أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بوجنال - الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري















المزيد.....

الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 3554 - 2011 / 11 / 22 - 00:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



من أهم مميزات الخطاب الفلسفي انخراطه وارتباطه بقضايا مجتمعه أو عصره بهضم دلالته وإعادة بنائه على المستوى النظري وإلا سيكون نمطا فكريا شاردا أو متحيزا وتبريريا؛ فالفلسفة العربية بمعناها الأول يجعلها حتما أمام موضوعها الأساس الذي هو:"الوعي بمعنى الوجود" المتجسد في الحراك الجماهيري العربي. فلا شك أن لمفهوم "المعنى" دلالات: فمنها ما هو مرتبط بمختلف الرموز التي تلعب دور الإشارة سواء كانت كلمة أو رمزا أو حركة، ومنها ما هو مرتبط بالمجتمع كمرجعية،ومنها ما هو مرتبط بالظواهر الطبيعية ، ومنها ما هو مرتبط بالعالمية؛ فمفهوم "المعنى"، كما نريده، هو كل هذه الدلالات اللغوية والموضوعية والوجودية باعتبارها الحامل الأساس لقيمة الوجود العربي. فالوجود مبدئيا يتضمن احتمالات تحمل بدورها معاني مختلفة؛ بهذا الطرح يصبح المعنى ملازما لقيمة ما يسمى بالوجود الإنساني من عيش وغيره الذي يقتضي الانخراط والممارسة، بمعنى الاقتناع بمبدإ النضال الذي لا يمكن تصور الوجود بمعزل عنه مع ما يتضمنه من مخاط أو قل درجات متفاوتة من المخاطر. هذا الاقتناع يقتضي حصول الوعي الذي هو المجمل الكلي النظري والعملي للممارسة العقلية التي تهدف فهم الإنسان الإيجابي للعالم الموضوعي وكذا وجوده الشخصي. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن الوعي عملية تتشكل من مستويات عدة؛ لذا، فالإرادة تقتضي تجاوز كل مستوى مستوى للوعي السلبي الذي لا يمكن هزمه إلا ببذل المزيد من الإرادة في تسخين الأزمة التي تهدف بالكاد تغيير ميزان القوى؛ وهذا يعني أن الإنسان العربي يمتلك طاقات كامنة وموزعة على مستوى طبقات الوعي.ومن هنا نقول بأهمية القدرات العقلية التي كلما استخدمت بشكل فعال، كلما امتلك الإنسان العربي وجوده بشكل أكبر. فالفكر العقلاني إذن هو أساس بناء فلسفة عربية فاعلة وجديدة وحدها القادرة على خلق وإعطاء الوجود العربي قيمته الإنسانية من جهة، ومعنى حياته المعاشة، ذاك المعنى الذي طمسته هيمنة السلطة التسلطية بنشرها قيما وتصورات وتوجهات تنكر على الوجود الإنساني قيمته تلك.
لقد اعتبرت السلطة المتسلطة "معنى الوجود" العربي معنى رخيصا لا يستحق الاهتمام بأكثر مما هو عليه؛ لذلك كانت الجماهير العربية تلك، الكائنات الأكثر فقرا وتضحية واستغلالا وهامشية والأكثر خضوعا للمراقبة بمختلف وسائل وتقنيات ومؤسسات السلطة التسلطية العربية؛ وقد تبدى ذلك، وعلى الخصوص، في ثلاث مجالات: الدين والجنس والصراع وهي مجالات تم تحريم تناولها بالبحث والتحليل باعتبارها مجالات تعني الإلحاد وسوء الأخلاق ورفض الملكية الخاصة التي هي مجالات من حق النخبة والسلطة المتسلطتين بالدرجة وأن أي مس بها يعتبر مسا بحقوقهما المعتبرة كحقوق مشروعة قانونيا