كيك صعب الهضم

محمد فوزي راشد

الحوار المتمدن-العدد: 3543 - 2011 / 11 / 11 - 10:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

رغم المنطق الوطني الذي يتكلمون به , من حرص كبير على استقرار الوطن , و وحدته واستقراره , و دفاعهم المثير للإعجاب عن حقن دماء السوريين .
ورغم نداءاتهم لوقف سفك دماء السوريين و تجفيف حمام الدم ,
و رغم تمسكهم بالوسائل السلمية في الكفاح لإسقاط النظام السوري .
ورغم صراخهم بكل اللغات أنهم يرغبون في اسقاط النظام بدءً من بشار الأسد ومروراً بكل الرموز .
ورغم أنهم بمعظمهم من المناضلين التاريخيين في سجون النظام و بعضهم دفع ثمناً غالياً بفقد حريته أو أخيه أو عزيز على يد النظام .

رغم كل ذلك فإن هيئة التنسيق الوطنية قد تم رفضها من قبل معظم الشعب السوري الثائر .
وقد تم اتهامها بالعمالة للنظام و بالإختراق من قبل مخابراته . حتى لقد ذهب البعض إلى تخوينهم ,
وصولا إلى مهاجمتهم أمس أمام مقر الجامعة العربية في القاهرة وتم رشقهم بالبيض , وأستعير تعبير كتبته الناشطة فيسبوكياً رنا الأخرس قالت : هؤلاء قالب كيك فاسد تم عمله في مخبز النظام ولا نستطيع هضمه مهما حاولنا أن نضيف إليه من محسنات .

وخرج علينا أمس من يقول لنا أيها السوريون إنكم تشقون صفوفكم بأيديكم .

فلو نظرنا إلى أجندة هيئة التنسيق الوطنية لوجدناها تعج بالكثير من مطالب الثوار ولا تختلف كثيراً عن أجندة المجلس الوطني , ولكن لماذا كل هذا العداء الشعبي لهذه الهيئة ؟ . ولماذا لا يمكن هضمها شعبياً ؟

لقد قامت الثورة ومرت شهور طويلة من الصراع بين الشعب والنظام وكان الشعب في كل يوم يفاجئ العالم والمعارضة بمدى تقدم وعيه و مشاعره و مطالبه .
و بدأ ظهورشخصيات المعارضة السورية على الشاشات او على بعض الصحف و تكلموا . بخجل في البداية , ثم اشتدت أصواتهم وبدأت الشاشات والصحف تلد كل يوم العشرات منهم , كانوا يشعرون أن أبواب السماء قد فُتحت لهم .

وعلى الأرض في داخل سوريا كانت الأحداث تتسارع بطريقة مذهلة فإن قسوة النظام وشراسته في التعامل مع الشعب , جعل الثورة تتوسع و بدأت الجماهير بتحطيم كل الحواجز التي كانت محرمة , ورفعت سقف مطالبها ,و أصبحت لا ترضى بغير اسقاط النظام ومحاسبته .

حاولت المعارضة السورية في الداخل والخارج مجاراة الشعب أفقياً وعمودياً ولكنهم لم يستطيعوا فقد سار الشعب كتيار جارف يصعد إلى الأعلى, ركض المعرضون وقفزوا للحاق ولكن هيهات فقد سار الركب .
فقسم منهم وخاصة هؤلاء الذين ليس لديهم شيء يخسروه ومعظمهم من ضحايا النظام لم يجد بد من الإنضمام لهذا التيار و السباحة معه . فحملهم التيار ورفعهم وبايعهم .

أما القسم الآخر فترفعوا و أنفوا من الإنضمام لجموع العامة , كيف ينضمون وهم من رواد المعارضة وأساطينها ؟ كيف يقبلوا أن تُملي عليهم الغوغاء مايفعلون وماذا يقولون . و كأن تاريخهم النضالي سيحصنهم .
فظهر تعاليهم جلياً للجميع و أصبحت عزلتهم أمراً حتمياً و سقوطهم تحصيل حاصل . فاستلقوا على قارعة الثورة كالنطيحة .

وهنا . كان الذئب جاهزا .ذالك الذئب الذي يراقب القطيع بكل مكر وينتظر أي شاردة .
كانت فرصة سانحة للنظام , فانتهز شعورهم بالعزلة و كمنبوذين , فاقترب منهم يشمشمهم , فأخذ يشدهم حيناً ويدفعهم حيناً , حتى نهضوا على أقدامهم , فأعطاهم فسحة للتنفس و الرعي , ثم دفعهم إلى المرعى الخصب حيث النباتات الغضة و الماء الوفير . لقد فتح لهم المجال في سوريا لينشطوا و يقووا , و غض نظره عن ظهورهم الإعلامي . حتى اشتد عودهم و عادوا مرة ثانية .فجمعوا صفوفهم ورتبوا اوراقهم .

فعلام تراهن هيئة التنسيق الوطنية ؟
لقد نظروا حولهم و عجموا محيطهم فما وجدوا لهم ظهيراً في صفوف الشعب الثائر , فأينما نظروا في المظاهرات وجدوا لافتات تقول المجلس الوطني يمثلنا .
حتى الذين كانوا يعتقدون أن عصبية انتمائهم لمحافظة ما ستسندهم , وجدوا أن أول من هاجمهم وتبرأ منهم أبناء هذه المحافظة .
فباسم من سيتكلمون , و من سيقولون أنهم يمثلون ؟.
وتفتقت أذهان عباقرتهم عن فكرة تقول , نحن سنتكلم باسم الفئة الصامتة والخائفة على مصير البلد من المجهول ولكن لن نعلن ذلك لعل هذه الفئة تتبعنا وتدعمنا.

الفئة الصامتة ؟؟؟, هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يرفعوا لافتة تقول هيئة التنسيق تمثلني ,
هؤلاء الذين لم تفلح كل المحاولات لجعلهم يخرجوا ليطالبوا بحريتهم .هؤلاء الذين لم يؤثر فيهم مشاهد موت بني وطنهم .
وهيئة التنسيق تتكلم باسمهم .
هل رأيتم مثل هذا العبث البريختي؟ .
فإن كان كذلك , فنحن نقترح على هيئة التنسيق أن تلتزم بمنهج الفئة التي يمثلونها ويلتزموا الصمت ويمارسوا الخوف على الوطن وهم داخل بيوتهم .

وهل كان النظام سينقلب كل هذا المنقلب و يجثو حينا ويبكي حيناً و يقتل حيناً ويقصف حيناً .ويهدد بالحرائق والزلازل ,
لولا هؤلاء الذين خرجوا و ماتوا أولا يزالون ينتظرون الموت؟.

ما هذا العبث يا هيئة التنسيق ؟ ألا يكفينا الألم الذي يسببه النظام لنا ؟
ألم تلاحظوا أنكم تزيدون من مشاعر اليأس في نفوس الشعب ؟
و اليأس أحدى الراحتين .
فلن يعبأ هذا الشعب فيما لو بلغ اليأس , حتى لو أحترقت كل سوريا .

#محمد_فوزي_راشد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات