أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زوليخا موساوي الأخضري - يوم في حديقة قصة قصيرة














المزيد.....

يوم في حديقة قصة قصيرة


زوليخا موساوي الأخضري

الحوار المتمدن-العدد: 3541 - 2011 / 11 / 9 - 22:58
المحور: الادب والفن
    


يوم في حديقة
أغلقت أندريه شديد الكتاب ووضعته على الطاولة أمامها. أسندت ظهرها إلى الكرسي، تنهدت و هي تنظر بإشفاق إلى أصابع يديها المتورمة من الروماتيزم متخشبة فوق ركبتيها.
اقترب عمر جو منها و جلس إلى جانبها. نظر إليها بحنو بالغ واضعا كتاب الصور بينهما و قال:
هل نتفرج عليها؟
عمر جو طفل من أب مصري مسلم و أم لبنانية مسيحية، بطل رواية أندريه شديد: الولد المتعدد.
لماذا تتدخلين أنت؟ قالت أندريه بنبرة غاضبة.
عمر يتحسس بأصابعه الصغيرة مكان الشظية على ذراعه المقطوعة. بأصابع اليد السليمة يقلب صفحات الكتاب.

الصورة الأولى

امرأة خمسينية تلاعب مجموعة من الأطفال. يتحلقون حولها. تناولهم حلوى من حقيبتها. يهرولون متضاحكين. يبتعد طفل. تتبعه. تمسك بيده و تغادر الحديقة.
ما اسمك؟ تسأل اليد الصغيرة في كفها الخشن.

الصورة الثانية
فتاة ممدة على الأرض حافية القدمين. بلغتها مرمية على بعد خطوات. أياديهم تتلمسها. ألسنتهم تسألها. عيونهم تتهمها. تلتهمها.
ثلاثة شبان. أخذوا كل ما كان معي.

الصورة الثالثة
يرتمي الطفل مرتعشا في حضن أمه.
مابك؟
لا شيء.
ما بك؟
الرجل هناك وراء الشجيرات ينام عاريا.

الصورة الرابعة
يجلس الشاب العشريني على الأرجوحة. يتأرجح. يضحك بصخب. يسقط هو و الأرجوحة على الأرض. ينهض.
يغادر و هو ينظر شزرا إلى اللافتة : مخصصة لأقل من عشر سنوات.

الصورة الخامسة
يتبادل الرجل و المرأة قبلات محمومة. يمرّر يده على صدرها. يدسها بين فخذيها تحت الجلباب الفضفاض.
تنظر في ساعة يدها. تتناول الورقة المالية وتغادر.
الصورة السادسة
غرس. شذّب. سقى. مسح بكفه العرق على جبينه. طارد شقاوة الأولاد العابثين بالزهور.
تمدد فوق كرسي ينعم بالظلال الوارفة لشجرة الخروب العجوز و هو يفكّر بمسكنه التابوتي الذي يتلظى قصديره تحت الشمس الملتهبة.

الصورة السابعة
تقضم الفتاة الأنيقة من البيتزا. ترتشف جرعات صغيرة من علبة العصير المستورد. تمسح يديها بالمنشفة الورقية. تغادر تاركة للكرسي حظه من البيتزا من العصير و من المنشفة الورقية.
تضع في فمها قطعة علكة بعد أن رمت بغطائها المذهب في سلة الأزبال المثبتة بمسمار صدئ على جذع شجرة.

الصورة الثامنة
كيف تفعل كي تربح كل يوم؟
يصرخ العجائز و هم يتضاحكون و يربتّون على كتف صديقهم. يستدير نحوهم الفتى الأسمر الجالس على الأرض قبالتهم و يهزّ رأسه علامة القنوط...
يجمع العجوز أوراق اللعب. ينهض. ينتعل بلغته و يغادر يقوده الفتى الأسمر.

الصورة التاسعة
قامت.. جلست..هبّت واقفة.. مشت في الممرّ.. نظرت إلى الأزهار.. ابتسمت باقتضاب للأطفال يتسابقون وراء كرة.. جلست.. فتحت حقيبة يدها.. أخرجت بعض الأوراق.. نظرت إليها مليا.. أرجعتها للحقيبة.. نهضت.. مشت بتثاقل تجرّ رجليها نحو باب الحديقة.
في الطرف الآخر كان منذ ساعة يسترق إليها النظر من خلف جذع شجرة.

الصورة العاشرة
أنصت للسكون يعمّ المكان. أطلّ بحذر من خلف الأجمة التي شكلتها أغصان الأشجار المتشابكة متسلقة بنزق الجدار الخارجي للحديقة. لا أحد.
أخرج قطع الكارتون من مخبئها. افترشها و تمددّ بجسده النحيل.
آه أمي! صرخ و هو يقفز من مكانه. انحنى يقرب وجهه من قطع الكرتون يبحث في العتمة التي بدأت ترخي بظلالها على الحديقة عن القطعة التي رسم عليها بقطعة طباشير ملوّن صورة أمه كي ينام في حضنها كما يفعل كل مساء.
هل هو الزّهايمر؟
برفق شديد أغلق عمر جو كتاب الصور و اقترب من كتاب الولد المتعدد، دخل إليه و نام بين دفتيه بعد أن قال بأسف شديد لأندريه شديد:
مكسيم هناك ينتظرني.



#زوليخا_موساوي_الأخضري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة نثر
- جدارية لمن يرقص الغجر


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زوليخا موساوي الأخضري - يوم في حديقة قصة قصيرة