|
غزوة الصناديق ..؟؟
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 3557 - 2011 / 11 / 25 - 15:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غزوة الصناديق ..؟؟
بقلم:- راسم عبيدات
على غرار غزوات البرجين ومنهاتن وجمع الغضب والزحف والرحيل وغيرها كانت جمعة قندهار المليونية التي دعت إليها حركة الأخوان المسلمين في ميدان التحرير في أواخر تموز الماضي للتعجيل في الانتخابات وتسليم السلطة من العسكر للمدنيين.
وتلك "الغزوات والجمع" ذات الطابع الإسلامي تشير الى أن قوى الإسلام السياسي في العالم العربي وبالذات في مصر بعد ثورات الربيع العربي،وبعد أن انتقلت من المحظور في العهود السابقة الى العلنية وأسست أحزابها السياسية من أجل خوض الانتخابات والوصول الى الحكم،ستواجه الكثير من المعضلات والمشاكل خصوصا فيما يتعلق بالقضايا الكبرى والمصيرية مثل وحدة المجتمع، البطالة والفقر والتعليم والاقتصاد والسياسة الخارجية والتعددية والحريات العامة والشخصية،ولذلك قد تجد تلك الأحزاب نفسها مضطرة الى التحالف مع قوى سياسية ليبرالية أخرى لكي لا تتحمل هي الفشل وحدها وتلقي باللائمة على تلك القوى في حالة الفشل،حيث أنها ستبتعد عن الوزارات السيادية الى الوزارات ذات الطابع الاجتماعي والخدماتي لكي تعزز من شعبيتها ودورها وحضورها بين الجماهير،وخصوصاً أن المعارك الانتخابية تعتمد على الكم وليس على النوع،وفي مجتمع تضرب الروحانية والبساطة والتدين الشعبي جذورها عميقة به،فمن السهل لقوى الإسلام السياسي أن تمارس دورها التحريضي والتعبوي وتقنع الجماهير بالتصويت لها باللعب على وتر الدين والمشاعر والعواطف،ومن المرجح أن تلك القوى كحركة الأخوان المسلمين في مصر قد قاست حجمها بشكل صحيح بعد جمعة قندهار التي دعت إليها في أواخر تموز الماضي،والتي على الرغم من كل حنفيات المال التي صبت وفتحت وضخت وصرفت عليها فهي لم تجمع أكثر من مليون شخص من كل أنحاء مصر،وبالتالي يرى الأخوان المسلمون وخصوصا بعد الصفقة التي عقودها مع الأمريكان بالاعتراف بدورهم وشرعيتهم مقابل الحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة وعلى أن يكون لأمريكا شرف الإشراف على تعيين الخليفة وبالتالي تسقط حجج الكثير من الجماعات الدينية من حزب التحرير مرورا بالسلفيين وانتهاء بالإخوان المسلمين بإقامة دولة" الخلافة الإسلامية".
والمهم هنا أن نلحظ بأن الأخوان المسلمون والذين قسموا ووزعوا الأدوار من تونس الى فلسطين بين جماعة الإخوان للعمل في الجوانب الاجتماعية والخدماتية والدعاوية مع الجماهير وبين أحزابهم العلنية السياسية كحزب الحرية والعدالة للعمل في الجوانب السياسية والحزبية،ترى أن ربيع الثورات العربية وان كان متعثرة قد توفر لها فرصة تاريخية لتطبيق برامجها ورؤيتها وأفكارها ودولة الشرعية،وهي ترى في هذه المرحلة بأنها مرحلة فارقة فإما أن يحققون حلمهم وما يريدون وإما ان يتبدد حلمهم في تطبيق دولة الشريعة.
إن الشعارات التي ترفعها القوى الدينية بمختلف طيفها الإسلامي في أكثر من بلد عربي،تثير حفيظة الكثير من القطاعات المجتمعية،فثمة مخاطر حقيقية على وحدة المجتمع،وأن تصبح تلك البلدان ليست دولاً لكل مواطنيها،بل أن تستغل أمريكا اعترافها بالقوى الإسلامية كدور وشرعية من أجل توظيف الدين لخدمة أغراض سياسية،وهذا واضح من أن حركة الأخوان المسلمين والقوى الدينية المتشددة من جهاديين وسلفيين غير متنبهة له،بل أن الاعتراف بهم من قبل أمريكا وضخامة حنفيات المال المفتوحة والمضخوخة لهم من اموال البترودولار الخليجي أعمتهم عن رؤية الحقيقة والواقع، مما سيجعل منهم جزء من المشروع الأمريكي للمنطقة،مشروع الفوضى الخلاقة أو السايكس بيكو الجديدة لتقسيم المنطقة العربية،ليس على أساس الجغرافيا،كما حصل في اتفاقية سايكس- بيكو القديمة،بل على أساس الثروات والموارد،على أن توفر الفوضى الخلاقة توظيفاً للدين في السياسة،صراع مذهبي سني- شيعي وإسلامي- مسيحي،يشكل مبرراً لأمريكا للعبث وتخريب الجغرافيا العربية من خلال التقسيم والتجزئة والتفكيك والتذرير وإعادة التركيب لخلق كيانات إجتماعية هزيلة تطحنها الفتن والحروب الداخلية والتقسيمات الطائفية والقبلية والجهوية،فاقدة لسيادتها الوطنية ومرتبطة أمنياً بأمريكا وغيرها من القوى الاستعمارية،وعلى أن تقاد سياسياً واقتصاديا من قبل المركز الرأسمالي العالمي المتحكم بثرواتها ومواردها.