ودينيا وبالتالي بقيت مجالات محاربة تحت شعارات من قبيل الزندقة والخروج عن الطريق المستقيم . فالمكون الأول الذي هو الدين شكل ما يسمى في الدراسات السوسيولوجية بالضمير الجمعي الذي أخذ صيغا كثيرة منها الإيماني والأخلاقي والسياسي والاجتماعي والأيديولوجي ناهيك عن الاقتصادي وبالتالي توظيف الدين كأداة للتجميد والتسليع على المستويين الشعوري واللاشعوري للجماهير العربية. أما المكون الثاني، الجنس فدلالته وتحديده يتمثل في إشباع اللبيدو الشخصي؛وقد استمر الدين في لعب الدور المحدد لهذا المكون؛ لذا، فقد أعطى الدين، الذي هو بالكاد دين السلطة التسلطية، الجنس صبغة القمع والكبت الذي تولد عنه منطقيا الإستيلاب الجنسي. فالبيئة العربية هي بيئة الكبت والعقد الجنسية. والمثبوت علميا، أن الجماهير المكبوتة جنسيا، جماهير تكون قد فقدت نسبة مهمة من طاقتها الحيوية اللازمة للإنتاج والإبداع.هذا الوضع –الإنتاج والإبداع- الذي يعني حصول التحرر، لا تمتلكه الجماهير العربية التي بقيت سجينة خرافتها ومكبوتاتها وعقدها الجنسية؛ فجماهير على هذا الحال هي جماهير ضعيفة ومريضة لا تصلح إلا للاستجابة لمصالح السلطة التسلطية. أما المكون الثالث الذي هو الصراع فهو مفهوم يتحدد باعتباره قانون الوجود الذي هو وحدة متناقضات في صراع دائم يقود، وفق منطقه الداخلي، إلى تدمير السلطة التسلطية؛ وهذا معناه التهديد المباشر لاستمراريتها؛ إنه مفهوم يحمل في ذاته دلالة أن "معنى الوجود" يقتضي ، وبالضرورة، التحالف بين الجماهير، تحالف يقتضي بدوره النظام باعتباره الفعل الذي يفرض على النقيض التنازل الاضطراري بمقتضى فعل الصراع؛ لذلك نجد السلطة التسلطية قد جندت وتجند كل إمكانياتها وقدراتها ومؤسساتها لمحوه وتخليص ساحات الوعي الجماهيري العربي من فعاليته وممارساته لأنه، في نظر السلطة تلك، يساوي الخراب والتدمير والتجني على الحقوق والملكية الخاصة للناس. فمجتمعنا العربي ، في نظر السلطة تلك، هو مجتمع التماسك والقناعة واحترام قوانين وشرائع الذات الإلهية التي حددت ونظمت المجتمعات البشرية بشكل نزيه وعادل نظرا لما تتوفر عليه الذات تلك من إطلاقية وسمو وكمال؛ فالمطلق لا يصدر عنه إلا المطلق. هكذا ، فمفهوم الصراع، كما حددته آليات ومؤسسات السلطة التسلطية في الوعي الجماهيري العربي قد أخذ المعنى التالي: الصراع يعني الإلحاد والزندقة وانحدار الأخلاق وتدني القيم وبالتالي هو نقيض أقوال وتعاليم وتشريعات الذات الإلهية.
نستخلص مما ورد أعلاه، أن المجالات الثلاث تلك هي المجالات التي تحكمت في تشكيل وعي الجماهير العربية أو الجزء الأكبر منها، فأصبح "معنى الوجود" لديها لا يحصل إلا من خلال تلك المكبوتات الثلاث؛ والدفاع عن صلاحياتها هو هو "معنى وجودها"، فيحصل بها شعورها بالسعادة التي ليست في حقيقتها سوى التشيؤ والتسليع الإنساني؛ بل وكلما حاولت وحولت نخبة الجماهير تفعيل المجالات الثلاث تلك، كلما سارعت السلطة التسلطية إلى ممارسة الضغط عليها أكثر فأكثر في اتجاه تمييعها وإبراز عدم جدواها، بل وتجريم أغلبها واعتبار بعضها الآخر أعراضا مرضية.
