أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند حبيب السماوي - ستيف جوبز...وكلمات علي بن أبي طالب !















المزيد.....

ستيف جوبز...وكلمات علي بن أبي طالب !


مهند حبيب السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 16:46
المحور: الادب والفن
    


في يوم 5 من الشهر العاشر من هذه السنة رحل ستيف جوبز عن عمر يناهز ال 56 عام بعد صراع طويل مع نوع نادر من مرض سرطان البنكرياس. وقد أصبح موته " حدثاً " بل من أشهر الإحداث على الصعيد العالمي في التاريخ المعاصر كما تجسد ذلك في كيفية انتشار هذا الخبر وتغطيته في جميع وسائل الاعلام الغربية كما يقول مراسل صحيفة الديلي ميل البريطانية لدرجة أن هنالك آلافا من الكلمات كُتبت عنه بعد موته كما يقول تومثي شنايدر في مقالته "دروس من ستيف جوبز".
من هو ستيف جوبز ؟
ستيف جوبز ...لمن لا يعرفه ..ولا اظن ان احد من المتتبعين للتكنولوجيا المعاصرة وآفاقها الرحبة يجهله، هو مؤسس شركة Pixar و NeXT ورئيس مجلس ادارة عملاق التكنولوجيا المعاصرة شركةApple التي تنتج سلسلة أجهزة (آيبود) و (آيفون) و (آي باد) و برنامج (آي تيونز) ومتجر (أبل ستور) الذي يوفر لمستخدمي (آي فون) تطبيقات وبرامج هائلة تغطي وتستوعب مناحي وجوانب الحياة المختلفة.
اعتبر الكثير من المختصين في التكنولوجيا المعاصرة ومايسمى بال Social Media أن منتجات وابداعات ستيف جوبز التي وصلت الى اكثر من 300 اختراع قد غيرت طريقة تعامل الإنسان المعاصر مع الاشياء من حوله...فهو لا يقوم برأيه بإنتاج بضاعة جديدة في السوق بل يقوم بمحاولة تغيير اسلوب وكيفية اتصالنا بالعالم، ولذلك تراه حينما اقنع رئيس شركة PepsiCo جون سكالي بان يترك شركة بيبسي ويعمل في شركة أبل! خاطب ستيف جوبز جون سكالي قائلا “هل تريد أن تبيع مياه محلاة بالسكر طوال حياتك؟ ! ام تريد أن تغير العالم؟!”.
خطاب ستيف جوبز
استوقف الباحثين والقراء والمختصين خطاب ستيف جوبز الذي ألقاه في جامعة ستانفورد بتاريخ الرابع عشر من حزيران عام 2005 وذلك في حفل تخرج طلبتها، اذ تخللت الكَلمة الممتعة حديثا لا يخلو من الحكمة عن حياته ومسيرة نجاحه في عمله وكيفية تخلصه من التحديات والعقبات التي جابهته من خلال ثلاث قصص احداها عن وصل النقاط، والثانية عن الحب والخسارة والثالثة عن الموت !.
وقد تم أعادت اكتشاف هذا الخطاب من جديد بعد وفاة ستيف، وظهر ذلك جلياً في ارتفاع عدد مشاهدات الفديو بعد اعلان وفاة ستيف اذا قفزت من حوالي 4 مليون مشاهدة الى اكثر من اثنا عشر مليون وبالضبط (12,636,679 في إثناء كتابة المقالة)... وهو إشارة واضحة تشير الى تزايد الاهتمام بهذا الخطاب وبما ورد فيه من قصص يمكن أن يستفيد منها الاخرون في مسيرة حياتهم وفي التغلب على المشكلات التي تقف بينهم وبين تحقيق أهدافهم .
وثمة إشارات غنية ومعاني جلية يمكن للقارئ، بصورة واضحة، أن يستخلصها ويستنتجها وهو يقرأ سيرة ستيف جوبز كما كتبها والتر أيساسكون في أكثر من 600 صفحة، أو حينما يستمع لخطابه " المليوني المشاهدة "، وهذا ما دعى الكتاب والباحثين، واغلبهم غربيون، الى الحديث عن جوانب مختلفة من رؤيته الابداعية او ما انجزة من اختراعات تقنية او شخصيته القيادية او سيكولوجيته، أو الأقوال القصيرة " المقتبسات" التي قالها ومَثلت رؤيته للحياة والعمل والموت والإبداع والإصرار ومواجهة الشدائد وتحدي العقبات.
علي بن أبي طالب
لكن على الرغم من ذلك فأن القليل من هذه الكتابات ركز على رؤية ستيف لكينونة الحياة وماهية الموت وكيف كان يرى الموت " أروع اختراع للحياة " كما جاء في لقائه مع دافيد شيف في شباط 1985.