من المهم جداً القول بأن الدماغ للحركات الإسلامية هم حركة الأخوان المسلمين،والحركات الأخرى من سلفية وجهادية وقاعدة وغيرها هم العضلات،وتلك الحركات كانت دائماً بعيدة عن المشاركة في الحياة السياسية لاعتبارات لها علاقة بالموانع الشرعية،ولكن نجد الآن بعد "ثورات" الربيع العربي،ومع تدفق حنفيات مال البترودولار عليها،بأنه صدرت لها الأوامر والتعليمات بأن تكون جزء من الحركة والعملية السياسية،وهي لن تتورع عن استخدام كل أشكال البلطجة والزعرنة من أجل إخافة الناس و"إرهابهم" لعدم الذهاب الى الصناديق الانتخابية،في حين بعد جمعة قندهار والتي رأى الأخوان المسلمون بأنها لن تمكنهم من الحصول على الأغلبية في الانتخابات لا بد من سيناريو يظهرهم بأنهم القوة الرئيسية في المجتمع المصري،وهم يدركون تماماً بأنه كلما ازدادت وارتفعت نسبة التصويت كلما قل وزنهم الانتخابي،ولذا فإن السيناريو الذي سيكون أقرب الى التطبيق في الانتخابات التي ستشهدها مصر قريباً من قبل حركة الأخوان المسلمين هو غزوة "الصناديق"،وتلك الغزوة تعتمد أن يقوم الأخوان المسلمين بزج وإستنفار كل قدراتهم وأنصارهم من ساعات الفجر الأولى الى مراكز الاقتراع وإغلاق الطرق وخلق أزمات وطوابير طويلة من الناس وحشود بشرية،بما يعيق ويؤخر عمليات التصويت والانتخابات لساعات طويلة،وبهذا فعدد كبير من الناس غير المسيسة ستضطر الى العودة وعدم التصويت،وبهذا تكون الحركة قد نجحت في تحقيق أعلى قدر من التصويت لصالحها.وليس هذا فحسب،بل سيتم استغلال الدين خدمة لأغراض إظهار ووسم القوى الأخرى بالليبرالية والكفر والزندقة والغربنة ومعاداة الإسلام وغيرها من الشعارات الخادمة لمثل هذا الهدف.
وحتى لو جرت الانتخابات وحصل فيها الأخوان المسلمين على أغلبية في أكثر من بلد عربي،فإن طبيعة المجتمعات العربية والمشاكل التي تواجها قد تعجل في سقوط الأخوان المسلمين وخصوصاً أنهم كانوا دائماً في المعارضة،ولم يتحملوا فشل الحكومات القائمة،ولكن وجودهم في الحكم سيمكن من كشفهم،وسيجعل الناس يراقبون الدور الذي يلعبونه بعد الحكم،وكيف ستكون عليه الأوضاع في ظل حكمهم،فالأمارة الوحيدة التي نجحوا في إقامتها في غزة يتراجع دورهم وحضورهم،فهم جاؤوا الى الحكم على أساس برنامج المقاومة،ولكن تلك المقاومة كبلت وقيدت عندما تعلق الأمر بالحفاظ على حكمهم وإمارتهم،وها هم يتجهون الى الموافقة على هدنة طويلة مع الاحتلال،وينتقلون الى المقاومة الشعبية التي طالما رفضوها.
القدس- فلسطين
25/11/2011
0524533879
[email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيارة الملك عبدالله الثاني لرام الله دلالات ومعاني ..
-
الأسرى ما بعد الإضراب وصفقة التبادل ..
-
اسرائيل ....واستهداف الأسرى المحررين ..
-
المقدسيون وضريبة الأرنونا ...
-
جامعة الدول العربية تبول على نفسها ..
-
في ذكرى رحيل القائد أبو عمار ..
-
جردة حساب بين عيدين ...
-
التصعيد الاسرائيلي أهداف ومعاني ..؟؟
-
الجزيرة .... الربيع العربي .... وسايكس بيكو جديد ..
-
علمهم يا رفيقي أحمد ...!!؟؟
-
بعد إعدام القذافي/ ليبيا على مفترق طرق ..؟؟
-
وانتصر الأسرى في معركة الأمعاء الخاوية ..
-
إستثناء أسيرات الداخل سقطة أخرى يا حماس ..؟؟
-
صفقة تبادل الأسرى انجاز ....ولكن ..؟؟
-
لمن لا يعرف القائد الوطني حسام خضر ..؟؟
-
سعدات وأبو الهيجا الرسالة وصلت ...
-
من اختطاف النائب عطون ..... الى إحراق مسجد النور..
-
عن اضراب الأسرى .....والتصفيات الجسدية
-
العالم صفق لعباس .... والكونجرس صفق لنتنياهو .
-
خطاب أوباما خيبة جديدة ..
المزيد.....
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا
...
-
انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
-
إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
-
رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا
...
-
مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|