أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادين البدير - شباب التحرير صناع التحرير














المزيد.....

شباب التحرير صناع التحرير


نادين البدير

الحوار المتمدن-العدد: 3563 - 2011 / 12 / 1 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن سارت الأمور بمسارها الطبيعى، فسينقسم تاريخ البيئة العربية الحديثة لمرحلتين: مرحلة ما قبل شباب التحرير، وبيئة ما بعد شباب التحرير.

آثار الميدان لن تنحصر بثورة أنهت الحكم السابق وتنادى اليوم بإنهاء دور المجلس العسكرى، آثار الميدان ستنغرس بتربة الموروث وستمتد طويلاً حتى تصل لجذور الثقافة العربية العتيدة، لتنتزعها وتحط مكانها بذوراً أخرى جديدة صنعها رواد التحرير. أول الأمثلة ثقافة العصيان. وعصيان الأفراد تهمة غير حميدة على المستوى العربى، قد يتهم بها مواطن من قبل النظام مثلما يتهم بها بن أو ابنة أو زوجة ... إلخ.

العصاة الذين فكروا يوماً بالتمرد على ولاة أعلى منهم بدرجات السلم المجتمعى أو العائلى أو السياسى غداً، لن يعود العصيان تهمة (بالمطلق)، بل شىء منه سيكون محبباً (عدا عصيان القوانين)، سيعاد تعريف العصيان ليصبح حقاً مشروعا فى الدفاع عن الإرادة، وسيغدو إحدى أهم أدوات الديمقراطية، وستمر هيكلة العلاقات الإنسانية بين الأفراد بمرحلة خلق جديد يتبعها حالة من الازدهار المجتمعى. إن سارت الأمور بمسارها الطبيعى، فستكون المنازل العربية مصدراً للحكم الديمقراطى وستنجب رؤساء وزعماء مؤمنين بالرأى الآخر، إذ لن نتوقع من تربية عائلية معتمدة على مصادرة الرأى والفكر تحت مسميات تقليدية مختلفة أن تنجب إلا مستبداً، ولم يأت الحكام العرب بعروشهم الكبيرة على مدى عشرات السنوات السابقة إلا من منازلنا العربية الصغيرة.

لا يمكن الفصل بين دار العائلة ودار الحكم. والثورة العربية التى تلتزم بحدود الشارع ولا تدخل للمنازل لا يجب اعتبارها ثورة بل نزوة. أرى أن الانقلاب على نظام الحكم المستبد يجب بالضرورة أن يتبعه انقلاب على المبادئ الحياتية التى خلقت ذلك الاستبداد. نظرة ثقافية لقضية رفض شباب التحرير جميع القوى السياسية، ستحيى قصة صراع الأجيال، خصوصاً صراع الأب وابنه، الأب الذى فهم أن دوره يعنى امتلاك الابن وتحريكه كيفما يشاء، والابن الذى يحاول أن يشق لنفسه طريقاً بعيداً عن جلباب أبيه. ليتولد كالعادة نزاع يفقد العلاقة قيمتها وداعتها.

وتتحول العلاقة الأبوية فى النهاية لعلاقة حب وكراهية قائمة على نكران الكبير لحق الصغير فى تسلم زمام الأمور، قلب الشباب طاولة الثقافة العربية رأسا على عقب، هذه المرة جعلوا لصراعهم مع الآخر مفهوماً لا علاقة له بأسس الفوقية العمرية والطبقية والنخبوية السائدة، حتى أسسوا، ربما دون أن يشعروا، بداية لقيم عربية جديدة، بأخلاقيات جديدة، بتربية جديدة وبمعالم طرق مختلفة.

الصغار صنعوا التاريخ، ولا ننسى أنهم وحدهم الذين تمكنوا من التحرر من عقد كالخوف، الطاعة العمياء، الانقياد بلا وعى، نعم بلا نقاش، نفاق على الدوام، ورضوخ للتحكم بالمصير... إلى آخر ما كان يخيف الكبار.