بل لم يستطع أحدا أن يكتشف أو يجد خيوط العلاقة " التناصية... بالطبع كما سنشرحها اصطلاحا ومضمونا" ، بين عبارة شهيرة تعود إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام تقول" اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لأخرتك كأنك تموت غدا "، ومقولة أخرى قرأها ستيف في بداية حياته حينما كان عمره سبعة عشر عاما، وتركت" أثرها الكبير على نفسي" على حد تعبيره في خطاب جامعة ستاندفورد ، وهذه المقولة هي “إذا عشت كلّ يوم كما لو كان آخر يوم في حياتك، فسوف تكون بكل تأكيد، على حق يوما ما!”.
هذه العبارة التي لا يعرف جوبز لمن تعود، بل إنني بحثت عنها في لغتها الانكليزية فوجدت بان جميع المصادر بأنها صاحبها غير معروف unknown ، اقول هذه العبارة شكّلت نقطة لانطلاق جوبز في إبداعه التكنولوجي وحتى السيكولوجي كما يشير الى ذلك الين ميكونيل الذي راى في نجاح ستيف جوبز امراً لا يقتصر على المجال التقني بل يمتد نحو الأرحب السيكولوجي.
منهج التناص
يمكن قراءة مقاربة عبارة ستيف جوبز مع عبارة الإمام علي عبر منهج أو آلية التناص والتي تعني هي في أسهل وأبسط تعريفاتها " وجود رابط أو علاقة بين عبارتين او خطابين " ويعتبرها الباحثون أحدى مميزات النص، خصوصا الادبي ،التي تُحيل وتُرجع وتربط دلالة ومعنى ومضمون الخطاب مع نصوص سابقة عليها بفترات قريبة او بعيدة او حتى ربما نصوص معاصرة لها في نفس الوقت.
هذا يؤدي الى ان يكون لكل نصَ امكانية ان يتعالق مع نصوص أخرى بصورة صريحة وواضحة او ضمنية مستترة، كما ظهر ذلك جليا لدى جوليا كرستيفا، وهي عالمة وفيلسوفة فرنسية وعالمة لسانيات استطاعت أن تستنبط هذا المصطلح " التناص " من خلال قراءتها للاديب لباختين في دراسته لأعمال دستويفيسكي الروائية وبعد نشر كتابها الأول Semeiotikè في عام 1969.
رؤية ستيف للموت
في رؤية ستيف للحياة والموت مايشكل شيء يستحق الوقوف عنده ومقاربة ماجاء فيها من عبارة مشابهة لما قاله قبل اكثر من 1400 عام الامام علي بن ابي طالب.. وهذا ما وجدناه في قصة ستيف الثالثة عن الحياة والموت في خطاب ستانفورد.
الدكتور كريستوفر باتريسون في مقالته" ستيف جوبز... دروس لحياة جيدة" اشار الى ان قصة ستيف الثالثة في خطابه الشهير كانت حول تجربته مع سرطان البنكرياس الذي خلق له موتا شخصيا اكثر من كونه تجريدا ومفهوما ذهنيا، فطبقا لجوبز " الموت ربما افضل اختراع فردي للحياة، لانه يجعلك تستبعد الوقوع في فخ التفكير بان شيئا ما يمكن ان تخسره".
وقد اتفق مع الدكتور باتريسون الباحث الدكتور ناثان فافلك في مقالته "ستيف جوبز .. استعمال الموت من اجل الحياة " الذي لفت انتباهه في كل حياة واقوال وقصص ستيف رؤيته حول الحياة والموت، فقال ناثان " أنا أتذكر ستيف جوبز بسبب منهجه الالهامي حول الحياة والموت.. فهو راى الموت كنوع من الوقود يحرك الحياة نفسها بل هي يُلهم لحياة اكثر اصالة وافضل وسعادة"، وبحسب ناثان فانه عندما تدرك بوضوح انك ستموت فانك سوف تقلق بصورة اقل حول التفاهات التي يهتم بها الكثير من الناس.
التعالق مع عبارة الإمام علي
نجد أن ستيف جوبز بعد أن يذكر عبارته التي يقول فيها “إذا عشت كلّ يوم كما لو كان آخر يوم في حياتك، فستكون بكل تأكيد، على حق يوما ما!” يضيف عبارة أخرى يقول فيها " منذ تلك الساعة، وقد مرت 33 سنة خلت، كنت أنظر للمرآة كلّ يوم متسائلا: “لو كان اليوم آخر أيّامي، هل ما أتمنّى فعله هو حقّا ما سأفعله هذا اليوم؟”، ومتى ما كانت إجابتي “لا” لعدة أيام فسأدرك ساعتها أنّني بحاجة لتغيير شيء ما".
في معنى عبارة جوبز الأولى وفي دلالة عبارته الثانية التي استدرك عليها و طرح سؤالا على نفسه امام المرآة منطلقا من اعتبار يومه هذا اخر ايام حياته ..في هذه وذاك نجد نوعا من التعالق النصي مع عبارة علي بن ابي طالب التي يدعونا فيها ان نسير وفق منهج ورؤية تعتبر " ان هذا اليوم هو اخر يوم في حياتنا".

