أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسماعيل مهنانة - من الأمة إلى الدولة الافتراضية، تفكيكات على وتر الهوية...














المزيد.....


من الأمة إلى الدولة الافتراضية، تفكيكات على وتر الهوية...


إسماعيل مهنانة

الحوار المتمدن-العدد: 3539 - 2011 / 11 / 7 - 22:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



من الأمة إلى الدولة الافتراضية
تفكيكات على وتر الهوية...


تقوم الدولة الوطنية الحديثة على عامل "الأرض" والشعب المتحد في هوية لغوية أو عرقية، وتهدف إلى التوسع في القوة والهيمنة بمختلف أنواعها، ولهذا كانت الإمبراطورية كفضاء جغرافي/ديمغرافي هي الشكل المتطرف لهذا التوسع في الأرض والشعب للدولة، وكما يعبّر مفهوم "المجال الحيوي"(النازي) عن إفلاس الجغرافيا الامبريالية، تعبر تجارة الرق عن إفلاس الديموغرافيا، وإذا كانت الدول الحديثة تستمد عظمتها، من اتساع رقعتها وكثرة شعوبها، فإن عصرنا يشهد أفول هذه المقاييس، وظهور أشكال جديدة للقوة السياسية والتأثير الدولي تتجاوز المقومات التقليدية للعظمة السياسية.
ففي عالم معولم، لم يعد الفاعلون في السياسة بحاجة إلى الجغرافيا الشاسعة، أو الأكثرية الشعبية لتأسيس دولة مؤثرة وقوية تلعب الدور الأساسي في إقليمها، بل كل ما يحتاج السياسي ما بعد-الحداثي هو الأموال وإعلام قوي، وآلة تكنوقراطية ضخمة، فالأموال تشترى كل شيء في اقتصاد السوق، من أسهم الشركات المتعددة الجنسيات، إلى ذمم نجوم الرياضة والفن، وحتى الشخصيات السياسية والاقتصادية الفاعلة نفسها، وبالإعلام تستطيع الترويج لأي كيان سياسي-اقتصادي مهما كان مغمورا جغرافيا وديموغرافيا، لكن الأموال الضخمة والإعلام القوي تحتاج إلى آلة إدارية تسييرية جد دقيقة وفعّالة، إلى آلة تكنوقراطية، أصبح سوق الهجرات والدياسبورا يوفّرها في زمننا أكثر من أي زمن مضى.
وإذا كانت معظم الدول الوطنية الحديثة قامت بالتفاف الشعوب حول زعماء أقوياء لا يزال التاريخ يحتفظ بأسمائهم (بسمارك، غاريبالدي، نابليون، عبد الناصر، بورقيبة، بومدين)، فإن الدول ما بعد الحداثة لا تحتاج إلى زعماء بقدر ما تحتاج إلى تقنيين سياسيين، وهي لا تقوم على سياسيين بقدر ما تعتمد على علماء سياسة(des politologues) ، علماء محاطين بهيئة خبراء متخصصين، لا تخضع صناعة القرار عندهم لأي انفعال أو ارتجال، بل يصدر كل قرار بشكل شبه آلي، كما أن الاقتصاد ما بعد الحداثي لم يعد بيد الاقتصاديين بل يحكمه الصيارفة ومضاربي البورصات،
لا يمكن فصل الدولة ما بعد الحداثية عن "الظاهرة الأمريكية" أو الأمركة، إن انتقال مراكز القوة السياسية والاقتصادية من الغرب الأوروبي إلى شرق آسيا وبعض دول الخليج العربي، ناتج عن السياسة الأمريكية إبان الحرب الباردة، وهي المراحل الأولى من أمركة العالم التي كانت تتطلب جهدا جبارا من الولايات المتحدة نفسها، أما الأمركة حاليا فقد انفصلت تدريجيا عن الإرادة السياسية الأمركية، خاصة في دول مؤمركة بالكامل مثل اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة وبعض دول الخليج العربي، في حين أضحت الأرادة السياسية لأمريكا تتجلّى أكثر على سطح الدول التي فشلت في السباق العالمي نحو النموذج الأمريكي، وهي الدول تقهقرت حتى عن مكاسب وتحديات الدولة التقليدية أي السيطرة على الإقليم والديموغرافيا، ويمكن