جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 23:52
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
تستعمل العربية مفهوم (الدفع) ليس فقط للدفع بالمعنى الحرفي كالرد عن النفس او القذف جانبا او الى الامام او عندما تدخل غرفة تقوم اما بسحب او دفع الباب اضافة الى صياغات (الدفاع) و (المدفعية) التي هي اكثرها حربية هجومية او دفاعية لانها عكس السحب و التقهقر و انما ايضا و بشكل غريب تستعملها بدل افعال اخرى و بشكل غريب للاشارة الى تسديد مبلغ مالي معين يسحب من قبل البائع او البنك او المؤجر الى ان تكون لدينا ميزان المدفوعات.
لقد تعودنا منذ زمن طويل ان لا ندفع بل نسحب ما يدفعه الاخر باتجاه واحد فقط. فمثلا يقوم الناشر بطبع جريدة او مجلة او كتاب و يدفعها الى السوق و نقوم نحن بدفع مبالغها و نسحبها منه و هو يقوم بدوره بسحب مبالغ مدفوعاتنا. و هكذا بالنسبة لوسائل الاعلام الاخرى مثل الراديو و التلفزيون و السينما. الحقيقة جميع مؤسساتنا و بعضها لغاية اليوم تعمل باتجاه واحد اي الدفع من قبل السلطات و السحب من قبل المواطنين. فثملا المدارس و الجامعات تشبه الجرائد و الكتب و التلفزيون تنظم (تدفع) برامجها و سنواتها من قبل السلطة الحكومية اما المواطن فهو هنا ليس الا مستهلك (يسحب).
لقد تغيرت الحركة بمجيء الانترنيت من اتجاه واحد الى اتجاهين و كسرت دكتاتورية الناشر اي ان المستهلك السابق (الساحب) يقوم اليوم ايضا بالدفع. تغيرت الصحافة ليتحول القاريء الى الناشر و الكاتب في نفس الوقت. و اليوم يستطيع المستمع او المشاهد ايضا ان يختار برامجه بنفسه او يقوم بانشاء اذاعته و تلفزيونه بنفسه او يقوم بكتابة برامجه بنفسه او حتى يقوم بالتمثيل و الغناء بنفسه. فهو يقوم بعملية الدفع و السحب بنفسه مهما كانت الاتجاهات.
و السؤال هو متى تتغيير اتجاهات حركة المدارس و الجامعات؟ متى يقوم الطالب على الاقل بالتأثير على صياغة برامج و مناهج المدارس و الجامعات؟ متى يكون له صوت في عصر العولمة و الديموقراطيات؟ و لكن اليوم و بسبب زيادة ميزان المدفوعات هناك ايضا نوع من الرجوع الى اسلوب الدفع و السحب التقليدي.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