|
الرجل العاهر
فرح نادر
الحوار المتمدن-العدد: 3566 - 2011 / 12 / 4 - 20:57
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
اعتاد الرجل (ضيّق الأفق) أن يُطلق صفة العُهر على المرأة، إن منحت جسدها للرجل بمقابل أو دون مقابل، ولكون الرجال ليس كلهم رجال، والرجال قليلُ، فهناك الرجل الذي يتصف بالرجولة ظاهريًا، ويبلغ من الخشونة أقصاها شكلاً وصوتًا، لا مضمونًا. الرجل العاهر لا يختلف عن المرأة التي يُطلق عليها مسمى عاهرة، طالما يمنح جسده لعدة نساء بالخداع من أجل الجنس، ولكن لكونه رجلاً وفي مجتمعاتنا خاصةً، فلا أحد يطلق عليه ذلك المسمّى الجارح، فالمجتمع يمنحه كل الحق أن يعبث مع من يشاء، خاصةً حين تقع المرأة أو الفتاة غير المتربيّة (كما يصفها المجتمع) في فخ ذلك الرجل، إنه مجتمع الرجال وكله فخر.
من هو الرجل العاهر وكيف للمرأة أن تعرفه؟ هذا الرجل يختار المرأة بمواصفات معيّنة، ولأنه يلهث وراء الجنس، ولا يهدف من علاقته بالمرأة سوى الجنس، لكونه لا يؤمن بما يسمى حب بين الرجل والمرأة، فالحب بالنسبة له، رغبة جنسية خالصة، ممارسة فقط، لا ندري سبب ذلك، ولكن نعلم أنه تعدى مرحلة المراهقة وأصبح رجلاً، وقد يكون بعمر النضج، ولديه مركزًا مرموقًا وذو هيبة بين ذويه، ولكن في علاقته مع المرأة ينقلب إلى طائش ولا قدرة له بالتحكّم في ذلك الهوى الطاغي.
يبحث الرجل العاهر عن ضحاياه عبر النت (العالم الافتراضي) أو في الواقع، فكل النساء سيّان لديه، كلهن عاهرات، إلا نساء عشيرته، فهن ليس كمثلهن شيء في الطهر والعفّة، لا يجرؤ أي رجل أو امرأة بمسهن بحرف، حتى وإن فاض وطفح عهرهن للسطح، فلا يعترف بذلك، إنهن الشريفات العفيفات رغمًا عن أنف الكل.
كيف يبدأ العاهر علاقته بالمرأة الضحية التي اختارها؟ في البدء يوهمها بأنه يكره الكذب، وأن الصدق هو أهم صفة لديه، فالمسكينة تصدّقه، وتكون شديدة الحرص لإثبات صدقها معه، ثم يخبرها أنه قليل الخبرة مع النساء، فلم يعرف بحياته إلا واحدة أو اثنتان، وقد كان ضحية خيانتهما، فتصدقه ضحيته (الصيد) وتثيرها تلك الصفة النادرة في الرجل، والتي تدل على نزاهته ونظافته، ثم يقوم بالهيمنة عليها وكأن لا هم له سواها، لا ينام إلا على صوتها ولا يصحو إلى برسالة صباح الخير حبيبتي منه، وطوال اليوم معها عبر كل وسائل الاتصال، والمسكينة لا تعلم أن هناك قائمة أخرى من النساء أوقعهن في شباكه وهو يضحك في سرّه على عهرهن (كما يراهن بنظرته).
هذا الرجل العاهر، وهذه ليست شتيمة، لأنه يذل نفسه لأقصى حد، لكي يصل لهدفه، حتى يحين موعد قطف الثمار، ويحتفل بوصوله إلى مرحلة التلذّذ بالغنيمة، فالغاية تبرّر الوسيلة، يسعى بكل جهده لإقناع تلك المرأة إن كانت تحبه، عليها إثبات حبها له، ومقابلته بعد حجز غرفة في الفندق، أو يقوم بحجز تذاكر للسفر، ليختلي بملك يمينه، الرخيصة التي قبلت العلاقة الجنسية دون ارتباط شرعي، ولا أستثني الرجل الملحد هنا، الذي يدّعي التنوير، فالمجتمع يساند الرجال بكل أنواعهم ومعتقداتهم، بأن من لا تحمي نفسها من الذئاب، فهي تستحق ما يجري لها من توابع قبولها لعلاقة غير شرعية، فالنساء برأيه بلا عقل ويصدّقن كل ما يقال لهن.
لمَ أسميت ذلك الرجل بالعاهر؟ لأنه يرخص من نفسه وجسده لأية امرأة يحوز على جسدها، وهذه شطارة ومهارة برأيه، حين يجتمع مع رفاقه، ولا يمانع من عرض صور ضحاياه الثمينة التي حصل عليها، بعد إذلال النفس يصل لحد ذرف الدموع، بالضغط عليهن بأن تثبت كل منهن له حبها، وإلا ما الدليل على ثقتهن به؟ والضحايا يثقن به بسبب لون شعره الرمادي، الذي يدل على نضجه الظاهري، بل إنه يصرخ بأعلى صوته بأنه أطهر وأشرف وأنبل من أن يعرض صورهن على رفاقه، بل إنه لا يحتفظ بأية صورة خوفًا على من يناديها بحبيبته، ولإكمال دور الشريف الطاهر، فإنه لا يتردّد بإقفال خط الهاتف بوجه ضحيته التي يعنفها ويُشعرها بالذنب لعدم تصديقها لطهره، وليته يكتفي بالكلام المسيء عنهن وجمع الصور، إنه يصف المرأة التي أحبّته ووثقت به، بأبشع الصفات المُهينة، كأن يعتبرها بمثابة (شبشب الحمّام) وبكل القذارات التي لا مجال لذكرها هنا، هكذا يصف المرأة التي نجحت خطته معها.
أما المرأة الهدف، التي استجابت وتأنّت في علاقتها معه، ولكن يصعب الوصول لها، فيضعها في رأسه كتحدٍ له، لأنه يرى نفسه لا يقاوَم، وهي فريسته الثمينة، ورغم محاولاته المتكرّرة معها لمقابلتها وفشله، لا ييأس، بل يستمر في التوسّل إليها، فيتمسكن بأنه لا يريد سواها، أو أنه زار الطبيب، وقد يلقى حتفه إن استمرّت في صدّها، ويجيد لعب دور الرجل الرومانسي بمهارة، وكلها محاولات لكسر أنفها على حد تعبيره، بهدف إذلالها إن أشفقت عليه وتوصّل لمبتغاه، ولكنها تظل في ذاكرته بتصنيفها كأصعب امرأة عرفها، ورغم فشله في صيدها، وحتى عدم نجاحه بلمس يدها أو رؤية وجهها في الواقع، فإنه لا يكف عن تسميتها بالعاهرة.
من يحمي المرأة من أذى ذلك الرجل، إن استخدم نفوذه للانتقام منها؟ وما الأسباب التي تدعو الرجل الإساءة للمرأة وبهذا الكم من الحقد؟
لعلنا عبر النقاش نساهم في رقي معاملة بعض الرجال للمرأة.
#فرح_نادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب وسلام
-
أسباب الشك والإيمان
-
كلمات قلتها في الرجل وعلاقته بالمرأة (1)
-
حاجة المرأة لأكثر من رجل
-
حق الرجل في تعدّد النساء
-
ثورة دمية
-
كيف أخلص منكِ؟
-
كلمات قلتها في الدين والأخلاق
-
ما أخفيه عنك
-
التحرّر الفكري
-
كن بيتي
-
لا أدرية أنا
-
الملحد المتناقض
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|