فستيف جوبز وفي تساؤله إمام المرآة يحاول ان يعدل سلوكه ويجعله متأطراً بإطار حقيقة أن يومه هذا آخر يوم في حياته، وهو عين مصداق حديث علي ابن أبي طالب حينما دعانا ان نعتبر أنفسنا ، ونحن نعيش ونعمل في الحياة، إننا نحيا آخر يوم في حياتنا. فالموت اذا كان سيأتي غدا فأن" كل التوقّعات، كل الكبرياء وكل الخوف من الفشل، ستختفي أمامه لتبقى الأشياء المهمة فعلا ظاهرة بجلاء" ف " تذكير نفسك أنّك ستموت لهو أفضل سبيل أعرفه لأن تتفادى الظنّ بأنّ لديك شيئا لتخسره" كما يقول جوبز .
وهذا التذكير أي تذكير الإنسان بحقيقة موته بل وانه سيموت غدا ...أمر مهم جدا، فهي حقيقة" حيّة في ذاكرتي" وهي " الأداة الأكثر أهمية التي ساعدتني على اتخاذ القرارات الكبيرة في الحياة. لأنّ كلّ شيء تقريبا يخفت في مواجهة الموت", كما ينصحنا جوبز.

المحزن في الأمر
ان لشيء مفرح ومحزن في نفس الوقت ان نجد هكذا تعالق نصي بين مقولة ستيف جوبز ومقولة الإمام علي.....الامر المفرح ان المقولة او معناها قد ساهمت بانتاج وابداع وانجاز تمثل فيما قام به ستيف جوبز وهو الذي كانت تتحرك رؤيته وفقا لبوصلة هذه المقولة وما ينتج عنها من عمل ونجاح وإصرار وإبداع ...

اما الامر المحزن هنا فهو اننا ، وكما ندعي ونزعم ، ورثة هذا التراث الإسلامي والإنساني الشامل الذي من الممكن ان يقدم لنا الخير الوفير اذا أحسنا الانتقاء والتفسير ،لكننا لم نستفد منه على النحو الصحيح ولم نفهم معناه أو نرتقي الى إنسانيته او نستخدمه على نحو يؤدي بنا ان نكون أصحاب أبداع وبناة حضارة وعلم وأخلاق وإنسانية ..لا كما نحن عليه الان عالة على الآخرين... يغمرنا الفشل ..ونغرق في الفساد ...دولنا التي تسمى إسلامية تعيش في الدرك الأسفل من الحضارة وتحتل مراكز متقدمة في الفساد والنهب والفشل....متناسين الآية 77 من سورة القصص التي تقول " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين".



#مهند_حبيب_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ومؤشر الفساد العالمي لعام2011 !
- دروس من العراق...بخصوص إيران وإسرائيل !
- عمار الحكيم..والتشخيص الخاطئ لتراجع المجلس !
- صورتك في الفيسبوك ..ماذا تعني !
- هل العراق بحاجة الى - قانون كلير- البريطاني؟
- صدق النجيفي ..فلاتلوموا الصادقين !
- أيهما حجر العثرة ؟.. المالكي أم علاوي ؟
- احترام صور الضحايا بين براثا وديلي ميل
- الضحايا الصامتون لأحداث 11 سبتمبر !
- الدكتور مايكل أوستن وادعاء - نهاية الأديان - !
- فيصل القاسم ..لماذا لم تذكر صدام حسين ؟
- المقاومة الشيعية..الحركة المفترى عليها !
- قراءة غربية لصراع المالكي-الصدر !
- ترشيح البولاني ...تخبط جديد للقائمة العراقية !
- دروس من هجوم اوسلو الارهابي !
- فلسفة العقاب ...اعدام سلطان هاشم !
- ماوراء البرقع والبكيني !
- التحرش الجنسي بالموظفات...محاولة للفهم !
- إغتصاب امراة سنية !
- الإمام الحسين ينتصر لرجب طيب اردوغان !


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند حبيب السماوي - ستيف جوبز...وكلمات علي بن أبي طالب !