة الفساد والاستبداد . ورفعت شعارات الشعب السوري واحد ولا للطائفية وشعارات أخرى كثيرة، لكن النظام بدوره لعب على هذه الهواجس بمكر وحيلة انطلت على الغالبية منهم، لكن مشاهد الترويع والقتل التي تتسلل من ثغر إبرة قد أربكت الخائفين والمتوجسين، وأعادتهم إلى حالة من الاضطراب السابق .
وعندما طالبت وزيرة الخارجية هبلاري كلينتون من المجلس الوطني السوري توسيع دائرة البيكار بإدخال أطياف أخرى خائفة ومترددة ليسحب البساط من تحت النظام ويحرمه من سلاحة الوحيد، فقد أصابت نقطة القوة لدى النظام، وهذا ما تلقفه المجلس .. الذي وللحق قد أدرك ذلك مبكراً لكن عمله من الخارج قد أعاق تواصله مع أؤلئك المترددين والخائفين والذين يعيشون في الداخل .
وبنفس جديد عاود المجلس محاولاته الحثيثة لاستقطاب شرائح بقيت مسكونة بتلك المخاوف، ويقيني أنه لن يمض وقت طويل حتى ينتشر الفكر الثوري ليدخل المدينتين الكبيرتين دمشق وحلب من أوسع أبوابهما، بعد أن بات العالم يساعد وبذكاء وحرص في تقويض جميع أسلحة النظام، واستخدامها في فضحه وتصغيره، وما مقابلة الأسد مع قناة الـ ABC الميركية إلا واحدة من هذه المعارك المكوكية، والتي ألقت بظلالها على الداخل السوري وشكلت ما يشبه الفضيحة . لا بد من القول أن الثورة السورية تزداد نضجاً يوماً بعد يوم، لكنها وبمساعدة العالم أجمع ستصنع انتصاراً سيكون مدوياً في الأيام القادمة، وللكلام تتمة .
يتبع قادمون لينا موللا صوت من أصوات الثورة السورية
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرحلة القادمة والحاسمة
-
حملة التخوين
-
قرار مجلس الجامعة العربية
-
إضاءات حول المرحلة القادمة للمعارضة السورية
-
المسؤولية وأثمانها الباهظة
-
أين المفر ؟
-
ثورة سورية وفق طلب الجماهير
-
كيف تنجح الثورة السورية
-
تركيا والعالم العربي مفارقات وإنسان عربي مغيب
-
الشعوب العربية وبداية التحولات الكبرى
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|