شباب التحرير صنعوا شريطاً ألصقوه بذاكرة كل عربى، حتى إذا خشى صحفى أو مواطن من التعبير عن آرائه ظهرت له فجأة مشاهد أولئك اليانعين يموتون ويضربون، وتلك النظرات العنيدة نقلتها الكاميرات فى عيون وأجساد لا تخاف من أجل الحرية والديمقراطية. قد لا يتطاول المواطن العربى فيقول كلمته اليوم، لكن مؤكد أنه سيفعل غداً ضمن التحول بالثقافة العربية نتيجة ثورات الشباب العرب.

عموماً، إن رفعت المواقع الاجتماعية من سقف حريات التعبير حتى بأقسى الدول مصادرة للرأى، لا يخش المشاركون بتلك المواقع من نشر أسمائهم الحقيقية وهم يعلنون رأيهم الصريح واللاذع بسياسة ما، مما أحرج عددا من الصحف الورقية العربية وأظهرها بمظهر الضعيف بسبب الالتفاف والنفاق الصحفى الموروث بعد هذا المعروف الثقافى الذى يرسى جذوره شباب الثورات.. من يجب أن يقود الثورة حتى النهاية؟

فى أحد النقاشات، قال الدكتور طارق الزمر للقيادى بائتلاف الثورة أحمد كامل إن الكبار هم من يملكون الخبرة، الكبار والقوى السياسية والتنظيمات والشيوخ وغيرهم، وإنه على الشباب عدم الانجراف وراء الفوضى، فرد الشاب: الخبرة بقالها عشرات السنين ولم يستفد الشعب منها شيئا، لا نريد خبرات..

قلة الخبرة هى التى صنعت الثورة معه حق. لكن رغم جماليات ذلك العناد الشبابى الممتع فإن للحياة أيضا مرونتها الممتعة. ما يحدث اليوم من ديمقراطية وانتخابات حقيقية بعد سنوات عجاف طويلة يدفع للفخر. فليستمتع أولئك الشباب بهذا الإنجاز. أظنهم رأوا مشهد ذلك الستينى بأحد المراكز الانتخابية وهو يبكى أمام الكاميرا ويقول: أول مرة أعيش مثل هذه الانتخابات، ليستمتعوا بهذه الأيام وليقرروا مستقبلاً ما يرونه صواباً. سبق أن قرروا يوم ٢٥ يناير ولم يتمكن أحد من إيقافهم.



#نادين_البدير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيب عليك يا شعب
- كنائس الخليج
- لا للحريات الاجتماعية
- امنحنى السلطة أمنحك الفتوى
- ميليشيا الشرطة الدينية.. قريباً
- حياتى كعازبة
- متى أستطيع..؟
- فتوى المرضعات الجدد
- ما بكم؟ وما كل هذا الغضب؟
- أنا وأزواجى الأربعة


المزيد.....




- حارس بيئي للإمارات..مصورة تبرز دور أشجار القرم بمكافحة تغير ...
- مذبح غامض وجثث مدفونة.. من يقف خلف هذا الهيكل المدفون في قلب ...
- ولي نصر لـCNN: إسرائيل تفضل ألا يتفاوض ترامب مع إيران.. ماذا ...
- -متلبسا بالصوت والصورة-.. ضبط مدير جمعية تعاونية بالكويت يطل ...
- مصر تمتلك -إس-400- الصيني.. تقارير إسرائيلية تعبر عن مخاوف م ...
- زيارة سرية لقائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى واشنطن واتفاق حول ...
- بعد رفضها لمطالبها.. إدارة ترامب تجمد 2.2 مليار دولار لجامعة ...
- إدارة ترامب تخطط لخفض ميزانية الخارجية إلى النصف وتقليص البع ...
- مصر تقترب أكثر فأكثر من ترؤس اليونسكو
- الداخلية السعودية تطلق -منصة تصريح- الذكية لإصدار وتنظيم تصا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادين البدير - شباب التحرير صناع التحرير