أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**














المزيد.....

وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 1056 - 2004 / 12 / 23 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


مع إسدال الستارة على النافذة الأخيرة , أرمي للبحر حلمي ,
وأعود لرحم أمـّي , كي تلدني من جديد .

**

مرّ بي ستون احتضار , وما زالت عيناي معصوبتان , لا أرى لكنّي ..أختنق , من رائحة العَرَق المتصبب من جسديهما.
بدأتْ الشاحنة تنزلُ بنا في طريق حلزونيّ ,
والطريق ..
تضيق.

**

-نادي عليها ..!
زأرَ صوته من غرفة المعيشة فانتفضتُ كسنونوّة بللّ جناحيها مطرٌ مباغت .
حشرجَ صوتٌ :
-بيسان , تعالي يمـّا .
زفرتُ من رئتيّ هواءً ثقيلا ومشيتُ نحوهما منتصبة َ القامة
ودماغي يعزفُ نغمة: أكون أو لا أكون.
تسمرّتُ أمام لهيب عينيه. زأرَ بتوتر:
-تخططين أن تضعي رأسنا في الطين ..؟!
نقلت نظراتي إلى وجه أميّ عليّ أستنزف شفقتها . كان وجهها كالمعتاد ..شاحبــًا , شفتاها متيبستان , وتلك الضفيرة الشائبة ما زالت تطلّ بحنوّ من خلف منديلها الأبيض المبرقع ببصمات سوداء . نظرتُ حولي . لم يبدو لي كلّ شئ شاحب ..؟!
الأبواب , النوافذ , شقائق النعمان وحتّى الفراشات الصغيرة..؟! زأرَ ثانية فأجفلت :
-أجيبــــــــي
·كيف أضع رأسكم في الوحل وأنا أسعى لرباط مقدّس ..؟
-هل فاتك ِ أنـّه من غير دينك؟
·من فينا اختارَ دينه ..؟!
انت تحفرين قبرك بيديكِ .
·أموت بكرامة أفضل من أن أحيا بهوان .
سرجتُ خيول أفكاري . لم أعُد أرى منه سوى مدّ وجز شفتيه , ومع كلّ مدّ جديد , كانت تحاصرني نوبة حقد جديدة ومواعظ كثيرة.
صحوتُ على صوتِ أمـّي وهي تدفع بي إلى قفصي , ولعنته تطارد أجنحتي:
منطقـُـك ِ أعوج . لطالما أنذرتــُكِ , والآن نفذَ صبررري.

**

لا أدري أيّ قوّة نجحتْ في لمّ شمل وجهاء العائلة من أقطاب الأرض. جميعهم .. لا أعرفهم سوى من صورهم الباهتة المصلوبة على جدران الغرف .. أتوا محملين بلعنات صبّوها على قلبي .
اجتمعوا , تشاجروا ثمّ قرروا أن يقوم أبيّ وابن عمي بوَأدي .
عادَ كلّ إلى تجارته وخمّارته, وبقيتُ وحدي .


**

بدأتِ الشاحنة تسير في طريقٍ ترابيّ مُوحل .
لا بدّ لي أن أبددّ الزفرات الأخيرة من حياتي بشئ يستحق الفرح.
أطلّ وجهه على مرآة أحلامي .
رايتُ جبينــَهُ مـُكللا بالغار . لجسده رائحةُ نعناع ٍ أخضر .
يهمسُ فأخال النخيل ينحني:
·لكنــّهم قد يقتلونك .
·أموتُ بكرامة أفضل من أن أسلــّم جسدي لرجل أخونُهُ عاطفيّا
معك وهو لا يبالي سوى بقطف التفاح عن أشجاري.
·بيساني ..تموتينَ عشقــًا لأجلي ..؟!
لهذه الدرجة تحبينني ..؟!
·الحبّ بابٌ ضيــّق لانفجار ضوئــيّ.
·لن أدعهم ينالون منــّا . بأسناني سأحميك ِ . للسماء السابعة سأخطفك . بيسان , تعاهديني ..؟
·على ماذا أعاهدك ؟
·لو قتلوا أحدنا يكون الثاني في استقباله في الفردوس.
·أعاهدك .

**

نحوَ الساعة التاسعة مساء , دفعاني خارج الشاحنة .
تلعثمتْ خُطواتي .
أزال ابنُ عميّ العصابة عن عينيّ . كم كانت أنامله باردة .
تدفقَ نورٌ داخل عروقي .
ساد صمتٌ كئيب . تناهى لسمعي صوتٌ من بعيد .. بعيد ..
لبلبل غرّد نغمة ً حزينة , ربما على شجرة لبلاب .
اتجهَ والدي نحوَ الشاحنة وبعثر محتويات صندوق أسود ثمّ استلّ سكينا كبيرة ووثبَ نحوي كأسد جائع.
أجفلتُ .
انتفضتُ كقشّة في مهبّ الحقد ..
صرختُ من قحف رأسي:
·يمـــــّااااااااااااااااا
صرخَ بي أن أصْمــُت صونــًا للعــِـرْ ض.

***

فككتُ ضفيرتي وأسدلتُ شعري الأسود الطويل فوقَ الكون.
سادَ ظلامٌ شديد .
صرختُ ثانية ً:
·يمــّاااا , ساعديني أتجرع هذي الكأس.


***

فجأة , تزلزت ِ الأرضُ , تشققت ِ الصخور , والقبور تفتحتْ .
صرختُ ثالثة ً بصوت ٍ عظيم قبلَ أنْ أ ُسلم الرّوح:
·يمــّا , متـــَى .. يأتـــي نيسان ..؟
متــَـى يُزهرُ اللوزُ والليمونُ والبرتقال ؟ متــَى ترقص الفـَرَاشات ِ الحالمة حولَ قناديل العُشـــّاق .. متى ..متى ..؟!



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحبرُ أبْقَى منَ الحبّ ** شذرات **
- سأحاولكَ مرّة أخرى
- ومضاتٌ وجعيّة
- قصة قصيرة - فَرَاشَة ٌ في زمن غائم
- إصــْرَار - قصة قصيرة
- أنا جنونك - قصة قصيرة
- جَمَرَات
- يحـِــقّ لي كلّ ما يحِــقّ لكم
- الفستان الأحمر - قصة قصيرة
- حـلمٌ آخـَر - ومضة قصصيّة
- أميرةُ حكاياتِهِ - قصة قصيرة
- محكومون بالأمل - قصة قصيرة
- خمس ُ لوحات ٍ لجنون ِ لحظة
- أحبـــُّكَ إلى ما بعد الحــُلم
- الحَكايا العَشْر
- السنونوّة العاشقة - قصة قصيرة
- شـر..طة * ومضة وجعيّة
- -أنا هي..!-
- أبعد من أن تطالني يد
- الحلـم الأخيــر * قصة قصيرة *


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - وقد لا يأتي ..؟! ** قصة قصيرة**