|
كهولة أمل
داليا موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 10:00
المحور:
الادب والفن
ما الذي يبكيني فيك يا أمير الشرود ،أعينان حالمتان تسافران حيث وجداني أم هو الرحيل إلى عينيك من استهواني ،أم باب الحلم هو من شرع بتكسير أصفادي. لماذا خانني كبري وهرب مني تعقلي ..لماذا أبكي وكيف احترق وعيي بنيران حدسي ، كيف لم يعانقني صمتي وقد كان أبدا" عاهري .. مالذي يبكيني يا إلهي وقد أحرقت حتى نفسي بلهيب غوايتي. ما الذي يبكيني وقد كنت ألهث لنبيذ الشفتين حتى اكترث كلي لتحليق مقلتين إلى بعيد سماء وبعيد فضاء وقبلة على أحد الخدّين. مالذي يدفع الإنسان لئلا يحن لوطنه الإنسانية وقد ترحل مرارا" إلى بلاد اللاحب ومياه الحرانية ،أم أنه صار يبغض نفسه ويعشق ألمه ،أم أنه ضاع في بحر الغياب وتكسرت أشرعته على جزر الضباب ...إذا" أنّى له أن يجد في مضاجعة الغسق حبا" وأنّى له أن يسافر إلى حضن المحبوبة يوما". كنا شربنا كأسا" من خمرسعادتنا، ولكن لا أفهم ..وهل لي أن أحيط بعلم لا يفهم و أكتب أبجدية لإحساس مبهم . كانت لتدفعني جنون اللحظة لكي أقفز وأقول لم أشبع بعد ولن أقتات من خبز رحيلي بعد الآن ..لكن ..لكن ..وبئس لكن..كان إحساسا" بالوجع لا يكفّ يقضم كبدي ..كنت أرى بعينين لا تريان موت لحظة مفجع محتّم ..كنت أرى شفقا" ليس يكتمل وعينان عالقتان ليس أي منهما ينبهر ، بل كنت أرى وجه جنين يستحيل غشاء المشيمة عنه أن يندثر .. و أرى كهفا" قاتما" ووحشة مؤلمة وأملا" ينكسر. دعوني أقبع في سجنكم ولكن لا تتركوا ظلام الوحدة يكسر عظامي فأنا تعبت من المسير طويلا" إلى غابات فوق الريح مجهولة وتحت الأرض مجبولة ،أعطوني حبا" أيها العاجزون ونجّوني من الغرق في بحركم المضني ،إني امتثلت لغربتكم وامتلأت بأكاذيب محبتكم ،هيا دعوني أرحل ولا أرحل .. الآن افتحوا لي باب المهجر وادفنوني في صدركم أقطر وجعا" أحمر ..أيها الغرباء أعشقكم وأكرهكم ولكن رجائي أن تدفنوني في مقبرتكم وترفعوني قربانا" لآلهتكم ،أو اقتلوني واشربوا من دمي حتى يختلط بطهر دمائكم كفّوا عن مناداتي –ابنتكم- فأنا لم أعد أقتات من دفء مملكتكم وسأبدأ منذ الغد أبحث عن نفسي وعن حب أهديه لكم. إن شئت يا سيدي فالو ذراعي وارتشف من عروقي دمي قطرة فقطرة ، إن شئت فليكن قلبي في كفّ ودماغي تحت قدم ..لكن لا تقتل إلهي فيّ ،لا تطفئ عين الإله وأبقها شعلة نورانية .. أيها الأب ! ألم تعلمك الوثنية أن تبحث عن ربك في ذرى الجبال .. أيها المستبيح! أليس من الأولى أن تسكن روحي صخور التلال .. يا إله الرحمة ! أي خطأ جبلك من سلب ومن عجرفة ومن ضوء هلال.. إن كنت للرب مقدسا" فأنّاي منك وقد مجد الرب إبليسا" في التوراة والإنجيل والقرآن.. لأنك ابن آدم يا إنسان حكم عليك بالسجن المؤبد في محرقة تعد بالموت البطيء ، حكم عليك أن تعشق أسطورة شيطان وقد كان الله أحنى على زهرة البيلسان . كيف أقول لك إني جائع يا أبي فخذ من فمي سنابل القمح ودع لي جرارا" من نبيذ الظمآن ..