وهنا لابد من الرجوع إلى سؤالنا الكبير:ما "معنى الوجود"؟ كيف تتصوره وتحياه الجماهير العربية؟ لقد سبق أن حصرنا مفهوم "المعنى" بأنه العلاقة أو الإنتاج الشمولي الذي يتفاعل داخل العقل وهو تحديد يجعل المفهوم مرتبطا بالعقل؛ فكلما كان العقل غائبا أو مهمشا أو مريضا على المستويات البيولوجية والسوسيولوجية والسيكولوجية، كلما كان المعنى كذلك؛ فالعلاقة جدلية. ولا شك أن العلاقة تلك أعمق مما نتصور: فالعقل لا يوجد في فراغ بقدر ما أنه نتيجة تفاعل جدلي بين مكوناته من جهة، والمكونات الفيزيائية من جهة ثانية، والمكونات البيولوجية من جهة ثالثة، والمكونات الاجتماعية من جهة رابعة. فالعلاقة بين هذه المكونات هي ما يفرز لنا ما نسميه ب"المعنى". ولا أحد يتجاهل إلا المرتزقة أو ضعيفي بعد الفهم والنظر، ما لهذه المكونات من أهمية على مستوى بنيتها الخاصة وبالتالي بنيتها الشمولية. فالبناء الجسمي للجماهير العربية يتميز بالفقر الكبير في نسبة الضوء الذي يعتبر من الضروريات إن هي أرادت المحافظة على توازنها على المستويين الداخلي والخارجي؛ فالتغذية التي هي هي الضوء هي ما لا تتوفر عليه الجماهير العربية التي تعاني الفقر والتهميش؛ وهذا مؤثر من المؤثرات التي لا يمكن تصور "المعنى" بمعزل عنه. أما المكون الآخر فهو المكون البيولوجي للجماهير العربية في إطار، بطبيعة الحال، النظام السلطوي التسلطي؛ فهذا البناء البيولوجي يتميز بعدم الاعتبار لمكوناته الكيميائية من حاجيات وضرورات لا يمكن بدونها الكلام عن الصحة الجسمية، فبالأحرى عن "المعنى" البناء. أما المكون الموالي ، المكون الاجتماعي فيتمثل في" الأسرة" ، أسرة تعاني من كل أشكال الأمية والاعتقاد بالدونية وتقديس الأسياد؛؛ وفي" مؤسسات النظام التعليمي" التي تقوم بوظيفة التبلد والتبليد وفق مناهج ومقررات تقليدية المضمون تتوخى التشكيل السلبي لعقلية الجماهير العربية كمعاداة الإبداع والفهم والبحث وتفكيك اليقينيات والقدسيات؛ ناهيك عن باقي المؤسسات التي تقوم بنفس الوظائف والأدوار؛ لذلك ف"معنى وجود" الجمهور العربي مرتبط بالقوى المسيطرة التي تمنح الوجود ذاك"المعنى" الذي يحافظ على الوضعية السائدة المتمثلة في التخويف والقمع والتقديس...الخ؛ وبمعنى آخر، نقول أن قدرات الجماهير العربية ليس بمقدورها تحديد "معنى وجودها" كما تريد وترغب، بقدر ما أن السلطة التسلطية، بمختلف نخبها، هي التي تحدد المعنى ذاك بالشكل الذي تريد وترغب ما دامت الجماهير تلك تفتقر إلى إشباع حاجياتها من المكون الأول والثاني والثالث؛ فبناء على المعطيات السابقة الذكر، يتحدد"معنى وجود" الجماهير العربية تلك؛ وغياب المعطيات تلك أو ضعفها يعني، وباللزوم المنطقي، انتشار الظلم والقمع والعبودية والتقديس والتسلط وبالتالي معاداة الفكر الفلسفي.
وبهذا تتحدد الجماهير العربية كتصور وبنية لها دلالتها حيث أن الواقعي، بالنسبة إليها هو هو تلك القوي الميتافيزيقية التي تعطي الوجود الجماهيري ذاك أيديولوجيا،"المعنى" الراهن ل"وجودها". إنها الأيديولوجيا التي شكلت العقل العربي وحافظت على جموده وتشييئه؛ بل وتوهيمه على أنه صاحب القرار والمشورة والرأي ؛ وهذا ما يناقض ويتناقض مع تشكله لأن حصول ذلك يقتضي منه التوصل شخصيا إلى قناعة انه يتميز بالفعل بالحرية والاستقلالية ما دامت علاقته بغيره علاقة ضرورية؛ ومن هنا نفهم قول ألتوسير في كون أن وظيفة الأيديولوجيا الاجتماعية هي تحصين وهم"معنى الوجود".
هكذا نقول أن الحراك الجماهيري العربي يستدعي منطقيا العوامل التي تراكمت والتي تمثلت، كما سبق القول، في استعباد البشر إلى الدرجة التي أصبح فيها من غير الممكن استمرار تحمله ذاك، نظرا لظهور شروط جديدة أهمها وسائل الاتصال والتواصل. هذه التراكمات والتغيرات أفرزت لنا مجتمعة معنى آخر"للوجود الجماهيري العربي"، فاستخدم من بين ما استخدم، لغة بشكل ومضمون مختلفين كالقول: الشعب يريد...اسمع صوت الشعب...الخ وهي لغة ألهمت شعور الجمهور العربي. وهنا يطرح السؤال الكبير: هل التغيير في" معنى الوجود" عملية متأصلة في الوجود ذاك، أم أن الجماهير العربية هي التي أسقطته عليه مبدعة بذلك حياة كيفية؟
محمد بوجنال
-باحث مغربي-



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
- مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار ...
- مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
- ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
- مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
- الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي ...
- البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا ...
- -حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي ...
- نصائح حول كيفية استعادة الدافع
- العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بوجنال - الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري