|
شجر الأنبياء بلا ثمار
فارس الشدياق
الحوار المتمدن-العدد: 3545 - 2011 / 11 / 13 - 10:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا أدري كيف يصدق دكتور جليل بتخاريف وهرطقة صحائف قديمة لا تملك من قيمة مادية إلا ما يصح به إثبات وقوعها في التاريخ الوسيط، يدبج الاستاذ صبحي منصور مقالا في الانساب على طريقة القافة العرب الذين ينسبون العرب لبطونها وأفخاذها بناء على التشبيه والحدس وادعاء الخبرة والعلم بالصور والهيئات وما يعطيه الدم والقرابة وما شابه من العوارض الأسطورية التي تفنن بها القافة والنسابة العرب، لم يخرج الاستاذ صبحي منصور كثيرا عن طريقتهم في نصه الأخير وهو الشيخ الذي لا يجادل في معطيات بيانه ولا في مقدماته ولا نتائجه، فهو يغلق بابه عن كل معلق لا يجيب نداء ولا يقاوم اعتراضا، ولا يفند رأيا..هذا تفسيري خذه أو اتركه وكفى الله القراء شر التعليق..
لكن لنقف وقفة مع منصور الذي لا زال إلى يومنا عند رأيه في قطع الطريق أمام محاورته ومجاذبته أطراف الحديث بخصوص المعلومات والآراء التي يعرضها، وهو طبعا يعرضها ليقرأها المهتمون ويتحاورون حولها وكسر الأقلام لا يؤيد هذا المنحى..على أن الأستاذ كامل النجار قد نازعه بكلام حول مقال له سابق لكن الاستاذ صبحي يخرج لنا بعدها بمقال يغرد فيه وحيدا وكأن واجب الدفاع عن مبادئ أساسية لمشروعه وما أنحى عليه به النجار من تهافت المنهج وفساد الطريقة لا يعنيه في شيء..الناس في الشرق كتابا كانوا أو شيوخا أو صيادوا سمك أو فلاحون، أو فنانون أو أيا كانوا من هذه الأمم الشرقية ينقصها التواصل والاتصال والتفاعل والانفعال..إن الكاتب أحيانا كثيرة يخلص في القراءة لكنه إذا كتب لم يسلخ لنا مما قرأه إلا ريشا منتوفا..
ومن العجيب أن الأستاذ الذي أغلق في وجهنا فرصة مناقشته -وجعل مقاله كخطبة الجمعة من علق فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له، فالتعليق على مقالات الأستاذ هي من تعاليق اللغو والجدال المنهي عنه في الإسلام أو بعبارة أخرى لا تجادل ولا تناقش- نجده يقول:( ولأننا نعمل بروح الفريق كما يقال فكل ما نصل اليه هو ثمرة جهد مشترك ، جاء عبر النقاش والحوار، فقد يكون لكاتب البحث أو المقال 90% ولكن لقراءاته ومناقشاته فى الموقع نسبة عشرة فى المائة)!! فأنا مع احترامي لمجهودات الأستاذ صبحي لا أرى في مقال كهذا الأخير أي إضافة عقلية صحيحة لعقل القارئ ففضلا عن أنها تحصيل حاصل فإن الاسلام وقضاياه الرئيسية كمسائل الاندماج والتعايش السلمي والعلاقة بالديمقراطية، والاسئلة الملحة التي يطرحها العالم المتمدن على الاسلام كسؤال الاسلام والعلمانية، وجوب اعتبار الشريعة مرسوما ماضويا وتركها إلى ما هو أصلح وأرحم ليس كفرا، مسألة الحريات الفردية،حقوق الأقليات الفكرية والسلوكية...
يجد الأستاذ صبحي رغم ذلك وقتا فضفاضا ليسهب بإفراط في استخلاص الأبناء من الآباء والرسل من الأنبياء..! ألا ترى معي أن فكرة الإصطفاء في القرآن نفسها فكرة عنصرية، ألا يشعر أحدنا بالدونية حين يمجد يوسف لأنه من نسل ابراهيم ويمجد محمد لأنه من نسل اسماعيل وهذا لأنه من بني هاشم وذاك من نسل عمر وينادي هذا سيدي وذاك مولاي، وتتكاثر الأنسال وتدور الخرافة دورتها ويستقر الوهم في الوجدان ويتقدم العلم وتدخل الخرافة منه إلى عالم الانترنت وتنسج مرة أخرى شباكها الرقمي لتمارس مجددا وسواسها القهري وتبارز العقل عدوها الأزلي وغريمها اللعين..
ليس معك أستاذي علم راسخ تجادل به عن أبحاثك وخيالك، ليس معك وثائق ولا جينات ولن يأتيك أحد بعضام العظماء لتفحص الحمض النووي...لأنها تحللت وصارت ترابا و نباتا و هواء و هباء وربما كرسيا أو سيجارة..لست أدري لكنهم حتما في ذرات الكون سواء فيهم ذوو السلالات -العريقة-أو غيرهم...
لن يصدقك العقل، العاطفة المترسخة والوجدان الموهوم يقعان في الفخ القديم، هو الشعر هو الخيال الذي وظفه الأذكياء والشعراء والممثلون وكل فنان موهوب، البيان والتصوير والتخييل يجد انتشارا بين العامة من الناس يستحوذ على أسماعهم ويحتال عليهم بسذاجة عقولهم وقلة الوعي فيهم.. ورجال الدين هم الطائفة السعيدة الخالدة في البشرية لا يخبو لها أوار لها ظلال متعددة ومملكة من أعتى الممالك وأبقاها على الزمن لأنها طائفة تقتات على فشو الجهل في الناس والجهل الدهر فاش، تعتاش على المال ولذلك كثرت الفروض المالية والمكوس والزكوات والجبايات في النصوص الدينية، تأمن بالبطش والقمع والترهيب، لذلك قامت قوانينها الزجرية على الألم والعذاب واستخلاص حق المقدس من المذنب بالعقاب المادي..
لا يجوع رجل الدين إذا الجاع الناس لا يقاتل وهو الذي يحرضهم على القتال يأخذ الصدقات ولا يعطيها يصاهر الأغنياء يفتي على الأهواء اليوم لهم مناصب وعمامة ومرتب وعمامة ومنبر وعمامة والعمائم كثيرة وتاريخ العمائم لا يشرق فيه النور.. عاش الأنبياء حياة الملوك وعاملوا الناس معاملة السادة للعبيد، تزوجوا أكلوا شربوا حاربوا ضحكوا ناموا فعلوا كل شيء حتى الخمر شربوه..فإذا بنا لا نزال نخوض في أنسابهم، فهل وجدوا؟ وإن وجدوا فهل حقا ما ينسب إليهم؟ ثم إن صح عنهم ما قالوا هل هم أنبياء؟..ثم من هذا النبي الذي تتساقط عليه أوامر الإله بكل هذا الزخم مع ما يحويه من تلفيق واستطراد وضعف في التركيب واختلال في النسق واهتزاز في المعلومة..؟!!
أن تكون قرآنيا حسن وجبار في هذه المرحلة، لأنك أزحت عن كاهلك شرا وبيلا تحمله كتب الحديث والتفسير، لكن السنة بطبيعتها روحا ومعنى وليدة الفكرة القرآنية في الذات والصفات و ستجد القرآن يضع أمامك العقبة تلو العقبة في سبيل التوفيق بينه وبين حقائق العلم من جهة والأخلاق الانسانية المتغيرة في مقابلة نظرية الأخلاق الثابتة عند المسلمين من جهة أخرى، ازدواج وانفصام ولعنات تلحق بكل من عالجوا هذه الطريقة، لأن حماستهم واندفاعهم يدفعهم دائما للتكلف ولي أعناق النصوص والإغراق في الرومانسية الدينية..
إننا لن ننسى شجاعة طه حسين حين أثبت بيراعه عبارته الخالدة التي هزة الدنيا هزة صحفية في كتابه في الشعر الجاهلي : للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة أخرى.
#فارس_الشدياق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدة الوجود
-
شرطة الاخصاء
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|