مشاهدة النتيجة الحتمية لهذا التجلي في خضوع هذه الدول إلى مشاريع التقسيم/الانقسام، الدول التي تقع على خط "مدار البرزخ": العراق اليمن، الصومال، السودان، ليبيا وربما مالي، النيجر وموريتانيا، والكثير من الدول الإفريقية التي فشلت في بناء الدولة والسيطرة على الأرض والسكان، ستتبلقن معظم هذه الدول إلى دويلات أحادية الإثنية أو الديانة أو اللغة والإقليم، ونماذج هذه الدولة موجودة واكتملت حاليا: أرمينيا، صربيا، كوسوفو، الجبل الأسود، وهي دويلات تجد نفسها بحكم حجمها مرغمة على التبعية السياسية والعسكرية للدول الكبرى، وفاقدة للاستقلال والسيادة بالمفهوم التقليدي للكلمتين، إنها دول ما قبل الأمة وما تحت الوعي القومي Sub consciousness nation.
إن فشل الدول مابعد الكولنيالية، والتي كانت في معظمها استنساخا مشوّها عن الدولة القومية الأوروبية الحديثة، قد أدى بالوصاية الغربية عن العولمة؛ إلى مراجعة تلك الحدود المستقيمة التي خطّتها في "ساكس بيكو" وغيرها من إتفاقيات ميلاد الدول المستقلة بعد الحرب الكونية الثاني، وإذ كانت تلك الحدود قد تم رسمها على أساس الجغرافيا، وفي محيط متسرّع جدا بسبب الحرب الباردة، فإن الحدود الجديدة ستبنى على تخوم الديمغرافيا والهويات الإثنية واللغوية الصغيرة: "ذلك أن العجز عن إنهاء حرب الهويات الخارجية، كدروع ثقافوية لماهيات ميتافيزيقية، قد يعكس اتجاه الصراع نحو الداخل؛ يفرقع ذات الهوي عينه، إلى أضعف أو أضيق متحداته العنصرية أو المتعنصرة" .
في مقابل ذلك تسوق الأمركة نماذج ناجحة من الدولة الافتراضية، في أمثلة قطر، إسرائيل وسنغافورة، مثلما تفتح عوالم الاتصال الجديدة، هويات معولمة بديلة، لمن ضاقت به دساتير الدول القومية، خاصة أفراد الاقليات التي تعيش عزلة رمزية، داخل أوطان تتحول تدريجيا إلى منفى، الأقليات هي حصان طروادة التي تبسط من خلالها الأمركة فضاءها الإمبراطوري الجديد، وتؤسس لـ"حساسية هووية" جديدة، تخلق أنطولوجيا الـ"من" الإمبراطورية الجديدة، لقد وصفها المفكّر فتحي المسكيني في قوله: "إن "من" الجديدة هي "من" الإنسان الأخير، ذلك الفرد الامبراطوري الذي فارق نطاق الدولة/الأمة لكنه لم ينجح في اكتشاف "العالم"، إن مواطنته لنفسه لم تصبح بعد مواطنة عالمية إلا كمثال أعلى صار ينوء بكلكله أكثر من أي وقت" ، إن الكينونة السياسية الجديدة، هي كينونة اللامنتمي.



#إسماعيل_مهنانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهانات الفكر السؤول، ما معنى أن نفكر في هذا العصر؟
- أسئلة أركون ونبوءاته...
- قصيدة: أثر اليقين


المزيد.....




- -غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق ...
- بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين ...
- تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف ...
- مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو ...
- تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات ...
- يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع ...
- قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
- ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
- ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إسماعيل مهنانة - من الأمة إلى الدولة الافتراضية، تفكيكات على وتر الهوية...