أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - المعطوبون من الناس














المزيد.....

المعطوبون من الناس


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3552 - 2011 / 11 / 20 - 17:41
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


بعض الناس عاشوا حياتهم في ظل الاستبداد فلم يعرفوا معنى الحرية، ولم يتذوقوا طعم الكرامة
تعايشوا مع الاستبداد، أصبح جزءآ أساسيآ من حياتهم، صار نسيجآ من أنسجتهم، وفقدوا القدرة على العيش أحرارآ
أصبحوا يرتعدون خوفآ أن يجدوا أنفسهم فجأة أحرارآ، أو أن يعيشوا بدون قائدهم الفذ، الرمز،الملهم، له الأسماء الحسنى، والذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من أمامه ولا من بين قدميه، وأنهم سوف يعيشون بعد الآن من دون رئيس يقرر عنهم ماذا يأكلون، وماذا يلبسون، وماذا يشاهدون على التلفزيون، وما ذا يقرؤون في الصحف
يشعرون أنهم بدون رئيس مستبد سوف يصبحون أيتامآ، عراة، مشردين، لذلك تجدهم يحاولون بكل ما يستطيعون من قوة أن ينالوا من سمعة المجلس الوطني الانتقالي السوري وخاصة رئيسه السيد برهان غليون، ويتهمونه بالعمالة والخيانة وتلقي الأموال والدعم من الخارج
كل ذلك لأنه وعدهم بوطن حر، وطن ديموقراطي تعددي، يعيش فيه الناس بكافة أطيافهم أحرارآ متساوين، وطن تسوده روح القانون والعدل والمساواة
إذا ذهب إلى مؤتمر، يزعقون: هل رأيتم؟ برأيكم من يدفع له ثمن التذاكر؟
إذا بدّل بذلته يصرخون: هل رأيتم كيف يبدل بذلاته؟ هل سألتم أنفسكم من أين يأتى بالمال ليشتري هذه البذلات؟
الرجل أستاذ في جامعة السوربون منذ مدة طويلة ويستكثرون عليه أن يمتلك بذلتين عاديتين!
إذا تباطأ جزءآ من الثانية بين كلمتين في خطابه، يتهكّمون عليه: هل تريدون أن يحكمنا رئيس متلعثم لا يعرف إلقاء كلمتين مع بعضهما؟
يتناسون أنه رجل أكاديمي على درجة عالية من العلم والثقافة والخبرة وعنده مقدرة خطابية مميزة، ويكفي أنه إنسان وطني ومن خارج تلك الزمرة الحاكمة الفاسدة، بنى نفسه بعلمه وتعبه وليس بمنحة وراثية
إذا ذهب إلى تركيا، يقولون: ما شاء الله، يريد إعادتنا للخلافة العثمانية تحت حكم السلطان أردوغان
إذا ذهب إلى قطر، يتفلسفون: يا سلام، هذا ما كان ينقصنا، يريد أن تحكمنا الشيخة موزة
وماهي المشكلة أن تحكمنا موزة؟ أليست أفضل من أن يحكمنا أسد أو فهد أو ضبع أو قذاف الدم؟
هؤلاء الناس معطوبون، لم يعودوا يستطيعون العيش بدون استبداد، ضمرت عيونهم من الظلام وصاروا مثل الخفافيش لا يحتملون نور الصباح، ضمرت عقولهم لعدم الاستعمال، ضمر ضميرهم، وضمر إحساسهم، ضمر كل شيء فيهم ولكن لم تضمر ألسنتهم بل استطالت وتضخّمت لأن صراخهم وزعيقهم لم يتوقف على نسائهم وأطفالهم وجيرانهم تعويضآ على صمتهم المطبق في حضرة قائدهم المبجّل
أعتقد أن أفضل وسيلة لإسكات هؤلاء المعطوبين هي أن يخرج عليهم برهان غليون ويصيح بهم مزمجرآ:
أيها البقر، أيها العبيد
أنا برهان غليون، أنا ربكم الجديد
سوف تطيعوني، سوف تعبدوني
لا أقبل أن يرفع أحدكم رأسه في حضرتي، أو ينظر في عيوني
سأبني لكم فروعآ أمنية جديدة
وسأذيقكم من صنوف العذاب والأهوال ما لم تسمعوا به في حياتكم
أعيدوا عقارب الساعة إلى الصفر، سيبدأ التاريخ من هذه اللحظة المجيدة
لا ماض لكم ولا تاريخ
أنا التاريخ، وأنا الجغرافيا، أنا الحاضر والماضي والمستقبل
أنا كل شيء وأنتم لا شيء
أديروا قبلتكم باتجاه قصري
امشوا كما أمشي، اضحكوا مثلما أضحك، وتعطروا بمثل عطري

أعتقد أنه بعد مثل هذه الخطبة المجلجلة سوف يرتاح هؤلاء المعطوبون وسيشعرون بالاطمئنان والسكينة وترتاح نفوسهم ويزول قلقهم، سيدركون أنهم لن يتركوا لوحدهم، ولن يصبحوا أيتامآ مشردين، بل هناك من سيستمر بالدعس على رقابهم وتكسيير رؤوسهم الفارغة، وإهانتهم واحتقارهم صباحآ ومساء
سيخرجون إلى الشوارع في اليوم التالي فرحين مهللين وكل واحد يضع غليونآ في فمه وهو يهتف:
بالروح بالدم نفديك يا غليون- بالروح بالدم نفديك يا غليون
الله وبرهان غليون وبس- الله وبرهان غليون وبس

لا أمل بإصلاح هؤلاء المعطوبين، أملنا الحقيقي هو بالجيل القادم، جيل سوف يولد ويترعرع في وطن حر.



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبداد الحكام واستبداد السماء
- رسالة وداع
- هذا ما جنيناه من الحكم الوراثي
- أراغون ومحور الشر
- مزّقي ياابنة الشام الحجابا
- نريد سورية حديقة أزهار
- الجمهورية السورية
- قلق ما بعد الثورة
- كيف يكره إنسان شعبه؟
- شكرآ لكم أيها الحكام المجرمون
- مغالطات الدكتورة وفاء سلطان
- غرسة الوطن
- الطيبات للطيبين في زمن الثورة السورية
- أضواء على خطاب الرئيس السوري
- دكتور أم دكتاتور؟
- فرقة البرلمان السوري للفنون الاستعراضية
- رد على مقال السيد نضال نعيسة
- نريد أن يعود اسم بلدنا سورية
- لن يشفي غليلي إلا سقوط شيوخ الجهل
- زينغا  زينغا


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نارت اسماعيل - المعطوبون من الناس