احمد عائل فقيهي
الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 18:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- الذي يتتبع التاريخ العربي والإسلامي في أبرز محطاته وتحولاته سوف يجد نفسه أمام تاريخ ليس مضيئا وناصعا وجميلا على إطلاقه كما يصوره كثير من الذين يكتبون هذا التاريخ بلغة غائمة وبرؤية حالمة وكأنه تاريخ مثالي في التاريخ الإنساني كله مبرأ من الأخطاء والخطايا، ذلك أن حضارة الأمم والمجتمعات قائمة على الثنائيات ثنائية الانتصار والانكسار، الموت والحياة، البياض والسواد، الصعود والسقوط.
إن كل الحضارات هي نتاج صراع وصدام ثقافات وأفكار وأيدلوجيات. ليس هناك أمة من الأمم تاريخها مكتوب بالضوء ومسفوح كالعطر يفوح في كل مداخل وممرات الحضارة الإنسانية والتاريخ هو حالة احتدام وصدام وتجربة ضخمة وضوء العقل ووقودها الناس هي ومضة انبلاج وفجر ساطع ثم فجأة ينطفئ كل شيء ويغطي الظلام ما كان مضيئا وساطعا.
ما يحزن حقا أن أغلب العرب والمسلمين ينظرون إلى الماضي كونه ماضيا يبعث في جملته على الفخر والاعتزاز والمباهاة وهذا ليس صحيحا البتة التاريخ العربي والإسلامي مثله مثل أي تاريخ إنساني آخر له جانبه المضيء وجانبه المظلم، التاريخ المضيء يتمثل في المنجز العلمي والثقافي والإبداعي وفي التجربة الشعرية العربية التي هي من أهم وأعمق التجارب الشعرية الكونية وفيما أنجزه العقل العربي ممثلا في أعمال كباره المفكرين والعلماء الأوائل من عرب ومسلمين، وأما الجانب المعتم فهو تاريخ القتل والسلب والنهب والخوف والرعب والسحل وإعدام المتميزين في المجتمعات العربية قديما وحديثا. لقد قتل ثلاثة خلفاء هم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ــ رضي الله عنهم جميعا ــ وثم قتل الصحابة والعلماء بل مئات والآلاف الخارجين على ثقافة الطاعة في المجتمع العربي من الحلاج والمتنبي حتى فرج فودة.
وما نشهده اليوم في بعض الشوارع العربية من قتل وإلغاء للإنسان العربي هو فصل جديد في كتاب العذاب بل فصل آخر في تاريخ هذا العذاب.
لقد كتب باحث ومؤرخ عربي كتابا اسمه «تاريخ العذاب» وهو يرصد ويسرد سيرة ومسيرة الموت في الحياة العربية وظاهرة النفي والاغتراب في الثقافة العربية في ماضيها وحاضرها.
إن العنف جزء من تركيبة وشخصية الإنسان العربي وذهنية الإلغاء والإقصاء هي ذهنية عربية وإسلامية بامتياز.
ومن هنا يبدو هذا العذاب جليا واضحا اليوم في دول عربية ترفع لافتة «حرية وحدة اشتراكية».. فيما لا نرى في الواقع شيء من ذلك.
إن ما نراه هو فصل من تاريخ العذاب والألم فصل كتبت فصوله الأولى هناك في الماضي حيث الصراع حول تقاسم السلطة واحتكار الحكم وحيث يتم استخدام الدين كغطاء على ممارسة السياسة وألعابها وألاعيبها.
-كاتب سعودي
#احمد_عائل_فقيهي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