محمد أبو زيد
الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 18:43
المحور:
الادب والفن
1
اليوم فقدت الأخضر
وبالأمس الأزرق
لم تعد هناك سماء، ولا حقل ذرة
لا يرقات، و لا غابات أمازون
الأحمر يستلونه مني
ولا أقوى على الذود
2
أضع يدي فوق جبهتي
وأنظر من أعلى للعمر الذي ترك يدي
وهرول بعيدا
أبحث عن ولد كان يسير هنا أمامي..
واختفى
كنت أرعاه بألوان عيني
أبحث عنه في الكتاب المصفر
أحاصر روحه
بخطوط يدي الباهتة.
3
أكتب "لا"
وأضعها بين قوسين
أغلق القوسين فيصيرا دائرة
أظللها .. تصبح كرة
أركلها .. تخترق النظارة إلى عيني
وتسقط الأبيض.
4
كل يوم
أستيقظ مبكرا لأكتب قصيدة
أمزقها في المساء.
ذات يوم،
بعد أن أنهيت أعمالي الكاملة
قررت ألا أستيقظ.
في الحلم
كانت لفائف الورق
تمشط ذراعي
بقلادة من نار
5
الآن..
وأنا أقترب من نهاية العمر
تتكاثر النظارات بلا جدوى
تتجمع في حِجري كبيض فاسد محطم
تغدو الحياة مثل الذكريات
بلا ألوان تقريبا
فقط المرارة تختلط بالدموع
فقط الحنجرة تتحجر
ولا أقوى على الصراخ
6
عندما أعود صغيرا
سأعيد قراءة كتاب لم أكمله
وضاع مني
سأتوقف عن مطاردة دود القز، وأفراس النبي
سألعب ..
ألعب حتى تُبْرى قدماي
أحتفظ بقصائدي الأولى التي مزقتها
أمسح جبهة حماري الذي ضربته
اشتري عينين جيدتين من البائع الذي يلف في الشارع
أبكي أكثر على قطتي حتى تعود من الموت
أهرول كي أنقذ كرتي من السيارة المسرعة
عندما أعود صغيرا
لن أصبح كبيرا
سأطلب من الله الذي يزورني كل ليلة
أن يزورني الآن
كل ليل
7
مع الأيام
أتحول لصورة معلقة على الحائط
لا أهش على غنمي
ولا التراب من على حواجبي
تتغذى ذاكرتي على النسيان
تسقط اللقمة من فمي
أنسى أين تركت عينيّ
وانصرفت باكيا.
يقول الحسن البصري
"اعتزلنا واصل"
8
أصبحت أخاف
الكلاب الساكنة والمراهقين
أهتم بالنظارات وقياس الكوليسترول
بمصادقة طبيب عظام جيد
بأسعار المقابر في صحف الصباح
أصبحت الأشياء العادية مستحيلة
وكوب الشاي أبعد من المطبخ
رتيب كاهتزاز القطارات الفقيرة
مُرٌ كفقدان الأحبة كل أسبوع
بعيد ..
بعيد كالحياة.
#محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