أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسماعيل مهنانة - عن البلاهة... نواقيس جورج أورويل.














المزيد.....

عن البلاهة... نواقيس جورج أورويل.


إسماعيل مهنانة

الحوار المتمدن-العدد: 3564 - 2011 / 12 / 2 - 23:32
المحور: الادب والفن
    


كان كارل ماركس يقول أنه إذا كان هناك من فضل للرأسمالية فهي في كونها قد أخرجت شعوب أوروبا من "بلاهة الحقول"، أي تلك الحالة من الكينونة الغفّل والنسيان، والجهل لقيمة الحياة في ذاتها، وبخس قيمة الوقت والزمن، والتناهي، ثم حلل غوستاف فلوبير ظاهرة البلاهة بوصفها استسلام الفرد لليقينيات الجاهزة السائدة في مجتمعه، والاستقالة الجماعية عن فعل الشك والتفكير، والعجز عن إبداع أسلوبية جديدة في الحياة والفكر، وقد توصّل فلوبير إلى نتيجة مفادها أنه كلما تطورت المعرفة العلمية ستنتج عدد أكبر من الأفكار الجاهزة، وتزداد الثقة فيها وتحوّلها إلى شبه عقائد علموية، تشل الفكر والتساؤل، وتعطّل الأسئلة الجذرية في الوجود والحياة، والنتيجة النهائية هي اتساع دائرة البلاهة وتحوّل الجماهير إلى حشود قطعان مستسلمة لتجاوزات السلطة ومخدّرة بالوعي المعلّب.
ويمكن قراءة تاريخ الفلسفة بعد نيتشه في معظمه، بوصفه تاريخ تقويض البلاهة الثاوية في اليومي، وفي اللغة، وفي أساليب الحياة، في اختراق السلطة للفرد، وتمجيد هذا الأخير لها، فمثل هذا النمط من الوجود الأبله، لا يقتصر على الجماهير فقط بل يشّل الجرأة التي تميّز أسئلة المثقف نفسه، وخاصة في هذا العصر التقني الذي ينفتح كشبكة لامتناهية من الغوايات والفيتشيات التي لا تنتهي، ومبكرا حذّر هوركايمر من ضعف العقل النظري في قوله: "إن الاستعداد الغريب الذي تظهره الجماهير التي اكتسبت تربية تقنية من خلال إعجابها بأي نوع من الاستبداد، وصلاتها التدميرية الذاتية بالترابط مع شعور عرقي بالعظمة، كل هذه الأمور العبثية غير المفهومة؛ إنما تفصح عمّا أصاب العقل النظري حاليا من ضعف" .
في عصرنا هذا عصر اكتمال كل الأنساق، كل العقائد، كل الإيديولوجيات، هو أيضا عصر الاكتمال الظافر للبلاهة، حيث الاستقالة عن فعل الشك مكتملة الشروط، حيث تحولت الشمولية والاستكانة إلى الجاهز نمطا أساسيا في الإقامة وسط العالم/الضجيج، ولن أكون أورويليا (جورج أورويل) إذا أعلنت أن عصرنا هو عصر البلاهة بامتياز، فقد بلغ التشيؤ وشيوع الأفكار الجاهزة، وسرعة التصديق مبلغا مريعا من واقعنا، وانتشرت الديكتاتوريات والأنظمة والأيديولوجيات الشمولية داخل الفكر قبل الواقع، والتطرّف العقائدي والطائفي، وتمجيد السلطة، أكثر مما انتشر ذلك في أوروبا الثلاثينيات من القرن الماضي، بل اتسعت دائرة البلاهة والتطيّر والاستخفاف بالعقل بشكل يفوق تصورات العقل نفسه، واستحكمت رأسمالية فجّة ومسخ طبقية رجعية في أقصى تجلياتها، مقابل بروليتاريا رثة مقطوعة الظل النظري، واستسلام متهافت للجماهير على الاستهلاك المقيت للسلع..
يقول أورويل: "إن كان التحرر يعنى شيئا فهو الحق في أن تقول للناس ما لا يَوَدُّون سماعه." ماذا لو كانت كل السرديات التي تسقّف عالمنا، مجرد قصص تافهة لأشخاص دقّت لهم القرون النواقيس؟ مجرد مغامرات ناجحة أو فاشلة تدحرجت على منحدر القرون تماما مثل كرة الثلج، ولم يحن وقت انفجارها على صخرة البلاهة، فلمن تقرع كلّ هذه الأجراس؟، يتساءل نيتشه، ليهودي صُلب قبل ألفي عام"، ولمن تبعث الخلافة وتُركب الثورات؟ لعرب عاشوا وعمروا وملئوا عصرهم ثم أضاعوا؟ أم لعرب باعوا وماتوا ثم ضاعوا؟...



#إسماعيل_مهنانة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى -ما العمل؟..-
- الهجنة، إندثار الهوية والأصل وغجرية الأزمنة القادمة...
- المستقبل... صيرورات لامتناهية للرغبة..
- من الأمة إلى الدولة الافتراضية، تفكيكات على وتر الهوية...
- رهانات الفكر السؤول، ما معنى أن نفكر في هذا العصر؟
- أسئلة أركون ونبوءاته...
- قصيدة: أثر اليقين


المزيد.....




- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...
- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسماعيل مهنانة - عن البلاهة... نواقيس جورج أورويل.