أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت السعيد - هل الليبرالية كفر؟















المزيد.....

هل الليبرالية كفر؟


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ عدة سنوات وعندما أصدرت كتابى «عمائم ليبرالية» دُعيت إلى حوار تليفزيونى حول موضوع الكتاب، وكان الطرف الآخر فى الحوار شيخ من كبار السلفيين آنذاك، وقبل الحوار كان الشيخ المبتسم دوماً يتحدث عن حوار هادئ وبلا مشاكل وتواعدنا على ذلك، وإذ بدأ الحوار كان «الشيخ» منطلقاً بجمل منسقة منمقة متسارعة، لكنها لا تقول شيئاً، وقدر ما استطعت حاولت استدراجه لمناقشة الموضوع، لكنه تكلم وتكلم منطلقاً وتدافعت منه الكلمات دون أن يقول شيئاً. وإذ انتهى الحوار وأُطفئت الكاميرات قال الشيخ: «من فضلك ابعت لى الكتاب علشان أقراه»، فسألته بدهشة كيف لم تقرأ وتحدثت؟ فقال «قلنا نفوت الحلقة على خير، وأنا أصلاً لا أقرأ عن الليبرالية لأننى أعتبرها كفراً بواحاً»، وحملت دهشتى معى وأنا نادم أصلاً على مشاركتى فى حوار كهذا.

ثم ومع تجدد الأحزان باندفاع قوى التأسلم السياسى إلى الساحة الحزبية وتكاثر القوى والتجمعات والأحزاب السلفية اندفع الهجوم هادراً على «الليبرالية» ذلك أنها إطلاق لحرية الرأى وإعمال للعقل دون قيد إلا العقل ذاته وهذا بذاته كفر، وترددت الدعايات الانتخابية فى كل المساجد والزوايا، وهى تتاجر متاجرة سافرة بالدين (رغم أن ذلك ممنوع دستورياً وقانونياً)، وتحشر فى كل خطاب هجوماً شرساً على «الليبرالية» الكافرة كما يزعمون، وعلى الدعوة لرفض الاكتفاء بالنقل عن الكتب التراثية دون إعمال للعقل، والتوقف لانتقاء ما هو معقول، ورفض ما لا يقبله العقل، ولأن هذا الهجوم المتأسلم مخطط له بإتقان، إذ يستهدف استدراجنا إلى ساحة انتخابية نجادل فيها ضد خصوم الليبرالية وخصوم الديمقراطية التى كفروها هى أيضاً وكفروا القائلين بها وكفروا التصويت لمن هو ليبرالى وديمقراطى، فننسى حديثنا عن مصر المستقبل التى تقوم على أساس دولة المواطنة التى تحترم مواطنيها على قدم المساواة وتحقيق العدل لهم وبينهم، مسلمين وأقباطاً ورجالاً ونساءً وفقراء وأغنياء دون أى تمييز، وننسى أن نكشف الستار عما ارتكبوه فى الماضى وفى الحاضر وعن مدى ابتعاد ما يقولون به عن صحيح الإسلام.

ولهذا نبادر من الآن بالرد عليهم، لكى نتفرغ لإدارة الانتخابات وفق ما نريد نحن وليس ما يريدون هم.

لكن ما المعنى اللغوى لكلمة ليبرالية؟

أبانا الشيخ رفاعة الطهطاوى توقف أمام الكلمة الأعجمية Libre فترجمها «حر» واشتق منها «حرية».

وفى قاموس أكسفورد: ليبرالى تعنى متفتح الذهن – عقلانى – غير متعصب – منحاز للديمقراطية – يرفض المسلك البربرى.

وفى المعجم الفلسفى (د. مراد وهبة): الليبرالية تقول إن الحرية هى أساس التقدم، فتعارض السلطة المطلقة سواء أكانت دنيوية أم دينية.

والليبرالية فى اعتقادنا يمكنها أن تكون مجرد صفة يتزين بها البعض دون موقف عملى، لكن ما نعنيه بالليبرالية هو الاختيار الفعلى والعملى والفكرى للدفاع عن الحرية، وعن العقل والتقدم، واحترام حقوق ومصالح ومستقبل البشر جميعاً على قدم المساواة.

ورغم المماحكات المتأسلمة التى تتوقف فقط عند بعض التفسيرات والحكايات والأقوال المرسلة التى لا تستند إلى عقل أو حسن إدراك، فإننا نستند إلى العديد من الآيات القرآنية التى تحثنا على «التفكر» و«إعمال العقل» باعتباره منحه إلهية، وإلى الحديث الشريف «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة من السنين من يجدد لها أمر دينها» (رواه أبوهريرة)، وإلى قول الإمام على «لا تكلفوا أولادكم أن يعيشوا بعقول كعقولكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم». إعمال العقل والتفكير إذن فريضة، والتجديد من أجل التلاؤم مع الواقع المتجدد دوماً هو أيضاً فريضة، فالدين الذى هو هداية للبشر على امتداد العصور والأزمنة وعلى اتساع العالم بأسره يتجدد ويجرى التأويل والاستحسان على أقوال فقهائه بحيث يصل بنا الإمام نجم الدين الطوسى مؤكداً «حيث تتحقق مصلحة الناس يكون شرع الله».