دع لي لوحة بيضاء وأقلام حبر ..دع لي إلحادا" وغثيان.. هل خيّرك الرب بين أن تتركني تائهة أو تحجب عني سرّ الحنان.. خذني إن شئت إلى منفى أبعد حتى يخال الإنسان أنه ولد من بطن إنسان .. دعني أعدّ رمال الصحراء لكن لا تنهرني بغضب النجوم واغتصاب العلياء .. هل أخبرتك يا أمي عن ماء زمزم تغسلين به ما تأثم من ثوب العذراء.. يا أم الأميرة ألم يخبروك أن حظائر البهائم شبعت من ولائم الأمراء.. أيها الكهل.. إن شئت ابحث عن موتك في مقابري الجماعية واخمد نارك في جناني الجهنمية أو ارحل إلى بلاد عفت نفسي عن مجاراة أحداثها المأساوية ..لكن لا تقل لي.. أحبك.. فقد مللت من اللعب بأخطار بهلوانية... باختصار ..ارحل أيها العابر، يا من أطعمني من الحب أوجعه ولعب بحروف اللغة فحول الأمل إلى ألم وجعل مني متسولة على بابه أجوع لبقايا قمحه وأعطش لماء سكره ونبيذ عربدته، بعد أن أراني من ملوحة الماء أحلاه ومن شوائب الآن المتوحش أصفاه ..إذا" طوبى لك فقد أوقعتني في شرك شباكك أيها الإله ..وطوبى لك حبا" عابرا" ودمعا" سائلا" إلى ماء عينيك ..طوبى لك ناقشة في الحجر ..طوبى لك صنما" من خلايا الذاكرة ..طوبى لك انعتاق الحب من فم المحبوبة .. طوبى لك جوعا" من شبع ودفئا" من وجع وعينين من وهجهما الليل قد لمع ..لا يوجد أقتم من عيني سوادا" ولكن أملا" جديدا" قد وضع ..لا خضراوان ،لا زرقاوان ،بل قل إن شئت حمراوان بلون دمي الذي يتوق إلى دمك ، قل بلون اللا والنعم ،قل بلون الدفء والألم ، قل بلون شوقي إليك يا حاملا" معك حبا" وقلم ، يا فاتنا" أنوثة تائهة بغير ندم ، يا تاركا" معي وشاح قوس قزح مرصعا" بأحلام عسلية ومضاجعة حدائق وردية ..كيف لك أن تراني وقد خمّرت نفسي من غبرة الزمن وأطفأت شمعي في عتم المحن ..كيف لك أن تسمع همسي وقد غرقت في بحر أصواتهن ..كيف لك أن تحس بخصلة شعري وقد غطت كتفيك ضفائرهن..كيف لك أن تحس بلهيب حب مخنوق دفين وقد احترقت بعشقهن..كيف لي أن أسمعك حب كلماتي وقد اختنق صوتي بسجنهن..إليك عني حملا" ثقيلا" فقد أحنى ظهري تفكير مستبد وكبّلني تناقض صارخ حتى صارت أناي أنوات وجسدي أجسادا" وقلبي أشلاء . ..أنّى لمحظية أن تلبس ثوب العذراء وقد لبست ،أنّى لعاهرة أن تتمشى على أرض الغار وقد تمشت ...قد تعبت المومس من الذكريات ، تعبت من مضاجعة الحب وعذراء اللمسات ، تعبت من حب الجنس لتبلعها نار البحث عن جنس حب آخر في بلاد أخرى ومضاجع أخرى حيث نفوس أخرى وأحاسيس أخرى ..
#داليا_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذاكرة قبلة
-
عتاب الآلهة
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|