محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 3568 - 2011 / 12 / 6 - 19:17
المحور:
الادب والفن
فيروز التي نمت ملكة سماع مرهفة لدينا منذ وعينا المبكر للفن على رندحاتها وحواراتها في مسرحياتها مع الرحابنة -الظاهرة الفنية المتميزة والفريدة في سماء الفن العربي- هذه الفنانة بقدر ما اطربت سمعنا وربت ملكة الذوق الرفيع في وجداننا فهي ومبدعي كلمات اغانيها ترسم لنا صورا بديعة وافلاما رفيعة وخفيفة تخاطب الوجدان وبعيدة كل البعد عن مخاطبة الغرائز الحوانية، موضوع معظم الفنون الهابطة التي تسيطر على ساحة الفن العربي اليوم.
في واحدة من اغانيها او اسكتشاتها التي يبدو انها قدمتها ضمن مسرحية، تقدم لنا فيروز مشهدا رفيعا وفياضا بالحب والوجد والقلق لفتاة اضناها السهر وهي تنتظر حبيبها ، ترصد كل الخطوات التي تمر ببيتها لعلها خطوات حبيبها الغائب، وترسم لنا كلمات الأغنية التي أعطتها فيروز بصوتها لونا سحريا مشهد تلك الفتاة وهي تجوب اركان البيت تداعبها صور حبيبها في كل ركن تحلم بمقدمه، وهي حبيسة الجدران كأي فتاة شرقية تعيش الانتظار طيلة حياتها ولا تغامر بالخروج للحاق بحبيبها إلا في حالات نادرة لا يستوعبها مجتمعها وتبقى دائما عنوانا للتمرد والخروج عن المسار الذي اختطه لها هذا المجتمع المغرق في ذكوريته. تقول كلمات الأغنية في مشهد اعتقد ان كل فتاة عربية قد مرت به:
انا وسهراني وحدي بالبيت عَلَ السُكَيْت ومثل الضجراني
مشْيي قريبي طقت ع الدرب قِلِتْ يا قلب جايٍي حبيبي
قِمْت وضويت زحت البردايي تايشوف الجاي وشعشعت البيت
رتبت المزهريي هييت قلوب السكر
حطيت الشال عليي والبست العقد الاحمر
وانطرت البـــــــاب!! تالباب يدق والقلب يدق!
ما دق الباب والمشيي بعدت بعدت بالليل....
محاها الليل بعدت وبعدت...
اعادتني الساحرة فيروز بهذه المشاهد المسموعة الى ثلاثة عقود مضت، عندما كنا نتعلم ابجديات الحب والحياة في قريتنا، حيث وانا استمع الى كلمات الأغنية مرت بخيالي وذاكرتي صورا تثير الشجون وتبعث حيوية الشباب من جديد رغم السنوات التي تفصلنا عن تلك المرحلة ..
لقد صورت فيروز وكاتب هذه الكلمات لي ولكل العاشقين والمحبين مشاهد حلوة وجميلة للانتظار المضني والجميل والشوق العذب بين الأحبة بكلمات بسيطة وعذبة وخفيفة تداعب الخيال وتنعش الروح وتلامس القلب وتبعث فيه حيوية قد تكون هجرته.
شكرا لفيروز على كل ترنيمة وكل موال وكل طرب شدت به وعلى كل ابتسامة فلتت من شفتيها لتفيض على كل من يشاهدها بالحب والطهر شكرا لها على كل كلمة نطقت بها لتفتح بها آفاقا رحبة للتساؤل عن كنه هذه الحياة ، شكرا لكل كاتب او شاعر صاغ حوارات واغاني وقصائد لهذه الظاهرة الفريدة في عصرنا، وشكرا لكل ملحن وموسيقار وضع الألحان ووزع المقاطع الموسيقية لهذه الظاهرة البديعة التي لم تتكرر واعتقد انها لن تتكر على الاقل في حيتنا نحن.
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