والإسلام يعترف بالتجديد ومن ثم إعمال العقل، وإطلاق سراحه بحيث يكون بذاته معياراً للبحث عن الحقيقة، ويكون قادراً على رفض النقل عما لا يعقله العقل وعما لا يتماشى مع تنوع الأوضاع زماناً ومكاناً.. ونقرأ:

«يحمل هذا العلم من كل خلف عدول، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» (حديث شريف).

«إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك أنت. فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا» (من وصية الرسول إلى بريده).

«والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر» (سعد بن أبى وقاص. عندما دعى للمشاركة فى الحرب بين على ومعاوية).

«رأينا صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرنا خطأ يحتمل الصواب» (الإمام الشافعى).

«رأينا هذا هو أفضل ما قدرنا عليه. فمن جاءنا بأفضل منه قبلناه» (الإمام أبوحنيفة).

«كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد ما عدا صاحب هذا القبر» (الإمام مالك، مشيراً إلى قبر الرسول).

«من أفتى الناس بمجرد النقل من الكتب متجاهلاً اختلاف الناس فى أعرافهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم فقد ضلّ وأضلّ، وكانت جنايته على الدين». (الإمام ابن القيم).

«ينبغى للمفتى إذا ورد عليه مستفتٍ ألا يفتيه بما عادته أن يفتى به، حتى يسأله عن بلده وهل حدث لهم عرف فى ذلك أم لا» (الإمام القرافى).

ينبغى للإنسان ألاَّ يذل فكره لشىء سوى الحق، ويجب عليه أن يستعمل عقله فيما يرد عن السابقين، فإن وجده صحيحاً أخذه، وإن وجده فاسداً تركه» (الإمام محمد عبده).

والآن فإننا نستند إلى الحق والواجب فى استخدام العقل وعدم النقل عن القدماء عشوائياً، وإنما بعد اختيار ما هو عاقل ومعقول، ومن ثم تأتى الحرية فى الاختيار والحرية فى الاختلاف، لكن البعض يتحصن بتأسلمه فيعتبر الاختلاف معه شخصياً اختلافاً مع الدين ذاته. هكذا هم دوماً وهكذا تعلمت جماعة الإخوان من مؤسسها عندما قال عن برنامج الجماعة «هذا المنهاج كله من الإسلام، وكل نقص معه نقص من الإسلام ذاته»، وأمام عبارة كهذه لا خيار. فكله من الإسلام تمنعك من أى انتقاد، فإن انتقدت مستمتعاً بحقك فى حرية «الرأى» وحرية «الفكر» وإعمال العقل فأنت «ليبرالى» كافر.



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الإرهاب الإخوانى
- المتأسلمون وتحالفاتهم
- الشيخ صفوان أبوالفتح
- فلماذا أسميناهم متأسلمين؟
- عن تجديد الفكر الديني
- ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام
- حول تعديل الدستور - جحا الاخر
- حول تعديلات الدستور : جحا .. والجمل .. والحمار ... هل أصبح ا ...
- حول تعديل الدستور:حكاية جحا .. ولجنة الدكتورة أمال
- كائن لامحل له من الإعراب.. يتخطي القواعد ويستولي علي مقاليد ...


المزيد.....




- الكونغو الديمقراطية: مصرع 50 شخصًا على الأقل في حريق قارب شم ...
- برفقة ابنته.. كيم جونغ أون يدشّن مجموعة جديدة من المباني الس ...
- بوتين يهنئ تروفانوف بإطلاق سراحه من قطاع غزة ويقول: علينا إب ...
- بيسكوف: بوتين وويتكوف لم يناقشا الملف الإيراني في اجتماع بطر ...
- وسائل إعلام: إيقاف ثالث مسؤول في البنتاغون عن العمل على خلفي ...
- مفتي مصر السابق يثير تفاعلا بحديثه عن هجوم 7 أكتوبر
- ربما هناك أمل.. ماسك يشيد بقرار المحكمة العليا البريطانية حو ...
- حكومة نتنياهو تصف الوضع بالـ-خطير على أمن إسرائيل- وتتحرك لإ ...
- إعلام: الرسوم الأمريكية قد تكلف ألمانيا نحو 290 مليار يورو ب ...
- دوديك: على الغرب التوقّف عن شيطنة روسيا و محاولة فهم ما تريد ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رفعت السعيد - هل الليبرالية كفر؟